مع كلّ مناسبة أو أعياد، تجد كثيرٌ من النساء الريفيات في محافظة لحج فرصةً للعيش، من بوابة النقش بالحنّاء، فذلك يُعدّ من أكثر الأعمال رواجا خلال هذه المناسبات، خصوصا الأعياد وحفلات الزواج.
وتشهد أيام ما قبل وبعد العيد إقبالا كبيرا من النساء والفتيات على النقش بالحنّاء، وكذلك في الأعراس التي تنتشر في أيام العيد، الأمر الذي يشكل فرصة سانحة للنساء الريفيات للكسب من تلك الأعمال البسيطة.
ومادة الحنّاء، عبارة عن عجينة بُنّية اللون يتغير لونها بعد وضعها على الجسم، وتقوم النساء بنقش أطرافهن وأرجلهن، ويتم استخلاص الحناء من طحن أوراق شجرة تحمل ذات الاسم.
النقش بالحنّاء مهنة للنساء
والنقش هو فنّ يتشكّل على أيدي النساء وأقدامهن بأشكال مختلفة، وتُعدّ أم أسعد (36 عاما) إحدى الشابات اللاتي يعملن في هذا المجال منذ عشر سنوات، وقد تعلّمت ذلك من إحدى قريباتها في مدينة الحوطة بالمحافظة.
تقول أم أسعد لمنصة ريف اليمن: “أبدأ بالتفرغ لهذه المهنة من الأسبوع الأخير الذي يسبق العيد، فهناك كثير من الفتيات والنساء في القرية يُقبلن على التزيّن بالحناء في هذه المناسبة”.
وتضيف: “النقشات يختلف بعضها عن بعض، فهناك نقش يحتاج إلى وقت أطول، مثل نقشة العرائسي التي تُعدّ من أشهر النقشات، وهي خاصة بالفتيات المقبلات على الزواج، بخلاف النقشة العادية التي تستغرق دقائق معدودة، وأكثر من يطلبنها كبيرات السن”.
وعن الأسعار، قالت أم أسعد: “الأسعار تتراوح بين 50 ألف ريال وهي نقشة العرائسي، وهناك أنواع تتراوح بين 5000-2000″، (الدولار يساوي 1800 ريال)، وتؤكد أن هذه المهنة ساعدتها كثيرا في تحسين حياتها المعيشية وفي مشاركة زوجها في الإنفاق على الأسرة.
ليست “أم أسعد” وحدها مَن تستفيد من هذه المناسبات للعمل في هذه المهنة، فهناك عشرات من النساء الريفيات اللاتي يعملن في زراعة وقطف الحناء، ويُعدّ مصدر عيش لهن، وتتوزع أعمال النساء في الحناء بين زراعته وقطفه وبيعه، فيما تتولى أخريات الاستفادة منه بطحنه والعمل في نقش النساء.
“نوف جمال” واحدة من النساء اللاتي يوجد في سور منزلها شجرتان من الحناء، تقوم برعايتهما وسقيهما، وتقطف الورق وتجفّفه وتطحنه في معمل لطحن الحناء، ثم تغلّفه في أكياس وتعرضه للبيع.
تأتي النساء إلى منزل نوف للشراء، وترسل نوف كميات إلى قريبات لها في قرى أخرى لبيعها مقابل أن يحصلن على نسبة، أو تهديهن مادة الحناء نظير ما يقمن من جهد في تسويق منتجها.
وتذكر نوف أنها ورثت العمل في الحناء من والدتها التي كانت تعمل في المجال هذا، وكان مصدر عيش لها، ولكنها تقدمت في السن، فأخذت نوف منها المهنة، وتؤكد أنها ليست مربحة، لكنها تساعد على توفير بعض الاحتياجات المنزلية الضرورية التي تساعد على استمرار العيش.
تمكين المرأة الريفية
اعتمدت “نوف على” زوجها الذي يساعدها كثيرا في هذا العمل، حيث كانت تقوم في بداية مشوارها بطحنه في مطاحن عادية مقابل نسبة تدفعها للطاحون، ثم التحقت بعدها بجمعية نسائية للعاملات في الحناء، وبتن يشتركن في الإنتاج وتقاسم المردود المالي.
تقول نوف: “عدد أعضاء الجمعية 12 امرأة ريفية، يحصلن على دعم من منظمة الصليب الأحمر، وتتمثل بإنشاء معمل للطحن”، وتشير إلى أنهن يشتركن في جميع الأعمال بدءا من القطف وانتهاء بالطحن والتسويق، لافتة إلى أن الجميع يتقاسم المردود بالتساوي، ويُوزّع الإنتاج في سوق صبر بمديرية تُبن، وفي سوق السيلة بعدن، ويُباع بأكثر من مليون ريال أحيانا.
وتقول فتحية أرشد مدير تنمية المرأة الريفية في محافظة لحج: “باتت الحناء المصدر الرئيس لعيش ما يقرب من 84 امرأة في مناطق مختلفة من المحافظة، وذلك بدعم الجمعية لهن والحصول على تمويل من منظمة الصليب الأحمر عن طريق الدعم بمعامل طحن حديثه”.
وتشير إلى أن الجمعية وفّرت الدعم والتمويل في سبعة من معامل طحن الحناء، بواقع 12 امرأة ريفية في كل معمل، وصارت الحناء تشكل المصدر الرئيس لعيش هؤلاء النساء الريفيات، وهذا أسهم في تمكين المرأة الريفية، ومنحها الاعتماد على ذاتها، ووفّر سبل العيش الكريم لها ولأسرتها.
وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عمل على دعم تسعة معامل ومطاحن تعملُ في الحِنَّاء من خلال عددٍ من المنح على شكلِ أُصول تضمّنت آلات طحن وتغليف، بالإضافةِ إلى تدريب مزارعين ونساء في مجال إِدارة استمرارية الأعمال.