أنهت مبادرة مجتمعية قادها الأهالي في عُزلة البَرَّيهة بمديرية جبل حَبَشي غرب محافظة تعز، معاناة السكان التي استمرّت لسنوات بسبب وعورة الطريق ، وتمكّنت من إصلاح ورصف ثلاث طرق بمسافة إجمالية نحو 4 كيلومترات، ويستفيد منها قرابة 10 آلاف أسرة، في مناطق غائبة عنها الجهات المعنية.
وإصلاح الطرق تعد من أبرز التحديات التي يواجهها سكان المناطق الجبلية في اليمن، حيث الطرق الوعرة في القرى الواقعة بالسلاسل الجبلية الممتدة في وسط البلاد. وهي أبرز عوائق التنمية للمجتمعات المحلية الصغيرة.
مبادرات مجتمعية
المبادرة أُطلقت في 2017 بدعم من سكان المنطقة والمغتربين، وتمكّنت من رصف وتأهيل نَقِيل بني جعفر – البَريهة – المنعم، على فترات متقطعة، وخفّفت كثيرا من المعاناة، وسهّلت تنقل المواطنين والمسافرين، ولا سيما المرضى.
قصص مقترحة
جبل البراشه في “مَقبنة”: الطريق تفقد النساء حَمْلهِن
“الطرق الوعرة”.. شريان الحياة المقطوع في عُتمة ذمار
طريق دار الجبل.. مبادرة تتحدى الطبيعة في إب
يقول عبد السلام الهاشمي أحد مشرفي المبادرة: “فكرة المشروع انطلقت في 2017، وبدأ المواطنون بالتحرك الفعلي نحو التخطيط والتصميم والعمل للحصول على التمويل عن طريق المبادرات المجتمعية ودعم التجار، ثم نزلت الفرق الهندسية للمكان”.
ويضيف: “استمر العمل مدة عامين، بتكلفة تجاوزت 450 مليون ريال (235 ألف دولار)، واستُكمل نهاية عام 2019، وأصبحت الطريق معبّدة يستفيد منها أهالي المنطقة”، ويلفت إلى أن الطريق تربط شرق المديرية بغربها وأصبحت الممر الوحيد والأقرب والأسهل لمدينة تعز.
الهاشمي أوضح أنه في الأشهر الماضية، وبسبب الأمطار الموسمية وتدفق السيول، واستمرار عبور المركبات ذات الأحمال الثقيلة، حدثت أضرار في بعض المقاطع، فأجريت لها صيانة بعمل دراسة هندسية لجميع الأماكن التي تحتاج للصيانة، وقُدّرت بتكلفة 166 مليون ريال يمني.
ويضيف: “دشنا المرحلة الأخيرة من رصف ما تبقى من طريق ذا الميل بني جعفر – وطريق البريهة – المنعم في يونيو الماضي بالمبادرة المجتمعية، وكان هناك تجاوب من المغتربين ورجال الخير بالداخل والخارج، وشكلنا فريقا ميدانيا للإشراف على أعمال الصيانة المطلوبة”.
وذكر أن الطريق اكتسبت أهمية كبيرة في الفترة الأخيرة؛ إذ أصبحت شريانا حيويا بعد إغلاق المنافذ الرئيسية للمحافظة، ويستفيد منها الآلاف من مختلف الفئات من مواطنين وتجار ومسافرين، وخففت كثيرا من المعاناة، وتُعدّ من أبرز المشاريع المجتمعية في ظل غياب الدولة، مشيرا إلى أن كثيرا من المواطنين، راحوا ضحية هذه الطريق قبل إصلاحها.وعن الصعوبات والتحديات التي واجهت المبادرة، قال الهاشمي إنها تمثلت في جمع المبلغ المالي، وفي الأمطار الموسمية التي كان لها دور في عرقلة الأعمال.
ويشكل افتقار سكان الريف لشبكة الطرق تحديا كبيرا لتنمية المجتمعات هناك وتحسين ظروف الحياة. وحتى الوقت الحالي، لم تُعبّد إلا ٣٧٤٤ كم من الطرق الريفية وهذا لا يمثل سوى ٦.٤ في المائة من إجمالي شبكة الطرق و ٢١.٦ في المائة من إجمالي الطرق المُعبّدة بحسب دراسة نشرتها مبادرة إعادة تصور إقتصاد اليمن.
مبادرة طريق موليا
مبادرة مجتمعية أخرى أطلقها الأهالي في عزلة بلاد الوافي، قبل شهرين لرصف طريق ذا الميل بني جعفر التي تربط بين مديريات جبل حبشي ومَقْبَنة وشَرْعب، منطقة هجدة – الربيعي، وطريق عزلة البريهة بالإضافة إلى ثلاث قرى أخرى أُغلقت طرقها الرئيسية بسبب الحرب.
يقول عبد الباسط حسن المسؤول التنفيذي والمالي للمشروع: “مبادرة رصف هذه الطريق جاءت بعد معاناة طويلة للمواطنين، بسبب الحوادث المتكررة، وصعوبة التنقل”. وأضاف: “انتظر الأهالي كثيرًا لرصف الطريق من السلطة المحلية بالمديرية دون جدوى، وهو ما دفع السكان إلى إطلاق مبادرة لرصف الطريق”.
وأوضح حسن في حديثه لمنصة ريف اليمن أن المبادرة “جمعت التبرعات النقدية والعينية من الأهالي، لكنها لم تغطِّ ولو 10% من تكلفة المشروع الذي يُقدر بـ 21.490 ألف دولار أمريكي، لكن عزيمة الأهالي لم تستسلم، وبدأنا المرحلة الأولى بجهود ذاتية بتكسير الأحجار وجمعها إلى مكان العمل”.
وتابع: “المرحلة الأولى فيها ستُرصف بالأحجار تبلغ 762 مترا مربعا، بالإضافة إلى عبّارة سطحية، وعبّارة أرضية لتصريف مياه السيول، إلى جانب جدار ساند بطول 15 مترا مكعبا، وجدار داخلي لحماية الطريق من التساقط بطول 15 مترا وارتفاع 70 سنتمترا، ونحن الآن بصدد التنفيذ”.
وأضاف أنه من المقرر أن تُرصف المرحلة الثانية بمسافة إجمالية 672 مترا مربعا، بالإضافة إلى تقطيع أحجار صخرية لتوسيع الطريق بمقدار 35 مترا مكعبا، مؤكدًا أن إجمالي ما أُنجز من بناء الأحزمة الطولية دون الرصف وصل نسبة 80%، لافتا إلى أن الطريق تخدم ما يقارب أكثر من 11 ألف نسمة من السكان.
شريان حياة
يذكر السائق أمين الوافي أن الطريق فيها مخاطرة كبيرة، ويضيف: “نمرّ في أصعب اللحظات ونحن نتنقل عبر طريق جبل حبشي المنعم – البريهة، أنا سائق في هذا الخط لـ23 عامًا، وقد اجهت كثيرا من المخاطر، وتسببت الطريق بخسائر كبيرة بشرية ومادية”.
وأضاف الوافي لمنصة ريف اليمن: “عند هطول الأمطار وتدفق السيول، تصبح الطريق غير صالحة للعبور ونغامر فيها من أجل الوصول، وإذا تعطلت إحدى المركبات في مكان ضيق يُغلق الخط تمامًا، ونضطر للانتظار لوقت طويلًا حتى يُصلح”.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة الانمائي، أصبحت الحياة أكثر صعوبة في المجتمعات الريفية في اليمن بسبب تقيد الطرق الوعرة الوصول إلى الخدمات الحيوية والموارد والتعليم وفرص العمل والإمدادات الغذائية.
وفي السنوات القليلة الماضيةـ عملت المبادرات المجتمعية في عددٍ من القرى الريفية بمختلف المحافظات على تخفيف المعاناة عن مئات الآلاف من اليمنيين وتلبية احتياجاتهم بإصلاح الطرقات وفتح أخرى، لتحسين شبكات الطرقات، وتمكين السكان من التنقل بسهولة في العديد من القرى الجبلية.