الجمعة, ديسمبر 5, 2025
.
منصة صحافية متخصصة بالريف في اليمن
الرئيسية بلوق الصفحة 77

المرأة الريفية تكافح بمشاريع صغيرة لتأمين الغذاء

0
المرأة الريفية تكافح بمشاريع صغيرة لتأمين الغذاء

تعمل نجوى محسن (42 سنةً) في بيع الملابس النسائية، لتأمين لقمة العيش لأفراد عائلتها، في غرفة صغيرة داخل منزلها التي تسكن فيه مع أطفالها التسعة في ريف محافظة إب وسط اليمن، على غرار العديد من النساء اليمنيات اللواتي يعملن لتأمين الغذاء في ظل الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من ثماني سنوات.

وتسبب الحرب في اليمن بمقتل مئات الآلاف من المدنيين ونزوح الملايين، وتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، والتي بدورها انعكست سلبًا على حياة اليمنيين، بمختلف مجالات حياتهم، خاصةً شريحة ذوي الدخل المحدود من العمال والفلاحين، وصولًا إلى الموظفين الحكوميين المنقطعة رواتبهم منذ سنوات، وهو ما دفع الكثير من النساء إلى سوق العمل تحت ضغط الضرورة.

مؤخراً تمكنت الكثير من النساء في المناطق الريفية، من مقاومة ظروف الحرب القاسية، وساهمنّ بتأمين الغذاء بجانب أزواجهن من خلال العمل في التجارة والحرف اليدوية، والزراعة، وكانت لهن إسهامات كبيرة في التخفيف من معاناة الكثير من الأسر في بلد صُنفت ضمن أسوأ الأماكن للعيش في العالم.

كفاح المرأة الريفية

مطلع 2018 أي بعد عامين من توقف راتب زوجها الذي يعمل في قطاع التعليم بمحافظة إب، بدأت “نجوى” العمل على إنشاء مشروعها الاستثماري، من خلال شراء بعض الملابس النسائية وبيعها، بعد أن قامت ببيع ذهبها لأجل هذا المشروع وقال إنها “تمكنت من جذب الكثير من النساء إلى الشراء وحققت نجاحاً باهرا”.

تقول نجوى لـ”ريف اليمن”: “عقب انقطاع راتب زوجها في أواخر 2016 مصدر دخلهم الوحيد، وجدوا أنفسهم عاجزين عن توفير أبسط المقومات الأساسية للحياة، حيث أصبحت بين خيارين إما بيع الذهب الذي تملكه وتأمين الغذاء لفترة محدودة أو بيعه للاستثمار بمشروع يوفر متطلبات الحياة بشكل مستدام”.

وأضافت “نعاني من صعوبات كبيرة من بينها ارتفاع الأسعار، وارتفاع تكاليف النقل نتيجة الأزمات المتتالية في الوقود بالإضافة إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية”.

السيدة زينب مهدي (45 سنةً) أم لثمانية أطفال تمكنت من فتح محل تجاري لبيع المواد الغذائية في القرية التي تعيش فيها بمنطقة السبرة شرق محافظة إب، منذ أن توفي زوجها قبل 5 سنوات إثر تعرضه لحادث مروري أثناء عودته من العمل من مدينة عدن جنوبي اليمن.

تعمل زينب في المحل بمساندة أولادها في سبيل مواجهة متطلبات المعيشية وتوفير حاجات الأسرة، والتخفيف من الأضرار التي لحقت بهم نتيجة وفاة زوجها، وقالت لـ “ريف اليمن”: “هنالك إقبال كبير من قبل المواطنين رغم تواجد عدداً من المحلات التجارية في القرية، لكن غالبية السكان يفضلون الشراء منا تشجيعاً لكوني امرأة اتحمل مسؤولية أسرة”.

وتعاني من صعوبات ومعوقات وقالت: “لا أستطيع توفير كافة الاحتياجات المتنوعة التي يحتاج إليها المواطنين فهي ما تزال بحاجة إلى المزيد من الدعم المالي لتقوية مشروعها الاستثماري”.

تعمل منيرة قاسم (39 سنةً) وهي أم لستة أطفال، في مهنة الخياطة وصناعة البخور بهدف مساندة أفراد عائلتها، حيث ساهمت في التخفيف من معاناة أطفالها عقب توقف زوجها عن العمل نتيجة انعدام فرص العمل في الكثير المحافظات اليمنية.

تقول منيرة لـ “ريف اليمن”: “بعد تراجع الأعمال الحرة عشنا أسوأ ايام في حياتنا، وتضاعفت معاناتنا وأصبح زوجي عاجزاً عن توفير متطلبات المعيشة، في كل مرة يذهب إلى الحراج (مكان تجمع الأيادي العاملة باليومية) لكنه يعود دون الحصول على عمل، وهو ما دفعني نحو العمل لمساندة زوجي في تأمين متطلبات الحياة اليومية”.

النساء العاملات

وخلال السنوات الماضية بدأت العديد من النساء في اليمن بممارسة العمل ووفقاً لإحصاء أجرته منظمة العمل الدولية في 2013-2014، فإن نسبة النساء العاملات في اليمن وصلت إلى نحو 6% فقط ولم نتمكن من الحصول على إحصائية جديدة لتوضيح مقدار حجم الزيادة في أعداد النساء العاملات في اليمن خلال سنوات الحرب في البلاد.

وقال استاذة علم الاجتماع بجامعة تعز انتصار الصلوي بأن: “ظاهرة خروج النساء اليمنيات إلى ميادين تعود إلى عوامل عديدة ومتداخلة دفعت بالمرأة نحو أسواق العمل من بينها دوافع اجتماعية واقتصادية ونفسية وكلها بفعل التغيرات التي احدثتها الحرب في البلاد”.

وأضافت لـ “ريف اليمن” أن عمل المرأة أصبح من المسلمات بمختلف المجالات إذ أن الضرورة الاقتصادية والوضع المأساوي الذي خلفته الحروب، وفقدان الكثير من أرباب الأسر الذكور لوظائفهم أجبرت النساء على الخروج إلى ميادين العمل ومزاولة مهن وحرف ووظائف متعددة، بعضها شاقة وغير مألوف مزاولتها قبل الحرب بحكم العادات والتقاليد والأعراف في البلاد”.

وتابعت “النساء في اليمن تقدم مساهمات وأدوار حيوية جديدة أثناء الحرب غير أدوارهن التقليدية المتعارف عليها قبل الحرب، فهن أصبحن يعملن جميع الأدوار كأمهات ومعيلات لأسرهن وخاصة المرأة الريفية التي تكافح باستمرار”.

ألقت الحرب الأهلية والوضع الإنساني على كاهل النساء عبء كبير، حيث خرجن إلى العمل من أجل إعالة أسرهن وأطفالهن، وذلك لسد النفص الذي تركه غياب رب الاسرة سواء كان الاب او الزوج او الابن الذين ذهبوا إلى جبهات القتال وغابوا لفترة طويلة أو قتلوا في الحرب”، وفق حديث الصلوي.

من جانبه يرى الصحافي أبوبكر الفقيه “أن المرأة الريفية أصبحت هي العائل الرئيسي للأسرة حتى من قبل الحرب، فهي من تعمل على تربية الابقار والاغنام والاعتناء بالأراضي الزراعية، حتى قديما هناك مثل يمني شائع يقول “البيت المرة” بمعنى أنها الأساس بتوفير المعيشية”.

وأضاف في حديث لـ”ريف اليمن”، “في الوقت الذي يتم استقطاب الرجال للقتال في الجبهات بعضهم يقتل وآخرين تتسبب لهم إعاقات متفاوتة، تعمل النساء على الحفاظ على تماسك الاسرة وتوفير المعيشية ويقمن بعمل عظيم في الواقع، وبعضهن ابتكرن مشاريع صغيرة في القرى كانت حكراً على الرجال”.

دور لافت في المجتمع

في خضم المشاريع النسائية، التي ظهرت مؤخراً في العديد من المناطق الريفية النائية في اليمن، بالتزامن مع محاولة الكثير من النساء اليمنيات اقتحام أسواق العمل وامتهان أعمال في الكثير من المجالات المتنوعة التي لطالما ظلت لسنوات طويلة محتكرة على الرجال فقط في بلداٍ احتلت المرتبة الأخيرة في مؤشر الفجوة بين الجنسين.

في السياق أظهر تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي أن الفجوة بين الجنسين في اليمن هو الأعلى في العالم، على وجه الخصوص في المشاركة الاقتصادية والتعليم والدخل على الرغم من زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل واعتماد الأسرة المستمر عليها كمقدمة للرعاية، فإن الاختلاف بين الرجال والنساء في سوق العمل في اليمن يبلغ نحو 91 في المائة، مع فجوة في الدخل تزيد عن 93 في المائة.

ويرى رجال بأن عمل المرأة اليمنية في ظل الحرب أمر في غاية الأهمية من بينهم يحيى علوان (45 سنةً) الذي قال بأن المجتمع في الريف مختلف كلياً على المدينة، وقال: “في منطقتنا هناك نساء يعملن في كثير من المشاريع الجديدة على غير العادة التي جرت بين الناس في عمل المرأة في تربية المواشي او الزراعة، والمجتمع متقبل ذلك ويراهن نساء قويات”.

وأضاف علوان في حديث لـ “ريف اليمن” “ليس عيباً أن تمارس المرأة العمل في أي مهنة وهذه المشاريع النسائية تساهم في تحسين أوضاع الكثير من الأسر في المناطق الريفية”.

وتعمل المرأة اليمنية في الريف بكفاح مضاعف في كل الظروف، وتعتبر العمود الأساسي في توفير المعيشية للأسرة، وهناك موروث ثقافي شعبي يتناقله الأجيال تؤكد على هذه الحقيقة التي أصبحت في زمن الحرب أكثر وضوحاً.

كيف يقضي أطفال ريف اليمن إجازتهم الصيفية؟

0
كيف يقضي أطفال ريف في اليمن إجازتهم الصيفية؟
أطفال في إحدى الأرياف اليمنية يلعبون في ساحة خصراء بالدراجات الهوائية، يونيو/ حزيران 2023 (فيسبوك/ أحمد حمود)

بين مطرقة الاستقطابات والتجنيد، وسندان الأعمال الشاقة، يقضي الأطفال في اليمن إجازتهم الصيفية، لاسيما أولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية، في ظل أوضاع اقتصادية بالغة الصعوبة، نتيجة استمرار الصراع في البلاد للعام التاسع على التوالي.

وتشهد عمليات التجنيد وعمالة الأطفال، نشاطا كبيرا في الأرياف اليمنية بعكس المناطق الحضرية، بسبب العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الريف، باعتبارها مناطق ترتفع نسب الفقر والأمية بين سكانها وتتدنى نسب الالتحاق بالتعليم في صفوف الفتيات والأطفال.

خيارات صعبة

يقول المواطن ماجد عبد الجليل إنه نظرا لتزايد عمليات الاستقطاب وانعدام المعاهد والمراكز التدريبية المتخصصة في الأرياف، يضطر أولياء الأمور إلى اختيار واحد من ثلاثة خيارات صعبة، إما الرضوخ لعمليات التجنيد تحت التهديد أو الترغيب، أو الدفع بأطفالهم إلى مناطق أخرى للنجاة بهم، أو إشغالهم بأعمال لا تتناسب مع أعمارهم.

ويضيف عبد الجليل في حديث لـ” ريف اليمن”، أنه دفع باثنين من أطفاله إلى منازل أقاربه في مناطق تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، خوفا من تجنيدهم بالقوة من قبل جماعة الحوثي التي تنشط في هذا المجال، رغم توقيعها اتفاقا مع الأمم المتحدة على إيقافه، بينما دفع بطفله الثالث إلى العمل في متجر أحد جيرانه في مركز المديرية.

ويتأسف عبدالجليل لهذا الحال، كونه كان يحلم بتسجيل أطفاله في مراكز ومعاهد متخصصة استغلالا للإجازة الصيفية وتأهيلا لهم في مواد دراسية مختلفة، لكنه أكد أن ذلك لم يعد ممكنا في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد، سواء الاقتصادية او عملية الاستقطاب الكبيرة للأطفال، التي جعلته يفكر كيف ينجوا بأطفاله بدلا من تأهيليهم.

عمالة أطفال الريف

عمالة أطفال الريف هي الاخرى تشهد توسعا كبيرا خلال الإجازة الصيفية، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تشهدها البلاد، أبرزها انقطاع رواتب الموظفين المدنيين وفقدان آلاف المواطنين لأعمالهم ووظائفهم، مما ضاعف معاناة الأسر، وأجبرها على الدفع بأطفالها للعمالة بغية توفير متطلبات استمرار الحياة، كما هو الحال مع المواطن بشير حمادي.

ويضيف حمادي الذي كان يعمل مدرسا في إحدى المدراس الابتدائية، لـ”ريف اليمن، أنه ومنذ سنوات لم يستلم راتبه، واضطر أن يقتني دراجة نارية من أجل توفير لقمة العيش لأطفاله، ورغم ذلك لم يتمكن من الوفاء ذلك، مما أجبره على الدفع بأطفاله نحو العمالة لمساعدته.

ويتابع” أعلم بمخاطر العمالة على الأطفال، لكن الحياة صعبة، وأجبرتنا الظروف على ذلك. وحول طبيعة العمل الذي دفع اطفاله نحوه، قال حمادي” دفعت أحدهم للعمل في بيع نبتة القات في السوق، عمره 16 عاما، بينما الأخر يعمل مع أحد المقاولين، 18 عاما، الأمر فيه خطورة عليهم لكن بقاؤهم دون غذاء او دواء هو الاخطر.

وبحسب آخر البيانات المسجلة قبل الحرب، يصل عدد الأطفال العاملين إلى نحو 1.6 مليون طفل. ويبلغ عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا، 7.7 مليون نسمة يشكلون 34.3% من إجمالي السكان اليمنيين، في حين أنّ معدل العمل أعلى عند الأطفال الأكبر سنًّا مقارنة مع الأصغر سنًّا حيث يبلغ معدل الأطفال العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عامًا 11%.

ويتعرض الأطفال العاملون للاستغلال والاعتداء وسوء المعاملة وانتهاك الحقوق بشكل خطير ومقلق، وفق دراسة صدرت مؤخراً عن منظمة العمل الدولية.

وبحسب الإحصائيات فإن عام 2022 كان أكثر الأعوام الذي جرى فيه تجنيد الأطفال بواقع (70) طفلا، يليه عام 2020 بواقع (56) طفلا و(30) طفلا في عام 2021 و(28) طفلا في عام 2019 و(24) طفلا في عام 2018.

ووفقا للإحصائيات الصادرة عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، فإن عدد الأطفال الذين جرى تجنيدهم في الريف بلغ (239) طفلا بمقابل (13) طفلا فــي المناطق الحضرية، بسبب العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الريف.

تحديات كبيرة

رئيس منظمة “سياج” لحماية الطفولة أحمد القرشي، أكد أن هناك تحديات كبيرة فيما يخص آليات حماية الطفل خلال النزاع المسلح في اليمن وهي السبب الاساسي لتنامي الجرائم والانتهاكات بحق الأطفال اليمنيين من قبل الحرب ومضاعفتها بشكل غير مسبوق.

وبيّن القرشي في حديث لـ”ريف اليمن”، أن أهم تلك التحديات تتمثل في ضعف الاهتمام بحماية المؤسسة التعليمية منذ بداية الحرب الحالية، وانهيار آليات حماية الطفل وتحول القضايا الإنسانية العادلة للأطفال الى مادة لتبادل الاتهامات والمزايدة بين أطراف النزاع دون أن يكون هناك عمل حقيقي لحماية الأطفال ومحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحقهم.

لافتا إلى أن أنشطة خطيرة تستهدف الاطفال, سواء المتمثلة في المخيمات الصيفية التي يقيمها الحوثيون او أي أنشطة غيرها وتستهدف تلاميذ المدارس خلال الحرب وهذا يُعد مساسا بحقوق الطفل ويمثل انتهاكا للقانون الدولي وخاصة قرار مجلس الامن 1612 لسنة 2005م.

وطالب القرشي بزيادة الاهتمام بالتعليم ومعالجة الأثار وإعادة إعمار حقيقي وشامل لجميع جوانب العملية التعليمية على مستوى الوعي والمناهج الدراسية والمعلمين والبنية التحتية، وتعزيز حماية الطفل ومن ضمنها آلية قضائية مستقلة للنظر في جرائم الحرب عموما ومنها ما حدث للتعليم من تجريف.

وبحسب آخر إحصائيات الأمم المتحدة فإن أكثر من 11 ألف طفل تعرضوا للقتل أو التشويه خلال الحرب، كما أن أكثر من 3995 طفلاً بينهم 91 فتاة تم تجنيدهم للمشاركة في فعاليات أو في نقاط تفتيش أو جبهات قتالية، وأكثر من مليوني طفل في سن التعليم منقطعين عن الدراسة، كما أن 2.2 مليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية الحاد، وهي عوامل جعلت الأطفال أكثر عرضة للتجنيد الإجباري خلال سنوات الحرب.

الخدمات الصحية وصعوبة التنقل.. ثنائي يضاعف معاناة المرضى

0
اليمن الخدمات الصحية وصعوبة التنقل.. ثنائي يضاعف معاناة المرضى

لا يزال والد الطفل صفوان يتذكر فاجعة وفاته، ورحيله المبكر إثر تدهور حالته الصحية وعجزه عن نقله للعلاج في إحدى مستشفيات مدينة إب وسط اليمن التي تبعد مسافات طويلة عن قريته التي يعيش فيها مع أسرته بمنطقة السياني جنوب المدينة.

في الثاني عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، فارق الطفل صفوان سليمان (14 سنةً) الحياة، بسبب مضاعفة ألم اللوزتين. يقول والده لـ “منصة ريف اليمن”: “كلما تذكرت فقدان طفلي الوحيد أشعر بغصة وقهر خاصةً وأن تكلفة العلاج كانت لا تتطلب أموالا باهظة، لكن حالة البؤس، وغياب الخدمات الصحية وبعد المسافة بين القرية والمراكز الطبية وقفت عائقا أمام إنقاذ حياته على غرار عشرات المرضى اليمنيين في المناطق الريفية في اليمن.

ويعاني سكان المناطق الريفية النائية في اليمن من غياب المرافق والخدمات الصحية، وصعوبة الوصول الى المستشفيات والمراكز الطبية في المدن بالإضافة إلى تكلفة العلاج الباهظة التي لا يقدر عليها المواطنين، في ظل تدهور أوضاعهم المعيشية وعجزهم عن تأمين الاحتياجات الضرورية، في بلدٍ تعصف به الحرب منذ أكثر ثماني سنوات.

غياب الخدمات الصحية

في حين يتركز اهتمام المنظمات الدولية على دعم القطاع الصحي في المدن والمجتمعات الحضرية بدرجة رئيسة، تبدو المناطق والقرى الريفية شبه منسية على صعيد تأمين مستلزمات الرعاية الطبية، على الرغم من احتضانها غالبية السكان المعدمين، والمعرضين لأخطار أمراض وأوبئة كثيرة، وبدرجات عالية على صعيد حدة الإصابات.

تقول حاكمة ناجي (50 سنةً) “في القرية التي أسكن فيها لا توجد فيها خدمات أو مرافق صحية مجهزة، صحيح هنالك مركز صحي لكنه يفتقر إلى أدنى مقومات الرعاية الطبية حيث لا أجهزة طبية، ولا كوادر متخصصة مع أنه يعد المركز الوحيد المخصص لعدد كبير من القرى والمناطق الريفية”.

وتضيف لـ منصة ريف اليمن: “يستخدم المواطنين في المناطق الريفية علاجات بديلة تقليدية بعضها أعشاب وأشجار طبيعة وهي وصفات علاجية متوارثة عن الآباء والأمهات لكنها غير مجدية ولا تلبي احتياجات المرضى”.

ويكابد الكثير من المرضى والمصابين في المناطق الريفية معاناة المرض، ويقضون أياما وشهور تحت وطأة الألم بسبب غياب الخدمات الطبية في مناطقهم، في حين أنهم لا يستطيعون السفر للعلاج في المستشفيات والمراكز الصحية بسبب بُعد المسافة بين القرى التي يعيشون فيها وبين المدن و أماكن تواجد المستشفيات والمراكز الطبية.

رحلة سفر متعبة

غانم نعمان (38 سنةً) أحد سكان قرية “نجد الجماعي “بريف مديرية السبرة شرق مدينة إب هو الآخر يشكو من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية، وعدم قدرته على السفر للعلاج في المدينة التي تبعد عن قريته عشرات الكيلومترات بسبب تدهور وضعه المادي على غرار ملايين اليمنيين المتعبين والمثقلين بهموم الحرب.

يقول نعمان لـ “منصة ريف اليمن”: أن تكاليف السفر من قريته إلى المدينة واستئجار سيارة خاصة تُكلّفة نحو 30 ألف ريال يمني أي ما يعادل نحو 60 دولار أمريكي بسعر صرف الدولار في المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، ناهيك عن تكاليف الخدمات الصحية المضاعفة والتي بدورها تضاعفت بشكل غير مسبوق خلال الأشهر القليلة الماضية”.

بالنسبة لنعمان ومعه مئات الآلاف من المواطنين فإن توفير تكاليف السفر وحدها أصبحت من المستحيل ناهيك عن تكاليف الخدمات الطبية إذ أنهم بالكاد يستطيعون تأمين الغذاء لأفراد عائلتهم في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، وانعدام فرص العمل وتوقف رواتب الموظفين الحكوميين وارتفاع أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية في بلدٍ صُنفت ضمن أسوأ الأماكن للعيش في العالم.

أما محمد مهدي (40 سنةً) فهو لا يحتاج إلى تكاليف سفر باهظة كونه يعيش في قرية ريفية تبعد مسافة قصيرة عن المدينة لكنه لا يفضل الذهاب إلى المراكز والعيادات الطبية خوفاً من التكاليف المادية الباهظة في تلك المستشفيات.

يقول مهدي لـ “منصة ريف اليمن”، “على الرغم من البؤس والعناء الذي يعيش فيه المواطن اليمني لا تكترث المستشفيات في رفع رسوم الخدمات والمستلزمات الطيبة والتي باتت تؤرق حياة المواطنين”.

ويضيف: “تفتقر المستشفيات اليمنية إلى وجود الأطباء ذوي الخبرة في المجال الطبي، الغالبية ممن يعملون في القطاع الصحي حالياً هم ممرضون وصحيون معظمهم بلا مؤهلات ولا يمتلكون القدرة على التعامل مع المرضى, وغالبية المستشفيات حالياً تفتقر لوجود الإمكانيات المتنوعة سواء التقنية “الأجهزة والمعدات” او البشرية “أطباء، اخصائيين، وطاقم التمريض وغيرها من مقومات العمل الطبي”.

تدهور القطاع الصحي

ويواجه القطاع الصحي في اليمن تحديات جمة منذ اندلاع الحرب التي تعصف بالبلاد منذ تسع سنوات من بينها تدمير المنشآت الطبية، وتوقف رواتب العاملين في القطاع الطبي، ممّا أدى إلى نقص الكوادر، وهجرة غالبية الكوادر، بالإضافة إلى توجه البعض منهم للعمل في المشافي الخاصّة وذلك انعكس سلباً على المرضى اليمنيين في ظل الأوضاع المعيشية القاسية.

وقال نشوان الحسامي وهو مسؤول محلي بالقطاع الصحي “يشهد القطاع الصحي تدهورا كبيراً في المناطق الريفية في اليمن، ويعاني من عجز في وجود المراكز الصحية، والعيادات الطبية وعدم توفر أبسط الخدمات الطبية البدائية”.

وأضاف لمنصة “ريف اليمن”، “قبل اندلاع الحرب في اليمن، كان القطاع الصحي يعاني من العجز الشديد في الكوادر الطبية المؤهلة والمتخصصة في الرعاية الصحية الأولية، والتثقيف الصحي وطب المجتمع ومكافحة الأوبئة وحالياً مع الحرب أصبح الوضع يرثى له في المناطق الريفية النائية بمختلف المحافظات اليمنية”.

بحسب الأمم المتحدة فإن أكثر من 20 مليون من السكان في اليمن بحاجة إلى خدمات الرعاية الصحية إذ يتأثر الأطفال بشكل خاص بالمعدلات المتزايدة لسوء التغذية، أما بالنسبة للنساء -لا سيما الحوامل والأمهات الجدد- فخدمات الصحة الإنجابية محدودة وتكاد تكون معدومة”.

وقال البنك الدولي إن”قطاع الصحة في اليمن يعاني من عواقب الصراع المسلح، والتدهور الاقتصادي، والانهيار المؤسسي، حيث يواجه نسبة كبيرة من السكان تحديات في الحصول على الرعاية الصحية، إذ لا تعمل سوى 50% من المنشآت الصحية بكامل طاقتها، ويواجه أكثر من 80% من السكان تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء ومياه الشرب وعلى خدمات الرعاية الصحية.

وفي ظل انهيار القطاع الصحي وغياب الخدمات الطبية في المناطق الريفية يحث الدكتور الحسامي على ضرورة وجود خطة استراتيجية طويلة المدى يتم تقسيمها على مراحل للقيام بتشخيص المشكلة وإيجاد الحلول بالممكن والمتاح وبما يلبي احتياج المناطق الريفية حسب الأوبئة المنتشرة والأمراض في منطقة فهناك مناطق ينتشر فيها وباء الملاريا ومناطق اخرى ينتشر فيها وباء البلهارسيا ومناطق اخرى سوء التغذية وهي محرومة من وجود المرافق الصحية أساسا.

وأشار: “كنا نأمل بأن يكون للمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن دور في إيجاد مشاريع مستدامة في القطاع الصحي ولكن ما حدث هو العكس فالمنظمات لم تعتمد على مشاريع قابلة للقياس والأثر لهذه المشاريع مما جعل القطاع الصحي يعاني من إهمال وتدهور أكثر بسبب هذا العمل العشوائي”.

شجرة السيسبان في تهامة: حامي الأراضي الزراعية تتحول آفه

0
شجرة السيسبان في تهامة: حامي الأراضي الزراعية تتحول آفه
جانب من مزراع تهامة غربي اليمن

تحولت شجرة السيسبان (السول) إلى كابوس على المزارعين في اودية تهامة غربي اليمن، حيث من الصعوبة التخلص منها رغم أنها تستنزف المياه وتعد عائق كبير أمام استصلاح الأراضي وزراعتها، وينظر لها المزارعين أنها آفة تستهدف النباتات وتغتصب الأراضي الخصبة.

يشتكي المزارع احمد البكري (55 عاماً) بمديرية التحيتا محافظة الحديدة من عدم قدرته على إصلاح أرضة لإعادة زراعتها بعد أن أجبرته الحرب خلال السنوات الماضية على التوقف عن الزراعة، مما جعل شجرة السيسبان تنشر بكافة آراضيه التي كانت تزرع كثير من المحاصيل.

وقال في حديث لمنصة “ريف اليمن”، “انتشار شجرةالسيسبان في مساحة تقدر بـ 10 معاد (المعاد = 4,400 متر مربع أو 100 لبنة صنعاني) من الأراضي التي أزرعها والبالغة 15 معاد تقريبا، وعدم قدرته على استعادتها كما كانت قبل نزوحه من المنطقة بسبب الاشتباكات التي اندلعت فيها خلال 2018 بشكل مكثف”.

وقال البكري، أنه يحتاج لبذل لكثير من الجهد والمال والمعدات الزراعية الحديثة لاجتثاث شجرة السيسبان واستعادة الأراضي الزراعية كما كانت في السابق، وقدر تكلفة إعادة إصلاحها من جديد بمبلغ 40 مليون ريال يمني (الدولار 530) وهو ما يعجز عنه كغيره من المزارعين.

ويواجه المزارع التهامي سلسلة من التحديات الطبيعية منها والاقتصادية في سبيل توفير احتياجاته الاساسية ومتطلبات الحياة الضرورية في بلد يعيش ثلثي سكانه (21 مليون نسمة) بحاجة إلى مساعدات إنسانية وفق تقديرات أممية، بسبب الحرب المستمرة في البلاد للعام التاسع على التوالي.

 شجرة السيسبان

وتنتمي شجرة السيسبان (السول) الى فصيلة الكاسيا وتصنف ضمن الاشجار الشوكية المقاومة للتصحر والجفاف حيث تم استيرادها إلى اليمن من قبل وزارة الزراعة بهدف الحفاظ على الأراضي الزراعية من الرمال المتحركة “التصحر” عام 1994، حيث أن موطنها الأساسي أمريكا الجنوبية وتحديداً المكسيك.

وتتواجد شجرة السيسبان  كثيفة الأشواك في الأودية أو الأراضي المتصحّرة، وهي مخضرة طوال العام، وهذا يكشف عن مدى قدرتها هذه الشجرة على العيش في البيئة الجافة والصحراء، ورغم أن جلبها كان مكافحة زحف الرمال نحو الأراضي الزراعية، إلا أن جذورها تنمو بمعدل كبير ومتعمق للوصول للماء في أعماق التربة، خصوصاً إن كان منسوب الماء الجوفي قريباً، وبسبب تكيفها مع ظروف الجفاف انتشرت بكثرة.

وتمثل شجرة السيسبان او كما يطلق عليها المزارعون في الساحل التهامي بالشجرة “الخبيثة” تهديدا للأراضي الزراعية الخصبة والمراعي والوديان فيما تعاني الحيوانات كالأغنام وغيرها من اشواكها الجارحة التي تتسبب في إعاقة الحيوان المصاب لفترات طويلة، ومثلت شجرة السيسبان المنتشرة على طول الشريط الساحلي والوديان التهامية عائقا يعجز المزارع التهامي على حل مشكلاتها المتزايدة يوما بعد يوم.

شجرة السيسبان في تهامة: حامي الأراضي الزراعية تتحول آفه
شجرة السيسبان في تهامة غربي اليمن (ريف اليمن/ عبد العزيز محمد)

واجتاحت شجرة السيسبان مناطق زراعية واسعة في مختلف المحافظات اليمنية وأبرزها: أبين وحضرموت، والحديدة، وحجة، وتعز، نتيجة لتكاثرها وسرعة انتشارها وصعوبة اجتثاثها، ونتيجة لغياب دور السلطات في البلاد انتشرت بشكل كبير في الساحل التهامي وغيرها فيما عجز المزارعون عن مكافحتها.

ويرى مختصون سبب تكاثر شجرة السيسبان الى تدفق السيول عبر الوديان التهامية والثروة الحيوانية والطيور الناقلة لبذورها من مناطق زرعت فيها لمكافحة التصحر الى مناطق لم تكن مستهدفة اضافة الى قوة الشجرة على التأقلم مع البيئات المختلفة ومقاومتها للجفاف ونموها في درجات حرارة مرتفعة وصعوبة اجتثاثها من قبل المزارعين بإمكانياتهم وادواتهم التقليدية.

وارجع الناشط البيئي شوقي البحري “السبب في انتشار شجرة السول خلال السنوات الماضية، الى الأزمات غلاء المعيشة، ومنها غلاء المشتقات النفطية وانعدامها لأشهر طويلة، وعدم قدرة المزارعين على توفير الأدوات الزراعية الحديثة القادرة على اجتثاث الشجرة والاستفادة من احطابها”.

ورغم الإجماع حول اضرار شجرة السيسبان على الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية الى ان المزارعة “فاتنة محمد” تجني منها فوائد، وقالت انها توفر لها كمية كبيرة من الحطب، وتستخدم ثمرتها بعد طحنها بكميات قليلة للمواشي، وتستخرج منها علاج الأغنام من مرض “الجرب” الذي تصاب به.

وتعمل “فاتنة” مع مجموعة من النساء المزارعات في مناطق تهامة على تحطيب كميات كبيره من شجرة السيسبان وتحويلها الى فحم ومن ثم بيعها، ويعد هذا أحد أهم مصادر الدخل لها مع كثير من الاسر الفقيرة. على حد قولها.

تهديد للمياه الجوفية

تتبع شجرة السيسبان فصيلة البقوليات حيث يتراوح طول اغصانها الشوكية الممتد بشكل أفقي ما يزيد عن 10 أمتار فيما يصل جذورها مايزيد عن 40 متر تحت الارض ما يجعلها تشكل خطرا على المياه الجوفية وخاصة تلك التي منسوبها قريب لسطح الأرض، وهذا خطر أكبر بالنسبة لليمنيين.

ووفقا لتقرير الأمم المتحدة حول تنمية الموارد المائية لعام 2022م فإن اليمن واحدة من أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه الجوفية في العالم في إشارة الى ان نضوب المياه الجوفية يشكل أبرز التهديدات للأمن المائي والغذائي في اليمن.

وفي كثير من المناطق اليمنية يتم استخراج المياه بطرق عشوائية غير قانونية مما يؤدي الى استنزاف المياه الجوفية اضعاف نسبة التغذية الامر الذي يجعل اليمن في حال الاستمرار بهذي الوتيرة عرضة للجفاف خلال عقدين فقط وفقا للتقارير المحلية والدولية.

وقال المهندس الجيولوجي والمهتم بالمياه الجوفية في اليمن محمد الوصابي “ان الوضع مزري في اليمن نتيجة لعدة عوامل منها شجرة السول بسبب جذورها الممتدة الى المياه الجوفية في المناطق المحاذية للجبال بشكل خاصة”.

وأضاف في حديث لمنصة “ريف اليمن”، “أن المياه السطحية في المناطق المحاذية للجبال كمتوسط من 30 الى 45 متر ما يعني ان الشجرة قادرة على امتصاص كميات كبيرة من المياه متجاوزة الطبقة الحماية “المياه المالحة” التي تتواجد في بعض المناطق المحاذية للجبال على عمق 13 الى 15 متر”.

تهميش ممنهج

وتعاني مناطق تهامة في اليمن من التهميش من قبل السلطات الرسمية ولم تلقى اهتمام كافي رغم أنها إحدى اهم الموارد في اليمن، ويعد ميناء الحديدة الاستراتيجي أهم المنافذ البحرية التي تدخل إيرادات هائلة، لكن المحافظة ومزارعيها لا يستفيدون من تلك الإيرادات لتنمية مناطقهم ومساعدتهم.

وقال مسؤول حكومي في الهيئة العامة لتطوير تهامة (حكومية)، “إن الساحل الغربي يعاني من التهميش الممنهج من قبل الحكومات المتعاقبة رغم أهميتها حيث تنتج مايزيد عن 25% من الإنتاج المحلي سنوياً، بالإضافة إلا انها مورد اقتصادي مهم حتى مع استمرار الحرب”.

وفيما يخص شجرة السيسبان يرى المسؤول -الذي طلب عدم ذكر اسمه – “انها واحدة من المشاكل التي تواجه المزارع التهامي وربما تشكل خطورة على الأراضي، لكن المشكلة الأكبر ربما غياب المعدات الزراعية وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وقلة الآبار الارتوازية التي تساعد في زيادة الإنتاج اضافة الى الاسعار المتدنية للمنتجات المحلية بسبب المستوردة”.

وتبلغ مساحة الأراضي المزروعة في محافظة الحديدة 251.098 هكتار تتوزع في زراعة الحبوب والخضروات والفواكه والبقوليات والاعلاف فيما تبقى اضعاف المساحة عرضة للتصحر وشجرة السول وغيرها.

وتمثل تهامة بشكل عام المخزن الغذائي لليمن اذ تشير الاحصائيات الصادرة عن وزارة الزراعة، ان عدد الماعز أكثر من 730 ألف راسا فيما تزيد عن مليون راسا من الأغنام فيما تعد تهامة شريان الحياة بالنسبة للمواطن اليمني على مر التاريخ القديم.

المرأة الريفية.. حرمان من أبسط الحقوق

0
المرأة الريفية.. حرمان من أبسط الحقوق

تعيش المرأة الريفية في اليمن حالة من القهر منذ ولادتها كأنثى مرورا بالطفولة وحرمانها من التعليم وتقييدها بقوانين اجتماعية واسرية تحرمها من أبسط حقوقها، ومن أهم الحقوق المصادرة عليها التعليم والميراث، بالإضافة إلى التصرف الذاتي من قبل أهلها بمنعها من الزواج في بعص الأحيان لأسباب تخص ولي امرها فقط.

ونتيجة لعادات وتقاليد مازالت متجذرة يدعمها الجهل والفقر تتكبد المرأة اليمنية وخاصة في الأرياف والمناطق النائية، مشاق الحياة والأعمال الموكلة اليها دون حصولها على أبسط الحقوق، وبعضهم يحرم النساء حقها بدعوى وموروث جاهلي.

وفاقمت الحرب التي اندلعت في اليمن قبل ثماني سنوات، من معاناة المرأة اليمنية بشكل عام وافقدتها المكتسبات التي حققتها خلال الاستقرار ويأتي التعليم في مقدمة ذلك، في حين توسعت الانتهاكات المرتبطة بالجهل والفقر بشكل أساسي وكانت النساء في الريف أكثر الضحايا.

وكنتيجة حتمية للفقر أجبرت “زينب” التي تنحدر من إحدى أرياف محافظة الحديدة (غرب اليمن) على الزواج في سن 16 سنة دون تحقيق حلمها في التعليم، وقالت: “ان والدها كان يؤمن ويكرر المثل الشعبي القائل “المرأة مالها الا الزوج او القبر”. بمعنى ان ذلك مصير حتمي لا ينبغي التفكير بغيره.

أصبحت الآن “زينب” في منتصف العقد الثالث من عمرها، ومازالت تجد نفسها إحدى النساء الضحايا وأنها عانت من العادات الاجتماعية والقوانين الصارمة المفروضة من قبل رب الاسرة.

وقالت لمنصة “ريف اليمن”، “تم منعي من مواصلة التعليم الابتدائي رغم وجود مدرسة في قريتي كما تعرضت للضرب عدة مرات نتيجة لذهابي للمدرسة خفية ووصل الحال في نهاية المطاف الى منعي من الخروج نهائيا من المنزل حتى انتهاء السنة الدراسية”.

ووفقا لبيانات صادرة عن منظمات دولية وحكومية فإن نسبة 14 % من الفتيات اليمنيات يتزوجن دون سن 15 عام، فيما 54% يتزوجن في سن 18 عام مما يجعل الفتاة اليمنية عرضة للوفاة نتيجة لغياب المراكز الصحية.

وتعاني المرأة في اليمن كأنثى وكريفية حيث تختلف نظرة المجتمع حول المرأة نتيجة لعوامل عدة منها الطبقية والدينة والسياسية الى جانب العادات والتقاليد.

ويستغل كثير من أولياء الأمور عادات وتقاليد قديمة تحرم المرأة من حقوقها ويجعلها تابعة له مدى الحياة، وإذا كان الفقر سبب زواج زينب (قاصرة) فالمال سبب عنوسة جارتها نادية محمد (30 عاماً) في ريف الحديدة حيث رفض والدها زواجها رغم أن من تقدم لخطبتها من خيرة شباب قريتها حسب قولها.

وبحرقة تقول نادية لمنصة “ريف اليمن”، “لم يكتف اخواني كوني محرومة من الزواج بل عملوا على حرماني من كثير من الأراضي الزراعية التي ورثناها من والدي وبالأخص الأراضي التي نملكها في قرى بعيده عن قريتنا حيث تقاسموها ولم يعطوني شيئاً”.

ورغم أن القانون اليمني ينص على أحقية المرأة في الحصول على حقها من الميراث إلا أن غياب تطبيق وتنفيذ القانون الى جانب عادات وتقاليد المجتمع التي تعيب مطالبة المرأة عبر المحاكم يقفا حاجزا امام المرأة ويضعانها تحت رحمة الرجل وتابعة له.

وترى وئام الطيري وهي ناشطة في مجال حقوق المرأة “ان المرأة في كثير من الدول العربية تعاني من التبعية لكن المرأة اليمنية هي الأسوأ نتيجة لاختلال في القانون اليمني والذي يستخدم في كثير من الأحيان ضد المرأة ويقف حاجزا امام تطلعاتها”.

وقالت في حديث لمنصة “ريف اليمن”، “ان المرأة الريفية تعيش حياة متعبة فائقة الوصف وبعيدة كل البعد عن ادراكنا وكأنها تعيش في عالم موازي لا نستطيع تقبله او فهمه حتى”.

منع من الزواج

ويرفض بعض اوليا الامور تزويج بناتهم لأسباب مختلفة دون اكتراث لحقها كامرأة بالزواج، وذلك نتيجة للجهل والذكورية المتسلطة على النساء، ويتشارك في هذا الظلم غياب دور التوعية الاجتماعية والدينية المنضبطة في بعض الاسر التي تمارس هذا الانتهاك لحق المرأة.

ووفقا لتصورات خاطئة وعادات وتقاليد عملت على تقسيم المجتمع لطبقات برزت معظم الانتهاكات التي تمارس بشكل عام في المجتمع، فيما تحملت المرأة اليمنية تبعات تلك الاعراف أكثر من غيرها الأمر الذي يضاعف من معاناتها ويجعلها عرضة للظلم، ويرفض بعض أولياء الأمور تزويج بناتهم وان كانت الشروط المتعارف عليها مجتمعياً و دينياً متوفرة فيمن يتقدم لهن.

ونتيجة للعادات والتقاليد فقد حرمت (فاطمة) ـ اسم مستعارـ من الزواج نتيجة لرفض والدها زواجها من شاب لا ينتمي الى طبقة عائلتهم، فيما حظيت شقيقاتها بأزواج من نفس العائلة التي حددتها تلك الاعراف ووافق عليهم والدها.

وأرجعت الطيري، سبب رفض كثير من أولياء الأمور زواج بناتهم الى الوضع المعيشي الصعب في اليمن والخوف من فقدان أحد الأفراد العاملين في توفير احتياجات الاسرة ومتطلباتها الاساسية.

وأضافت “يخشى كثير من أولياء الأمور تحول ممتلكاتهم الى خارج الأسرة فيعمد الى رفض من يتقدم لطلب الزواج فيما تدفع المرأة المكبلة بقيود العادات والاعراف ثمن ذلك الجشع والأنانية والجهل بسعادتها وحرمانها من كل مسرات الامومة التي خلقت من أجله”.

ودفعت المرأة اليمنية ثمن باهض نتيجة للانتهاكات المتواصلة الناتجة عن الحرب الدائرة في اليمن منذ مطلع 2015، ووفقا لمنظمات دولية ومحلية فقد قتل ما يزيد عن 3 آلاف امرأة منذ مطلع 2015 فيما جرحت ما يزيد عن 5 ألف امرأة في مناطق متفرقة من اليمن.

المزارعون يتطلعون لتحقيق الاكتفاء الذاتي مع حلول الموسم

0
ماهو المقلح في اليمن؟
مزراع في ريف إب يعمل في أرضه الزراعية (منصة ريف اليمن)

مع هطول الأمطار الموسمية في ريف مدينة إب، أواخر آذار/ مارس الماضي، استبشر المزارع علي يحيى (55 سنةً) خيراً بموسم زراعي أفضل، فهو كما المئات من المزارعين اليمنيين يتطلع إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب المتنوعة، والتعويض عن تراجع المحاصيل الزراعية خلال السنوات الماضية.

وقال يحيى لـ “منصة ريف اليمن”: “بعد أن قضيت فترة طويلة في إصلاح الأرض وتهيئتها للزراعة، تمكنت منتصف نيسان /أبريل من غرس البذور في المزرعة التي تبلغ مساحتها (400 متر مربع)، وتقع في إحدى وديان قريتي التي أسكن فيها مع أفراد العائلة بمنطقة السياني جنوب محافظة إب الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي.

وفي بداية نيسان/ أبريل يبدأ المزارعون في ريف محافظة إب (وسط اليمن) في غرس الثمار في الوديان، والحقول والجبال، بعد إصلاح الأراضي وتجهيزها للزراعة، حيث يعد شهر نيسان هو موسم غرس البذور بمختلف المناطق الريفية إذ تعتمد غالبية المجتمعات الريفية على الزراعة بدرجة أساسية خصوصاً عقب تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين بفعل استمرار الحرب المندلعة في البلاد منذ أكثر ثماني سنوات.

يشكل اليمنيون الذين يعملون في القطاع الزراعي الشريحة الأوسع في البلاد فهي المصدر الأول للدخل لنحو 73.5% من السكان، سواء بصورة مباشرة من خلال الزراعة أو غير مباشرة من الأنشطة ذات العلاقة بالخدمات والتجارة أو التصنيع، وتساهم بحوالي 80% من الدخل القومي اليمني، وتوفر فرص عمل لحوالي 54% من القوة العاملة في أنحاء البلاد.

يعلق الخبير الاقتصادي اليمني رشيد الحداد قائلاً لـ “منصة ريف اليمن”: “غالبية السكان في المناطق الريفية يعتمدون على الزراعة لذلك ينبغي الاستفادة من موسم الامطار لتحقيق أعلى معدل انتاجية، ويجب على الجهات المعنية في الدولة تقديم الدعم للمزارعين وتفعيل دور مختلف المكاتب الزراعية ومضاعفة الارشاد الزراعي في مختلف وسائل الإعلام.

ثم يضيف: “اليمن بلد زراعي بامتياز، واليمنيين بطبعهم فلاحون، والنشاط الزراعي يحتل المرتبة الأولى وعقب اندلاع الحرب وتدهور الأوضاع الاقتصادية كان العمل في المجال الزراعي هو ملاذ الكثير من سكان المناطق الريفية”.

نيسان موسم غرس البذور

في 20 نيسان /أبريل الماضي كان المزارع أحمد ناجي (60 سنةً) على موعد مع غرس البذور في المزرعة الخاصة به والتي تبلغ مساحتها (300 متر مربع)، وتقع بوادي يطلق عليه السكان “المساعيد” إحدى وديان قريته التي يعيش فيها مع أسرته بمنطقة السياني جنوب مدينة إب وسط اليمن.

يتحدث ناجي لـ “منصة ريف اليمن” باللهجة العامية التي يستخدمها المزارعون هناك فيقول: “إذ جاء نيسان لا تخبر إنسان تلام جبل ووادي”، يعني بذلك أن شهر نيسان هو موعد زراعة الثمار في الاراضي والوديان، حيث أن المزارعين يبدوان في غرس المحاصيل المتنوعة مثل الذرة البيضاء، والذرة الشامية والبقوليات مثل، الفول، والفاصوليا، بعد إصلاح الأرض وتهيئتها للزراعة.

يشرح ناجي مراحل غرس البذور في المناطق الريفية فيقول: “يبدأ المزارعون منذ الأيام الأولى من شهر نيسان في زراعة الحبوب (الذرة البيضاء) في الأراضي التي تقع في سفوح الجبال ثم تليها الذرة الشامية في الوديان والحقول، ويمر نمو البذور عقب زراعتها بمراحل متعددة تتطلب الاعتناء والعمل حتى موسم الحصاد بعد مرور ستة أشهر، لتبدأ مرحلة حصد الثمار التي يطلق عليها المزارعون أيام الخير”.

وتتصدر زراعة الحبوب الغذائية المرتبة الأولى في قائمة المحاصيل الزراعية في اليمن بنسبة 47% من إجمالي المساحة الزراعية في اليمن وتحتل نصف المساحة الزراعية للمحاصيل المتعددة في البلاد إذ تشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء لعام 2017 بأن الحبوب تستحوذ على مساحة 512,666 ألف هكتار من اجمالي مساحة المحاصيل الزراعية لليمن البالغة 1,084,008 مليون هكتار.

السعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي

يسعى كلٌ من يحيى وناجي ومعهم المئات من المزارعين في ريف محافظة إب إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب المتنوعة لنحو سنةٍ كاملة، إذ أن غالبية السكان يعتمدون على الزراعة في تأمين الغذاء لأفراد عائلاتهم، ولا يمتلكون مصادر دخل أخرى.

يقول ناجي لـ” منصة ريف اليمن” بأن: “إجمالي المحاصيل الزراعية التي كان يحصل عليها في السابق كافية لإطعام أسرته لسنة كاملة حتى يعود الموسم الزراعي من جديد في أن الاحتياجات الأخرى مثل السكر والزيوت فهو يشتريها مما يحصل عليه من بعض أولاده الذين يعملون بالأجر اليومي بمهن مختلفة”.

يلفت ناجي إلى تراجع كمية المحاصيل الزراعية خلال السنوات الماضية نتيجة تراجع هطول الأمطار الموسمية وذلك انعكس سلباً على المحاصيل المتنوعة التي تراجعت إلى أقل من النصف وهي بذلك لا تكفي لإطعام أسرته حتى لنحو 5 أشهر.

خلال سنوات الحرب التي تعصف بالبلاد منذ تسع سنوات شهد القطاع الزراعي تدهوراً كبيراً، إذ تقول وزارة الزراعة والري في صنعا، بأن إجمالي الخسائر الناجمة عن الحرب والحصار، الذي لحق بالقطاع الزراعي، بلغ 111 مليار و279 مليون و271 ألف دولار خلال السنوات الماضية.

ويشكو المزارعون في اليمن من ارتفاع أسعار الوقود، وغلاء الاسمدة، والمبيدات الزراعية، ومضاعفة الضرائب والجمارك الحكومية التي تفرضها السلطات المختلفة. ومؤخراً برزت مشكلة التغيرات المناخية والتي بدأت مؤشراتها بالظهور في الآونة الأخيرة وهو ما انعكس سلباً على الثمار وتفاقمت معاناة اليمنيين العاملين في الزراعة بشكلٍ غير مسبوق.

ضواحي صنعاء.. متنفس صيفي للسكان بلا خدمات

0

قرر “محمد السعيدي” مع أسرته المكونة من زوجته وأبنائه الثلاثة في رابع أيام العيد الذهاب إلى منطقة “بيت الكبش” في الحيمة الداخلية غربي العاصمة صنعاء للاستمتاع بالمناظر الخلابة، والطبيعة التي تتمتع بها المنطقة وبحثاً على متنفس يقضى فيه وقتاً هادئاً.

وتحولت ضواحي العاصمة اليمنية إلى متنفس للسكان في المدينة المكتظة، في ظل عدم وجود متنزهات ومنتجعات كافية، حيث تشهد الحدائق المحدودة خلال أيام الاجازات والاعياد ازدحام خانق، وهو ما جعل الخروج إلى الريف كخيار أفضل لليمنيين.

“كانت الخضرة والشلال وجمال المكان في الصور التي شاهدها محمد على وسائل التواصل الاجتماعي السبب الرئيسي في حماسه لزيارة المنطقة وكانت الحقيقة أجمل حيث الهواء النقي والهدوء وقضاء وقت جيد برفقة العائلة”، بحسب حديث لمنصة “ريف اليمن”.

ضواحي صنعاء

ويزداد إقبال الزوار إلى منطقة “بيت الكبش” بشكل كبير في فصل الصيف تحديداً حيث ذروة اخضرار الطبيعة وجريان المياه في الأودية، خصوصاً من قبل العائلات التي تبحث عن الاستمتاع بالطبيعة والترويح عن نفسها، حيث شلال المياه المرتفع والطبيعة الخلابة والهواء النقي.

لكن السعيدي، الذي يزور “بيت الكبش” لأول مرة، انصدم من رداءة الطريق المؤدي للمنطقة، والذي كان مليئاً بالحفر والشقوق، وقال: “للأسف رغم جمال الطبيعة والتي تجذب أي زائر، الا ان الطريق الواصل لتلك المناطق وعرة جدا وبسبب عدم وجود أي بنية تحتية للسياحة هناك ازدحام وعشوائية”.

وقال، إذ أنه لم يشعر بالخصوصية والراحة مع عائلته؛ بسبب الزحمة الشديدة وافتراش الناس للأودية والجبال بشكل غير منظم، ما اضطره لقطع مسافة طويلة سيراً على الأقدام؛ للبحث عن مكان له ولعائلته”، رغم استمتاعه بالمكان، إلا أن السعيدي كان مستاءً من ضعف البنية التحتية وعدم توفر الخدمات الأساسية في المنطقة، حيث لا يوجد لا مطاعم ولا بقالات ولا أي وسائل للنقل.

وشهدت غالبية المحافظات أمطاراً مستمرة وهو ما زاد من جمال الريف حيث اخضرت الوديان والمزارع وامتلأت العيون والسدود، الأمر الذي كان له الدور الأكبر في زيادة نسبة الزائرين لضواحي صنعاء.

ضواحي صنعاء.. متنفس صيفي للسكان بلا خدمات
خيام مطلة على شلال بني مطر في ضواحي صنعاء، 2023 (ريف اليمن)

متنزهات واسعة بلا مقومات

لا تقتصر الرحلات في صنعاء على بيت الكبش فقط؛ إنما تختار الأسر أن تستمتع في أماكن عدة؛ أبرزها: الأهجر (على طريق المحويت، غربي صنعاء)، وشلال وسد بني مطر (غربا)، وسد شاحك (شرقا).

“أيمن العريقي”، اختار الذهاب مع عائلته إلى شلال بني مطر لقضاء وقت ممتع بمشاهدة السد والشلال، لكن الخوف ظل ينتابه عند رؤية الناس يقتربون من ضفاف السد دون وجود سياج لحماية الناس من السقوط. وقال: “أن سد وشلال بني مطر بحاجة لبناء حواجز، وتواجد لقوات الدفاع المدني لمنع السباحة، أو حتى إنقاذ الغرقى خصوصاً في فترة العيد”.

وتتزايد حالات الغرق في سدود صنعاء حيث لا يمر عام دون تسجيل عدد من الوفيات بالغرق، في مشكلة بالغة لم تضع السلطات لها حلولاً عدا لوحات إرشادية صغيرة على ضفاف السدود تحذر من السباحة.

وكان الدفاع المدني في صنعاء قد حذر خلال العيد جميع الزائرين والمتنزهين من السباحة في السدود والحواجز المائية كونها غير صالحة للسباحة أو الاقتراب من ضفاف السدود. ووفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، فقد توفي 31 شخصا وأصيب 37 آخرين، فيما تم تسجيل ثلاثة آخرين في عداد المفقودين جراء الامطار خلال شهر إبريل الماضي.

وتعد السدود والحواجز المائية إحدى الأماكن التي يذهب إليها المواطنون، في الوقت الذي يطلق فيه الأرصاد اليمني والدفاع المدني تحذيرات متواصلة من السباحة في السدود أو الحواجز المائية، أو التواجد في ممرات السيول، وأخذ الحذر من المنعطفات الجبلية بسبب تزايد حالات الانزلاق.

“محمد قاسم” اختار وجهة أخرى حيث زار مع عائلته وادي “حضور”، والذي يقع شمال غربي العاصمة صنعاء ويبعد عنها بنحو 60 كيلو شمال غربي صنعاء، وقال لـ منصة “ريف اليمن”: “المكان جميل جدا في منطقة ريفية هادئة لكن للأسف لا شيء يدعوك للبقاء بسبب الخوف من هطول الامطار وعدم وجود أي خدمات”.

وأضاف: “لا يوجد للوادي سوى مدخلين الأول ضيق وترابي ولو هطلت الأمطار ممكن السيارة تتوقف عن الحركة في الطين، والثاني عن طريق الجبل ووعر جداً وصعب تنزل منه السيارات الصغيرة وحتى الكبيرة في خطورة شديدة ومغامرة”.

وعن عدم توفر الخدمات، قال قاسم “إذا نسيت بعض الاحتياجات للأكل مثل ما حدث معي، تضطر للعودة عبر الطريق الوعرة وقطع مسافة اثنين كيلو متر في الطريق المعبدة للوصول إلى أقرب سوق لشراء احتياجاتك، في ظل انعدام تام للخدمات”.

سعادة الأهالي بالزوار

من جانب آخر، يشعر أهالي تلك المناطق بالسعادة عند رؤية العائلات تتوافد إلى منطقتهم؛ حيث يتمكنون من تسويق منتجاتهم الزراعية وتحقيق دخل إضافي، بالإضافة إلى أن البائعين في الدكاكين الصغيرة بالقرى الريفية حيث يزدحم الزوار للشراء منهم رغم أنهم لا يوفرون كافة الاحتياجات.

وقال “على الحاج” أحد أبناء منطقة الأهجر (70 كيلو غرب صنعاء) إنهم يستبشرون بقدوم الزائرين خصوصاً في الأعياد، لأن ذلك يمكنهم من تسويق منتجاتهم الزراعية كالفرسك (الخوخ) والبرقوق والتين، بشكل كبير سواء بعرضها في الطرقات أو إرسال أطفالهم بشكل مباشر إلى العائلات المتواجدة في المنطقة.

وأضاف في حديث لـمنصة “ريف اليمن”، “ليست المبيعات فقط هي ما تفرحهم، لكن مشاهدة منطقتهم أصبحت مزاراً ومتنزهاً للناس فذلك يبهجهم أيضاً”. واستدرك بالقول “بالرغم من سعادتهم بقدوم الزائرين إلا أنهم يستاؤون من المخلفات البلاستيكية الذي تتركها العائلات مؤثرة بشكل سلبي على الأراضي الزراعية”.

من جانبه قال مسؤول في وزارة السياحة – طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث للإعلام – “ان الوزارة بلا ميزانية للعمل منذ اندلاع الحرب مما يجعل دورها غائب في تلك المتنزهات التي يكتظ فيها الزوار وخاصة في ضواحي العاصمة صنعاء”، واضاف لمنصة “ريف اليمن”، “نحتاج لتعاون كبير من اجل الاهتمام في هذه الأماكن وحالياً ليست أولوية”.

وفي تلك الشلالات لا تتوفر أدنى مقومات حماية الناس على الأقل في توفير سواتر حديدة كحماية لانزلاق السيارات في المناطق التربية، وفي 27 مايو/ أيار الماضي توفي خمسة أشخاص غرقاً بمياه شلال بني مطر في محافظة صنعاء، إثر سقوط سيارتهم في بحيرة الشلال بعد أن تدرجت من منحدر جبلي.

وأعلنت وزارة السياحة في حكومة صنعاء (غير معترف بها دوليا) أن عدد زائري الحدائق والمقاصد السياحية والأثرية خلال العيد بلغ 9 ملايين و280 ألف زائر، 45% منهم استقبلتهم المقاصد السياحية والأثرية، و30% من إجمالي عدد الزوار شهدتهم أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء.

مدينة عزان في شبوة.. العُمران بين الماضي والحاضر

0
مدينة عزان في شبوة.. العُمران بين الماضي والحاضر

“عزان” مدينة في محافظة شبوة شرقي اليمن، تعد من المدن التأريخية ويوجد فيها مباني قديمة بنيت على مرتفعات صخرية، وهناك قرى وحصون منتشر في عدد من المناطق اليمنية بذات الاسم وكلها مرتفعة.

في هذا التقرير المصور نترككم من العُمران في المدينة بين الحاضر والماضي، والذي يبدو أن الماضي كان البنيان أفضل وأقوى ويكشف عن حالة من الرخاء والاستقرار في البناء الشاهق المرتفع، بينما العُمران الحالي عشوائي ومتواضع إلى حد كبير.

وتتبع مدينة عزان إداريا، مديرية ميفعه في شبوة والتي يوجد فيها العديد من المعالم التأريخية، ومن أبرزها “نقب الهجر” وهو مبني من الحجارة الضخمة التي تزن الواحدة منها مئات الكيلوجرامات، وفيها أيضاً مدينة ميفعة العاصمة الأولى لدولة حضرموت الكبرى التي اسسها ال يهبئر حمير عام 1300 قبل الميلاد وتعد امتداد لمملكة حمير الاولى والتي تأسست على أنقاض المعانيين في ظفار الشرق 3,200 قبل الميلاد.

منصة ريف اليمن تنشر لكم هذه اللقطات، التي صورها  أمجد أبو داحس،  في يونيو/ حزيران 2023. ونقلناها من صفحته على فيسبوك.

مدينة عزان في شبوة.. العُمران بين الماضي والحاضر

هذه الصورة للشوراع ذات العٌمران الجديد في وسط المدينة

قاع القيضي.. ضواحي صنعاء المهددة بالزحف العمراني

0
قاع القيضي.. ضواحي صنعاء المهددة بالزحف العمراني

منطقة قاع القيضي تقع في ضواحي العاصمة صنعاء، مازالت تحافظ على حيويتها الطبيعية الخلابة، إلا أن الزحف العُمراني العشوائي يتجه نحوها بشكل متسارع، حيث زادت عمليات البيع للأراضي فيها كعقارات للبناء، والتي انتشرت في إعلانات الانترنت بشكل لافت.

تصوير: أكرم تاج الدين، يونيو/ حزيران 2023 في قرية الدار البيضاء ضمن منطقة “قاع القيضي”.

قاع القيضي.. ضواحي صنعاء المهددة بالزحف العمراني

المحابشة في حجة والطبيعة الساحرة

0
محافظة حجة.. تنوع طبيعي فريد
جانب من مدينة المحابشة في حجة

تقرير مصور للطبيعة الخلابة في مديرية المحابشة في محافظة حجة شمال غربي اليمن، حيث حلتها الصيفية الخضراء، في جمال رباني مذهل، في هذه المنطقة الجبلية يبني السكان منازلهم في المرتفعات الجبلية التي تعانق السحاب بعلوها الشاهق منذ القِدم، والتي تكشف غريزة البقاء المتجذر في تلك المناطق ذات التضاريس الوعرة والطبيعة الساحرة.

تصوير: عبد السلام الأشول مايو/ آيار 2023.