مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، تتعرض الماشية لخطر الإجهاد الحراري وما يترتب عليه من تراجع الإنتاج وارتفاع معدلات المرض والنفوق، خصوصاً لدى الحيوانات الرضيعة والحلّابة والحوامل.
وتبرز الحظائر هنا كخط الدفاع الأول، ويُعدّ تجهيز أرضيتها بفرشة مناسبة خطوة أساسية لا غنى عنها لضمان الدفء والحماية وتقليل الخسائر.
في هذا التقرير الإرشادي، تستعرض منصة ريف اليمن أهم الأدوار التي تؤديها الفرشة داخل الحظائر خلال فصل الشتاء، وكيف تُسهم في حماية مختلف فئات الماشية من آثار البرودة، إضافةً إلى استعراض أفضل المواد المستخدمة في إعدادها وطرق تطبيقها لضمان أعلى مستويات الدفء والسلامة للقطيع.
أهمية الفرشة لمختلف فئات الماشية:
تعمل الفرشة كطبقة عازلة تفصل جسم الحيوان عن برودة الأرض، مما يحدّ من فقدان الحرارة ويحافظ على نشاطه وكفاءة جهازه المناعي، وهذا يُسهم في تقليل الأمراض وتحسين الأداء الإنتاجي للقطيع.
تُعدّ المواليد الأكثر حساسية للبرد بسبب عدم اكتمال قدرتها على تنظيم حرارة أجسامها. فالبرودة السطحية للأرض قد تؤدي إلى:
– الارتجاف وضعف النمو.
– الإسهالات والأمراض التنفسية.
– ارتفاع معدلات النفوق.
وتوفر الفرشة العازلة بيئة حرارية مستقرة، ما يُقلل هذه المخاطر بشكل كبير، ويُحسّن فرص النمو السليم للمولود.
أهمية الفرشة للحيوانات الحلّابة
تستهلك الحيوانات الحلّابة جزءاً كبيراً من الطاقة في إنتاج الحليب أو بناء اللحم، وأي فقدان للحرارة يجبرها على تحويل هذه الطاقة للتدفئة بدلاً من الإنتاج.
الفرشة الجيدة تساعد على:
– رفع كفاءة الاستفادة من الغذاء.
– زيادة إنتاج الحليب وتحسين جودته.
– تقليل التهابات الضرع الناتجة عن الرطوبة والبرودة.
وبذلك يصبح الدفء عاملاً مباشراً في زيادة الإنتاجية.
أهمية الفرشة للحيوانات الحوامل
تزداد حساسية الحيوانات الحوامل في المراحل المتقدمة من الحمل (الأشهر الأخيرة)، وتحتاج إلى بيئة مريحة تقلل الإجهاد. وتُسهم الفرشة في:
– الحفاظ على استقرار حرارة الجسم.
– تخفيف الإجهاد قبل الولادة.
– الحد من التهابات الضرع والمشاكل الصحية بعد الولادة.
– توفير سطح آمن يمنع السقوط أو الضغط على الجنين.
وهو ما يدعم ولادة آمنة وصحة أفضل للأم والمولود.
الفرشة وتربية الثيران
رغم قوة تحمل الثيران، إلا أن استمرار تعرضها للبرودة يؤدي إلى:
– زيادة الاحتياجات الغذائية.
– التهابات المفاصل المرتبطة بالرطوبة.
– ضعف الخصوبة وتراجع كفاءة التلقيح.
وتوفير فرشة دافئة داخل الحظيرة يضمن لها صحة أفضل وخصوبة أعلى، ويقلل من الجهد الحراري الذي يؤثر على نشاطها اليومي.
أفضل المواد المناسبة للفرشة
تتوفر مواد بسيطة ومنخفضة التكلفة ويمكن استخدامها بفاعلية، وأهمها:
نشارة الخشب: جيدة الامتصاص ودافئة وتقلل الروائح.
بقايا الحشائش أو القش غير الصالح للعلف: خيار اقتصادي مناسب، لكنه يحتاج تغييراً دورياً.
ولتحقيق أفضل أداء: – يُفضّل وضع طبقة بارتفاع 10–15 سم.
– تغيير الفرشة عند البلل أو التلوث.
– الحفاظ على تهوية جيدة دون تعريض الحيوانات لتيارات هوائية مباشرة.
من التقرير الإرشادي السابق يتضح لنا أن توفير فرشة دافئة داخل الحظيرة خلال الشتاء هو استثمار اقتصادي وصحي، ينعكس أثره على صحة الحيوانات ونمو المواليد وزيادة الإنتاج، وتقليل الأمراض والنفوق.
هذه النصائح لكم/ن
إذا كان لديكم/ن أي استفسار أو تحتاجون إرشاداً بشأن الزراعة أو الماشية، أو النحل، أو الصيد البحري، من المهندس الزراعي في منصة “ريف اليمن”، بإمكانكم التواصل معنا عبر البريد الالكتروني – info@reefyemen.net. أو التواصل معنا عبر الواتساب على الرقم: 777651011.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي التالية: – فيسبوك . تويتر . واتساب . تلغرام . إنستغرام
تحولت حشرة صغيرة إلى مصدر تهديد صحي متصاعد في قرى شرعب السلام شمال غربي محافظة تعز، حيث بات البق أو ما يسمى محليا بـ«الكتن»، ينتشر في المنازل القديمة والجدران المشققة، مخلفا معاناة يومية تطال الأطفال والنساء وكبار السن.
والبق من الحشرات الصغيرة الطفيلية الماهرة في التخفي بحيث يصعب العثور عليها، ويمكن أن تشكل مخاطر صحية محتملة على جميع أفراد الأسرة لأنها من الحشرات الطفيلية التي تتغذى حصراً على الدم، مستخدمةً ما يشبه الأنبوب لاختراق الجلد وعادة ما تكون أكثر نشاطاً أثناء الليل.
تقول “أريج عبد الله الطيار”، أم لأربعة أطفال، لـ “منصة ريف اليمن”: “أولادي ما عاد يناموا من الحكة.. الكُتن صار يعيش في الفرش والجدران، وكل ليلة يعضّهم كأننا في حرب”، وتشير إلى آثار اللدغات الحمراء على جسد طفلها الأكبر؛ ما يظهر حجم المشكلة التي تعيشها الأسر في المنطقة.
أما أسماء عبد الله (اسم مستعار) فتؤكد أن الحشرة انتشرت في معظم المنازل خلال العام الأخير، وتضيف: “نحرق القطن ونبخر البيت لكن نرجع نلاقيها في نفس المكان، بعض البيوت صارت مصابة بالكامل، ومع قلة الدخل ما نقدر نغير الفرش أو نشتري مبيدات آمنة”.
الظروف المناخية
وتقول أم مروان: “نحن عاجزون عن حماية منازلنا بسبب غياب الدعم”، وتضيف “نحاول بجهودنا البسيطة، لكن الكُتن يعود دائمًا، ونخشى أن تتحول هذه المشكلة الصحية إلى كارثة أكبر إذا لم يتم اتخاذ خطوات عملية عاجلة من قبل السلطات المختصة”.
تلعب العوامل المناخية دورا رئيسيا في انتشار البق المنزلي، حيث تحدد درجات الحرارة والرطوبة وهطول الأمطار مدى قدرة الحشرة على التكاثر والبقاء في البيوت الريفية.
العسالي: للحشرة قدرة على التكيف والعيش في البيئات المختلفة ما يجعل السيطرة عليه أكثر صعوبة في المناطق الريفية
الخبير البيئي الدكتور “إبراهيم عبد الله العسالي” يوضح لـ”منصة “ريف اليمن” أن “الفصول الحارة والرطبة تمنح الحشرة بيئة مثالية للنمو، وهطول الأمطار يزيد رطوبة الجدران، بينما يؤدي الجفاف لإعادة استخدام الفرش القديمة، ما يسهم في نقل البق بين المنازل”.
ويشير إلى قدرة الحشرة على التكيف مع مختلف البيئات؛ فالبق قادر على العيش في البيئات الحارة أو الباردة أو ذات الرطوبة العالية؛ ما يجعل السيطرة عليه أكثر صعوبة في القرى النائية والمناطق الريفية.
وأكد العسالي على أن الحل يكمن في الجمع بين النظافة المستمرة، وتهوية المنازل، وتعريض الفرش لأشعة الشمس، وإغلاق الشقوق في الجدران والأسرَّة الخشبية، واستخدام المبيدات الآمنة عند الحاجة.
انتشار «الكتن»
لم يقتصر انتشار البق «الكُتن» على ريف تعز، بل امتد أيضا إلى محافظات أخرى بما فيها صنعاء، مما أدى إلى معاناة كبيرة بين السكان، خصوصًا الأطفال والنساء.
“محمد عبد الجبار النائفي” مواطن من صنعاء تحدث لـ”منصة ريف اليمن” قائلا: “الكتن اجتاحت المنازل وأماكن التجمعات مثل المساجد والاستراحات، وأثرت بشكل مباشر على نوم الأطفال وراحة الأسر، نحاول مواجهة الحشرة بالحرق والتبخير، لكن دون جدوى، فهي تعود بسرعة أكبر”.
وأضاف: “الحشرة تسبب حكة شديدة وتورما، خاصة لدى الأطفال والنساء الحوامل، وتؤثر على نشاطهم اليومي وتزيد الضغط النفسي على الأسر، إذ إن كثافتها في بعض الأحياء تجعلها مشكلة مزمنة”، مؤكدا أن الحل يحتاج إلى تدخلات عملية ومستدامة من الجهات المختصة للحفاظ على صحة الأطفال وراحة الأسر.
اجتاحت الكُتن المنازل والمساجد والاستراحات، والحل يحتاج إلى تدخلات عملية ومستدامة من الجهات المختصة
رغم التحذيرات المستمرة، فإن الدعم الرسمي لا يزال محدودًا، فالمراكز الصحية تواجه نقصا في الموارد، والمبيدات التقليدية لم تعد فعالة؛ ما يجعل الحلول الطارئة غير كافية للحد من انتشار البق.
مسؤول في مكتب الصحة بصنعاء فضل عدم ذكر اسمه قال لـ”منصة ريف اليمن”: “نحاول تقديم نصائح للأهالي بشأن النظافة وتعقيم المنازل، لكن الإمكانيات محدودة، ولا نستطيع تغطية جميع القرى الموبوءة، فالمشكلة تتطلب تدخلًا واسع النطاق ودعما مباشرا من الجهات المختصة”.
وأضاف: “قمنا ببعض المبادرات المحدودة مثل توزيع مواد تعقيم وتعليم الأهالي طرق الوقاية، لكنها ترقيعية ولا تكفي لمواجهة الانتشار السريع للبق. الحل يحتاج إلى برامج استراتيجية مستمرة، ودعم مجتمعي أكبر”.
الأثار على الصحة
الدكتور “إبراهيم عبد الله الصغير” أوضح أن اللدغات المتكررة تسبب حكة شديدة وطفحا جلديا، وأحيانا التهابات ثانوية إذا لم تعالج بشكل مناسب؛ ما يجعل تأثيرها على الصحة الجسدية واضحا وملموسا، مضيفا أن آثار الحشرة لا تقتصر على الجلد، بل تمتد إلى الصحة النفسية للأطفال؛ إذ يعانون من قلة النوم والقلق المستمر نتيجة اللدغات، ما يؤثر على نشاطهم اليومي وقدرتهم على الدراسة واللعب، ويزيد الضغوط النفسية على الأسر.
وتابع: “غياب الرعاية الصحية الكافية يجعل الأسر تلجأ إلى وصفات شعبية غير آمنة لعلاج آثار اللدغات؛ ما يزيد مخاطر الالتهابات ويضاعف معاناة السكان”.
الصغير: آثار الحشرة لا تقتصر على الجلد، بل تمتد إلى الصحة النفسية للأطفال، إذ يعانون من قلة النوم والقلق المستمر نتيجة اللدغات
المهندس البيئي “عبد القادر السميطي” أوضح أن “حشرة الكتن تنتقل بسهولة عبر الأمتعة، الملابس، والأثاث المنزلي، وهي قادرة على العيش في كل البيئات تقريبا، سواء كانت حارة أو باردة أو رطبة”.
وأضاف لـ “منصة ريف اليمن”: “ينبغي على الأسر اتباع إجراءات وقائية بسيطة، مثل تنظيف المفروشات والمراتب بانتظام، تعريضها لأشعة الشمس، التخلص من الفرش التالفة، غسل الأغطية بالماء الساخن، إغلاق الشقوق في الجدران والأسرة الخشبية، واستخدام المبيدات الآمنة عند الضرورة”.
وأكد على أهمية التوعية المجتمعية من خلال تثقيف الأهالي حول كيفية الحد من انتشار البق. كما أن الالتزام بالنظافة والتهوية يمكن أن يقلل من تأثير اللدغات ويحمي الأطفال والنساء من المضاعفات المحتملة، مشددا على أهمية تدخل الخبراء لمواجهة انتشار البق في القرى الريفية.
وختم السميطي حديثه بالتشديد على أن “استخدام المبيدات الحشرية الآمنة عند الضرورة يجب أن يتم بحذر ووفق تعليمات مختصين، خصوصا في المنازل التي تحتوي على أطفال ونساء حوامل، مع الحرص على عدم الاعتماد على طرق بدائية مثل الحرق أو التدخين، فهي غير فعالة وتزيد من انتشار الحشرة”.
آثار الرماد البركاني على سيارة صباح اليوم الاثنبن 24 نوفمبر 2025 (فيسبوك)
بعد ساعات من شروق الشمس غربي اليمن تحولت سماء المدن المطلة البحر الأحمر بلون رمادي كئيب، وحمل معه روائح كبريتية نفاذة، نتيجة الرماد البركاني القادم من شمال شرقي إثيوبيا في القرن الإفريقي.
لم يكن هذا التلوث الجوي نتاج عاصفة رملية موسمية، بل رسالة جيولوجية عنيفة ومفاجئة وصلت عبر الرياح من الضفة الأفريقية المقابلة، معلنةً عن استيقاظ واحد من مكامن الخطر الخامدة في إثيوبيا، ووضعت اليمن أمام اختبار بيئي وصحي.
نستعرض هنا تفاصيل الحدث منذ لحظة الانفجار الأولى ورحلة الرماد العابرة للحدود، ولماذا هذا الغبار البركاني الذي يختلف جذرياً عن الأتربة العادية، وماهي المخاصر الصحية والبيئية والاقتصادية التي قد تواجه السكان جراء الرماد البركاني.
بدأت القصة في تمام الساعة الثامنة والنصف من صباح الأحد بتوقيت شرق أفريقيا، عندما كشفت المراصد الجيولوجية العالمية نشاطاً زلزالياً غير اعتيادي في إقليم العفر الإثيوبي، وتحديداً في منخفض داناكيل الذي يُصنف كواحد من أكثر بقاع الأرض سخونة وقسوة.
وخلافاً للتوقعات التي كانت تتجه دائماً صوب بركان «إرتا ألي» الشهير ببحيرة الحمم الدائمة، جاءت المفاجأة من جاره الجنوبي الهادئ، بركان «هايلي غوبي» الذي ظل في سبات عميق لقرون طويلة، كسر صمته بانفجار تصنيفه العلمي “بليني”، وهو نوع من الانفجارات العنيفة التي تقذف المواد البركانية بقوة هائلة نحو طبقات الجو العليا.
وتشير البيانات الأقمار الصناعية ومراكز الرصد المتخصصة إلى أن عمود الرماد والغازات المنبعث من فوهة البركان اخترق طبقة التروبوسفير ليصل ارتفاعه إلى ما بين عشرة وخمسة عشر كيلومتراً في السماء.
هذا الارتفاع الشاهق للرماد البركاني حول الحدث من كارثة محلية إثيوبية إلى مخاطر تهدد الدول الإقليمية المشاطئة للبحر الأحمر، حيث سمح للرياح بالتقاط السحابة وحملها بعيداً ووصلت إلى اليمن، وأظهرت صور الأقمار الصناعية كتلة الرماد فوق البحر الأحمر وخليج عدن.
ويرجع الجيولوجيون هذا النشاط المفاجئ إلى الحركات التكتونية المستمرة في الصدع الأفريقي العظيم، الذي يعمل ببطء شديد ولكن بثبات على فصل القرن الأفريقي عن القارة السمراء، مما يخلق ممرات جديدة للصهارة الباطنية تبحث عن متنفس لها نحو السطح.
غطى الغبار البركان المدن اليمنية المطلة على البحر الأحمر وإنتشرت إلى محافظات أخرى (ريف اليمن)
العبور فوق البحر الأحمر إلى اليمن
بمجرد استقرار السحابة البركانية في طبقات الجو العليا، لعبت الرياح الموسمية الجنوبية الغربية النشطة في مثل هذا الوقت من العام دور الناقل السريع. قطعت الكتل الهوائية المحملة بالرماد وثاني أكسيد الكبريت مسافة البحر الأحمر في غضون ساعات قليلة، لتبدأ طلائعها بملامسة الأجواء اليمنية مع حلول وقت الظهيرة.
لم يكن الوصول مجرد تغيّر في لون السماء، بل كان وصولاً مادياً ملموساً، حيث بدأت الجزيئات الأثقل وزناً في التساقط بفعل الجاذبية فوق المياه الإقليمية والسواحل المأهولة، وهذا رصده يمنيون بتداول صور على مواقع التواصل الاجتماعي لتراكم الرماد في الأسطح.
وأظهرت خرائط رصد الغازات الصادرة عن وكالات الفضاء الدولية تركزاً كثيفاً لكتلة غاز ثاني أكسيد الكبريت فوق مضيق باب المندب، لتمتد كلسان ضخم يغطي مديريات الساحل الغربي لتعز مثل المخا وذباب، وتتوغل شمالاً نحو مديريات جنوب الحديدة كحيس والخوخة والجراحي.
قبل أن تدفعها الرياح لمناطق أخرى لتصل تأثيراتها إلى المرتفعات الجبلية في مدينة تعز وأجزاء من محافظة إب وذمار وعدن ومناطق أخرى لكنها كانت أقل من المناطق الساحلية التي استقبلت الموجة الأثقل من الرماد البركاني.
المشهد الميداني
على الأرض، عاش السكان تجربة بيئية مقلقة ومربكة. في القرى الساحلية والمدن القريبة من البحر، لاحظ المواطنون تحول ضوء النهار الساطع إلى ما يشبه وقت الغروب الكئيب، مصحوباً بتساقط مادة سوداء دقيقة للغاية تشبه البودرة المطحونة أو السخام، غطت أسطح السيارات والملابس المنشورة وأوراق الأشجار بطبقة رقيقة وداكنة.
وأفاد العديد من المزارعين وسكان الأرياف بشعورهم المفاجئ بحرقة في العيون وحكة في الجلد، مع طعم معدني غريب في الفم، وهي مؤشرات حيوية تؤكد الطبيعة الكيميائية لهذا الغبار.
وفي مدينة تعز، ورغم بعدها النسبي عن الساحل، إلا أن موقعها الجغرافي المرتفع جعلها تستقبل الغازات العالقة التي لم تترسب. وقد اشتكى سكان المدينة من انتشار رائحة كبريتية نفاذة تشبه رائحة البيض الفاسد أو البارود، وتدني الرؤية الأفقية بشكل كبير، مما أثار حالة من القلق، قبل أن توضح التحذيرات الرسمية.
وحذرت الهيئة الجيولوجية اليمنية من التأثيرات المحتملة للنشاط البركاني في إثيوبيا على اليمن وقالت “أن المنطقة قد تشهد تغيرات بيئية متفاوتة نتيجة حركة الرماد البركاني في طبقات الجو”، ودعت لاتخاذ إجراءات وقائية، خاصةً لمرضى الحساسية والجهاز التنفسي.
آثار الرماد البركاني على سيارة في محافظة ذمار جنوب صنعاء صباح اليوم الاثنبن 24 نوفمبر 2025 (فيسبوك)
ماهو الرماد البركاني؟
الرماد البركاني، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، ليس رماداً ناتجاً عن احتراق مواد عضوية كالخشب، بل هو عبارة عن صخور مفتتة وشظايا زجاجية مجهرية نتجت عن التبريد السريع للصهارة البركانية. وهذا يعني ان الرماد البركاني يختلف كلياً عن الغبار الصحراوي المعتاد، وهما مختلفان تماماً في التكوين والضرر والتأثير.
تتكون هذه المادة الخطرة من السيليكا والزجاج البركاني، وهي جزيئات صلبة وحادة جداً تشبه شظايا الزجاج المكسور عند النظر إليها تحت المجهر، وتكمن خطورتها في أنها لا تذوب داخل السوائل الرئوية عند استنشاقها، بل تبقى لتسبب جروحاً وندوباً دائمة في الأنسجة الحية.
وإضافة إلى طبيعتها الفيزيائية الجارحة، تكون هذه الجزيئات مغلفة بطبقة كيميائية حمضية ناتجة عن تكثف الغازات البركانية، وتحتوي على عناصر سامة مثل الفلور والكلور والكبريت، مما يجعلها مادة كاوية للأغشية المخاطية وسامة للجسم عند امتصاصها.
التأثيرات على الإنسان
يضع هذا التركيب المعقد للرماد البركاني صحة الإنسان في مرمى الخطر المباشر، وتعد المخاطر التنفسية هي الهاجس الأكبر للأطباء والجهات الصحية. ووفق الشبكة الدولية للمخاطر الصحية للبراكين، فإن استنشاق الهواء المحمل بهذه الجزيئات يؤدي إلى ردود فعل فورية وعنيفة من الجهاز التنفسي، خاصة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.
ويواجه مرضى الربو والانسداد الرئوي المزمن والحساسية الصدرية خطراً مضاعفاً، حيث تعمل الجزيئات الحمضية والكبريتية كمهيجات قوية تؤدي إلى انقباض فوري للشعب الهوائية، مما يسبب نوبات ربو حادة وسريعة قد لا تستجيب للعلاجات التقليدية بنفس الفعالية المعتادة.
وعلى المدى الطويل، يحمل التعرض المستمر لغبار السيليكا الدقيق خطر الإصابة بأمراض رئوية مزمنة مثل التليف الرئوي، ولا تقتصر الأضرار على الرئة، فالعيون تتعرض لخدوش في القرنية والتهابات بكتيرية نتيجة فركها لإخراج الجزيئات الزجاجية، كما يعاني الجلد من تهيجات وطفح جلدي نتيجة تفاعل حموضة الرماد مع العرق.
وصلت تأثيرات الرماد البركاني من المناطق الساحلية إلى المرتفعات الجبلية وسط اليمن (ريف اليمن)
الأضرار على الزراعة والماشية
بعيداً عن المستشفيات والمراكز الصحية، قد يواجه القطاع الزراعي تحديات كبيرة في سهول تهامة التي تعد سلة غذاء اليمن وبعض المرتفعات المتضررة، وتعد الثروة الحيوانية الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، حيث تواجه الماشية خطر النفوق الجماعي بسبب التسمم بالفلور.
فعندما يتراكم الرماد المحتوي على الفلور فوق المراعي، تلتهمه الحيوانات مع العشب، مما يؤدي إلى تسمم حاد يظهر على شكل تشنجات عصبية وتآكل في الأسنان وهشاشة في العظام وتوقف مفاجئ للقلب. كما يؤدي ابتلاع الغبار الصخري إلى تكون كتل طينية صلبة داخل أمعاء الماشية تسبب انسداداً معوياً مميتاً لا علاج له غالباً.
ولا يسلم النحل، وهو الكائن الأكثر دقة وحساسية في النظام البيئي، من هذه الآثار المدمرة. فالغبار الدقيق يسد الفتحات التنفسية الصغيرة في جسم النحلة ويؤدي لاختناقها، بينما تعمل الجزيئات الزجاجية الحادة على تمزيق أجنحتها الرقيقة أثناء الطيران، مما يمنعها من العودة إلى الخلية.
أما النباتات والمحاصيل، فتواجه خطر الاختناق والحروق الكيميائية، حيث تشكل طبقة الرماد عازلاً يحجب ضوء الشمس ويوقف عملية التمثيل الضوئي، بينما تؤدي الحموضة العالية إلى حرق الأوراق والثمار، مما يهدد بإتلاف محاصيل نقدية هامة كالمانجو والبن والخضروات الموسمية.
ماهي الإجراءات الوقائية؟
في مواجهة هذا الواقع، يصبح الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية هو خط الدفاع الأول للتقليل من الخسائر البشرية والمادية. وتتلخص التوصيات الصحية في ضرورة البقاء في المنازل وإغلاق النوافذ والأبواب بإحكام لمنع تسرب الغبار، واستخدام الأقنعة الواقية المتخصصة عند الضرورة القصوى للخروج، حيث أن الكمامات الطبية العادية والأقمشة لا توفر حماية كافية ضد الجزيئات الدقيقة.
كما ينصح بحماية العيون بالنظارات الواقية وتجنب استخدام العدسات اللاصقة نهائياً، والاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل الوجه واليدين باستمرار لإزالة الرواسب الحمضية. أما السائقون، فعليهم توخي الحذر الشديد أثناء القيادة، حيث يعمل الرماد المتراكم على الأسفلت كطبقة زلقة تشبه الصابون، مما يزيد من خطر الانزلاقات والحوادث المرورية.
وبالنسبة للمزارعين ومربي الماشية، تتلخص إجراءات الإنقاذ في الإدخال الفوري للحيوانات إلى الحظائر المغلقة ومنع الرعي الخارجي تماماً حتى زوال الخطر، مع ضرورة غسل الأعلاف لإزالة طبقة الرماد والسموم العالقة بها قبل استخدامها.
كما يجب على الجميع تغطية خزانات المياه والآبار المكشوفة بإحكام لحمايتها من التلوث بالأمطار الحمضية أو الرماد المتساقط. ويبقى الوعي المجتمعي والالتزام بالإرشادات الصحية والبيئية هو السلاح الأقوى لتجاوز الأزمة بأقل الأضرار الممكنة.
إن سحابة الرماد التي عبرت البحر من إثيوبيا إلى اليمن ليست مجرد حدث عابر ينتهي بانقشاع الغبار، بل هي تذكير بهشاشة الحدود البشرية أمام حيوية الطبيعة، وبأن المنطقة الجغرافية التي نعيش فيها هي منطقة جيولوجية حية ونشطة تتنفس وتتحرك باستمرار.
المصادر
– الوضع الجيولوجي وبيانات البركان: موقع “فولكانو ديسكفري” (Volcano Discovery) المتخصص في رصد الزلازل والبراكين، والبرنامج العالمي للبراكين التابع لمؤسسة سميثسونيان (Smithsonian GVP).
– التحليل الكيميائي والمخاطر الصحية: تقارير هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) حول مكونات الرماد البركاني، وإرشادات الشبكة الدولية للمخاطر الصحية للبراكين (IVHHN).
– الآثار البيئية والمناخية: تقارير موقع “ناشيونال جيوغرافيك” (National Geographic) حول تأثيرات البراكين على البيئة والمناخ، وبيانات مرصد الأرض التابع لوكالة ناسا (NASA Earth Observatory).
– الملاحة الجوية وحركة الرياح: تحذيرات وبيانات مركز تولوز الاستشاري للرماد البركاني (Toulouse VAAC).
– البيانات المحلية والميدانية: مراسلينا ونشرات مركز الإنذار المبكر، وتقارير وسائل الإعلام اليمنية المحلية التي رصدت شهادات السكان في تعز والحديدة.
شهدت المناطق الغربية من اليمن خلال الساعات الماضية وصول موجة من الغبار والرماد البركاني قادمة من إثيوبيا، نتيجة الثوران المفاجئ لبركان هايلي غوبي الواقع ضمن سلسلة جبال إرتا ألي في إقليم العفر.
وقد تسبّبت حركة الرياح العلوية في نقل السحابة الرمادية بسرعة عبر البحر الأحمر، لتصل إلى سواحل تعز والحديدة وتمتد لاحقاً إلى بعض مناطق المرتفعات.
ولأن الغبار البركاني يختلف جذرياً عن الغبار العادي، ويُعدّ مصدر تهديد مباشر للإنسان والحيوان والزراعة والبيئة، خصصنا في منصة ريف اليمن هذا التقرير الإرشادي لمساعدة المواطنين والمزارعين والنحالين على التعامل الآمن مع هذه الظاهرة.
أولاً: ماهو الغبار البركاني؟
الغبار البركاني عبارة عن جزيئات صلبة دقيقة تتكون من:
شظايا زجاجية مجهرية ناتجة عن تفتت الصهارة بشكل سريع.
معادن صلبة (سليكا – فلسبار – بيروكسين).
طبقة كيميائية حمضية من الكبريت والفلور والكلور.
وهي جزيئات لا تذوب في الماء، ويمكنها الوصول إلى عمق الرئتين، والالتصاق بالعيون والجلد، والتسبب بأضرار كبيرة للمحاصيل والماشية.
ثانياً: ما الذي حدث في إثيوبيا؟
وقع ثوران انفجاري كبير في بركان هايلي غوبي صباح الأحد.
ارتفع عمود الرماد إلى 10–15 كم في طبقات الجو العليا.
حملت الرياح الجنوبية الغربية السحابة مباشرة نحو اليمن خلال ساعات.
رُصدت كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكبريت SO₂ في السحابة.
سُجلت أولى الآثار في المخا، الخوخة، حيس، الجراحي، وزبيد.
محطات الغبار البركاني من أثيوبيا إلى اليمن (ريف اليمن)
ثالثاً: التأثيرات الصحية المحتملة
الغبار البركاني يشكل خطراً مباشراً على صحة الإنسان بسبب تركيبته الزجاجية والحمضية. وأبرز آثاره:
1. على الجهاز التنفسي
ضيق تنفس حاد.
سعال جاف أو مصحوب ببلغم أسود.
احتقان وحساسية في الصدر.
تفاقم نوبات الربو والانسداد الرئوي.
2. على العيون
احمرار وحرقة.
دموع غزيرة وشعور بوجود “رمل”.
جروح دقيقة في القرنية عند الفرك.
3. على الجلد: تهيج وحكة والتهابات سطحية.
4. أعراض عامة: صداع، إرهاق عام، غثيان بسبب غازات الكبريت.
تأثيرات الانبعاثات الكربونية على الإنسان (ريف اليمن)
رابعاً: الفئات الأكثر عرضة للخطر
مرضى الربو والجهاز التنفسي.
كبار السن.
الأطفال.
الحوامل.
العاملون في الهواء الطلق (مزارعون – بنّاؤون – سائقي شاحنات).
خامساً: الإرشادات العامة للمواطنين
داخل المنازل
إغلاق جميع النوافذ والفتحات بقماش مبلل.
تشغيل المكيفات الداخلية فقط (إن وجدت).
تجنب إشعال البخور أو التدخين داخل المنزل.
عند الخروج للضرورة
استخدام كمامة N95 حصراً، أو قماش مبلل كحل مؤقت.
ارتداء نظارات واقية لحماية العيون.
تجنب ممارسة أي مجهود بدني.
إرشادات عامة للوقاية من الرماد الكربوني (ريف اليمن)
للطعام والماء
تغطية خزانات المياه المكشوفة.
غسل الخضروات والفواكه جيداً قبل تناولها.
سادساً: إرشادات خاصة لمرضى الربو والجهاز التنفسي
البقاء داخل غرفة مغلقة قدر الإمكان.
حمل بخاخ فنتولين طوال الوقت واستخدام الأدوية الوقائية بانتظام.
عدم الخروج إلا للضرورة القصوى.
مراجعة المستشفى فوراً عند ظهور علامات الخطر (اختناق – صفير شديد – زرقة الشفاه).
إرشادات لمرضى الجهاز التنفسي (ريف اليمن)
سابعاً: التأثيرات المحتملة على الزراعة والمحاصيل
الرماد البركاني يمكن أن:
يغلق مسام أوراق النباتات ويوقف عملية التمثيل الضوئي.
يكسر الأغصان بفعل الوزن الزائد.
يحرق الأوراق عند اختلاطه بكمية قليلة من الماء (تفاعل حمضي).
يكوّن طبقة صلبة على التربة تمنع وصول الماء للجذور.
كيف تخفف آثار الرماد البركاني على المزروعات (ريف اليمن)
الإرشادات للمزارعين:
نفض الأشجار لإزالة الرماد وهو جاف فقط.
تجنب رش الماء الخفيف لأنه يحوّل الرماد إلى مادة كاوية.
غسل الثمار جيداً قبل تسويقها.
حراثة الأرض بعد انتهاء الموجة لتفتيت طبقة الرماد.
ثامناً: التأثيرات على الماشية
يتسبب الغبار البركاني في:
انسداد الأمعاء عند تناول العلف الملوث.
تآكل الأسنان بسبب المواد الزجاجية.
اختناق والتهاب رئوي.
تسمم نتيجة الفلور.
تأثيرات الرماد البركاني على الماشية (ريف اليمن)
إرشادات لمربي الماشية:
منع الرعي نهائياً أثناء سقوط الرماد.
غسل الأعلاف قبل تقديمها.
تغطية مصادر مياه الشرب جيداً.
تاسعاً: تأثيرات خطيرة على النحل
النحل يتعرض لأخطار مباشرة:
انسداد فتحات التنفس (الاختناق).
تآكل وتمزق الأجنحة.
فقدان القدرة على الملاحة بسبب حجب الشمس.
تلوث الرحيق والماء.
أخطار تواجه النحل نتيجة الرماد الكربوني (ريف اليمن)
تنبيه للنحالين
تضييق أو إغلاق مداخل الخلايا بقطعة خيش.
توفير ماء وغذاء داخل الخلية.
عدم فتح الخلايا نهائياً أثناء الغبار.
عاشراً: المخاطر البيئية بعيدة المدى
قد يؤثر الرماد على الطقس ويقلل ضوء الشمس.
قد يؤدي لتبريد درجات الحرارة (ظاهرة الشتاء البركاني).
تلوث التربة والأنهار والمراعي.
نفوق الحيوانات وتشوهاتها.
تآكل المحاصيل وفشل المواسم الزراعية.
مما سبق يتبيّن أن الرماد البركاني القادم من إثيوبيا ليس مجرد “غبار عابر”، بل ظاهرة خطرة تحمل آثاراً صحية وزراعية وبيئية واسعة، وهذا يفرض علينا تذكير الناس بأن الوقاية ليست خياراً، بل ضرورة لحماية الأرواح. فالالتزام بالإرشادات يبقى الوسيلة الأهم لحماية الأنفس والممتلكات حتى انقضاء هذه الموجة.
أفاد سكان في مديريات حيس والجراحي وزبيد بمحافظة الحديدة غرب اليمن عن رماد كثيف من السماء يرجح أنه ناتج عن الانفجار البركاني الكبير الذي وقع في إثيوبيا الأحد 23 نوفمبر/ تشرين ثاني 2025، وسط تحذيرات من مخاطر صحية.
وبحسب تقرير لموقع «volcano discovery» المتخصص بالزلازل والبراكين، بدأ ثوران جديد كبير صباح الأحد (الساعة 8:30 بالتوقيت المحلي) من أحد البراكين الأقل شهرة في سلسلة جبال “إرتا ألي” بمنطقة داناكيل في إثيوبيا. ووفقًا لسكان محليين يُعد هذا أقوى انفجار يُرصد في المنطقة منذ سنوات.
وثار بركان هايلي غوبي، على بعد حوالي 15 كم جنوب شرق بركان «إرتا ألي» النشط باستمرار والمعروف، بشكل انفجاري مما أدى إلى توليد عمود كبير من الرماد ارتفع إلى حوالي 10-15 كم وانجرف فوق أجزاء من جنوب غرب شبه الجزيرة العربية، وفق التقرير.
وأظهرت بيانات الأقمار الصناعية أيضًا عمودًا كبيرًا من ثاني أكسيد الكبريت (SO2) ينبعث من الثوران. ولم تُعرف الكثير من التفاصيل الأخرى حول الحدث حتى الآن حيث إن المنطقة بعيدة عن المراكز المأهولة بالسكان ويصعب الوصول إليها، والمصدر الرئيسي للمعلومات هو بيانات الأقمار الصناعية.
وفق التقرير، لا توجد ثورات معروفة مسجلة من هايلي غوبي في آلاف السنين الماضية، مما قد يعني أنه ثار بعد فترة سكون طويلة جدًا محتملة؛ ومع ذلك، فإن السجلات من منطقة دناكل غالبًا ما تكون غير مكتملة والدراسات الجيولوجية محدودة للغاية بسبب البعد والظروف القاسية في واحدة من أكثر المناطق قسوة في العالم.
عمود من الرماد ينجرف فوق البحر الأحمر وجنوب غرب شبه الجزيرة العربية (صورة من الأقمار الصناعية)
في اليمن حذرت الهيئة الجيولوجية من التأثيرات المحتملة للنشاط البركاني في إثيوبيا على اليمن. وأشارت الهيئة إلى أن المنطقة قد تشهد تغيرات بيئية متفاوتة نتيجة حركة الرماد البركاني في طبقات الجو.
ونبّهت الهيئة إلى أن استمرار هذه الظاهرة وارد خلال الساعات القادمة، داعيةً المواطنين إلى اتخاذ إجراءات وقائية، خاصةً لمرضى الحساسية والجهاز التنفسي، والحرص على تجنب التعرض المباشر للغبار أو استنشاقه.
وأشارت إلى أن الغطاء الدخاني بدأ يتدفق نحو المحافظات الغربية، وقد وصل على هيئة غازات غير مرئية إلى سواحل حضرموت.
تأثيرات الرماد البركاني
يمكن أن تنتشر سحب الرماد البركاني فوق مساحات واسعة من السماء، محولةً ضوء النهار إلى ظلام دامس، وتقلل الرؤية بشكل كبير. بحسب تقرير لموقع ناشيونال جيوغرافيك «NationalGeographic» الأمريكي.
ويمكن أن يصل الرماد والغازات البركانية في بعض الأحيان إلى طبقة الستراتوسفير، وهي الطبقة العليا في الغلاف الجوي للأرضكما يمكن أن تعكس هذه الحطام البركاني الإشعاع الشمسي الوارد وتمتص الإشعاع الأرضي الصادر، مما يؤدي إلى تبريد درجة حرارة الأرض.
يُشكل الرماد البركاني تهديدًا للأنظمة البيئية بما في ذلك البشر والحيوانات حيث يتجمع ثاني أكسيد الكربون والفلور وهما غازان سامان للإنسان
في الحالات القصوى، يمكن أن تؤثر “فصول الشتاء البركانية” هذه على أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم، حيث أدى ثوران جبل تامبورا بإندونيسيا عام 1815، وهو أكبر ثوران في التاريخ المسجل والتي نتج عنه نحو 150 كيلومترًا مكعبًا (36 ميلًا مكعبًا) من التلوث البركاني في الهواء.
وحينها انخفض متوسط درجة الحرارة العالمية بما يصل إلى 3 درجات مئوية (5.4 درجة فهرنهايت)، مما تسبب في طقس متطرف في جميع أنحاء العالم لمدة ثلاث سنوات، نتيجة للرماد البركاني لجبل تامبورا، شهدت أمريكا الشمالية وأوروبا “عامًا بلا صيف” في عام 1816. تميز هذا العام بفشل المحاصيل على نطاق، واسع، والمجاعة المميتة، والأمراض.
ويُشكل الرماد البركاني المحمول جوًا خطرًا بالغًا على الطائرات المتحركة، حيث يمكن أن تذوب جزيئات الصخور والزجاج الصغيرة الكاشطة داخل محرك الطائرة وتتصلب على شفرات التوربين، مما يتسبب في توقف المحرك، ولذا يتخذ مراقبو الحركة الجوية احتياطات خاصة عند وجود الرماد البركاني.
وأدى ثوران بركان إيافيالايوكل في أيسلندا عام ٢٠١٠ إلى سحابة رماد أجبرت على إلغاء ما يقرب من ١٠٠ ألف رحلة جوية، وأثرت على سبعة ملايين مسافر، مما كلّف قطاع الطيران ما يُقدر بـ ٢.٦ مليار دولار.
المخاطر البيئة للرماد البركاني (ريف اليمن)
كذلك يمكن أن يؤثر الرماد البركاني على البنية التحتية لمجتمعات ومناطق بأكملها، حيث يمكن أن يتسرب الرماد ويعطل عمل الآلات المستخدمة في إمدادات الطاقة والمياه ومعالجة مياه الصرف الصحي ومرافق الاتصالات.
كما يمكن أن يعيق تساقط الرماد الكثيف حركة المرور على الطرق والسكك الحديدية ويتلف المركبات. عند اختلاطه بالأمطار، يتحول الرماد البركاني إلى طين ثقيل يشبه الأسمنت، قادر على انهيار الأسطح.
في عام ١٩٩١، ثار بركان جبل بيناتوبو في الفلبين بالتزامن مع عاصفة استوائية هائلة ألحقت دمارًا هائلاً بالمنطقة. أدت الأمطار الغزيرة الممزوجة بالرماد إلى انهيار أسطح المنازل والمدارس والشركات والمستشفيات في ثلاث مقاطعات مختلفة.
يُشكل الرماد أيضًا تهديدًا للأنظمة البيئية، بما في ذلك البشر والحيوانات حيث يتجمع ثاني أكسيد الكربون والفلور، وهما غازان سامان للإنسان، في الرماد البركاني، وقد يؤدي تساقط الرماد الناتج إلى فشل المحاصيل، ونفوق الحيوانات وتشوهاتها وأمراض للبشر.
كما يمكن لجزيئات الرماد الكاشطة أن تخدش سطح الجلد والعينين، مسببةً عدم الراحة والالتهاب، في حالة استنشاق الرماد البركاني، يمكن أن يُسبب مشاكل في التنفس وتلفًا في الرئتين، وقد يؤدي استنشاق كميات كبيرة من الرماد والغازات البركانية إلى الاختناق، يُعد الاختناق السبب الأكثر شيوعًا للوفاة بسبب البراكين.
هل يمكن تنظيف الرماد؟
يصعب تنظيف الرماد البركاني فجزيئاته الصغيرة بحجم الغبار قادرة على اختراق كل شيء تقريبًا، بدءًا من محركات السيارات، وصولًا إلى فتحات تهوية المباني المكتبية، ووصولًا إلى أجهزة الحاسوب الشخصية. وفق “ناشيونال جيوغرافيك”
كما يُمكن أن يُسبب تآكلًا شديدًا لأي شيء يلامسه، مما يُؤدي غالبًا إلى تعطل الآلات وعندما يجف، يُمكن أن تحمله الرياح، وينتشر في مناطق لم تتأثر سابقًا ويُلوثها، أما الرماد الرطب، فيلتصق بالأسطح مثل الأسمنت، وغالبًا ما يعني إزالته إزالة ما تحته.
ويعد تنظيف الرماد البركاني إجراء مكلف ويستغرق وقتًا طويلاً حيث يجب على المجتمعات بذل جهود منسقة للتخلص من الرماد مع ضمان سلامة سكانها، حيث غطى ثوران جبل سانت هيلينز عام 1980 مدينة ياكيما بولاية واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية بأطنان من الرماد البركاني وتطلب تنظيفه جهوداً كبيرة.
ويعتقد العلماء أن الزلازل غالبا ما تكون نذيرا يسبق الثوران البركاني. ويشير جمشو بيداسا تيفيري، المحاضر في قسم الجيولوجيا بجامعة أديس أبابا للعلوم والتكنولوجيا -في مقال بموقع «ذا كونفرزيشن»- “قبل 18 مليون سنة عندما بدأت القارات بالتباعد في عملية تسمى “التصدع القاري” أدى ذلك إلى تشكيل البحر الأحمر وخليج عدن”.
ويشير تيفري “في هذه المرحلة، بدأت الصفائح التكتونية التحرك، ونتج عن ذلك انقسام الأرض وتشكيل المسطحات المائية بين قارة أفريقيا وشبه الجزيرة العربية، وتطور هذا الصدع قبل حوالي 11 مليون سنة بشكل أعمق في المنطقة، ونتج عنه تشكل صدع عميق تحت منخفض “عفار” في شمال شرق إثيوبيا”.
وأصبح هذا الصدع الذي كان جزءا من عملية التباعد التي بدأت منذ ملايين السنين، يمثل مرحلة أكثر تطورا من الحركات التكتونية التي أثرت بشكل كبير على تضاريس المنطقة، وهو الآن يعتبر جزءا من نظام الصدوع الكبير الذي يعرف بـ”الصدع الأفريقي الشرقي”.
شهدت بعض المحافظات الساحلية في اليمن، مساء الأحد 23 نوفمبر، موجات غبار وسحب دخانية سوداء، ما أثار حالة من القلق والخوف بين الأهالي، خصوصا في محافظة الحديدة.
وأفاد سكان محليون في مديريات حيس والجراحي وزبيد بمحافظة الحديدة عن هبوب رماد كثيف من السماء يرجح أنه ناتج عن الانفجار البركاني الكبير الذي وقع في إثيوبيا.
في سياق متصل، حذرت الهيئة الجيولوجية اليمنية من التأثيرات المحتملة للنشاط البركاني في إثيوبيا على اليمن. وأشارت الهيئة إلى أن المنطقة قد تشهد تغيرات بيئية متفاوتة نتيجة حركة الرماد البركاني في طبقات الجو.
موجات غبار بركاني تجتاح محافظات غربي اليمن (مواقع التواصل )
ونبّهت الهيئة إلى أن استمرار هذه الظاهرة وارد خلال الساعات القادمة، داعيةً المواطنين إلى اتخاذ إجراءات وقائية، خاصةً لمرضى الحساسية والجهاز التنفسي، والحرص على تجنب التعرض المباشر للغبار أو استنشاقه.
وأشارت إلى أن الغطاء الدخاني بدأ يتدفق نحو المحافظات الغربية، وقد وصل على هيئة غازات غير مرئية إلى سواحل حضرموت.
إلى ذلك نشرت وسائل إعلام إثيوبية تقارير حول وقوع انفجار بركاني هائل في منطقة إرتا ألي بإقليم عفار، صباح الأحد، عند الساعة 10:00؛ حيث شهد جبل إرتا ألي الواقع في وادي داناكيل انفجارًا ضخمًا، أطلق أعمدة هائلة من الرماد والدخان إلى السماء. ووفقًا لشهود العيان والسكان المحليين، يُعد هذا أقوى انفجار يُرصد في المنطقة منذ سنوات.
السكر الأحمر في تعز: ميراث الأجداد شريان الحياة رغم التحديات (ريف اليمن)
في سوق الحسيوة الشعبي بمديرية الصلو في محافظة تعز، تستوقفك محلات صغيرة منتشرة على جانبي الطريق، مخصصة لبيع السكر الأحمر (حلوى) بأنواعها المختلفة، حيث يمثل ذلك موردا حيويا للمئات لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
ينقسم السكر البلدي إلى ثلاثة أصناف رئيسية ذات خصائص مميزة هي: العطوي، وهو عبارة عن دُرق السكر الصافي، ويتميز بلونه الأحمر الداكن، والممتاز وهو الصنف الذي يتم فيه خلط كمية قليلة من حبوب السمسم المُجلجل، بالإضافة للعرائسي، ويتم خلطه مع كمية من الفول السوداني والسمسم.
الشاب “منيف عبدالعزيز ( 27عاماً)”، وجد في صناعة السكر البلدي فرصة عمل مناسبة، في ظل انعدام الفرص، لا سيما في السنوات الأخيرة التي ارتفعت فيها نسبة البطالة بشكل كبير؛ حيث لجأ إلى هذه المهنة كمصدر دخل يعينه على مواجهة صعوبات الحياة، وتوفير متطلبات الأسرة.
شكلت مهنة صناعة السكر البلدي مصدر دخل للكثير من سكان الصلو، الذين بدأوا العمل من منازلهم وبطرق تقليدية، ثم توسعت حتى أصبحت هناك معامل خاصة بها، بالإضافة إلى تسويقها إلى محافظات أخرى، كما أنه يتم بيعها خارج اليمن، كالسعودية ومصر.
تُعد صناعة السكر من الصناعات التقليدية التي توارثها أبناء المنطقة جيلاً بعد آخر؛ إذ عمل فيها الآباء والأجداد منذ زمن بعيد. وبذلك، بقيت هذه المهنة جزءاً أصيلاً من هوية الحسيوة، ومصدر رزق أساسياً للعديد من الأسر فيها.
يقول منيف عبدالعزيز: “بدأت العمل منذ الطفولة، حيث كنت أساعد والدي في صناعة السكر البلدي، ولم أتمكن من إكمال تعليمي، فقد توقفت عند المرحلة الإعدادية. واليوم، يُعد عملي في صناعة السكر مصدر الدخل الوحيد لي. وعلى الرغم من وجود تحديات، فإنني أتمسك بهذه المهنة؛ لأنها توفر لي لقمة العيش”.
ويضيف منيف لـ” منصة ريف اليمن”: “بالمقارنة مع زملائي، فقد حصل بعضهم على فرص عمل أفضل، بينما لا يزال البعض الآخر يبحث عن أي فرصة لتسد احتياجاتهم”، لافتا إلى أن صناعة السكر “جزء من هويتنا وموروثنا الذي لا يمكن أن نتخلى عنه”.
“عبدالدائم دائل”، أحد تجار سوق الحسيوة الشعبي يقول: “يأتي المواطنون من مختلف المناطق المجاورة لشراء السكر البلدي من السوق، نظرا لجودته وتميزه”، ويضيف لـ “منصة ريف اليمن”: “يكثر الإقبال على شراء السكر الأحمر في المناسبات، خصوصاً في الأعياد، حيث يستخدمه الناس كهدايا أثناء زياراتهم لأقاربهم، أو لتقديمه للضيوف”.
شكلت مهنة صناعة السكر البلدي مصدر دخل للكثير من سكان الصلو (ريف اليمن)
ميراث الأجداد
“أحمد حسين” هو الآخر وجد في العمل في صناعة السكر الأحمر فرصة مناسبة لطلب الرزق، ورثها عن جده، الذي يُعد من أوائل الأشخاص الذين عملوا فيها بمديرية الصلو، وقد عُرف عمل جده بالتميز في الجودة والإتقان، ووصل صيته إلى مدن ومناطق أخرى؛ ليأتي أحمد ويكمل هذا المشوار من خلال عمله في صناعة السكر الأحمر.
يؤكد أحمد أنه لم يفكر يوماً في مغادرة المهنة والبحث عن عمل آخر؛ لأنه أصبح جزءاً منها، خاصة وأنه عمل بها منذ نعومة أظافره وكبر معها. كما يؤكد أنها تشكل مصدر دخل أساسياً لأسرته في ظل عدم وجود فرص عمل.
وأوضح لـ “منصة ريف اليمن” أن مهنة صناعة السكر الأحمر وفرت فرص عمل كثيرة للعديد من أهل المنطقة، إلا أنه في السنوات الأخيرة قلَّ مردودها الاقتصادي؛ مما أدى إلى تراجع دخل الأسر التي تعمل فيها.
وتابع: “في بعض الأحيان، قد تحتاج معامل صناعة السكر الأحمر إلى أكثر من ثمانية عمّال، خاصة في حال وجود طلبيات كبيرة، حيث يتوزع العمل بين أفراد الفريق، بدءًا من تجهيز المكونات، مرورًا بعملية التصنيع، وانتهاءً بالتسويق والبيع”.
السكر الأحمر والنساء
لا تقتصر عملية صناعة السكر الأحمر على الرجال؛ إذ تشارك النساء فيها حيث يقمن بدور أساسي في هذه الصناعة، بدءاً من تجهيز خليط المكونات الأساسية بعناية، تمهيداً لمرحلة الطهي والتصنيع. وتقول أم هدى (اسم مستعار)، وهي إحدى النساء العاملات في صناعة السكر الأحمر: “للمرأة دور كبير في هذه المهنة”.
وتضيف لـ”منصة ريف اليمن”: “نحن نساهم في طبع السكر بأشكال وقوالب مختلفة، ونقوم برصه في كراتين، وجزء منه يقوم الرجال ببيعه وتوزيعه، وجزء آخر نبيعه من المنزل”، وتؤكد أن “هذا العمل ساعدنا كثيرا في تحسين دخل الأسرة، ونشعر بالفخر لأننا نواصل مهنة توارثناها عن أمهاتنا وجداتنا”.
تُعد صناعة السكر من الصناعات التقليدية التي توارثها أبناء المنطقة جيلاً بعد جيل (ريف اليمن)
تسهم المرأة في مديرية الصلو بشكل فاعل في زيادة إنتاج السكر الأحمر، جنباً إلى جنب مع الرجال، مما يضمن استمرارية هذه الحرفة التقليدية، كما أن مشاركة النساء في مختلف مراحل الإنتاج، من تجهيز المكونات إلى الطباعة والتغليف، يجعل من هذه المهنة مصدر دخل مهم لعدد كبير من النساء، ويسهم في دعم أسرهن وتعزيز الاستقرار المعيشي داخل المجتمع الريفي.
التحديات والفرص
رغم انتشارها، تواجه صناعة السكر الأحمر العديد من التحديات التي تعيق استمرارها، مما أدى إلى تراجعها، بحسب “عبدالإله الحريبي” أحد العاملين السابقين بالحرفة تتمثل في ارتفاع التكاليف، وتراجع الأيدي العاملة، وغلاء المواد الخام كالسكر والسمسم بأنواعه عبئاً كبيراً.
يشير الحريبي لـ “منصة ريف اليمن” إلى أن من التحديات التي تواجه صناعة السكر الأحمر هي غلاء مادة الزنجبار المستوردة من الهند، والتي تُستخدم كبديل لقصب السكر الذي توقفت زراعته محلياً.
ويوضح: “مادة الزنجبار مستخلصة من قصب السكر الخالص، تُستورد عبر ميناء الحديدة وتمر بمناطق تهامة حتى تصل إلى مديريات الحجرية، وهي غير متوفرة طوال العام، إذ تتوفر فقط في مواسم معينة. كما يتم خلطها بالسكر الأبيض حسب الطلب، وهذا يزيد من جودتها”.
وتابع: “في السابق، كان قصب السكر يُزرع محلياً في مناطقنا، وكانت هناك معاصر لإنتاج السكر محلياً، لكن بسبب قلة الأمطار واتجاه الناس لزراعة القات، اندثرت زراعة القصب. اليوم، يُعد ‘الزنجباري غالي الثمن، لكنه يتميز بطعمه”.
يتنوع السكر البلدي إلى ثلاثة أصناف رئيسية ذات خصائص مميزة (ريف اليمن)
أما “عبدالعزيز عبده”، وهو أحد العاملين في صناعة السكر، فيقول: “تأثرنا كثيراً بارتفاع وهبوط سعر الصرف؛ لأن أسعار المواد التي نستخدمها في صناعة السكر ارتفعت بشكل كبير. وفي الوقت نفسه، لم يعد المواطن قادراً على الشراء بالسعر الذي نحتاج أن نبيع به. هذا أثر على دخلنا، وأحياناً نخسر أو نبيع بدون ربح، فقط لتغطية التكاليف”.
يرى “صادق هزاع”، وهو ناشط مجتمعي في منطقة الحسيوة، أن “مهنة صناعة السكر الأحمر تحتاج إلى جهد وتعب كبيرين من بداية تجهيز المكونات حتى آخر مرحلة في التعبئة والتسويق، وهذا التعب يجبر كثيراً من الشباب على العزوف عنها”.
وأوضح لـ”منصة ريف اليمن”: “لا يوجد دعم ولا أدوات حديثة تساعد، وهذا يهدد باستمرارية المهنة، وقد تندثر مع الوقت إذا لم يتم الاهتمام بها ودعم أصحابها”.
في المقابل، يرى الحريبي أنه يمكن تطوير صناعة السكر الأحمر لتصبح منتجاً محلياً منافساً. ويؤكد أن هذه الصناعة تحتاج إلى دعم من الجهات الحكومية حتى يتم تطويرها، ومن ثم يمكن أن تصبح منتجاً قابلاً للتصدير للخارج.
لا تقتصر عملية صناعة السكر الأحمر على الرجال، إذ تشارك النساء فيها حيث يقمن بدور أساسي في هذه الصناعة (ريف اليمن)
ويلخص الحريبي خطوات مطلوبة لتطوير الصناعة، أبرزها: بناء معامل خاصة نظيفة ومجهزة بالتهوية الكافية بحيث يتكون المعمل من قسمين: الأول للصناعة والتجهيز، والآخر للبيع، وتوفير الآلات المناسبة لتجهيز الخليط الذي يُصنع منه السكر؛ مما يخفف الجهد اليدوي في تحريك الخليط على النار؛ الأمر الذي قد يشكل خطراً على سلامتهم الجسدية.
بالإضافة إلى دعم العاملين بتوفير أدوات السلامة المهنية، ومنها القفازات العازلة للحرارة، وملابس خاصة بالعمال، وكمامات صحية لمنع استنشاق الأدخنة التي تنبعث أثناء طهي الخليط.
ويختم حديثه بالتشديد على ضرورة توفير المكونات المستخدمة ذات الجودة العالية، ومنها السمسم وحب العزيز (الفول السوداني)، وتشجيع زراعتها ودعم المزارعين.
يُعدّ سوق الحسينية الأسبوعي جنوب الحديدة واحداً من أبرز الأسواق التقليدية في المحافظة، إذ يشتهر بتنوع معروضاته التي تشمل الحرف اليدوية والمواشي والفواكه والخضروات والمنتجات المحلية، إلى جانب مختلف البضائع الشعبية التي تعكس ملامح الحياة الريفية الأصيلة في تهامة.
ويُقام السوق مرة واحدة كل أسبوع، ليجذب إليه حشوداً من الزوار والتجار القادمين من القرى والمناطق المجاورة، مما يجعله مركزاً تجارياً نشطاً وحيوياً يعج بالحركة منذ ساعات الصباح الأولى ليوم الاثنين.
ولا يقتصر دور السوق على النشاط التجاري فحسب، بل يشكّل أيضاً مساحة اجتماعية مفتوحة للتواصل وتبادل العادات والثقافات المحلية، حيث يعكس بوضوح أصالة المجتمع التهامي وتقاليده المتوارثة عبر الأجيال.
وبفضل أهميته الاقتصادية والاجتماعية، يظل سوق الحسينية الأسبوعي واحداً من أبرز المعالم التراثية في جنوب الحديدة. وفيما يلي نُقدّم لكم مجموعة من الصور التي توثق جانباً من هذا السوق الشعبي العريق.
تُعتبر دودة شمع العسل من أخطر الآفات التي تُصيب طوائف النحل، خصوصاً في الطوائف الضعيفة أو الخلايا المهملة.
وعلى الرغم من أنّ الحشرة الكاملة لا تُهاجم النحل مباشرة، إلا أنّ يرقاتها تُلحق أضراراً كبيرة بالأقراص الشمعية وما تحويه من حضنة وغذاء، ما يؤدي إلى اضطراب الطائفة وقد يصل إلى انهيارها أو هجرتها.
منصة ريف اليمن تستعرض في هذا التقرير الإرشادي ماهية دودة شمع العسل ودورة حياتها، وأهم الأعراض الدالة على الإصابة داخل الخلية، إضافةً إلى أبرز طرق الوقاية والعلاج التي تساعد النحال على الحد من انتشار هذه الآفة وحماية طوائف النحل.
والدودة هي عبارة عن يرقة فراشة تنجذب إلى الخلايا عبر رائحة الشمع والعسل، وتستغل الشقوق والمناطق المظلمة داخل الخلية لوضع البيض، وتقوم اليرقات لاحقاً بحفر أنفاق داخل الأقراص وتغطيتها بخيوط حريرية، مما يعيق حركة النحل ويدمر الحضنة ويضعف الطائفة.
اتفقس اليرقات وتبدأ في التهام الشمع وحبوب اللقاح وبقايا الحضنة، وتصنع أنفاقاً حريرية تحميها من النحل.
تغادر اليرقات الأقراص وتتحول إلى عذراء داخل شرنقة حريرية في شقوق الخلية.
تخرج هذه الدودة بعد أن تصبح حشرة كاملة (فراش) لتهاجم خلايا أخرى وتبدأ دورة جديدة.
أعراض الإصابة
وجود أنفاق وثقوب داخل الأقراص الشمعية، (مما يؤدي إلى تخريب القرص وما يحتويه من حضنة وبيوض، وقد تهاجم الحضنة عند نقص الغذاء).
خيوط حريرية تغطي العيون السداسية في إطارات الشمع وتعيق حركة النحل.
بقايا تشبه نشارة الخشب وفضلات اليرقات (حبوب صغيرة سوداء).
ضعف الطائفة وتراجع نشاطها وقد يصل الأمر إلى هجرة الخلية أو انهيارها.
طرق الوقاية
الحفاظ على طوائف قوية دائماً.
عدم ترك بقايا شمع في أرضية المنحل.
سد شقوق الخلايا لمنع دخول الفراشات.
إزالة الأقراص الزائدة عن حاجة الطائفة.
استبدال الإطارات القديمة بعد ثلاثة مواسم.
تخزين الإطارات السليمة في غرف محكمة أو ثلاجات (فريزر).
تعقيم الإطارات المخزنة عند الحاجة باستخدام وسائل تبخير آمنة بعيداً عن النحل.
طرق العلاج والمكافحة
في الإصابة الخفيفة: إزالة الأقراص المصابة وحرق التالف منها.
في الإصابة الشديدة:
– نقل النحل إلى خلية نظيفة مع إطارات سليمة.
– حرق الإطارات المصابة بشدة بما فيها من يرقات وشرانق.
– تعقيم الخلية بتمرير لهب (شوالة مشتعلة) لقتل البيض واليرقات المتبقية.
في المناحل الكبيرة: – معالجة الإطارات بالتبخير في أماكن محكمة الغلق.
– استخدام الكافور في غرف التخزين لطرد الفراشات (مع الالتزام بالجرعات الآمنة).
– تخزين الإطارات في درجات حرارة منخفضة لوقف تطور اليرقات (تخزينها في ثلاجات – فريزر – للموسم التالي).
إذاً، تُعدّ دودة شمع العسل آفة خطيرة يمكن السيطرة عليها بفعالية من خلال تطبيق إجراءات الوقاية بشكل مستمر وحسن إدارة المنحل. فالحفاظ على طوائف قوية، والاهتمام بالنظافة، واعتماد طرق التخزين السليم للإطارات، جميعها تمثّل ركائز أساسية لحماية المناحل والحدّ من الخسائر التي قد تسببها هذه الآفة.
هذه النصائح لكم/ن
إذا كان لديكم/ن أي استفسار أو تحتاجون إرشاداً بشأن الزراعة أو الماشية، أو النحل، أو الصيد البحري، من المهندس الزراعي في منصة “ريف اليمن”، بإمكانكم التواصل معنا عبر البريد الالكتروني – info@reefyemen.net. أو التواصل معنا عبر الواتساب على الرقم: 777651011.
تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي التالية: – فيسبوك . تويتر . واتساب . تلغرام . إنستغرام
في أعماق صحراء تهامة، التي طالما عرفت بقساوتها واتساعها، بدأت قصة مختلفة، هناك بين الكثبان الرملية الممتدة على مساحة تقارب 600 ألف هكتار في محافظتي الحديدة وحجة، انطلقت مبادرة وطنية طموحة لتحويل الرمال إلى حقول منتجة.
لم يكن الطريق سهلا، لكن جهود الجمعيات التعاونية الزراعية حولت المشروع إلى قصة نجاح متنامية، تُكتب فصولها اليوم بعرق المزارعين وتعاون المجتمعات المحلية.
يقول المهندس “أحمد هيج”، مسؤول الجمعيات الزراعية في تهامة، إن هذه المناطق تمثل “العمق الاستراتيجي للتوسع الزراعي في اليمن”. ويضيف لـ”منصة ريف اليمن”، أن دراسات الهيئة العامة لتطوير تهامة، التي استخدمت تقنيات الاستشعار عن بُعد وصور الأقمار الصناعية، كشفت عن إمكانات واسعة للأراضي الرملية والصحراوية.
“تم تقسيم تهامة إلى مناطق ساحلية، ومناطق الحواز، والمناطق المطرية، إضافة إلى الأودية، وهو ما منح المشروع مرونة كبيرة في تنويع المحاصيل واستغلال الموارد المائية الطبيعية كالأمطار والسيول”، يوضح هيج.
تنمية وحماية البيئة
لا يتوقف مشروع زراعة الصحراء عند كونه مبادرة زراعية فحسب، بل يجمع بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة وتعزيز التماسك الاجتماعي، فمن الناحية الاقتصادية، أسهم البرنامج في رفع إنتاج محاصيل استراتيجية مثل الحبوب والبقوليات، ما قلّل من الاعتماد نسبيا على الاستيراد.
أما بيئيًا، فقد شكّل المشروع ما يشبه “الجدار الأخضر” في وجه التصحر، من خلال استخدام نباتات ذات جذور عميقة لتثبيت الرمال. وتشير تقارير بيئية إلى أن نحو 97% من أراضي اليمن تعاني من درجات متفاوتة من التصحر، ما يجعل هذا البرنامج واحدًا من أهم الجهود لمواجهته.
وبمرور الوقت، ساعد الغطاء النباتي الجديد على تحسين خصوبة التربة، وخفض درجات الحرارة، والحد من الغبار والعواصف الرملية التي تهدد صحة السكان، أما اجتماعيًا، وفر المشروع آلاف فرص العمل، وشجع على تأسيس جمعيات تعاونية عززت روح المبادرة والتعاون في مجتمعات كانت مهمشة لسنوات.
من جانب آخر، يوضح “شفيق الخولاني”، مسؤول صيانة البذور في المؤسسة العامة لإكثار البذور، أن المؤسسة وفّرت ما يقارب 400 طن من البذور المحسّنة للموسم الزراعي الأخير، إلى جانب جهود مؤسسات أخرى ساهمت بإجمالي يقارب 390 طنًا من البذور.
ويقول الخولاني لـ”منصة ريف اليمن”: “قمنا بتوزيع البذور على أكثر من 20 جهة حكومية ومنظمات مجتمع مدني، ما مكّننا من زراعة 100 ألف هكتار، بينها 20 ألف هكتار ضمن البرنامج الرسمي و80 ألف هكتار بمبادرات من المزارعين أنفسهم”.
لكن ثمة تحديات لا تزال قائمة، أهمها ضعف نسبة استرداد البذور من الجمعيات — التي لم تتجاوز 25% — وهو ما يستدعي، بحسب الخولاني، وضع آليات واضحة لضمان استدامة زراعة الصحراء.
تعاون مجتمعي
في السياق نفسه، يؤكد “بكيل طاهر”، مدير التسويق في الاتحاد التعاوني الزراعي، أن نجاح المشروع يعود إلى تفاعل المزارعين والجمعيات مع هذا الجهد الوطني. ويقول إن “نحو 18 جمعية تعاونية شاركت في الموسم الماضي، تضم كل واحدة منها ما بين 2000 و3000 مزارع، ما يعكس اتساع نطاق المشروع وأثره المجتمعي”.
ويلفت إلى أن الاتحاد لعب دورًا محوريًا في تنسيق الجهود بين الجمعيات والجهات الحكومية، وحتى الجمعيات الجبلية التي استأجرت أراض في تهامة، وساهمت في تنفيذ الزراعة بشكل جماعي. كما عمل الاتحاد على تأمين المدخلات الزراعية من بذور وحراثات، بالتعاون مع مؤسسة الحبوب ومؤسسة إكثار البذور ووحدات التمويل المحلية.
يقول طاهر: “العمل المؤسسي والجماعي هو ما يجعل هذا المشروع قابلاً للاستمرار”، مشيرًا إلى أن نجاح الموسم المقبل يعتمد على تضافر الجهود، واستثمار الأمطار، وتحسين إدارة الموارد الزراعية.
يبدو مشروع زراعة الصحراء في تهامة لا يمثل مجرد محاولة لزراعة الرمال، بل هو تحول في النظرة إلى البيئة والزراعة والتنمية، فبينما تواجه البلاد تحديات اقتصادية وبيئية معقدة، تبرز هذه التجربة كنموذج محلي لابتكار الحلول من رحم الصعوبات؛ حيث تتحول الصحراء إلى أرض واعدة بالأمل، ويعود المزارع اليمني ليكتب قصته مع الأرض من جديد.
تطرح تهامة سؤالاً وجودياً: هل يمكن لرمالها أن تُزهر؟ الإجابة، بحسب الأكاديمي والخبير الزراعي الدكتور “منصور حسن الضبيبي”، تكمن في الإرادة والشراكة، مشيرا إلى أن الحديث عن “زراعة الصحراء” في تهامة لم يعد خيالاً، بل تحول إلى مشروع وطني يرتكز على أسس متينة للنجاح.
التوقيت والتنويع
ويضيف: “المنطقة، التي لطالما كانت سلة غذاء تقليدية تنتج الحبوب والفواكه الاستوائية مثل المانجو والموز والباباي، تمتلك اليوم القدرة على فتح آفاق زراعية جديدة في الأراضي الرملية الشاسعة، مدعومة بمياه جوفية مناسبة، وعمالة وفيرة، وتقنيات زراعية حديثة، وأصناف محسنة، وخبرات محلية كفؤة”.
يؤكد الضبيبي أن الرهان الأكبر يكمن في التوقيت والتنويع؛ فمناخ تهامة يمنحها ميزة تنافسية واضحة: القدرة على إنتاج محاصيل مثل البطيخ والشمام خلال موسم الشتاء (أكتوبر – مارس)، وهو الموسم الذي يغيب فيه المنافسون الإقليميون. هذا التوقيت المثالي يفتح الباب أمام تصدير المنتجات إلى أوروبا وبلاد الشام وتركيا، ويشكل فرصة لجذب العملة الصعبة، وتعزيز الريادة الإقليمية للقطاع الزراعي.
ويرى أن نجاح مشروع زراعة الصحراء يتجاوز جهود المزارع الفردي ليصبح مسؤولية وطنية مشتركة، تتطلب تضافر ثلاث قوى محورية: الدولة كداعم رئيسي لضمان إدارة مائية مستدامة، وتطبيق تقنيات ذكية، وتوفير البنية التحتية وتقديم حوافز للمستثمرين.
فيما المحرك الثاني هو المعرفة كقاعدة عبر الجامعات والمراكز البحثية لتطوير أصناف مقاومة للحرارة، والمؤسسات التنموية لدعم وتمكين صغار المزارعين. والثالث المستثمر كمحرك من خلال ضخ رؤوس الأموال في الزراعة التعاقدية وقطاع التصنيع الغذائي، الذي يساهم في تقليل الهدر، وتحويل الفائض من المحاصيل الطازجة إلى منتجات ذات قيمة مضافة عالية.