المرأة الريفية اليمنية: قصة كفاح مُلهمة

تمكين المرأة في الإنتاج يعزز الاستدامة البيئية والتنمية الشاملة

المرأة الريفية اليمنية: قصة كفاح مُلهمة

تمكين المرأة في الإنتاج يعزز الاستدامة البيئية والتنمية الشاملة

لم تستسلم المرأة الريفية في اليمن للتحدّيات التي تواجهها باستمرار، بل شقّت طريقها بكل تحدٍّ وإصرار، وتمكنت من تحقيق قصص نجاح ملهمة بتأسيس مشاريع زراعية وحيوانية وحرفية. وعلى مدى سنوات الحرب، كان لها دور كبير في التنمية، وذلك بالعمل الجاد والكفاح والصبر، والإسهام في تأمين الغذاء، والوقوف إلى جانب الرجال بالزراعة والمشاريع الاستثمارية المتنوعة.

وبمناسبة يومها العالمي، تستعرض منصة ريف اليمن قصص نجاح ملهمة لنساء ريفيات تمكنَّ من تجاوز المعوقات، وبدأن مشاريع مختلفة ليؤكدن أن المرأة الريفية ليست عاملة وحسب، بل هي ركيزة أساسية في المجتمع، ومُسهمة فعالة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

المرأة والزراعة

السيدة هبة أحمد (32 عامًا)، من عزلة القَرَّيْشة بريف محافظة تعز، مثالٌ حي على الكفاح والمثابرة؛ إذ تمكّنت من تأسيس مشروعها الخاص، المتمثل بزراعة الأرض بمحاصيل مختلفة، مثل: الذرة والذرة الحمراء وتربية المواشي، ولكن مشروعها يعاني من تقلبات في المحصول السنوي.


     مواضيع مقترحة


تذكر هبة، التي تُعد المعيل الوحيد لأفراد أسرتها المكونة من والدتها و6 شقيقات وطفلين، لمنصة ريف اليمن أنها تلقت تدريبًا في مجال الزراعة من “منظمة التنمية الزراعية”، وهو ما كان له أثر إيجابي على نجاحها في المشروع، مشيرة إلى أنها تواجه صعوبات وتحديات كثيرة، لكن العزيمة والإصرار أسهما في استمرارها في العمل الزراعي.

ولفتت هبة النظر إلى تأثير ارتفاع أسعار الخدمات الزراعية، بالإضافة إلى التغيرات المناخية، لا سيما أن تأخّر هطول الأمطار يؤثر سلبًا على المحاصيل. ولمواجهة ذلك، تعمل على قلب التربة كما كان يُطبق لتكييف المحصول مع الريح.

تحلم هبة بتحقيق طموحاتها وتحسين وضعها وتنمية مشروعها، وتنصح النساء بعدم اليأس، والسعي الدؤوب لتحقيق أهدافهن، كما تأمل هبة في أن يولي صانعو القرار اهتمامًا أكبر بمشاريع النساء الريفيات، مما يُسهم في تحسين أوضاعهن، معتبرة أن المهارات الأساسية، مثل الزراعة الخياطة والأشغال اليدوية، ضرورية للنساء الريفيات.

وتشير إحصاءات البنك الدولي إلى أن النساء يشكّلن نحو 50% من القوى العاملة الزراعية في اليمن، وهي نسبة تمثل 70% من القوى العاملة في المناطق الريفية في البلاد.

حِرف يدوية

صباح مقبل (50 عاما) من منطقة غيل الزرَّيقة بريف تعز، هي الأخرى تجسّد واحدة مِن قصص النجاح الملهمة أيضا؛ إذ تعمل في مجال الصناعة اليدوية في سَعف النخل، وتقول إنها اكتسبت المهنة من أمها وأجدادها، وقد أصبحت سبيلها الوحيد الذي تعتمد عليه في تأمين الغذاء لأفراد عائلتها.

المرأة الريفية اليمنية: قصة كفاح مُلهمة
مزارعة يمنية داخل حقلها في جبل صبر بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن (ريف اليمن/ نادر الدغيش)

تقول مقبل لمنصة ريف اليمن: “المهارات الأساسية التي تحتاجها النساء الريفيات من أجل الاستمرار هو الصبر وإتقان العمل”، مشيرة إلى أن المجتمع المحلي يؤثّر بشكلٍ حاسم على نجاح المرأة أو فشلها، فمتى وقف في صفها وشجعها، فستبدع وتحقق نجاحا كبيرا.

وبرغم النجاحات التي حققتها صباح، تشكو من تأثير التغير المناخي على عملها، فتقول: “مواسم النخيل تشهد تراجعا متزايدا، وللتكيف مع هذه التغيرات أرى أن تُجمع سَعف النخل في مواسمها”، وتشدّد على ضرورة التغلب على كل المعوقات، موجهة نصيحة للنساء الشابات بضرورة الحفاظ على التراث التعزي واليمني بشكل عام.

خياطة وتطريز

إلى جانب الزراعة والصناعات اليدوية، تبرز مهنة الخياطة لدى السيدة شاذية عادل (26 عاما)، وهي إحدى نساء منطقة القريشة بريف محافظة تعز، وقد بدأت مسيرتها عام ٢٠٢٢ عقب حصولها على التمويل والتدريب في هذا المجال، مما شجعها على إنتاج وتصميم ملابس نسائية متنوعة.

تقول شاذية لمنصة ريف اليمن: “إلى جانب المهارات الأساسية التي يجب أن تكتسبها النساء الريفيات، يجب أن تكون العزيمة على إنشاء مشاريعهن الخاصة قوية”، وتؤكد أن المجتمع المحلي له دور حاسم في تشجيع المرأة الريفية على العمل، خاصة في ظل غياب رب البيت.

تواجه شاذية تحديات يومية عدة، أبرزها: ارتفاع أسعار الأقمشة، وصعوبة الوصول إلى السوق بسبب المسافة الطويلة، ولكنها تتجاوز هذه العقبات بإصرارها على تحقيق أهدافها، لافتة إلى أنها تمكنت من الحصول على تمويل لدعم مشروعها من إحدى المنظمات، فقد وفرت لها آلات الخياطة، مما أسهم في تعزيز نجاحها واستمرار المشروع برغم المعوقات والصعوبات.

وتحلم بإنشاء معمل خياطة خاص بها بسبب الزيادة في الطلبات، وتوجّه نصيحة للنساء الشابات في مجتمعها بأن العمل ليس عيبًا، بل يسهم في تحسين مستوى المعيشة للأسرة، مثلما يفعل الرجال.

دعوة لتمكين المرأة

الناشطة المجتمعية ماريا القرشي قالت: “المرأة الريفية تتمتع بقوة الإرادة والقدرة على العمل الشاق في الحقول والمزارع”، وتشير إلى أن المرأة تتحمل مسؤوليات كبيرة مثل زراعة المحاصيل، ورعاية الماشية، وإدارة الموارد الطبيعية.

وبفضل جهودها، تسهم المرأة الريفية في توفير الغذاء الصحي والمستدام للمجتمع، مما يعزز الأمن الغذائي والاقتصادي. وتؤكد القرشي لمنصة ريف اليمن أن تمكين المرأة الريفية وتعزيز مشاركتها في عمليات الإنتاج يعزز الاستدامة البيئية والتنمية الشاملة للمجتمعات الريفية، فالمرأة الريفية ليست عماد المجتمع وحسب، بل هي أيضًا مصدر للقوة الاقتصادية؛ إذ تسهم بجهودها في تحقيق الاستقرار الغذائي بإنتاج كميات كبيرة من الغذاء بجودة عالية.

ويمثل اليوم الدولي للمرأة الريفية دعوة للجميع للاعتراف بجهود هؤلاء النسوة وتقديم الدعم اللازم لتمكينهن، وبما يسهم في تحسين حياة الأسر والمجتمعات الريفية كله، كما تُظهر هذه القصص أن النساء الريفيات يسهمنَ في تشكيل مستقبل المجتمع بالعمل الجاد والكفاح لتحقيق المزيد من الفرص والنمو في المستقبل.


صورة الغلاف/ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: