تُعد الزراعة في اليمن المصدر الأساسي للغذاء وللمعيشة لشريحة واسعة من السكان، وفي ظل التغيرات المناخية يواجه المزارعون في اليمن تحديات كبيرة للصمود أمام تطرف مناخي أدى إلى تهديد سُبل العيش، وتسبب بكوارث كبيرة خلال الأعوام الماضية.
وقالت المهندسة الزراعية “تيسير السنحاني”: “أنصح المزارعين بتخطيط محاصيلهم وفقًا للظروف المناخية، واستخدام تقنيات الري الحديثة، والاعتماد على المحاصيل المقاومة للجفاف، والاستفادة من الدعم المتاح والمشاركة في الدورات التدريبية الزراعية لتعزيز معرفتهم بأساليب الزراعة المستدامة”.
مواضيع ذات صلة
ما علاقة أزمة المناخ وارتفاع الحرارة بالفيضانات الكارثية؟
الجفاف في الضالع.. ظاهرة مناخية تهدد البيئة والإنسان
الزراعة المستدامة.. وسيلة فعّالة لمواجهة التحديات المناخية
وأضافت في مقابلة صحافية مع منصة ريف اليمن -تنشر لاحقا- “أن اليمن ليس بمنأى عن التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، حيث تواجه الزراعة مشكلات متعددة مثل ارتفاع درجات الحرارة”، ولفتت إلى أن هذا “يتطلب استراتيجيات تكييف متكاملة على جميع المستويات، الفردية والمجتمعية والحكومية”.
الزراعة والتغير المناخي
ويواجه القطاع الزراعي في اليمن تحديات متزايدة، أبرزها التغيرات المناخية التي تؤثر سلبًا على الإنتاجية الزراعية. ووفقًا للمهندسة الزراعية تيسير السنحاني، فإن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الطويل يُضعف خصوبة التربة ويعرقل نمو المحاصيل، بينما تؤدي العواصف والفيضانات إلى تآكل التربة وتدمير المحاصيل.

وتابعت: “إضافة إلى العوامل البيئية، يُفاقم الوضع الزراعي مشكلات اقتصادية وسياسية، إذ يعاني المزارعون من ضعف البنية التحتية ونقص المياه وارتفاع تكاليف الإنتاج، مما يعيق تحقيق الأمن الغذائي”.
وأشارت السنحاني إلى أن “الحرب أدت إلى ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية وجعل الوصول إلى الموارد أكثر صعوبة، الأمر الذي أجبر العديد من المزارعين على التحول إلى محاصيل أقل تكلفة وأقل احتياجًا للمدخلات الزراعية”.
تؤدي التغيرات المناخية في اليمن إلى تفاقم التحديات القائمة في قطاع الزراعة من خلال تغيير أنماط هطول الأمطار، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة التصحر، وانتشار الآفات والأمراض، وتدمير الفيضانات للأراضي الزراعية، وزيادة ندرة المياه؛ مما يهدد الأمن الغذائي وسبل عيش السكان.
كيف نواجه تحديات المناخ؟
لمواجهة هذه التحديات، أكدت السنحاني أهمية اتباع استراتيجيات زراعية حديثة، مثل تحسين تقنيات الري، الاعتماد على المحاصيل المقاومة للجفاف، وتشجيع الزراعة المستدامة، إلى جانب تعزيز مشاريع تخزين مياه الأمطار وحماية الغابات.
وقالت “إن التعامل مع التغيرات المناخية يتطلب استراتيجيات متكاملة على جميع المستويات والمجتمعية والحكومية، على المستوى الفردي، يمكن للمزارعين تقليل استهلاك المياه في الري اليومي، واستخدام تقنيات الري الحديثة مثل الري بالتنقيط، بالإضافة إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية وتقليل المخلفات البيئية من خلال إعادة التدوير”.
للمزيد إقرأ.. ما يحتاجه المزارع للتكيف مع التغير المناخي
وأوضحت السنحاني: “أما على المستوى المجتمعي، فإن مسؤولية مواجهة التغيرات المناخية تتمثل في التوعية، وتعزيز الزراعة المستدامة وتشجيع المزارعين على استخدام الأساليب الزراعية المستدامة مثل الزراعة العضوية أو زراعة المحاصيل المقاومة للجفاف وغيرها، ودعم مشاريع غرس الأشجار، وحماية الغابات الموجودة، وتطوير أنظمة لتخزين مياه الأمطار”.
وعلى المستوى الحكومي، يجب وضع سياسات بيئية واضحة تدعم الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية، وتشجع على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية الزراعية لجعلها أكثر قدرة على مقاومة التغيرات المناخية وصولًا إلى تمويل الأبحاث العلمية التي تركز على إيجاد حلول لمواجهة التغيرات المناخية، وفق السنحاني.
كما شددت على دور “صحافة المناخ” في نقل المعرفة للمزارعين وتسليط الضوء على حلول التكيف مع المناخ، مشيرة إلى ضرورة تقديم الدعم الإعلامي والسياسي لضمان وصول المعلومات الدقيقة والموثوقة.
وقالت ” يجب أن تلعب صحافة المناخ دورًا رئيسيًا في توعية المزارعين بالحلول الممكنة لمواجهة التحديات المناخية، وتسليط الضوء على سياسات التكيف مع المناخ، ونقل التجارب الناجحة للمزارعين للاستفادة منها”.

تغير المناخ في اليمن
وأثرت التغيرات المناخية على الزراعة في اليمن، حيث تراجعت المساحة المحصولية من 1.6 مليون هكتار عام 2010 إلى 1.2 مليون هكتار عام 2020، وهو انخفاض بنسبة 26.9%. كما أن 57.1% من إجمالي المساحات المزروعة تعتمد على الأمطار، مما يجعلها عرضة للتقلبات المناخية، بحسب دراسة بعنوان “آثار تغير المناخ على اليمن واستراتيجيات التكيف”.
وتتسبب فترات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة في تسريع وتيرة التصحر وتدهور الأراضي الزراعية، مما يقلل من المساحات الصالحة للزراعة. وقد زادت نسبة التصحر في اليمن من 90% عام 2014 إلى 97% عام 2022، مما أدى إلى خسارة سنوية تتراوح بين 3% و 5% من الأراضي الصالحة للزراعة.
وتبلغ مساحة الأراضي المتصحرة في اليمن نحو 405 آلاف كيلومتر مربع، أيّ ما نسبته 71.6% من إجمالي المساحة أراضٍ متصحرة، بينما تصل المساحة المهددة بالتصحر إلى 15.9% من إجمالي مساحة اليمن، وتستهلك الزراعة نحو 90% من المياه، ممّا أدّى إلى استنزاف المياه الجوفية. وفق دراسة أممية.
وبالإضافة إلى أن الفيضانات التي تسببت بكوارث كبيرة في اليمن خلال السنوات الماضية أيضا تصاعد ارتفاع درجات الحرارة. ووفق توقعات منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) “من المتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع في جميع أنحاء اليمن خلال العقود القادمة” وستؤثر على المناطق الزراعية بشكل أساسي وتوسع رقعة الجفاف.