يكافح سامي محمد (32 عاما) في العمل على متن دراجته النارية تحت أشعة الشمس الحارقة، في ريف مديرية عُتمة بمحافظة ذمار، من أجل تأمين لقمة العيش لأسرته المكونة من 8 أفراد.
وتُعد الدراجات النارية، وسائل نقل ومصدر للعيش، في معظم الريف اليمني، بسبب انعدام فرص العمل،ويعتمد عليها أبناء المنطقة بشكل أساسي للتنقل، وجلب حاجاتهم من السوق، نظرا لوعورة الطرق وعدم القدرة على شراء السيارات.
اضطر سامي إلى ترك تعليمه الدراسي في المرحلة الثانوية بسبب تدهور وضع أسرته المعيشي، وسافر للعمل في محافظة البيضاء ثم العاصمة صنعاء، وتمكّن من توفير مبلغ مالي وشراء دراجة نارية وعاد للعمل بها في قريته المقارب.
وسائل نقل في عُتمة ذمار
يقول سامي لمنصة ريف اليمن: “بدأت بالعمل على دراجتي النارية عقب عودتي للقرية، وكانت تحقّق لي دخلا كثيرا في الأعوام الأولى للحرب نظرا لعدم وجود عدد كبير منها في المنطقة، وكان السكان يعتمدون عليها بشكل كبير في التنقل وإيصال احتياجاتهم”.
ويضيف: “كانت المنطقة تشهد نشاطا كبيرا في ظل نجاح المزارعين في زراعة وتصدير القات إلى مختلف المحافظات اليمنية، ونظرا لوعورة الطريق أصبحت الدراجات النارية الوسيلة المناسبة والأقل تكلفة”.
ولم يقتصر عمل الدراجات لكسب العيش على سامي فقط، لكنه شمل عشرات الآلاف من اليمنيين، وأغلبهم من الشبان ممن فقدوا أعمالهم ومرتباتهم في القطاعين الحكومي والخاص، فقد اضطروا للعمل على الدراجات النارية لكسب لقمة العيش.
وقد دفع الإقبالُ على شراء الدراجات النارية إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعارها، فأصبحت تتراوح ما بين 400 ألف – 800 ألف ريال يمني (الدولار يساوي 530 ريالا).
أنس عبد الرقيب (22 عاماً) أيضا يعمل على الدراجة النارية في قرية المعلامة، وتعتبر وسيلته الوحيدة لتأمين الغذاء لأفراد أسرته، رغم التدهور الشديد في الفترة الأخيرة والركود الاقتصادي. يذكر أنس أنه اضطر إلى بيع بقرة والدته واقتراض مبلغ مالي من أجل شراء الدراجة النارية بعدما تعرض والده لصدمة نفسية جعلته غير قادر على العمل.
انعدام فرص العمل
ويقول أنس لمنصة ريف اليمن إنه ترك التعليم قبل أربعة أعوام، واتجه نحو العمل، لافتا إلى أن صعوبات كثيرة تعرقل طريقه أبرزها الركود الاقتصادي. “انعدام فرص العمل، وغياب البدائل يجعلنا نتمسك بالعمل على الدراجة ونكافح من أجل توفير احتياجاتنا بصعوبة، يضيف أنس.
ويشكو سامي من تراجع العمل في الدراجات النارية وانخفاض الدخل بشكل كبير بعد إقبال كثير من الأهالي على شرائها وتدهور القيمة السوقية للقات في الأسواق بالإضافة إلى المحاصيل الأخرى والركود الاقتصادي في كل المجالات.
وبحسب الحكومة المعترف بها دوليا فإن نسبة انعدام الأمن الغذائي وصلت إلى 60% من السكان، وهناك 80% من السكان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلاً عن نزوج حوالي 4.3 مليون إنسان، جلهم يفتقرون إلى الخدمات الأساسية.
الكاتب الاقتصادي رشيد الحداد قال: “إن الدراجات النارية في الريف تحولت إلى وسيلة من وسائل الدخل الرئيسية لكثير من الأسر، وهذا يؤكد إسهامها في الحد من معاناة الناس”.
وأضاف الحداد لمنصة ريف اليمن: “بالإضافة إلى أنها وسيلة دخل، تقدم خدمة كبيرة للمجتمع الريفي، فهي تسهل حركة المواطنين، وتعود بالدخل على صاحبها، خصوصا في العشر السنوات الأخيرة، بعد أن كان انتشارها في البداية محصورا على المناطق الحضرية دون الريفية”.
مليون دراجة
ويؤكد الحداد أن حركة الدراجات النارية في الريف أقلّ خطورة مقارنة بما يتعرّض لها سائقو الدراجات النارية في المدن، بالإضافة إلى أنها تتناسب مع الطرق الوعرة في الريف ومع احتياجات المواطنين، ويلفت إلى أن بعض المناطق الريفية تحتاج إلى وسائل الدفع الرباعي، وهي مكلفة جدا ولا يقدر على شرائها معظم المواطنين، لذلك كانت الدراجة النارية هي الحل الأمثل، فقد قامت بتلبية احتياجات هؤلاء الناس.
وتشير تقارير إعلامية محلية إلى وجود أكثر من مليون دراجة نارية تستخدم وسيلةَ مواصلات في اليمن، وهو ما يشكل 9 أضعاف ما كانت عليه الحال في عام 2010، في حين تشير إحصائيات المرور إلى أن أغلب الحوادث المرورية سببها الدراجات النارية.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن أكثر من نصف سكان اليمن بحاجة إلى الخدمات الإنسانية وخدمات الحماية، ويعاني اليمن من أحد أعلى معدلات سوء التغذية المسجلة على الإطلاق، ما يؤثر سلبا على حياة كثير من الفقراء في البلد الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.