تلعب المرأة الريفية في اليمن دورًا محوريًا في تعزيز الاقتصاد المحلي؛ إذ نجحت كثير من النساء في تحويل التحديات المعيشية إلى فرص حقيقية ساهمت في تحسين مستوى حياتهن وأسرهن، وفرض حضورهن كشريكات فاعلات في التنمية.

في محافظة لحج (جنوبي اليمن)، تمكّنت السيدة رانيا من إطلاق مشروعها الخاص في صناعة العطور والعود المعطر، رغم بدايتها المتواضعة بموارد محدودة، ومع مرور الوقت استطاعت تطوير مشروعها وتوسيعه بفضل إقبال الزبائن، ودعم السوق المحلي.

المشاريع الخاصة

تقول رانيا لمنصة ريف اليمن: “منذ بدأت العمل والترويج للمشروع عبر المحلات والملصقات والمنشورات، زاد عدد العملاء، وارتفعت الأرباح”. وتتابع: “التحقت بعدة دورات في ريادة الأعمال واستفدت منها كثيرًا، وأسعى دائمًا للتميُّز والإبداع”.


      مواضيع ذات صلة


لا تقتصر مبادرات النساء في لحج على العطور فقط، فقد تنوعت المشاريع لتشمل صناعة المعجنات؛ كالخمير، الخبز، اللحوح، وحتى القرمش اللحجي، وبحسب رانيا فإن “كثيراً من النساء بدأن مشاريعهن لتحسين دخل الأسرة، مستفيدات من مهاراتهن في الحِرف اليدوية والمأكولات الشعبية”.

“قدريّة حسن”، هي الأخرى، تمكنت من افتتاح مشروعها الخاص؛ إذ اختارت مشروعًا فريدًا ينبض برائحة التراث، بدأت بتصنيع “المشاجب” وهي أدوات خشبية تقليدية تستخدم لتعليق الملابس وتبخيرها، وتُعد من مكونات البيت اللحجي الأصيل.

المشاريع الخاصة: أمل نساء الريف لتأمين سبل العيش
معرض نسوي أقامه الاتحاد العام لنساء اليمن في محافظة عدن جنوب اليمن (ريف اليمن)

تقول قدرية لمنصة ريف اليمن: “بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، قررت إطلاق مشروع خاص، وجاءتني فكرة تصنيع المشاجب، وبمساعدة والدتي بدأت التنفيذ”. وأضافت: “أضفت لمساتي الخاصة باستخدام ألوان وأقمشة متنوعة؛ لإظهار المشاجب بشكل جميل وجاذب”.

نساء الريف والدور الريادي 

تؤكد “حنان البدوي”، مديرة إدارة المرأة والطفل في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بمحافظة لحج، أن المرأة الريفية ليست فقط عمود الأسرة، بل شريكاً أساسياً في التنمية.

وتضيف: “النساء في لحج يمثلن نموذجًا حيًا للصمود، ويواصلن الكفاح رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية”، مشيرة إلى أن امتلاك المرأة لمشروع خاص يمنحها استقلالًا ماليًا، ويمكِّنُها من اتخاذ القرارات داخل الأسرة والمجتمع، ويعزز دورها في الأسرة والمجتمع، كما يسهم في التخفيف من العنف والنزاعات الأسرية، وخلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا”.

ولفتت في تصريح خاص لمنصة ريف اليمن إلى أن “دعم المرأة الريفية بمشاريع خاصة يحقق التنمية المستدامة من خلال تنشيط الاقتصاد المحلي، والحفاظ على الحرف اليدوية والزراعة التقليدية؛ الأمر الذي يثري التراث المحلي، ويخلق مصادر دخل مستدامة”.

من جهتها، أكدت “نادية حميد”، مديرة إدارة المرأة بوزارة الزراعة والري، على أهمية دعم المرأة الريفية وتمكينها اقتصاديًا، ودعمها بالمشاريع الصغيرة، مشيرة إلى أن النساء يشكّلن أكثر من 70% من الأيدي العاملة في القطاع الزراعي، ورغم ذلك فإن عملهن غالبًا ما يكون دون أجر، أو بأجور أقل من الرجال.

وأوضحت حميد أن المرأة الريفية تمتلك القدرة على العمل والانجاز في كل الظروف، وقادرة على الإبداع والإنتاج رغم قلة الإمكانات، لكنها بحاجة إلى دعم حقيقي، وتمويلات صغيرة تساعدها في تطوير مشاريعها، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي لأسرتها؛ ما ينعكس على تحسين وضعها الاجتماعي والصحي.

وفي حديثها لمنصة ريف اليمن، أشارت حميد إلى وجود صعوبات تعيق تطوير قطاع المرأة الريفية، من بينها غياب التمويل، وعدم تنفيذ الخطط السنوية رغم اعتمادها رسميًا، بالإضافة إلى ضعف البرامج التدريبية للكوادر في إدارة تنمية المرأة الريفية بالمحافظات، وعدم توفر ميزانية تشغيلية.

عوائق وتحديات

مؤكدة أن “تلك التحديات تنعكس سلبا على تطوير المرأة الريفية، والنهوض بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية بسبب عدم تلقيها أي دعم إرشادي أو تدريبي، الأمر الذي يُسهم في إضعاف قدرتها على تسويق منتجاتها الزراعية والحرفية، والمنافسة؛ نتيجة ضعف المهارة الفنية، وضعف تلبية احتياجات السوق”.

المشاريع الخاصة.. أمل المرأة الريفية في بناء مستقبل أفضل
التحديات التي تواجهها المرأة تنعكس سلبا على تطويرها والنهوض بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية (ريف اليمن)

وشددت على أهمية إشراك الإدارة العامة لتنمية المرأة الريفية في البرامج والفعاليات الخاصة بالتنمية الريفية عامة، والمرأة الريفية خاصة، بالإضافة دعم الخطط والبرامج وتقديمها للجهات المانحة؛ لضمان شمول المرأة في التمويل والخطط التنموية.

كما تطرقت إلى ضرورة إشراك الإدارة العامة في الاجتماعات واللقاءات الخاصة بالتنمية الريفية مع المانحين والمنفذين لبرامج المرأة الريفية خاصة، واعتراف قيادة الوزارة بدور الإدارة العامة ومهامها في تنفيذ أنشطة وبرامج المرأة الريفية، وتقديم الدعم اللازم”.

وفي ختام تصريحها أوصت حنان البدوي بأهمية توجيه الدعم إلى مشاريع المرأة الريفية المرتبطة بالقطاع الزراعي؛ لما لها من أثر اقتصادي مباشر، داعية إلى تقديم تسهيلات مالية، وتدريب وتأهيل النساء، إلى جانب الترويج للمشاريع الناشئة التي من شأنها أن تترك أثرًا إيجابيًا واسع النطاق في المجتمعات الريفية.

وفي تقرير سابق للمنتدى الاقتصادي العالمي، فإن الفجوة بين الجنسين في اليمن هو الأعلى في العالم، خصوصاً في المشاركة الاقتصادية والتعليم والدخل، على الرغم من زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، واعتماد الأسرة المستمر عليها كمقدمة للرعاية.