كيف نختار البذور الموسم القادم؟

الزراعة الناجحة تبدأ باختيار البذور الصحيحة

كيف نختار البذور الموسم القادم؟

الزراعة الناجحة تبدأ باختيار البذور الصحيحة

مع بدء موسم حصاد الحبوب، وردت إلينا تساؤلات عديدة من متابعينا حول كيفية اختيار وتخزين البذور المناسبة للموسم الزراعي المقبل.

ويعد انتقاء البذور عاملاً حاسماً يؤثر بشكل كبير على غلة المحاصيل والإنتاجية، وتعتبر البذور الجيدة أساس الزراعة الناجحة، حيث يعتمد عليها الفلاحون لتحقيق إنتاج وفير، خصوصاً في مواجهة التحديات مثل التغيرات المناخية وانتشار الآفات.

في هذه المادة، تسلط منصة “ريف اليمن” الضوء على أهمية اختيار البذور في تعزيز الإنتاجية الزراعية، بالإضافة إلى الممارسات الفعالة التي يمكن أن يتبعها كل فلاح.

اختيار البذور

يجب اختيار السنابل الكبيرة والناضجة، الخالية من الأمراض أو الآفات. ينبغي أن تكون النباتات قوية النمو ومتناسقة في الطول مقارنة بما حولها، وغير متأثرة بأماكن تجمع المياه أو النباتات المتباعدة.

ويُفضل اختيار بذور محلية (من الحقل مباشرة) لأنها غالباً ما تكون متكيفة مع البيئة والتربة والمناخ المحليين، وتُعتبر هذه العملية من أفضل الطرق، حيث يتم اختيار الحقل المناسب الذي يتمتع بأفضل نمو، بالإضافة إلى اختيار المساحة التي ستوفر لنا الكمية المطلوبة من الذري. يمكننا أيضاً انتقاء عدد من النباتات التي تمثل الصنف المحلي السائد والمرغوب فيه.

وتعد الحبوب الممتلئة والنظيفة مؤشراً على جودة المحصول؛ فالبذور السليمة تنتج نباتات قوية قادرة على مقاومة الأمراض والآفات.

كيفية نختار البذور الموسم القادم؟
أظهرت الأبحاث أن البذور المحتفظ بها في سنابلها تبقى بصحة جيدة وتحتفظ بمحتوياتها الغذائية

ويُشدد المختصون على ضرورة أن تكون الرؤوس المختارة (العذقة) كبيرة الحجم وتحتوي على عدد كبير من البذور الممتلئة، دون وجود سنبلات فارغة، وأن تكون خالية من الإصابة بالأمراض والتفحمات المعروفة محلياً بـ”العكبة” أو “العكاب”، كما ينبغي أن تكون مبكرة بالنضج مقارنة بغيرها من النباتات، وأن تكون الحبوب المنتخبة ممثلة للصنف وممتلئة وغير ضامرة.

وكما ذُكر سابقاً، تمتاز البذور المحلية بقدرتها على مقاومة الأمراض والتغيرات البيئية مثل الجفاف أو الرطوبة الزائدة، وفي ظل التغيرات المناخية، يمكن البحث عن بذور مقاومة لموجات الحرارة أو البرودة، مما يضمن استدامة المحاصيل حتى في الظروف الصعبة.

وينصح الخبير الزراعي في منصة “ريف اليمن” محمد الحزمي بإجراء تجربة إنبات بسيطة للتأكد من جودة البذور عبر زرع عينة صغيرة ومراقبة معدل الإنبات.

وإذا كنت تفضل الحصول على بذورك من السوق، قم بشرائها من مصادر موثوقة، مثل مراكز الأبحاث الزراعية أو المتاجر المعتمدة، وتجنب الأسواق العشوائية التي قد توفر بذوراً بجودة منخفضة، ويمكنك أيضاً استشارة جهات مختصة للحصول على توصيات حول الأصناف المناسبة لمنطقتك.

ملاحظة: هناك أيضاً بعض الخطوات التي يمكن أن تحسن من عملية الإنبات، مثل نقع البذور في محلول مطهر للتخلص من مسببات الأمراض، واستخدام الأسمدة العضوية لتقوية البذور قبل زراعتها.

كيفية نختار البذور الموسم القادم؟
جزء من محصول البطاط داخل إحدى المزارع بمحافظة مأرب شرقي اليمن (فيسبوك)

التجفيف والتخزين والحصاد

توضع السنابل في مكان جاف وتُعرض للشمس لمدة 10 إلى 15 يوماً، مع تقليبها يومياً لضمان تجفيفها جيداً قبل تخزينها، ويساعد هذا على منع تكاثر الفطريات والبكتيريا.

ويمكن استخدام أدوات محلية للتجفيف، مثل الحصائر المصنوعة من الخيزران أو سعف النخيل، لتعزيز تدفق الهواء وتقليل مخاطر التعفن.

ويُفضل الاحتفاظ بالبذور في سنابلها، حيث تعمل السنابل كغطاء طبيعي يحمي الحبوب. ما جاء في قوله تعالى يؤكد ذلك: “قال تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ” [يوسف: 47].

وقد أظهرت الأبحاث أن البذور المحتفظ بها في سنابلها تبقى بصحة جيدة وتحتفظ بمحتوياتها الغذائية، في حين أن البذور المعزولة تفقد نسبة كبيرة من الماء والمغذيات.

ويتم حصاد الرؤوس المختارة وعزلها عن بقية الرؤوس المحصودة، ويُفضل استخراج الحب من سنابلها يدوياً، وليس كما يُعرف محلياً بـ”الخبيط” أو “الدوامة”، أو باستخدام الآلات الحديثة، لضمان نقاوتها وعدم تلوثها ببذور أخرى من نفس المزرعة أو من المزارع المجاورة، وبعد ذلك، نقوم بتجفيفها مرة أخرى وغربلتها في مكان التجفيف، سواء على أسطح المنازل أو ما يُعرف بالمجران.


    إرشادات ذات صلة


احتياطات لتخزين البذور

  • استخدام عبوات مقاومة للرطوبة والآفات: تُحفظ البذور في عبوات محكمة الإغلاق، مع إضافة مسحوق مبيد للحشرات لمنع الإصابة الحشرية. يُنصح بتجنب العبوات المعدنية لتفادي الصدأ، الذي قد يؤثر على جودة البذور، تُخزن البذور في أماكن مناسبة بعد تعبئتها في أكياس نظيفة، أو براميل، أو دبابات بلاستيكية محكمة الغلق لحين موعد الزراعة التالي، كما يجب تخزين البذور في مكان جاف ونظيف، وبعيداً عن بذور نفس المحصول المخصصة للأكل.
  • مراقبة ظروف التخزين: يجب تخزين البذور في بيئة باردة وجافة بعيداً عن الشمس المباشرة والرطوبة العالية التي قد تسبب تعفنها. يمكن استخدام مقياس للرطوبة داخل مستودعات التخزين للحفاظ على البيئة المناسبة للبذور.
  • تدوير المخزون القديم: يُنصح بتدوير المخزون سنوياً لضمان الحصول على بذور طازجة ذات جودة عالية؛ حيث يمكن استخدام المخزون القديم أولاً ثم استبداله ببذور جديدة.

نصائح إضافية

  • زراعة بذور مقاومة للأمراض: يُفضل اختيار أصناف مقاومة للأمراض المنتشرة في المنطقة لتقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية، مما يزيد الإنتاجية بطريقة آمنة ومستدامة.
  • التقنيات الحديثة في تحسين البذور: يمكن للمزارعين الاستفادة من تقنيات حديثة لتحسين البذور، مثل الاختبارات الجينية، التي تحلل جودتها وتساعد في اختيار أصناف محسنة بخصائص معينة كالقدرة على تحمل الجفاف أو زيادة المغذيات.
  • سجلات متابعة المحصول: الاحتفاظ بسجل زراعي يسجل نوع البذور وأداء المحصول يساعد المزارعين على تحديد الأصناف الأكثر نجاحاً ومواكبة التغيرات في بيئة الزراعة.

وقبل أن نختم هذه النصائح الإرشادية، نود الإشارة إلى أن هناك عدة أنواع من البذور، ويمكن تصنيفها بناءً على عدة معايير:

  • حسب الأصل:

    بذور طبيعية: تأتي من النباتات البرية أو المحاصيل التقليدية، مثل بذور الطماطم البرية والقمح القديم.
    بذور هجينة: ناتجة عن تهجين نوعين أو أكثر لتحقيق صفات معينة، مثل الذرة الهجينة التي تتميز بالإنتاجية العالية والمقاومة للآفات.

  • حسب طريقة الزراعة:

    بذور عضوية: تُزرع وفق معايير الزراعة العضوية، دون استخدام مواد كيميائية، مثل الخس والفراولة العضويين.
    بذور تقليدية: تُزرع باستخدام أساليب الزراعة التقليدية، مثل الأرز والفاصولياء التقليديين.

  • حسب الصلاحية:

    بذور مُعالجة: تُعالج كيميائيًا أو فيزيائيًا لتحسين إنباتها، مثل بذور القمح المعالجة لمقاومة الأمراض الفطرية.
    بذور غير مُعالجة: لم تخضع لأي معالجة، مثل البازلاء التي تُزرع بشكل طبيعي.

  • حسب الاستخدام:

    بذور غذائية: تُستخدم لزراعة المحاصيل الغذائية، مثل الأرز البسمتي والشعير.
    بذور زينة: تُستخدم لزراعة النباتات الزينة، مثل الورد والأوكالبتوس.

  • حسب مدة الحياة:

    بذور سنوية: تُزرع وتُحصد في دورة حياة واحدة، مثل القرع والذرة.
    بذور معمرة: تستمر في النمو لعدة سنوات، مثل النعناع والشاي.

ولكل نوع من هذه البذور خصائصه واستخداماته المحددة، ويتطلب رعاية خاصة لضمان نموه ونجاحه. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للفلاح زراعة الشتلات أو النباتات الجاهزة، مثل الطماطم والريحان.

ويمكننا القول إن اختيار وتخزين البذور بطريقة علمية وصحيحة هو أساس الزراعة الناجحة، حيث يؤثر بشكل مباشر على جودة المحصول وإنتاجيته.

ومن خلال الالتزام بالإرشادات المناسبة، يمكن للمزارعين تعزيز فرص نجاحهم وتقليل المخاطر المرتبطة بتدهور جودة البذور.


هذه النصائح لكم/ن
إذا كان لديكم/ن أي استفسار أو تحتاجون إرشاد بشأن الزراعة أو الماشية،أو النحل،أو الصيد البحري، من المهندس الزراعي في منصة “ريف اليمن”، بإمكانكم التواصل معنا عبر البريد – info@reefyemen.net. أو التواصل معنا عبر الواتساب على الرقم: 777651011.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي التالية:-
فيسبوك .  تويتر . واتساب . تلغرام . إنستغرام

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: