“الطرق الوعرة”.. شريان الحياة المقطوع في عُتمة ذمار

يستخدم السكان "الحمير" و "الجِمال" لنقل احتياجاتهم

“الطرق الوعرة”.. شريان الحياة المقطوع في عُتمة ذمار

يستخدم السكان "الحمير" و "الجِمال" لنقل احتياجاتهم

يكابد المواطن علي محمد قطع مسافة طويلة مشيًا على الأقدام، سواء لشراء احتياجات أسرته الضرورية، أو للذهاب إلى عمله بسبب انعدام الطريق، الذي يُعد شريان الحياة لسكان قريته الجبلية الواقعة بمحمية عُتمة بمحافظة ذمار وسط اليمن.

يعمل عبد الكافي عاملاً بالأجر اليومي، ويسابق شروق الشمس للعمل، فيقطع نحو اثنين كيلومتر، كي يصل إلى الطريق الرئيسي، ويقول: “نكابد الحياة لتأمين المتطلبات اليومية لأفراد العائلة، وانعدام الطريق يثقل كواهلنا”.

عبدالكافي واحد من السكان الذين يعيشون في المناطق الريفية النائية بريف محافظة ذمار، وبقية المحافظات اليمنية، ويواجهون صعوبات وتحديات جمة في مختلف مجالات حياتهم، بسبب انعدام الطرقات أو وعورتها في قراهم، ويستخدم غالبية السكان الحمير والجمال، لنقل احتياجاتهم.

مشقة قاسية وتكاليف مضاعفة يتكبدها سكان قرية القابل وما جاورها، وسكان قريتي نقيل الحداد، في محمية عُتمة بمحافظة ذمار بسبب غياب الطريق، ويحرم أطفالهم من مواصلة تعليمهم الدراسي، في حين تواجه النساء ويلات المعاناة خصوصا النساء الحوامل وكبار السن.

وتوجد أقرب مدرسة على بعد نحو 2 كيلومتر، أما أقرب مركز صحي، فيبعد عن القرية بحدود 4 كيلو متر تقريبا، ويتحمل السكان أعباء مضاعفة بسبب غياب الخدمات الصحية، وذلك يتطلب مشقة سفر قد تنتهي أحيانا بوفاة المريض قبل وصوله لأقرب مشفى، ويكلف السفر من القرية إلى مراكز المدينة مبالغ مالية كبيرة، وذلك بدوره أثقل كاهل المواطن اليمني الذي يعيش أوضاعاً قاسية.

“الطرق الوعرة”.. شريان الحياة المقطوع في عُتمة ذمار
صورة عامة تظهر منطقة القابل وماجاورها في عُتمة بمحافظة ذمار (ريف اليمن/ رفيق محمد)

وتقول تقارير الأمم المتحدة إن 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 32 مليوناً بحاجة إلى المساعدات، في حين تعاني المنظمات الإغاثية من نقص في تمويل عملياتها الإنسانية، ما يؤثر سلباً على حياة كثير من الفقراء في البلد خصوصاً سكان المناطق الريفية الذين يشكلون 70% من السكان في اليمن.

يروي محمد عبد الكافي معاناة رحلته الشاقة، فيقول لمنصة ريف اليمن: “لا يوجد في القرية محلات تجارية، ولا خدمات ضرورية، لذلك يجب علينا قطع مسافة طويلة وشاقة، تفتقر قريتنا حتى لوجود طريق يسمح بمرور الدراجة النارية نظرا لوعورة المنطقة الجبلية التي نعيش فيها”.

ويضيف: “نعتمد على الحمير في نقل الدقيق والسكر وغيرها من احتياجاتنا الأساسية، الطريق التي نسلكها جبلية تحتوي على عقبات صعبة، وممرات ضيقة، ومنحدرات تعرض حتى حياة الحيوانات التي نعتمد عليها للخطر”.

طرق وعرة

ويلفت إلى أن قريتهم تتميز بجمال طبيعتها وعلى ضفاف سائلة وجيس إحدى السيول أو الأودية المائية في محمية عتمة التي تستمر طوال العام لكن غياب الطريق لعبور المركبات يفسد علينا تلك المتعة.

تختلف معاناة المواطنين من قرية لأخرى، فهناك قرى ريفية تتوفر فيها طرقات، لكنها طرق ترابية وعرة ومتهالكة بسبب سيول الأمطار والسيول التي عملت على تجريف التربة خلال السنوات الماضية، وهي حاليًا بحاجة ماسة إلى تعبيد حتى تصبح متاحة لعبور كافة المركبات دون صعوبات.

ومن ذلك عزلة الشرم العالي المحاطة بالجبال الشاهقة بمحمية عتمة، حيث يستخدم السكان سيارات قديمة لنقل الخدمات والمواد الغذائية وإسعاف المرضى، ويتم العبور فيها رغم المخاطر الكبيرة جراء تهالكها. ويشكو السائقون من تعرض سياراتهم لأضرار مختلفة تكلفهم إنفاق مبالغ مالية باهظة في إصلاحها مرات عديدة سنوياً للأسباب نفسها.

“الطرق الوعرة”.. شريان الحياة المقطوع في عُتمة ذمار
مناظر للطبيعة الخلابة في محمية عُتمة في ذمار (فيسبوك/ طلال نهشل 2023)

تجدر الإشارة إلى أن الطرقات التي تربط قرى عزلة الشرم شقّتها الدولة قبل الحرب، لتسهيل حركة السكان وتخفيف معاناتهم، لكن العمل عليها لم يُستكمل بشكل نهائي، ولم يُستعمل الأسفلت أو الجدران الساندة وتصريف مياه السيول، مما أدى إلى انهيار الطرقات والتي بدورها انعكست سلبًا على حياة المواطنين.

ويضطر توفيق الرميش (٣٣ عاما) عند قدومه من صنعاء، إلى إيقاف سيارته الصغيرة على بعد ثلاثة كيلو مترات من قريته بسبب وعورة الطريق ثم يواصل السفر على متن سيارة قديمة بتكلفة مالية مضاعفة.

أعباء مضاعفة

يقول الرميش بأنه يقضي وقتاً طويلاً في السفر على متن إحدى السيارات القديمة بسبب وعورة الطريق التي تجبر السائقين على قيادة سياراتهم ببطء لأنهم يخشون من التعرض للسقوط.

ويضيف الرميش لمنصة ريف اليمن: “أخشى على سيارتي من التعرض للسرقة. أتمنى التمكن من الوصول إلى قريتي على متنها؛ لأن ذلك الوضع يضاعف الأعباء ويكلفني كثيرا من الجهد والمال”.

على غرار توفيق يتكبّد السكان في عزلة الشرم أعباء مضاعفة بمختلف مجالات حياتهم بسبب وعورة الطريق؛ إذ يقول أمين العزي (50 عاما) إنه واجه صعوبات كبيرة في نقل مواد البناء أثناء قيامه بتشييد منزله في القرية.

وأضاف لمنصة ريف اليمن أن تكاليف النقل كلفته ضعف تكاليف شراء المواد، وكبدته خسارة كبيرة لم يستطع بسببها إكمال تشييد المنزل، وفي حال كانت الطريق سالكة سيوفر نصف المبلغ الذي صرفه دون إكمال البناء.

وتعاني غالبية المناطق الريفية اليمنية، خاصة القرى الجبلية، من انعدام الطرقات، أو وعورتها، الأمر الذي يشكل عبئا يثقل كاهل السكان، ويفاقم من معاناتهم، خاصة المرضى وكبار السن، ومما يزيد المشكلة قتامة هو غياب أي دور للجهات المختصة لوضع الحلول الممكنة.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :