الماشية بمرمى الإفتراس: مراعي غير آمنه للمزارعين

تشكل الثروة الحيوانية نحو 25 % توفّر الدخل لأكثر من 3.2 مليون شخص

الماشية بمرمى الإفتراس: مراعي غير آمنه للمزارعين

تشكل الثروة الحيوانية نحو 25 % توفّر الدخل لأكثر من 3.2 مليون شخص

“ذهبتُ بالأغنام إلى الجبل عصرًا للرعي، وعدتُ إلى المنزل على أن أعود إليها صباحًا مثل كل يوم، ولكن في الصباح التالي، لم أجدها إلا جثثا ملقاة على الأرض، رؤوسها مفصولة عن أجسادها”، بهذه الكلمات المليئة بالحسرة، تحدّثت قَبول مطهّر، خمسينية من ريف تعز الغربي، لريف اليمن، بعد أن فقدت 7 من مواشيها نتيجة انتشار الحيوانات المفترسة في جبال مديرية جبل حَبَشي.

تقول قبول: “باتت الحيوانات المفترسة تشكّل تهديدًا حقيقيًا على الثروة الحيوانية ومواشي المواطنين في قرى المنطقة. أصبحنا نعثر على بقايا أغنام في الجبال الشاهقة. وفي شهر واحد، فقدتُ 7 من المواشي افترسها أحد النمور، وهذه الخسائر ترهق مُلاك المواشي في ظلّ غياب أي حلول جادة لهذه الظاهرة”.

مراعي غير آمنه بريف تعز

وفي السنوات القليلة الماضية تصاعدت شكاوى الأهالي في منطقتي الشراجة والأشروح بمديرية جبل حبشي من حالات افتراس مواشيهم السائمة في الجبال من قبل النمور وحيوانات أخرى، مما كبدهم خسائر فادحة، لا سيما أن معظم هؤلاء المواطنين يعتمدون بدرجة أساسية على رعي الأغنام والزراعة مصدرا رئيسيا للرزق.

ولأجل ما سبق، اضطر كثير من الأسر إلى إبقاء مواشيها داخل المنازل بدلًا من إرسالها للرعي في الجبال خوفا من الافتراس، ويقول جسّار محفوظ (40 عاما)، وهو راعي أغنام: “الجبل لم يعد آمنًا، أصبح الرعاة يخشون حتى على حياتهم، الحيوانات المفترسة تنتشر بشكل مقلق، ولا نملك القدرة على مواجهتها”.


      مواضيع ذات صلة


ويضيف لمنصة ريف اليمن: “كان الجبل مصدرًا خصبًا لرعي الأغنام خاصة في موسم الزراعة الذي يُعدّ موسم خير، لكنه الآن يشكل عبئًا كبيرًا على الرعاة، الذين يضطرون لإبقاء الأغنام داخل المنازل ويسعون لتوفير الأعلاف بأنفسهم، وهو أمر صعب خصوصًا لمن يملكون قطعانًا كبيرة”.

خسائر كبيرة في الماشية

إلى جانب قبول، خسر كثير من المواطنين أيضا مواشيهم السائمة في الجبال في ظلّ استمرار هذه الحيوانات المفترسة بالتفشي والتزايد، ويقول راعي الأغنام الثلاثيني حميد مجيد: “منذ سنة تقريباً خسرتُ أكثر من 20 رأسا من الماعز وسط الجبال بسبب الحيوانات المتوحشة”.

وأضاف لمنصة ريف اليمن: “هناك حيوانات، مثل النمر وحيوان آخر يُسمى محليّا (الإصبيب)، تسببت بخسارة كبيرة في صفوف للرعاة الذين يعتمدون على هذه المواشي في معيشتهم”. ويتابع بالقول: “كنا نترك الأغنام ترعى في الجبال بأمان، لكننا الآن مضطرون لحبسها في المنازل خوفا من الحيوانات المفترسة، حتى في موسم الأمطار، مما يزيد من معاناة الرعاة”.

ويشابه حال سالم الشرجبي حال مجيد وقبول، ويقول لـمنصة ريف اليمن: “لم أظن يوما أن قطيع الأغنام سيحرم من الجبل الذي كان سكنا دائما لها يوفر الأعلاف والمياه”، ويشير الشرجبي إلى أنه كان يذهب إلى قطيع أغنامه كل ثلاثة أيام إلى الجبل لكي يتفقّدها فقط، ومن ثم يعود إلى البيت غير آبه بأمرها، لكنه اليوم أصبح لا يترك القطيع يتعدّى تلة جبل قريبة من منزله إلا ويهرع ليعيدها خوفا من المُفترِسات التي جعلت حال السكان خوفا وقلقا”.


يقول راعي الأغنام الثلاثيني حميد مجيد: “منذ سنة تقريباً خسرتُ أكثر من 20 رأسا من الماعز وسط الجبال بسبب الحيوانات المتوحشة”.


حاول الأهالي إيجاد حلول تقليدية للحدّ من خطر الحيوانات المفترسة، لكنها لم تحقّق النتائج المرجوة، سعيد أحمد الدخيني، أحد وجهاء المنطقة، أوضح قائلا: “لجأنا إلى وضع السم في جثث المواشي المذبوحة لتقليل خطر هذه الحيوانات، لكن التجربة فشلت، يبدو أن هذه الحيوانات تمتلك حاسة شم قوية تجعلها تتجنب الجثث المسمومة”.

وبحسب بيان أصدرته منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة الفاو في 2020، فإن “الثروة الحيوانية توفّر الدخل الرئيسي لأكثر من 3.2 مليون شخص، في جميع أنحاء اليمن، حيث تربي الأسر الأغنام والماعز والماشية، وتعتمد على استهلاك وبيع منتجاتها للبقاء على قيد الحياة”.

مطالب عاجلة 

وجّه أهالي منطقة جبل حَبَشي بريف تعز الغربي مناشدة عاجلة للجهات المعنية ممثلة بوزارة الثروة الحيوانية للتدخل العاجل ووضع حلول جذرية لهذه المشكلة التي تهدّد مصدر رزقهم الرئيسي، لكن لم يتلقّوا أي استجابة.

مدير قطاع الإنتاج الحيواني بمكتب الزراعة في تعز، دماج نصر، أكّد في حديثه لمنصة ريف اليمن أن البلاغات حول اعتداءات الحيوانات المفترسة وخاصة الكلاب المسعورة تتزايد يوميًا، وأضاف: “وسائل المكافحة ضعيفة في ظل الحرب وضعف مؤسسات الدولة، نحاول معالجة القضايا بشكل عاجل، لكن الموارد شحيحة”.

وأشار دماج إلى أن الحيوانات المفترسة، مثل أسود الجبال والنمور، تشكل خطرًا كبيرًا على المواشي، فهي قادرة على مطاردة فرائسها والكمون لها، وقد تهاجم البشر إذا كان الشخص بمنطقة مقفرة بعيدًا عن الأنظار، وقد ينفرد الحيوان المفترس به ويقضي عليه.


أسود الجبال والنمور، تشكل خطرًا كبيرًا على المواشي، فهي قادرة على مطاردة فرائسها والكمون لها، وقد تهاجم البشر إذا كان الشخص بمنطقة مقفرة بعيدًا عن الأنظار


وأكد دماج أن الجهات المختصة ستعمل جاهدة على وضع حلول لهذه المعضلة المقلقة التي يعاني منها أبناء ريف تعز الغربي، والتجاوب مع الأهالي لمكافحة ظاهرة الحيوانات المفترسة في الجبال والمهدّدة للثروة الحيوانية لأبناء الأرياف.

وتشكل الثروة الحيوانية نحو 25 بالمئة من القوى العاملة في الأرياف اليمنية، في حين يستوعب القطاع الزراعي الشريحة الأكبر من الأيادي اليمنية العاملة، وفق بيانات حكومية رسمية. كما توفر الثروة الحيوانية الدخل الرئيسي لأكثر من 3.2 مليون شخص، في جميع أنحاء اليمن، بحسب منظمة الفاو.

وبحسب بيانات وزارة الزراعة في الحكومة المعترف بها دوليا، فقد تراجع حجم الثروة الحيوانية مقارنة بحجمها قبل الحرب والتي كانت تقدر بأكثر من 35 مليون رأس ما بين أغنام وماعز وأبقار وجِمال، بينما يصل حجم الإنتاج الحيواني إلى 570 ألف طن سنوياً من اللحوم الحمراء والبيضاء والألبان، إضافة إلى منتجات البيض والجلود والصوف والعسل.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: