أوراق العنب.. ثروة يمنية مهدورة وفرصة استثمارية واعدة

دعوات لمنع استيراد أوراق العنب من الخارج وتشجيع المنتج المحلي

أوراق العنب.. ثروة يمنية مهدورة وفرصة استثمارية واعدة

دعوات لمنع استيراد أوراق العنب من الخارج وتشجيع المنتج المحلي

رغم أن زراعة العنب تحتلّ المركز الأول بين مختلف أصناف الفواكه في اليمن، تستورد بلادنا أوراق العنب من الخارج، وذلك بسبب غياب فكرة تحضير أوراق العنب في الثقافة اليمنية، مع أنها  تشكّل ثروة يمنية وفرصة اقتصادية واعدة.

وبحسب تقارير سابقة للإحصاء الزراعي، تُقدّر مساحة الأراضي المخصّصة لزراعة العنب بنحو 12.199 هكتارًا، وتنتج ما يقارب 145.591 طنًا. وبحسب دراسات، تحتل محافظة صنعاء المرتبة الأولى في كمية الإنتاج، وتليها صعدة فمحافظة عمران.

ثروة يمنية مهدورة

ويُعدّ طبق أوراق العنب واحدا من أطيب المقبلات على المائدة، وهو طبق مكوّن من أوراق عنب ملفوفة، ويُحشى بالأرز والخضروات والبهارات واللحم المفروم أحياناً، ويعود أصله إلى أيام الدولة العثمانية، ومنها انتقل إلى دول أخرى في المنطقة.

ومع ذلك، لا يزال هذا الطبق غائبا عن المائدة اليمنية التقليدية، وإن حضر أحيانا، فيكون بأوراق عنب مستوردة، وذلك بسبب غياب فكرة استثمار أوراق العنب المحلية في المائدة اليمنية.

ونتيجة لغياب فكرة تحضير أوراق العنب والاستفادة من عوائدها المالية، يقوم مزارعو العنب بتقديمها كأعلاف للحيوانات، وكذلك وضعها على جوانب صناديق العنب البلاستيكية لحماية الفاكهة عند نقلها إلى الأسواق، وفقا للمزارع علي عسكر.

ويفيد عسكر لمنصة ريف اليمن، وهو مزارع يملك مزارع كثيرة من أشجار العنب، أن أوراق العنب تُنزع من الشجرة، وتُسمى هذه العملية “الخَلْب”، وتتم مرتين في موسم العنب.

ويذكر أن المرة الأولى تبدأ عند بداية ظهور عناقيد العنب، وأن المرة الثانية تبدأ عندما تكون حبّة العنب مثل حبة الجُلجل (السمسم)، لكي يدخل الهواء لحماية العنب من الأمراض، وحتى تصبح حبات العنب مكتملة الحجم، وتُسمى “الكَحْب”، يتم “خلب” الأوراق وتخفيف الأوراق من الأشجار زيادة، لكي يبدأ العنب في النضج ويصبح جاهزا للأكل.

أوراق العنب.. ثروة مهدورة وفرصة استثمارية واعدة
أوراق العنب في مزارع خولان بمحافظة صنعاء(ريف اليمن/عبدالسلام جابر)

ووفقا للمزارع عسكر، تُستخدم أوراق العنب التي تُنتزع أعلافا للمواشي في البداية، ثم تُوضع على جوانب صناديق العنب البلاستيكية لحماية العنب عند نقله إلى الأسواق، ويُرمى الباقي في حظائر المواشي ليختلط مع مخلفاتها، ثم ينقل إلى المزارع سمادا.

خلال إعداد التقرير، زارت منصة ريف اليمن عددا من أشهر محلات العطارة والسوبرات في صنعاء، للبحث عن ورق العنب، فوجدت أن كل ورق العنب المعروض للبيع مستورد، ولا يوجد ورق عنب محلي.

وتقول غادة مالكة مشروع مطبخ “Miro grape” المتخصص في أطباق ورق العنب في مدينة عدن: “إن أكلات ورق العنب أصبحت تنتشر في الشارع اليمني وتحظى بإقبال كبير من الزبائن، بعد أن كانت غائبة تماما”.

المحلي هو الأفضل

وتضيف لمنصة ريف اليمن أن أكلات ورق العنب تكون إما محشية برز مصري صاف مع البهارات، وإما باللحمة المفرومة، لكنها تؤكد أنها تستخدم ورق عنب مستورد. وتُرجع غادة أسباب ذلك إلى عدم وجود ورق عنب محلي، لافتة أنها استخدمت في أوقات سابقة ورق عنب محلي أيام موسم العنب، وكان أفضل من الخارجي في الطعم والجودة.

ويتميز العنب اليمني بتنوع أصنافه التي تزيد عن عشرين صنفا، منها الأسود بأنواعه والرازقي والبياض والجوفي والعرقي والعاصمي وأصناف أخرى، ويبدأ موسم العنب في اليمن من منتصف شهر يونيو وحتى نوفمبر من كل عام.

لمى الأسودي أيضا تستخدم ورق العنب المعلب المستورد لإعداد وجبات ورق العنب لزبائنها، مؤكدة أنه، من تجربتها في مشروعها الخاص “مطبخ جونان” بصنعاء، يُعدّ ورق العنب المحلي أفضل بكثير من المستورد؛ إذ يكون أطرى وبدون مواد حافظة.

وأضافت لمنصة ريف اليمن أنها تطبخ محاشي ورق عنب، لافتة أن الإقبال على أكلات ورق العنب جيد جدا، وأن كل من تناوله يعود مرة أخرى.

أوراق العنب.. ثروة مهدورة وفرصة استثمارية واعدة
أطباق ورق عنب مستورة من الخارج، الصورة من مطبخ “Miro grape” المتخصص بأطباق ورق العنب في عدن (ريف اليمن/Miro grape)

أما أم خليل، وهي سورية مقيمة في صنعاء، فتستخدم ورق عنب محلي بصورة مستمرة لإعداد أكلة محاشي ورق العنب لأسرتها، لافتة إلى أن ورق العنب المحلي أفضل بكثير من المستورد، وأنها تحضّر ورق العنب لنفسها.

وقالت أم خليل لمنصة ريف اليمن إنها تذهب لزيارة صديقة لها في صنعاء لديها شجرة عنب في حوش منزلها، وتأخذ في كل زيارة كمية مِن ورق العنب، وتعمل على تحضيرها في المنزل، وذلك بغسلها بالماء والملح ولفّها ووضعها في قنينة زجاجية بعد تفريغ الهواء منها، وتبقى هكذا لفترة طويلة.

وأكّدت أن ورق العنب المحلي أفضل بكثير من الخارجي في الطعم ومتانة الورقة وطراوتها، وأبدت استغرابها من عدم وجود أي مصانع أو معامل لتحضير ورق العنب المحلي، على الرغم من انتشار مزارع العنب في مناطق كثيرة باليمن.

مشروع اقتصادي ناجح

الكاتب الاقتصادي علي التويتي قال إن ورق العنب مشروع اقتصادي ناجح، مشيرا إلى أن العالم أجمع يبيع ورق العنب، إلا في اليمن بلاد العنب. لافتا إلى افتقار الأسرة اليمنية للمعرفة في صناعة المخللات التي تساعد على تخزين المواد الغذائية إلى وقت انعدام السلع أو ارتفاع أسعارها.

وبحسب التويتي الذي تحدث لمنصة ريف اليمن، يميل المواطن اليمني إلى الأشياء الطازجة، ولا يتقبل الطعام المخزن، وهذه الثقافة أجبرت الغالبية على عدم التفكير بهذه التدابير المنزلية، مشدّدا على ضرورة منع استيراد ورق العنب الخارجي وتشجيع استخدام ورق العنب المحلي.

وينوّه إلى أن هذا الأمر ينطبق على بقية الفواكه والخضروات؛ فهي تُرمى ويُبذّر فيها في موسمها وأيام رخصها، ثم تُشترى وقت انعدامها بأغلى الأثمان، ويؤكد أننا نحتاج في اليمن إلى تعليم النساء كيفية صناعة هذه الأشياء وتوفير كثير من الأموال للأسرة اليمنية.

وحسب خبراء التغذية، يتميّز ورق العنب بنسبة مرتفعة من مضادات الأكسدة، وهي عناصر غذائية تساعد الجسم على مقاومة الإجهاد التأكسدي الذي يتسبّب بكثير من المشاكل الصحية. وحسب موقع جامعة روتشيستر، يحتوي ورق العنب على كثير من العناصر الغذائية المختلفة.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :