مردد أهازيج زراعية تراثية، بدأ الحاج محمد أحمد(70عاماً) حصاد أرضه بريف محافظة تعز جنوب غربي اليمن، مستبشرا بما ستهديه أرضه من محاصيل الذرة البيضاء، والحمراء، بعد موسم شهِد الكثير من الصعوبات، والتغيرات المناخية التي تنوعت بين جفاف، وأمطار، وسيول.
ويبدأ موسم الحصاد بريف تعز مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني، ويتسابق المزارعون في الصباح الباكر نحو الحقول والوديان الزراعية، حاملين بعض الأدوات الزراعية التقليدية التي يستخدمونها مثل (المنجل، والكوافي المصنوعة من عزف النخيل للوقاية من حر الشمس).
موسم مختلف
يعتمد المزارع محمد ومعه المئات من المزارعين في المناطق الريفية على الزراعة بدرجة أساسية في تأمين الغذاء لأفراد عائلاتهم فهي مصدر دخلهم الوحيد في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، جراء تداعيات الحرب التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.
يستبشر الحاج أحمد بموسم مختلف، لكنه يقول لمنصة ريف اليمن: توقف هطول الأمطار لأكثر من شهر في موسم هذا العام انعكس سلباً على بعض المزارعين، وتسبب بتراجع المحصول في حين تمكن بعضهم من تحقيق محصول وفير بسبب خصوبة الأرض التابعة لهم والاهتمام بها طوال أيام الموسم”.
مواضيع مقترحة
بسبب التغيرات المناخية.. هل تتغير مواسم الزراعة؟
زراعة القمح في صَبِرْ تجربة واعدة للإكتفاء الذاتي
محصول وفير للحبوب في ريف إب
ويضيف”: نخرج صباحا من المنزل ونعود مساء، نأخذ معنا الزاد، أو نفوّض من يلحق به عندما يحين موعد الغداء، منوها أن هذا العمل يقوم به المزارعين الذين يمتلكون وديان تبعد مسافة عن منازلهم.
ويردف بلغة المزارع المثابر:” أكرم الارض تكرمك” في إشارة إلى بذل الجهود الكبيرة في القيام بإصلاح الأراضي الزراعية والاعتناء بها منذ بداية الموسم الزراعي حتى موسم الحصاد”.
أما أم شعيب إحدى المزارعات بريف تعز فتقول إن:”موسم الحصاد (الصراب) يعني لها الكثير، فهو يساهم في تأمين الغذاء لأفراد العائلة، والأعلاف للماشية لنحو عام كامل حتى عودة الموسم الزراعي في العام المقبل”.
وتتفاوت أدوار الرجل والمرأة في عملية الحصاد، إلا أن حضور المرأة يعتبر ركيزة أساسية، كونها تتحمل دورا أكبر فتقوم بالحصد، ونقل المحاصيل من الوديان، وبعدها تنقل الزرع، إلى المنزل.
وتشير إحصاءات البنك الدولي إلى أن النساء يشكّلن نحو 50% من القوى العاملة الزراعية في اليمن، وهي نسبة تمثل 70% من القوى العاملة في المناطق الريفية في البلاد، ويعتمد غالبية سكان الأرياف في الغذاء على المحصول الزراعي بدرجة أساسية.
وفي ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها المزارعون تقول أم شعيب لو عاد المطر وعاد الخير كما كان قبل عشر سنوات فقد يعود الناس للاعتماد على الزراعة مجددا “. والحصاد هو جوهر الموسم، وثمرة عمل وكفاح أيام متواصلة امتدت لنحو ستة أشهر.
طُرق الحصاد
تختلف أساليب حصد المحاصيل باختلاف نوع المحصول، فالذرة الحمراء، (الغَرٍب)، يتشابه في طريقة حصاده مع محصول الدخن، وتتم عملية جني ثمار الغرب والدخن بقطف السنبلة والزروع واقفة وهي طريقة سهلة في الغالب تقوم بها النساء.
أما محصول الذرة البيضاء، فيتم قطف الزرع ووضعه في الأرض، ثم يتم قطف السنبلة، وترك الزرع يتعرض للشمس حتى يتغير لونه جزئيا من اللون الأخضر إلى الأصفر، بعدها يتم جمعه ورصفه بطريقة منظمة كي يتم اعطائه للمواشي في بقية العام.
وفي مرحلة تجمع بين المحاصيل، هي بعد قطف السنبلة، يتم وضع سنابل كلاً من الذرة والغرب والدخن تحت أشعة الشمس لأيام على أسطح المنازل، كي يتم إخراج الحبوب من السنبلة إما عبر ضربه بالعصي داخل أماكن مخصصة، أو بآلات حديثة.
ويقول المزارع عبد الله السلمي لمنصة ريف اليمن “خلال القيام بإخراج الحبوب يقوم الناس بفحص السنابل واختيار الأفضل منها، من أجل اختيار بذور سليمة للسنة القادمة وهي آخر مرحلة من مراحل الحصاد”.
أهازيج وصعوبات
ويمارس المزارعون تلك الأنشطة الزراعية وسط هتافات وأهازيج شعبية تعتبر جزء من الطقوس المهمة والمحفزة التي يستخدمها المزارع الريفي بمحافظة تعز خلال فترة الحصاد، كما يقول جهاد السامعي، بأن الأهازيج الشعبية تعد نغمة المزارع اليمني بشكل عام”.
بالإضافة إلى تداعيات الحرب وتأثيرها على المحاصيل الزراعية، يواجه المزارعون في المناطق الريفية بمحافظة تعز تحديات متعددة أبرزها شحة الأمطار، وهي من أهم العوامل التي أثرت على المحصول الزراعي خلال السنوات الماضية، وهو ما أثرا سلبا على الحالة الاقتصادية خصوصاً على المواطنين الذين يعتمدون كليًا على الزراعة.
كما يؤثر التراجع الزراعي السنوي غير المنتظم – كما يصفه المزارعين- على الحالة الاقتصادية لمن يعتمدون كليًا على الزراعة، مما جعل أغلب من كانوا يعتمدون على هذا الطريقة يعزفون منها، واضطروا إلى شراء المستورد من الخارج.
وتعد الذرة الرفيعة من محاصيل الحبوب التي تشتهر اليمن بزراعتها، وتنتشر زراعتها في المناطق الباردة أو المائلة للبرودة، وتعتمد في كثير من المناطق اليمنية على الأمطار التي ترافق الموسم الزراعي. وبحسب المركز الوطني للمعلومات، تبلغ المساحة الصالحة للزراعة في الجمهورية اليمنية 1539006 هكتار، فيما تمثل المساحة المزروعة منها حوالي 1241387 هكتار.