ينافس العسل اليمني، في جودته أشهر أنواع العسل في العالم، ويكافح النحالون من أجل انتاج العسل سنوياً متحديين الظروف والصعوبات التي فرضتها عليهم الحرب والتغييرات المناخية خلال السنوات الماضية.
وأختتم الأحد الماضي، المهرجان الوطني الثالث للعسل في صنعاء، والذي أقيم لمدة 8 أيام، خلال 4 – 11 أغسطس/ آب الجاري، وحضر75 مشاركاً، من بينهم جمعيات، ونحالين، وتجار، ومسوقي عسل، قدموا من مختلف المحافظات.
ويهدف المشاركون في المهرجان للتسويق والترويج للعسل اليمني محلياً وخارجياً، والحفاظ على مكانته وشهرته العالمية، وتعزيز مكانته في المحافل الدولية، وهذا من شأنه أن يخلق فرصاً استثمارية جديدة تعزز الاقتصاد الوطني.
منصة “ريف اليمن” زات المهرجان في صنعاء، والذي بدا بزخم أقل من السنوات الماضية، من جانب الزوار، ويعزو منظمو المهرجان لتزامن ذلك مع هطول الأمطار الغزيرة، والتي أثرت على فعاليات المهرجان واقبال الزوار.
مواضيع مقترحة
- التغيرات المناخية تهدد مستقبل النحالين وإنتاج العسل
- مبيدات شجرة القات.. القاتل المتسلسل للنحل في اليمن
- تربية النحل.. مصدر معيشي لأكثر من 100 ألف أسر
نحالون في مهرجان العسل اليمني
ويُعتبر العسل اليمني من أجود أنواع العسل على مستوى العالم، وأغلاها ثمناً، بسبب جودته العالية التي اكتسبها من تنوع المراعي النحلية المنتشرة في البيئة اليمنية المختلفة. ويتوفر بأنواع متعددة منها (السدر، السمر، المرية، بغية، المراعي، القرض)، وفي يوليو/ تموز الماضي حصد العسل اليمني بلاتينة وذهبيتين في مسابقة لندن الدولية 2024.
وشهد المعرض مشاركات من محافظات يمنية مختلفة، بما فيها حضرموت الواقعة شرقي البلاد، والتي قدم منها النحال حسن بابريك (31 عاما)، الذي قال لـ”ريف اليمن”: سافرت من حضرموت للمشاركة في المعرض ليس من أجل البيع المباشر، ولكن من أجل زيادة التسويق، وبناء علاقات مع تجار العسل وكسب عملاء جدد”.
ويضيف بابريك: “المشاركة في المعرض جاءت لعدة أهداف أهمها إبراز العسل اليمني ذو الجودة العالية عبر المعرض للعالم، لافتا أن العسل اليمني معروف في جميع دول العالم وما نقوم به حالياً هو من أجل تعزيز مكانته فقط”.
وقال “موسم هذا العام 2024م، كان الإنتاج فيه وفيراً في مختلف مناطق حضرموت؛ بسبب الأمطار التي جاءت مع عاصفة “تيج” والتي جعلت الأشجار خضراء ومثمرة، ما أتاح للنحل مراعي كثيرة وواسعة”.
من ناحيته يقول النحال محمد علي (43 عاماً) الذي قدِم من ذمار إن “المحافظة تنتج أنواعا كثيرة من العسل ذات الجودة العالية وأبرزها القرض، الطلح، والجعدن، لكنها للأسف مظلومة تسويقياً؛ فوجدت بالمعرض فرصة للتعريف به”.
وأضاف علي لـ”ريف اليمن: “أرغب من خلال المهرجان التسويق لعسل “ذمار” داخلياً كخطوة أولى ثم إلى الخارج بإذن الله، أسوة بالأنواع الأخرى”.
أما تاجر ومسوّق العسل وليد ناصر (37 عاماً) أوضح لـ”ريف اليمن” أن طلبات العسل تأتيه من عدة دول عربية وأجنبية، وأسوق للعسل عبر السوشال ميديا، والكثير ممن يتابعون يعجبون بالعسل اليمني الفريد”.
التغيرات المناخية
وتواجه مهنة تربية النحل وإنتاج العسل في اليمن تحديات جمة جراء تأثيرات تغير المناخ، والحرب المستمرة، وهو ما جعل الكثير من النحالين عرضة للتهديدات لحوادث المناخ والتي من أبرزها تقلبات الطقس، وهطول الأمطار غير الموسمية والفيضانات وكذلك موجة الجفاف.
ويقول ناصر: “المعرض خطوة جميلة، لكنه يستمر 8 أيام فقط، ويجب على النحالين وتجار العسل استغلال السوشال ميديا في النشر والتسويق لمنتجاتهم بشكل دائم، من أجل تعزيز مكانة العسل اليمني، كما يجب على اليمنيين في الخارج أن يكونوا سفراء للعسل اليمني، وأيضاً لجميع المنتجات اليمنية التي تتفوق بجودتها”.
تنتج اليمن أنواعاً مختلفة من العسل تبعاً لاختلاف المراعي التي يتغذى منها النحل وأبرزها (السدرـ السمر ـ السلم ـ الظباـ العسق ـ القصاص ـ الصورب ـ الطنب ـ عسل المراعي)، فيما لكل نوع منها صفات محددة.
النحّال بابريك: موسم هذا العام 2024 كان الإنتاج فيه وفيراً في مختلف مناطق حضرموت
ويتأثر إنتاج العسل بعوامل كثيرة منها الأمطار والزراعة التي تتيح للنحل التغذية بشكل كبير، أو آفات وأمراض قد تصيب النحل، أو القطع الجائر للأشجار الذي يجعل تغذية النحل محدودة، أو الجفاف.
وفي حديثه لـ”ريف اليمن” قال النحال محمد مرعي (27 عاماُ، من المحويت) إن “تأخر الأمطار نتيجة التغيرات المناخية جعل إنتاج هذا الموسم أقل بكثير من إنتاج الموسم الماضي”.
أما النحال صالح بن قاسم (30 عاماً الذي قدِم من شبوة) إن “أحداث أمنية شهدتها المحافظة خلال الفترة الماضية أعاقت عليه التحرك للحصول على مراعي للنحل، بالإضافة إلى القطع الجائر للأشجار في مناطق مراعي النحل”.
ويضيف لـ”ريف اليمن”: “هذه الأسباب أدت لوفاة الكثير من النحل وإصابة أخريات ببعض الآفات؛ ولهذا كثير من نحالي المحافظة كان إنتاجهم أقل من بقية المواسم”.
وبلغ عدد الخلايا النحلية في اليمن 1,3 مليون خلية، فيما بلغت كميات الإنتاج 2,855 طناً، وجاءت محافظة حضرموت في المركز الأول من حيث عدد الخلايا، وكميات الإنتاج، تلتها ثانياً محافظة تعز، ومحافظة الحديدة ثالثاً، بحسب كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2021، ولا توجد أرقام جديدة لإنتاج العسل.
تنويع التسويق
وحول الإقبال على المهرجان، قال تاجر العسل محمود المهدي (25 عاماً) لـ”ريف اليمن” إن “الإقبال هذا العام كان قليلاً مقارنة بالأعوام السابقة، ويضيف: “كان أغلب الحضور يأتون صباحاً؛ لتجنب الأمطار، لكن بشكل عام الأعداد كانت أقل من الأعوام الماضية، مرجحا أن للأوضاع الاقتصادية التي يمر بها المواطن دور كبير في ذلك”.
وأردف: “عملنا على تعويض ضعف الحضور بتكثيف المنشورات والمقاطع القصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وحقق ذلك وصولاً كبيراً”.
الجدير بالذكر أن عسل السدر يُعد من أجود أنواع العسل اليمني ويتم إنتاجه في مختلف المحافظات اليمنية لكن تتنافس على الجودة الأعلى في إنتاجه منطقتي العصيمات في عمران ووادي دوعن في حضرموت، حسب ظروف كل موسم في كل منطقة.
ويوجد حوالي 100 ألف أسرة تعمل في مجال تربية النحل، وتعتمد عليها بوصفها المصدر الوحيد للدخل”. ويعود تاريخ تربية النحل في اليمن إلى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد على الأقل، وكانت تربية النحل تشكل جزءًا لا غنى عنه من الحياة الاقتصادية في اليمن، بحسب تقارير المنظمات الأممية في اليمن.
ووفق تقرير للأمم المتحدة 2020، فإن اليمن تنتج 1580 طناً فقط من العسل، يُصدَّر منها 840 طناً. وقد يصل سعر عسل السدر إلى 500 دولار للكيلوغرام في دول الخليج القريبة مثل السعودية والإمارات. ويؤكد خبراء تذوق العسل أن المنتج اليمني يستحق دخول السوق العالمية، لكن انعدام الاستقرار منذ عقود أدى إلى اضطراب نموه وصعوبة وصوله إلى الخارج، بحسب تقرير نشرته الغارديان البريطانية.