الكُرْكُم.. مسحوق نساء الريف يقاوم مستحضرات التجميل

يُعتبر الكُرْكُم من أهم مساحيق التجميل الطبيعية التي تستخدمها النساء

الكُرْكُم.. مسحوق نساء الريف يقاوم مستحضرات التجميل

يُعتبر الكُرْكُم من أهم مساحيق التجميل الطبيعية التي تستخدمها النساء

تفرّدت المرأة في الريف اليمني بجمالها الطبيعي، وهندامها التقليدي الأنيق، ويُعتبر الكُرْكُم (يُسمّى محليا الهُرُد) من أهم مساحيق التجميل الطبيعية التي تستخدمها النساء الريفيات منذ زمن، ويتناقلنه جيلا بعد جيل، بعيدا عن المستحضرات الصناعية، ما جعل كثيرا من الكُتّاب والشعراء والفنانين يتغنّون بجمالهن وأناقتهن قديما وحديثا.

منذ صغرها تحافظ أمّ محمد (35 عاما) على مسحوق التجميل الطبيعي الذي ورثته عن والدتها؛ إذ تخرج في السابعة صباحا من كل يوم للعمل في المدرجات الزراعية القريبة مِن منزلها في الريف الشمالي لمحافظة تعز، بعد أن تُزيّن وجنتيها بمسحوق الكُرْكُم الممزوج بقطرات من الماء، لكي يقي بشرتها من أشعة الشمس الحارقة ويحافظ على نضارتها.

تذكر أم محمد لمنصة ريف اليمن أنها استطاعت باستخدامها للهرد أن تحافظ على جمالها، بل زادها جمالا، بعيدا عن مستحضرات التجميل الصناعية التي تؤثر سلبا على البشرة، فضلا عن أسعارها الباهظة التي تعجز عن توفيرها كثير من نساء الريف.

ورثت أم محمد هذه العادة عن والدتها منذ الصغر، وتقول حاكية: “كانت أمي تمنعنا من الخروج معها للزراعة أو الرعي خوفًا من أشعة الشمس على بشرتنا، وكنا لا نستطيع الخروج إلا بعد أن ندهن أيدينا ووجوهنا بمسحوق الكُرْكُم “، بهذه الكلمات لخّصت أم محمد علاقتها مع الهُرُد، ودوره في الحفاظ على بشرتها منذ نعومة أظافرها دون تكلّف أو متابعة مستحضرات التجميل الأخرى.


     مواضيع مقترحة


نساء 3

الكُرْكُم ونساء الريف

جميلة سعيد (28 عاما) تعمل في رعي الأغنام، وهي أيضا تخرج مِن بيتها صباحا وفي جعبتها قنينة مياه ملفوفة بقطعة قماشية مبللة، ومعها بعض من مسحوق الهُرُد معقودا في أحد أطراف حجابها، ليستقرّ بها الحال ورفيقاتها تحت ظلّ شجرة في أحد الجبال المجاورة لقريتهن، ليقمن بطقوسهن الخاصة في التجميل والعناية ببشرتهن كغيرهن من النساء.

تقول جميلة لـمنصة ريف اليمن: “لا أفضّل الإنفاق على مستحضرات التجميل مثل واقيات الشمس وكريمات الترطيب الأخرى، فالهُرد له مفعول كبير في الحفاظ على البشرة، وهو صحّي، غير أنه مرتبط بعاداتنا منذ الصغر، وحاضر بكل بيت بالريف اليمني”.

تختلف طرق وأساليب استخدام الهرد في الريف، فهناك نساء يضفن عليه زيوتا طبيعية، وهناك نساء يستخدمنه دون إضافات. وعن طريقة تحضيره تقول جميلة سعيد: “لتحضير المسحوق، لا تحتاج سوى أن تأتي بحَجَرٍ مسطّحة، وتغسلها بالماء، ثم نطحن عليها قرون الهُرُد مع إضافة قطرات من الماء ليصبح لزِجا وسهل الاستخدام، ثم ندهن به وجوهنا، ونمسح ما تبقى على أيدينا”.

يُعدّ الهرد من التوابل العلاجية، وينتمي إلى عائلة “الزنجبيليات”، وتعتبر الهند أكبر منتج له في العالم، ويُزرع في دول أخرى كالصين وباكستان، وفي السنوات القليلة الماضية بدأت اليمن زراعته، لا سيما في محافظتي ريمة والمحويت، في محاولة لتقليل نسبة الاستيراد التي كانت بنسبة 100% سابقا.

أهمية علاجية

ويقول المختص بطبّ الأعشاب مصطفى الصوفي (54 عاما): “إن الهُرد علاج طبيعي لكثير من مشاكل البشرة؛ إذ يعالج حبّ الشباب، ويمنع خلايا البشرة مِن التكتّل وانسداد المسام، بالإضافة إلى أنه مطهّر ومضاد للبكتيريا”.

ويضيف: “ويعمل الهرد بشكل فعّال على وقف نمو البكتيريا المسبّبة لحب الشباب، وتعمل خصائصه المضادة للالتهابات على تعزيز الشفاء بشكل أسرع عن طريق تهدئة المناطق الملتهبة، كما أنه يقلّل من فرط التصبّغ، ويعالج البشرة الباهتة”.

“يفتّح الهُرد البشرة، ويُعدّ وصفة مثالية لمحاربة الهالات السوداء تحت العين، ويحمي أيضا من الأضرار البيئية لاحتوائه على عناصر مضادة للأكسدة، ويمنع التقدّم المبكر للبشرة بسبب قدرته على زيادة إنتاج الكولاجين وتسريع قدرة الجسم على تكوين أنسجة جديدة وصحية”، يردف الصوفي.

رعي الأغنامويشير أيضا إلى أن الكُرْكُم يعتبر علاجا فعّالا لعدد من الأمراض كالالتهاب، وأمراض العين التنكسية، متلازمة التمثيل الغذائي، التهاب المفاصل والروماتيزم، فرط شحميات الدم، الكوليسترول في الدم بالإضافة إلى القلق ووجع العضلات، ويستخدم في الطعام، وكثيرا ما يستخدم في النكهة أو التلوين، وغيرها من الفوائد.

جمالة حسن (35 عاما) قالت: “منذ عقود من الزمن، يستخدم نساء الريف الهُرد جزءا من أعمالهن اليومية، وكثيرا ما تحرص الفتيات على ذلك للحفاظ على جمالهن، إلا أن ثقافة اللثام التي انتشرت أسهمت في عزوف بعض النساء عن استخدام هذه العادة”.

أضرار المستحضرات

وعن أضرار مستحضرات التجميل الصناعية، قال الدكتور مصطفى قاسم: “تُحضّر جميع مستحضرات التجميل من مجموعة مركبات كيماوية، وقد نرى تأثيرها أحيانا على البشرة بصورة مباشرة، أو على الجهاز العصبي بصورة خفية”.

ومن أضرارها، بحسب قاسم، تحسّس البشرة واحمرارها وتهيجها حتى ظهور معالم الطفح الجلدي، ظهور الأكزيما بسبب تفاعل البشرة مع بعض مكونات هذه المستحضرات، تغيّر لون البشرة الأساسي أو تغميقها بسبب مواد تفتيح البشرة، بالإضافة إلى انسداد مسامات الجلد، ما يؤدي إلى تراجع تنفس البشرة، ويسبب ظهور بعض الحبوب على الوجه، وتراجع معدلات تجديد خلايا البشرة بسبب ارتفاع معدلات تراكم مواد التجميل على المسامات.

على الرغم من كل هذه الأضرار، هناك إقبال وهوس كبير تجاه المستحضرات الصناعية وفقًا لدراسة أجراها معهد أبحاث السوق Strategy MRC عام 2019، فقد بلغت قيمة سوق منتجات تبييض البشرة على مستوى العالم 4.4 مليار دولار عام 2018.

وتتوقع الدراسة أن تنمو هذه التجارة لتصل إلى 8.7 مليار دولار بحلول عام 2027. وتؤكّد الدراسة أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ ستعرف نموًا مربحًا في هذا القطاع، فيما تُقدّر سوق مستحضرات التجميل العالمية بمختلف أنواعها بحوالي 250 مليار دولار سنويا.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :