قلعة صيرة موقع أثري، ومعلم تاريخي لمدينة عدن، وتقع على جزيرة صخرية بركانية طويلة يبلغ ارتفاعها 430 قدماً فوق مستوى سطح البحر وتقع بالقرب من ميناء المدينة.
بُنيت القلعة في القرن الحادي عشر الميلادي، وتشرف على خليج عدن وبحر العرب، مع إطلالة على المدينة، وكان الغرض من تشييدها أن تكون حصنًا عسكريًا في الصفوف الأمامية لصد غزوات البحر.
وبحسب المؤرخين، بنى القلعة سنة 1173 الحاكم التركي على عدن الأمير عثمان الزانغابيلي التكريتي، والي عدن من قبل توران شاه الأيوبي، وهو شقيق صلاح الدين الأيوبي، وقد صمدت القلعة خلال هجمات لاحقة ضد عدن من قبل البرتغاليين والأتراك خاصة في عام 1517.
وعلى الرغم من أن الميناء القديم بدأ يطمى، والمركز التجاري الرئيسي انتقل في نهاية المطاف إلى الجانب الآخر من شبه جزيرة عدن، واصل البريطانيون تطوير القلعة بعد وصولهم في عام 1839.
وتعد قلعة صيرة من أبرز قلاع وحصون مدينة عدن القديمة التاريخية، وقد كان لها دور دفاعي في حياة المدينة، ومن خلالها تشكلت التحصينات الدفاعية في الجبل، وصدت كثيرا من الهجمات والغزوات التي سعت للسيطرة على المدينة.
وتحولت القلعة إلى رمز للصمود أمام هجمات الغزاة والطامعين والسيطرة على الميناء، وكان آخرها معركة التصدي التي قام بها سكان عدن بالدفاع عن المدينة بأسلحتهم المتواضعة في وجه الاحتلال البريطاني في 19 يناير 1839م.
اختلف كثير من الباحثين المحليين في سبب تسميتها. وذكر صاحب «تاريخ عدن وجنوب الجزيرة العربية»، وله السبق في تناول مثل تلك الموضوعات، ثلاثة احتمالات، أولها: أن المستعمرين البرتغاليين اطلقوا اسم «سيرة»، وهو يعني لهم الجبل على هذه البقع، ثانيها: أن الهنود، بحكم العلاقات التجارية وما قامت به عدن من دور بوصفها ميناء مهما، كانوا يسمون عدن «سيرة سيت»، ولعلها إشارة إلى أسطورة رأس الجني «راون» الذي يسكن السلسلة الجبلية الممتدة من جبل التعكر «جبل حديد حالياً»، وثالثها: أن صيرة بالعربية تعني السمك الصغير أو الساردين أو الشقوق والكهوف.
وبحسب المؤرخين، كان الغرض من إنشاء القلعة عسكرياً بحتاً، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يتحكم في ميناء عدن القديم، وذلك من أجل الدفاع عن المدينة، ويدل على ذلك عدد مواقع المدافعين عنها وانتشارها في الحجرات المتعددة، ووجود المزاغل المنتشرة فيها التي تطل غالبيتها على البحر.
شكلها الخارجي
تتكون القلعة من برجين أسطوانيين متساويين في الارتفاع يحصران بينهما المدخل الرئيسي الواقع في الجهة الغربية، في البرجين فتحتان كبيرة وفتحات صغيرة، وهي «مزاغل» تضيق في المقدمة وتتسع للداخل لتسمح بحرية الحركة للمرابط عليها والتصويب بدقة.
المدخل
يوجد مدخلان للقلعة: رئيسي، وهو محصور بين البرجين ويقع في الجهة الغربية، والباب الآخر يوجد في البرج الشمالي. ويصعد إلى المدخل الرئيسي بواسطة درجات دائرية الشكل تؤدي إلى فتحة باب مستطيلة بطول 47.2 سم وعرض 96.1 سم، وكان يغلق عليها باب خشبي سميك لا يوجد الآن، ولكن آثاره باقية، ثم يليه باب خشبي آخر بطول 72.2 سم وعرض 96.1 سم يفتح على الصالة المركزية.
البرجان
للقلعة برجان أحدهما يقع على جهة الجنوب، والآخر إلى الشمال، فيهما عدة فتحات، ثلاث منها في الوسط، وأربع في العلا، وكذلك الحال بالنسبة للبرج الآخر، ويختلف هذا البرج الواقع في جهة الجنوب بوجود باب من الناحية الشمالية، ويلتف البرجان حول القلعة بشكل دائري، ويلتقيان في الخلف.
شكلها الداخلي
المدخل الرئيسي للقلعة ينفتح على صالة مركزية عليها ممرات تؤدي إلى حجرات مختلفة المساحات، أما سقفها فسطح، وبه فتحات للتهوية والضوء. ويلاحظ تنوع البناء والطراز المستخدم في أساليب الممرات بالأقبية الأسطوانية (البرميلية) والحجرات بالأقبية المتقطعة إلى جانب الأسقف المسطحة.
الجانب الأيمن للبرج الجنوبي من القلعة يوجد به أربع غرف، ويمكن الوصول إلى هذه الحجرات عبر ممرين، فالممر الأول يصل بالحجرة رقم (1-2)، والممر الآخر يؤدي إلى الحجرتين (3-4).
الجانب الشمالي من القلعة
في هذا البرج نفس عدد الحجرات في البرج الجنوبي، ويتميز بوجود حجرات مغلقة من التهوية والضوء، ويحتمل أنها كانت تستخدم مستودعا أو مخزنا للمؤن الغذائية والأسلحة، وفي إحدى حجرات هذا البرج فتحة دائرية، وهي صهريج لخزن الماء لخدمة الحامية العسكرية في القلعة.
الطابق العلوي (سقف القلعة)
يمكن الوصول إلى الطابق العلوي للقلعة عبر درج حجرية، وعلى سطح القلعة أربع قواعد حديدية في الجهات الأربع مستندة على قواعد مستديرة الشكل مبنية من الحجارة، ومكونة من ثلاث طبقات وطبقتين، وقد سدت بعض المزاغل في الطابق العلوي بما يدل أنها مستحدثة، ويبلغ عددها ثمانية وعشرين فتحة، كما يوجد الحمام في الطابق العلوي.
وتتعرض القلعة بسبب الفوضى السائدة في اليمن، لزحف عمراني عشوائي ببناء مساكن، والحفر أسفل الجبل الذي تعلوه، وهو ما يهدد بسقوطها وزوال تاريخها الزاخر بالصمود منذ قرون.
وبدأت التشققات بالظهور في بعض أسوار القلعة الخارجية ومرافقها الداخلية، جراء عمليات حفر واسعة أسفل الجبل الذي شيدت عليه، مما يجعلها عرضة للانهيار في أي لحظة.
المصدر: مواقع الكترونية