جمعيات الادخار.. وسيلة النساء لتحقيق الأحلام

تٌعد الجمعيات أنجح وسيلة لجمع الأموال وتحقيق الأحلام وفقا لاقتصاديين

جمعيات الادخار.. وسيلة النساء لتحقيق الأحلام

تٌعد الجمعيات أنجح وسيلة لجمع الأموال وتحقيق الأحلام وفقا لاقتصاديين

حقّقت جمعيات الادخار المجتمعية نجاحا ملحوظا، وأسهمت في تمكين كثير من النساء الريفيات، وكذلك الشباب، من فتح مشروعات صغيرة، وتأمين الغذاء لكثير من الأسر في بلد تعصف به الحرب منذ أكثر من تسع سنوات.

وتمكنت حنان محمد (38 عاما)، وهي أم لخمسة أطفال، من ترميم منزلها المتهالك بعد حصولها على مبلغ مالي باشتراكها بإحدى هذه الجمعيات، في قريتها الواقعة بمنطقة السياني جنوب محافظة إب وسط اليمن.

ومنذ سنوات، بدأت النساء اليمنيات، وكذلك الرجال، في عدد من المناطق اليمنية، وخاصة الريفية، في ابتكار وسيلة للادخار تسمى محليا بـ”الجمعية”، يشترك فيها عدد معين بدفع اشتراك شهري، ثم توزع الاشتراكات نهاية كل شهر على واحد من المشتركين، ويكون اختيار ترتيب المستلمين بالقرعة.

الادخار مهمة النساء

تقول حنان لمنصة ريف اليمن: “كان حلمي الوحيد هو ترميم منزلنا المتهالك، ولأن زوجي يعمل بالأجر اليومي بمهنة الكهرباء، كان من الصعب علينا ادخار الأموال، وعندما شاركت بإحدى هذه الجمعيات، تمكنا من ادخار مبلغ مالي، وأصلحنا المنزل”.

وتضيف: “بدأنا بادخار مبلغ شهري لدى جمعية تشرف عليها سيدة من القرية، ويشارك فيها أكثر من 20 مساهما بينهم نساء ورجال وشباب، وكنت أدفع القسط الشهري بانتظام إلى أن جاء دوري في استلام المبلغ. أشعر بالسعادة كلما نظرت إلى منزلنا وقد أصبح بأجمل صورة”.

السيدة افتخار مهيوب (35 عاما) تمكنت أيضا من البدء بمشروعها الخاص بفتح محل لبيع الملابس النسائية داخل منزلها، بعد أن حصلت على 500 ألف ريال يمني، (الدولار يساوي 530 ريال)، من الجمعية النسائية المشاركة فيها.

تقول افتخار لمنصة ريف اليمن: “كان الانخراط في جمعية هو السبيل الوحيد لتوفير الأموال، زوجي يعمل سائق حافلة، وليس بمقدوره ادخار جزء من دخله إلى وقت الحاجة، أو عمل أي مشروع، لكنني خففت الإنفاق الأسري حتى أتمكن من توفير مبلغ 20 ألف ريال للجمعية التي أشارك فيها”.

انضمت افتخار في جمعية نسائية لتوفير الأموال في قريتها الواقعة بمنطقة السّبرة شرقي محافظة إب، ولحسن حظها كانت هي الأولى في استلام الأموال، وذلك بعد أن اقترعوا لاختيار ترتيب المشاركين في الحصول على المبلغ الذي يُسلم شهرياً.

جمعيات الادخار.. وسيلة النساء لتحقيق الأحلام

إحداث نقلة

“هناك كثير من النساء والرجال تمكنوا من إحداث نقلة في حياتهم بسبب هذه الجمعيات، بعضهم تمكن من بناء منازل شعبية، وآخرون وفروا تكاليف الزواج، وهناك مَن فتح مشاريع صغيرة، أستطيع القول إن الجمعيات هي أفضل طريقة للادخار وجمع الأموال”، تقول افتخار.

والادخار هو تخصيص جزء من المال لاستخدامه في المستقبل. ويمكن اعتباره وسيلة لتأمين الاحتياجات في المستقبل، سواء أكانت احتياجات متوقعة مثل التقاعد أو شراء منزل، أم احتياجات غير متوقعة مثل حالات الطوارئ الطبية أو فقدان الوظيفة، وفق علماء الاقتصاد.

ولا توجد بنوك في الأرياف كي يُدّخر فيها، ويجد كثير من الناس صعوبة في ادخار الأموال داخل منازلهم ذلك ما أجمعت عليه حنان وافتخار في سياق الحديث مع منصة ريف اليمن.

وتؤكد افتخار أن الانخراط في جمعيات ادخار الأموال النسائية كانت هي أنجح وسيلة في جمع الأموال وتحقيق الأحلام والطموحات، وتقول: “نشعر بأمان وراحة نفسية كبيرة، لا يمكن الادخار في الأرياف من دون هذه الطريقة”.

الشاب حمدي قائد، سائق دراجة نارية قال لمنصة ريف اليمن: “جمعيات ادخار الأموال كانت سبيلي الوحيد في شراء دراجة نارية”، فبعد أن أكمل الثانوية، ظل يعمل بالأجر اليومي، وكان يدخر جزءا من دخله ضمن جمعية توفير الأموال، وتمكن من شراء الدراجة النارية التي أصبحت مصدر رزقه.

وأضاف: “هذه الجمعيات من الأشياء الجميلة التي بدأت بالظهور بشكل لافت في المناطق الريفية، ولها دور كبير في مساعدة الكثيرين والتواصل بين أفراد المجتمع”.

تحسين ظروف الأسر

يعلق الكاتب الاقتصادي رشيد الحداد على الخطوة بالقول: “جمعيات الادخار النسائية في المناطق الريفية لعبت دورا كبيراً في تحسين ظروف الأسر والحياة المعيشية لها، لأنها تُسهم في إنشاء مشاريع صغيرة، وهي خطوة إيجابية ساعدت كثيرا من الأسر على الادخار وتكوين رأس المال”.

وأضاف الحداد في تصريح لمنصة ريف اليمن: “خلال سنوات الحرب الماضية، شهدت الجمعيات النسائية الادخارية انتعاشة كبيرة، وكان لها أثر ملموس على أرض الواقع، وأحدثت تغييرا كبيرا في حياة كثير من الأسر التي لم تكتف بعملية الادخار التكافلي فقط، بل بدأت بإنشاء مشاريع صغيرة وأصغر، وبعضها تحولت إلى مشاريع متوسطة، وتدر دخلا جيدا”.

ويلفت النظر إلى أن بعض الأسر التي شاركت في هذه الجمعيات الادخارية أصبحت تشكل رأس مال جيد، وتشغّل كثيرا من العمالة، وأصبحت تفرض نفسها، خاصة أنها انطلقت من الصفر، وهذه خطوة إيجابية، ساعدت كثيرا من الأسر التي لم تتمكن من أن تدخر كثيرا من الأموال لتنفيذ مشاريع ولو صغيرة.

أما الصحافي أبو بكر محمد، فقد قال: “إن جمعيات الادخار ذات أهمية كبيرة، ولها دور ملموس في الريف الذي ترتبط التصورات حوله بغياب أو نقص الوعي، مقارنة بسكان المدن، وهي تكشف عن تطور نوع من الوعي في الريف يتعلق بأهمية الانخراط في جهود التنمية وتحسين ظروف العيش”.

وأضاف الفقيه لمنصة ريف اليمن: “ترتبط جمعيات الادخار النسائية بالاتصال والتواصل بين المجتمع، ولذلك تكشف تلك الجمعيات الريفية عن رغبة اليمنيين بإبقاء خطوط التواصل بينهم مستمرة، وبالتعاون من أجل استمرار التواصل الاجتماعي، كما تكشف عن تحدي الريفيين لخيار العزلة الذي قد تفرضه حروب المدينة على البعض”.

يوافقه الرأي خالد راجح (40 سنة) وهو موظف بشركة  خاصة؛ إذ قال لمنصة ريف اليمن: “إن الجمعيات النسائية أسهمت في استمرارية التواصل بين أفراد المجتمع”، مشيرا أن زوجته تدير جمعية في القرية التي يعيش فيها بريف السياني، ويشارك فيها رجال ونساء بينهم عمال وموظفون وفلاحون ومزارعون.

ويضيف: “أنا كموظف أشعر بالسعادة والارتياح عندما يتحد المزارع والموظف وعامل الأجر اليومي ويدخرون من أموالهم لتحقيق أحلامهم، ففي كل شهر يتمكن أحد المشاركين من تحقيق أحلامه”، ويتمنى استمرار هذه الجمعيات التي تعد الوسيلة الوحيدة لنجاح أي مشروع.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :