لعقود طويلة كان الريف اليمني بتنوعه الواسع وتراثه الثقافي الموغل في عمق التاريخ إنتاجي يحقق الاكتفاء الذاتي المتنوع، ابتداء من المحاصيل الزراعية والخضار والفواكه والثروة الحيوانية المختلفة من دواجن وأغنام وأبقار، وإنتاج عسل النحل الفريد بخصائصه الرائعة بالإضافة إلى تصنيع السلع التي يحتاجها في حياته المعيشية.
ولأن السكان على مستوى القطر اليمني هم في الغالب من الريف حيث يمثل سكان الأرياف 70% من عدد السكان الذي تجاوزوا الثلاثين مليون إنسان، وكان من أهم عيوب برامج التنمية للدولة اليمنية برغم محدوديتها أنها ركزت على إيجاد تنمية وبنية تحتية في المناطق الحضرية.
وتعرض الريف اليمني للإهمال وبالتالي تسبب ذلك في الهجرة من الريف إلى المدينة وكانت الهجرة في السنوات الأخيرة أشد كثافة عندما أضيف لها عامل الحروب والصراعات المسلحة على تخوم ووسط المناطق الريفية، كل تلك العوامل كانت كفيلة بقتل الحياة في الريف حيث هاجر سكانها بشكل كثيف باتجاه المدن.
هذا الريف الذي هجره سكانه تضررت الحياة فيه بشكل كبير، وأهم نتائج هذا الضرر هو تهدم العديد من المدرجات الزراعية، بما تمثله من موروث وتراث حضاري وإنساني عالي القيمة بذل الآباء والأجداد كل جهدهم من أجل بنائه والمحافظة عليه لقرون طويلة شامخا يتحدى كل العوائق والصعاب وظروف الحياة القاسية.
لذلك فإن الأمر يستدعي اتخاذ تدابير عاجلة وحاسمة لتفادي فقدان هذا النظام البيئي والموروث الثقافي الفريد الذي تميزت به بلدنا اليمن عن كل بلدان العالم، ولذلك فإن الاهتمام بإعادة هذا الريف إلى ريف إنتاجي يتطلب تضافر جهود الجميع دولة ومجتمعا محليا.
وذلك عن طريق إعادة هذا الريف إلى أمانة القديم وتحريم وتجريم التواجد المسلح الذي يثير خوف السكان في وسط وعلى تخوم الريف، بالإضافة إلى الاهتمام بإعادة تأهيل السكان ودعمهم ليتحولوا من وضعهم الحالي من ريف فقير يتلقى المساعدات إلى ريف إنتاجي يساهم بفاعلية في توفير الأمن الغذائي للبلد وتصنيع السلع والمنتجات والمشغولات اليدوية التراثية.
ومن أهم الأمور التي تساعد على عودة الريف للإنتاج والتي تمثل أحد أهم التحديات هو سحب كل المظاهر المسلحة من الأرياف ونشر الامن والامان بين السكان وتشجيع زراعة الأشجار ذات المردود الاقتصادي العالي القيمة مثل أشجار البن واللوز والتين مع الاهتمام بتوفير متطلبات الحياة المعقولة التي تمكن سكان الريف من العيش والإنتاج بكرامة وأمن.