تتضاعف معاناة المزارعين اليمنيين، جراء ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات الزراعية، يوما بعد آخر متأثرة بانهيار سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، في ظل غياب الرقابة على الأسواق، الأمر الذي أثقل كاهل المزارعين في مختلف المناطق الريفية اليمنية.
وينتهز كثير من التجار غياب الرقابة وما تشهده البلاد من حرب، في إنعاش تجارتهم ومضاعفة أرباحهم بشكل خيالي على حساب المواطن من خلال زيادة الأسعار حتى في حال تراجع الصرف فيما تظل أسعار الأسمدة والمبيدات في تزايد مستمر خاصة في المواسم الزراعية.
وقال أبو محمد الحرازي أحد سكان مدينة بيت الفقيه التابعة لمحافظة الحديدة (غرب اليمن) إن السبب الرئيسي في تلاعب التجار وتفاوت الأسعار ناتج عن غياب الرقابة وعدم وجود قانون يحدد سعر المواد بشكل رسمي ويعاقب المخالفين.
إقرأ أيضاً:
هل يمكن نجاح الزراعة بلا أسمدة أو مبيدات كيميائية؟
ويرجع كثير من التجار السبب في ارتفاع وتضارب الأسعار إلى انهيار العملة بشكل رئيسي إضافة إلى تكاليف الشحن والضرائب المفروضة من قبل الجهات المسؤولة سواء في الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، أو حكومة الحوثيين غير المعترف بها.
وقال الاقتصادي حمود بكر إن الاختلالات وارتفاع أسعار السلع والإنتاج المحلي ناتج عن الصراع المستمر، وانهيار العملة وعدم وجود رقابة تعمل على تنظيم الأسواق، وتحدد نسبة الأرباح لكل سلعة.
وأوضح أن هذا التلاعب يكبد المزارعين خسائر مالية كبيرة، وتكون الخسارة أكبر إذا صادف وقت جنى الثمار ركود الأسواق.
أسعار الأسمدة: تكاليف اضافية
ويضطر المزارع محمد عيسى في ريف بيت الفقيه الى شراء المبيدات والأسمدة التي يحتاجها في زراعة الخضار والحبوب قبل الموسم بأشهر لتفادي جشع التجار في رفع أسعارها.
وقال عيسى (32 عاما) إن غالبية المزارعين لا يستطيعون شراء احتياجاتهم في غير الموسم بسبب وضعهم الاقتصادي السيء، الأمر الذي يجعل التجار ينتهزون الفرصة في رفع أسعارها بنسبة من 30 % الى 70 % لبعض المبيدات والاسمدة الكيميائية.
بدوره قال المزارع محمد الحسني إن تكاليف إضافية يتحملها المزارعون في أرياف اليمن والمناطق الجبلية التي لم تصل إليها الطرقات والتي ما زالت الحمير وسيلتهم الوحيدة لنقل بضائعهم وقد تصل تكاليف بعض السلع الى 50% من قيمتها.
ويعتمد المزارعون على شراء كميات كبيرة من الأسمدة والمبيدات بهدف زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية وسلامتها من الآفات والحشرات البيئية التي تتسبب في خسارة كبيرة لبعض المزارعين.
وتُظهر الإحصائيات الصادرة عن وزارة الزراعة والرّي اليمنية في صنعاء عام 2018، أنّ كمية استيراد المخصبات الزراعية والأسمدة الكيميائية في صورتيها الصلبة والسائلة كانت 15،004 أطنان من الأسمدة الصلبة، و514،875 ليتراً من الأسمدة السائلة.
وتشير البيانات ذاتها إلى أنّ استيراد هذه الأسمدة بلغ ذروةً قياسيةً عام 2020، وصلت إلى 49،466 طناً للأسمدة الصلبة، و1،337،267 ليتراً للأسمدة السائلة، أي أنّ نسبة الزيادة المئوية في استيراد الأسمدة الكيميائية الصلبة بلغت 230%، ونسبة الزيادة في استيراد الأسمدة الكيميائية السائلة وصلت إلى 160%.
ويشكل استيراد وبيع المواد الكيميائية بطرق عشوائية ومخالفة للمواصفات الدولية خطرا على النظام البيئي فيما يتطلب إرشادات وتوعية المزارعين لتحقيق نتائج مستدامة ومتميزة دون أضرار.
غش متعمد
في ظل ما أحدثته التكنولوجيا من طفرة في أدوات ومعدات التعبئة والتغليف الى جانب الوضع الراهن الذي تمر به البلاد جراء الحروب وغياب الرقابة وجشع التجار بات من الصعب على المستهلك تحديد نوع ما يحتاج اليه دون الوقوع في شراء السلع المقلدة والمهربة والمغشوشة.
وبسبب الجهل يجد غالبية المزارعين في ريف اليمن صعوبة في معرفة أصناف المبيدات ومسمياتها العلمية ما يجعلهم فريسة سهلة ولقمة سائغة أمام التجار.
ووفقا لمستهلكين ذوي خبرة متوسطة يعمد كثير من تجار المبيدات والأسمدة إلى تزوير أسماء ومواصفات المبيدات بتغيير اللواصق عن العبوات واستبدالها بأخرى مزورة تحمل تاريخ جديد.
ومن طرق الخداع في الأسمدة والمبيدات الموجودة في السوق المحلي يقول الحسني إن مكونات نوع واحد من السماد والذي يحتوي على النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم ويحمل نفس الاسم ايضا فيما يختلف غلاف وسعر كل شكل لدى التاجر نفسه .
ويأمل المواطن اليمني من الجهات المعنية ضبط أسعار السلع، ومعاقبة المخالفين وتوعية وإرشاد التجار بأضرار الأسمدة الكيميائية المنتهية واستخدامها المبيدات بطريقة عشوائية وخطرها على الإنسان والبيئة بشكل عام.