لم تعد تربية النحل تقليدا متوارثا لدى اليمنيين وحسب، بل أصبحت مهنة لجأت لها العديد من الأسر اليمنية كمصدر دخل رئيسي، عقب فقدانها لدخلها الأساسي نتيجة الحرب الدائرة في البلاد وتوقف صرف المرتبات.
وخلال السنوات الماضية توجه العديد من أرباب الأسر لتربية النحل وإنتاج العسل والمتاجرة به كمصدر دخل لعائلاتهم حيث تشتهر اليمن بأنواع متعددة من العسل حسب تنوع الغطاء النباتي في البلاد، ناهيك عن عسل السدر ذات الجودة العالية الذي يتميز به اليمن كأحد أجود أنواع العسل في العالم.
وبحسب ارقام الأمم المتحدة، “فإن حوالي 100 ألف أسرة تعمل في مجال تربية النحل، وتعتمد عليها بوصفها المصدر الوحيد للدخل”. ويعود تاريخ تربية النحل في اليمن إلى بداية الألفية الأولى قبل الميلاد على الأقل، وكانت تربية النحل تشكل جزءًا لا غنى عنه من الحياة الاقتصادية في اليمن.
تربية النحل
ويواجه النحالون اليمنيون العديد من الصعوبات والمخاطر والتي تتسبب بهلاك العديد من النحل نتيجة التغير المناخي وانتشار المبيدات والسموم التي تستخدم بطريقة عشوائية، وأدت إلى نفوق آلاف من خلايا النحل، ورغم ذلك يواصل النحالون العمل في مهنتهم وبطرق تقليدية توارثها اليمنيون منذ قديم الزمن باعتبارها الطريقة المتاحة حاليا.
المواطن أحمد عبده، من أبناء محافظة المحويت يقول لـ “منصة ريف اليمن”، بعد توقف المرتبات انقطع مصدر دخلي الوحيد فقمت ببيع سلاح شخصي، واشتريت عدد عشر خلايا من أحد النحالين في منطقتي وبدأت مشواري في تربيتها والاهتمام بها بهدف جعلها مصدر دخل.
ويضيف أحمد “خلال سنوات قمت بالاهتمام بخلايا النحل حتى بدأت بالتكاثر واستطعت بعد اول موسم عسل ان اوفر القليل من المال للتنقل بها ومعالجتها وتغذيتها خلال ايام الجفاف والبرد، حتى تكاثرت وأصبحت اشعر بأني شخص منتج قادر على توفير الدخل لي ولعائلتي، واصبحت تربية النحل مشروعا ناجحا وتغيرت حياتي للأفضل”.
وعن بداية عمله في تربية النحل أوضح أحمد انه استعان بأحد النحالين في منطقته ليقوم بتعليمه المهارات الخاصة بتربية النحل إضافة لهوايته وحاجته التي ساعدت في نجاحه وأدت إلى زيادة عدد خلايا النحل وتكاثرها حد تعبيره.
تحديات وصعوبات
من جهته قال حسن الغولي وهو نحال ومزارع من محافظة عمران شمال اليمن – إن صعوبات كثيرة واجهته في مسيرته في مهنة تربية النحل وإنتاج العسل، وتعرض لانتكاسات كبيره ادت إلى نفوق مجموعات من خلايا النحل الخاصة به.
وأضاف الغولي في حديث لـ”منصة ريف اليمن”، ” أن تربية النحل والاعتناء بها يحتاج إلى دراية واستشارة ذوي الخبرة الكافية وإلا فإن النحل قد تتعرض إلى النفوق كما حدث معه بداية مشواره، حيث هلكت خلايا كثيرة من النحل التي قام بتربيتها كونه لم يكن على معرفة كافية بتربية النحل ومعالجتها وتغذيتها”.
وتابع “بالإضافة إلى نقص الوسائل المتاحة حتى تعلم مع مرور الوقت واستعان بنحالين من منطقته حتى تجاوز الصعوبات وتكاثرت النحل الخاصة به واصبحت تنتج انواع متعددة من العسل”.
وأوضح أنه يقوم بالتنقل بالنحل بين مناطق مختلفة، خلال فصول السنة بهدف تكاثرها كتنقله إلى تهامة في موسم الخريف، او بهدف إنتاج العسل بتنقله إلى منطقة العصيمات بمحافظة عمران، او شبوه حيث اشجار السدر تغطي الأودية وتنتج عسل السدر ذات الجودة العالية الذي يعتبر الموسم المهم للنحالين لما له من مردود مالي واقتصادي يعتمد عليه طوال العام كمصدر دخل لأسرته وكذلك لرعاية النحل حد قوله.
120 ألف أسرة يعملون في النحل
بدوره يقول عبد الله يريم رئيس المؤسسة اليمنية لتطوير قطاع النحل والإنتاج الزراعي باليمن أن ما بين 100 ألف إلى 120 ألف اسرة تعمل في مجال تربية النحل باليمن، ولدينا حاليًّا قرابة مليون ومئتي ألف خلية نحل، وهذا أقل بنحو 13% من عدد الخلايا في عام 2020“.
وأشاد “يريم” خلال حديثه مع “منصة ريف اليمن”، بالتوجيهات التي صدرت للحفاظ على جودة العسل اليمني وتشجيع إنتاج العسل الطبيعي بافتتاح محمية برع الطبيعية النحلية والتي ستكون تحت رقابة صارمة، منوها بالمهرجان الوطني الثاني للعسل اليمني ومنتجات النحل الذي أقيم في صنعاء، باعتباره نافذة للنحالين اليمنيين لتسويق العسل.
يشار إلى أن مهنة تربية النحل انتشرت في معظم المحافظات اليمنية أبرزها محافظة حضرموت تليها محافظات شبوة وابين والحديدة لتأتي بقية المحافظات كعمران والمحويت وحجة وتعز وغيرها من المحافظات.