تتعرض أشجار النخيل في محافظة حضرموت شرقي اليمن، إلى مخاطر كثيرة تحُد من انتشارها، وتهدد تواجدها في مساحات كبيرة، أبرزها التوسع العمراني، والآفات التي تتعرض لها، فضلا عن نقص إمدادات المياه نتيجة تضرر مجاري السيول بسبب الفيضانات التي تضرب المحافظة بين وقت وأخر، بسبب بالتغيرات المناخية التي تتعرض لها اليمن.
وتُعتبر التمور اليمنية من أهم محاصيل الفاكهة في اليمن، وتحتل زراعة أشجار النخيل أكثر من 14 ألف هكتار من إجمالي الأراضي المزروعة بأشجار الفاكهة، وتتركز زراعتها في محافظة حضرموت، – المحافظة الأكبر من حيث المساحة في اليمن- التي يوجد فيها أكثر من 67% من النخيل المزروعة البلاد، بحسب كتاب الإحصاء الزراعي لعام 2021م.
مواضيع مقترحة
زراعة البُن بديلاً للقات في قعطبة.. هل تنجح التجربة؟
تمور المناصف بتهامة.. مصدر معيشي وكرنفال شعبي
العسل اليمني.. الذهب السائل من أزهار السِدر
يقول المهندس الزراعي كرامه بريشان إن أشجار النخيل في محافظة حضرموت تتعرض لآفات كثيرة أبرزها دوباس النخيل، والسوسة الحمراء، و عنكبوت الغبار والحفّارات، والتي تعد من أشد الآفات فتكاً بالنخيل”.
وأضاف بريشان لمنصة ريف اليمن، أن هذه الآفات لا زالت محصورة في وادي حضرموت، ونأمل من الجهات المختصة التحرك للسيطرة عليها حتى لا تنتقل إلى مناطق أخرى مكتظة بالنخيل ، داعيا المزارعين إلى الاهتمام بشجرة النخيل ومحاربة هذه الآفات بكل الوسائل حفاظا على الأشجار”.
ونبه المزارعين إلى عدم إغفال أدوات السلامة، مشددا على أهمية ارتداء الزي الخاص بالوقاية الشخصية، واتباع الطرق السليمة للحقل في حالة وجود نخيل مصابة، مستدركا “نلاحظ أن المزارعين يشتكون من أمراض مختلفة كـ”الحكة والأورام السرطانية وغيرها” ونعتقد أن ذلك بسبب إهمال المزارع لوقاية السلامة، خاصة أثناء رش المبيدات أوالتعامل معها بشكل خطأ”.
مهرجان النخيل في حضرموت
وفي خطوة هدفت لنشر الوعي المجتمعي بالأهمية البيئية لشجرة النخيل والقيمة الغذائية والاقتصادية لمنتجاتها، ولتسليط الضوء على اهمية هذه الشجرة، نُظم مطلع أغسطس الماضي، مهرجان “النخيل والتمور” الذي أقامته وزارة الزراعة والري والثروة السمكية والسلطة المحلية بمديريات الوادي والصحراء وجامعة سيئون ومحطة البحوث الزراعية.
وحظي بمشاركة واسعة لجمعيات ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني، وتم عرض نحو 60 صنفاً من أصناف التمور، وصناعات مرتبطة بالنخيل منها الحرفية، واليدوية، والغذائية، وغيرها.
ومن ضمن فعاليات المهرجان، عقدت ورشة عمل بعنوان (زراعة النخيل وإنتاج التمور – المشاكل والحلول) نظمتها مؤسسة بن كردوس للتنمية، ومركز حضرموت للأبحاث والدراسات الإستراتيجية ، بوادي حضرموت.
وأوصت بأهمية تشجيع زراعة النخيل، واصدار معلومات حول زراعتها والآفات وطرق مكافحتها من قبل كليات الزراعة ومراكز البحوث الزراعية، وكذا تفعيل مختبر الانسجة بمحطة البحوث الزراعية بسيئون ، وتفعيل الأنظمة والقوانين والتشريعات حول حماية النخيل
نائب مدير عام مكتب الزراعة والري في وادي حضرموت البرك العامري قال لمنصة ريف اليمن إن ” الهدف الأساسي من إقامة المهرجان هو تسليط الضوء على شجرة النخيل وأهميتها، وخلق فرص تنافسية بين المزارعين، والتشبيك مع ملاك المصانع، بالإضافة إلى تعريف الزوار بأهمية شجرة النخيل، ومعرفة أنواعها المنتشرة في وادي حضرموت”.
وأضاف: “حرصنا على تقديم المهرجان للمواطن بأزهى حلة، ضمن عمل متكامل بين السلطات المحلية والمؤسسات التي تهتم بالنخيل وانتاجاتها المتعددة”. وأكد أن “النخيل شجرة مباركة وواحدة من محاصيل الأمن الغذائي بحضرموت، والاهتمام بها واجب وسمة وعلامة بارزة من سمات أبناء المحافظة، وبإقامة مثل هذه المعارض الفنية يتعرّف الكثير على هذه الشجرة المباركة وتعدد استخداماتها”.
وشملت فعاليات المهرجان جملة من الأنشطة والفعاليات التي استهدفت نشر الوعي بأهمية النخيل، وسلطت الضوء عليها كأهم محصول لمقومات الأمن الغذائي، إضافة الى الحث على إعداد الدراسات والبحوث العلمية من خلال إقامة الندوات والورشة العلمية لتخطي التحديات التي تواجه النخيل وسبل تطوير إنتاجه.
أشجار النخيل والأمن الغذائي
خالد صبيح أحد المشاركين في المعرض، أكد أن “أشجار النخيل هي إحدى أهم ركائز الأمن الغذائي للإنسان منذ القدم، إلاّ أنها تتعرض حالياً لخطر يهدد وقوفها شامخة، ومن أهم تلك المخاطر الزحف العمراني المستمر وبشكل كبير”.
وقال لمنصة ريف اليمن” شاركت بعدد من أنواع التمور منها: “الحمراء، والجهمي، والزار، والناقة، والعبد رحمن، والعشدلي، والعرقدي، وغيرها، وحرصت على تقديم نبذه مختصرة عن شجرة النخيل والمصنوعات التي تنتجها وتعريف المواطن بذلك، لأن بعضها اندثرت وتم استبدالها بأخرى في الأجيال الحديثة.
موضحا أن مشاركته كانت خاصة بالتمور ومنتجات الخوص (أوراق النخيل المنسوجة يدوياً)، وقال إن “الخوصية” يتم صنعها من أوراق النخيل يدويا، وتوضع على التمر في النخلة لكي تحفظه من الطيور، وكذلك المكيل الذي يفرش ويوضع عليه التمر، ويعرض للشمس، وهناك القبعة التي توضع على الرأس للحماية من أشعة الشمس، وغيرها من المصنوعات”.
وطالب الجهات الحكومية والمعنية بضرورة المحافظة على أشجار النخيل وإنقاذها من الزحف العمراني والآفات وغيرها من المخاطر والتهديدات التي تتعرض بشكل مستمر”. وتُعد أشجار النخيل الأكثر انتشارا في معظم مديريات المحافظة، وتشكل نسبة كبيرة من إجمالي أنواع الغطاء النباتي المتوفر .
حرف يدوية مرتبطة بالنخيل
كما شهد المهرجان حضور الحرف اليدوية المصنوعة من أوراق النخيل، وقالت عائشة فائز التي تعمل لدى إدارة المرأة الريفية بمكتب الزراعة والري بوادي حضرموت: إن المعرض تخصيص قسم للأعمال اليدوية تحت مسمى “أنقذوني”، بسبب ملاحظاتنا في الآونة الأخيرة بانقراض الأعمال اليدوية المصنوعة والتي تنتج من النخيل، ويتم استبدالها بأخرى”.
وتضيف فائز لمنصة ريف اليمن، كثير من الحرف اليدوية تتعرض للإهمال، وحتى بعض العادات كشاي النخيل، موضحة أن شاي النخيل يتم عمله عبر غصون النخيل إذ يتم قصها و تبليلها بالماء لمدة نصف يوم، وينتج بعدها شاي خالص بديل للشاي المتعارف عليه، وتكون من شجرة صنف دقلة النور التي تنتج من غصنها الشاي ومن نواتها القهوة وذلك بعد تحميصه ووضعه على النار”.
السيدة فاطمة باشغيوان، إحدى السيدات اللواتي زُرنّ المعرض وتعرفت على مختلف أصناف التمور واستخدامات شجرة النخيل بكل مكوناتها المتعددة، والمخاطر والتهديد التي تتعرض لها النخلة والأهمية الكبرى لها. وتقول باشغيوان لمنصة ريف اليمن: “انجذبنا أنا وصديقاتي لهذا المعرض الأكثر من رائع، الذي احتوى على أشياء كثيرة واصفة إياه بـ”الموسوعة” التي تحتوي على كثير من المعارف”.
باشغيوان ومعها الكثير من زوار المعرض أكدوا على أهمية إقامة المعارض بشكل مستمر لتوعية الأجيال القادمة بأهمية أشجار النخيل وما يجهله الكثير عنها واستخداماتها المتعددة خصوصاً في ظل التحديات الكبيرة التي تواجهها.
وتشير دراسة بحثية أصدرتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية إلى أن مساحة زراعة النخيل في اليمن كانت تمثل نسبة 24% من المساحات المحصولية للفاكهة، عام 2001، إلا أنها تراجعت إلى 16 % بحسب كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2019م.