شبوة إحدى محافظات اليمن تضم العديد من حقول النفط والمعادن، ويعمل سكانها في الزراعة، وتربية النحل، والاصطياد السمكي حيث يعد تعليب الأسماك من أهم الأنشطة الرئيسة لسكان المحافظة، وتعد ثالث أكبر محافظة يمنية من حيث السكان.
وقديماً كانت محافظة شبوة منطلق القوافل التجارة عبر طريق البخور كما أنها تعد من جذور الحضارة الأولى التي قامت على ثلاث ممالك، أبرزها: قتبان وعاصمتها تمنع ثم اوسان السياحية وعاصمتها مسورة، وحضرموت وعاصمتها شبوة القديمة.
خلال فترة الاستعمار البريطاني، تم تقسيم مساحة المحافظة بين عدة كيانات سياسية صغيرة، فيما كان يعرف بالسلطنات والمشيخات، ولكن بعد الاستقلال الوطني في عام 1967م، تم دمج هذه الكيانات في إطار إداري واحد تحت اسم “المحافظة الرابعة”.
وفي عام 1981م، صدر قرار جمهوري بإعادة تسمية المحافظات الجنوبية السابقة بأسمائها التاريخية، ومن بينها محافظة شبوة التي حافظت على اسمها التاريخي لأكثر من 3500 عام.
الموقع والسكان
تقع محافظة شبوة في الجزء الجنوبي من الجمهورية اليمنية وتبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء مسافة نحو 474 كم، ويحدها من الشمال محافظتي مأرب وحضرموت، ومن الشرق محافظة حضرموت، ومن الجنوب البحر العربي وجزء من محافظة أبين ومن الغرب محافظات أبين والبيضاء ومأرب.
وتبلغ مساحتها حوالي 42584 كم، وعدد مديرياتها 17 مديرية، ومدينة عتق مركز المحافظة، وبقية المديريات كالتالي، دهر، الطلح، جردان، عرماء، عسيلان، عين، بيحان، مرخة العليا، مرخة السفلى، نصاب، حطيب، الصعيد، حبان، الروضة، ميفعة، رضوم.
يبلغ عدد سكان محافظة شبوة وفقاً لنتائج آخر تعداد الوطني للسكان والمساكن والمنشآت لعام 2004م (470.440) نسمة وينمو السكان سنوياً بمعدل (2.54%)، بحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء في محافظة شبوة فقد بلغ عدد 838,591 نسمة في نهاية العام 2022.
التضاريس والمناخ
تتنوع تضاريس محافظة شبوة بين جبال ووديان إذ تتركز المرتفعات الجبلية في الأجزاء الغربية والجنوبية ويطلق على المرتفعات جبال الكور (كور العوالق) وهي سلسل جبلية متصلة بسلسلة جبال العوالق السفلي الواقعة في الأجزاء الشرقية والشمالية الشرقية من محافظة أبين.
ومن أهم الجبال بمحافظة شبوة جبال الصير (1896) متراً وجبال صير أهل غسيل (2285) مترا جبال العر (1886) وجبل أمزمل (1652) جبل المحاجر (1473) متر جبال المرخام (1412) جبال آل علي (1773) متر وجبال المنارة (1970) مترا وغيرها من الجبال الموجودة في المحافظة.
كما تضم محافظة شبوة العديد من الأودية أبرزها وادي المطر، وادي عمد ووادي رفض بمديرية الصعيد بالإضافة إلى وادي عدس بمديرية المحفد، ووادي هدى في مديرية حبان، وادي عميقن مديرية الروضة.
يسود محافظة شبوة ثلاثة أنواع من المناخ ففي المناطق الشمالية يسودها مناخ صحراوي حار صيفا بارد جاف شتاء وفي الأجزاء الجبلية يسودها مناخاً معتدلاً صيفاً وبارداً في فصل الشتاء بالأجزاء الساحلية يكون المناخ فيها حار صيفاً ودافئا بالشتاء.
وتتساقط الأمطار بمحافظة شبوة خلال فصل الصيف كما تحظى المحافظة بتدفق كميات كبيرة من السيول القادمة من المحافظات الأخرى.
ينحصر الغطاء النباتي بمحافظة شبوة على أنواع قليلة من الحشائش والنباتات الصغيرة التي تكثر خلال مواسم الأمطار بالإضافة إلى بعض الأشجار المعمرة المتناثرة قرب الأودية والشعاب واهم هذه الأشجار السدر والسمر والقرض وبعض أشجار الطلح والأثل والعشر والعوسج.

الزراعة
يعمل كثير من سكان محافظة شبوة في الزراعة، وتربية النحل، يشكل إنتاج المحافظة من المحاصيل الزراعية ما نسبته (1.9%) من إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية في اليمن.
تعتبر الزراعة النشاط الرئيسي لسكان شبوة وتتركز في المساحات الزراعية سواء الواقعة منها في الأجزاء المنبسطة أو تلك المساحات الواقعة على جوانب، وأهم المحاصيل الزراعية، الحبوب حيث تزرع الذرة الرفيعة، الذرة الشامية، الشعير، القمح، والدخن.
وتزرع شبوة الفواكه، مثل الموز، المانجو، الباباي، البطيخ، ومن المحاصيل النقدية، السمسم، التبغ، القطن، وأيضا التمور حيث يوجد مزارع نخيل. بالإضافة إلى زراعة الخضروات، وأبرزها البطاطس، الطماطم، البصل، الفجل، وأيضا البقوليات حيث تزرع الفول، الفاصوليا، البازاليا، العدس.
وتنتشر تربية النحل في شبوة وجه الخصوص في مديرية بيحان ونصاب، وحطيب، وعتق، وحبان، والروضة، ويتم تصدير العسل إلى العديد من الدول العربية والأجنبية، كما يمارس السكان أنشطة أخرى مثل الرعي وتربية الحيوانات والذي يعد من الأنشطة المهمة إذ ينتشر في جميع مديرياتها ويتم تربية الضأن في المديريات الوعرة بالإضافة إلى تربية الماعز والأبقار.
الإقتصاد
يعد مشروع بلحاف للغاز من أبرز الروافد الاقتصادية في شبوة، وهو أكبر مشروع استثماري في اليمن، وتقدر تكلفة إنشائه بأكثر من 5 مليارات دولار، وتساهم فيه شركات دولية ويمنية، وأبرزها شركة “توتال” (Total) الفرنسية التي تستحوذ على نحو 40% من المشروع.
وتدير “توتال” المشروع الذي يعمل فيه منذ افتتاحه حوالي 12 ألف عامل، منهم 60% من العمالة اليمنية، إلا انه توقف منذ اندلاع الحرب في البلاد ومغادرة الشركات الأجنبية.
وشهدت المحافظة أعمالاً واسعة للتنقيب عن النفط من قبل بعض الشركات العالمية، إذ توجد عدة حقول نفطية وبعض المعادن من أهمها الزنك، الفضة، الرصاص، الملح الصخري، الفلسبار، رمل الزجاج، السيلكا، الاسكوريا والبرلايت.
كما يعتبر الصيد البحري من أبرز المهن كما يعد تعليب الأسماك من أهم الأنشطة الرئيسة لسكان شبوة، حيث تتميز المحافظة بموقعها المطل على البحر العربي ما يجعلها مهمة في الاصطياد البحري سواء بصورة فردية او جماعية.
كما تنتشر العديد من الصناعات الحرفية في شبوة مثل الحدادة وذلك لصناعة الفؤوس والسكاكين والجنابي، بالإضافة إلى الأدوات الزراعية، وصناعة المعاوز بالطرق التقليدية القديمة وهي صناعة نسيجية قديمة بدأت في مديرية الروضة، كما تصنع أنواع مختلفة من الفضيات وهذه الصناعة متوارثة جيل بعد جيل.

تأريخ شبوة
كانت شبوة قديماً مركزاً لثلاث ممالك يمنية قديمة أثرت في مسار الحضارات الإنسانية على مر العصور، لا تزال بقايا آثار هذه الممالك موجودة، وتعود بداية تاريخ هذه الممالك إلى ما قبل القرن العاشر قبل الميلاد.
- مملكة حضرموت: كانت عاصمتها مدينة شبوة القديمة التي قامت على ضفتي وادي عرماء شمال شرق مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة الحالية.
- مملكة قتبان: عاصمتها مدينة تمنع التي قامت على ضفتي وادي بيحان شمال غرب عتق.
- مملكة أوسان: عاصمتها هجر يهر التي قامت على ضفتي وادي مرخة شمال غرب عتق.
عاشت هذه الممالك وتطورت في فترات زمنية متداخلة ومتلاحقة، وغالباً ما كانت متنافسة ومتعاونة في آن واحد. وقد استقلت كل مملكة في فترات معينة، بينما كانت تدين بالولاء لبعض جاراتها في فترات أخرى. نشأت هذه الممالك جميعًا على ضفاف الوديان الخصبة القريبة من أطراف صحراء مفازة صيهد (رملة السبعتين حاليًا)، وازدهرت عواصمها بفضل موقعها الاستراتيجي على طرق التجارة البرية.
كما كانت هذه الممالك تتحكم في مسارات قوافل التجارة، مما ساعد في جمع الأتاوات الضريبية التي كانت تشكل مصدر دخل رئيسي لها. وتكمن أهمية محافظة شبوة في موقعها الجغرافي الذي كان يمثل جسراً بين مناطق إنتاج السلع المقدسة قديماً مثل اللبان والمر والصبر، ومناطق تصديرها. وقد شكلت هذه المحافظة نقطة وصل بين الطرق التجارية البرية والبحرية التي كانت تنطلق من ميناء قنا التاريخي.
ويوجد تراثاً غنياً في شبوة لهذه الممالك، وقد أثار هذا التراث اهتمام العديد من العلماء عبر العصور، ونفذت العديد من البعثات الأثرية الأجنبية أعمال تنقيب جزئية في مواقع عواصم الممالك القديمة.
السياحة المعالم الأثرية
تضم محافظة شبوة العديد من المناطق السياحية المرتبطة بالتراث الآثار للحضارات القديمة، ففي مدينة عتق مركز محافظة شبوه يوجد متحف يضم مجموعة قيمة من المعروضات الأثرية، وتتوفر بها المنشآت السياحية.
مدينة بيحان: جميلة في مباني منازلها المتميزة من مادة الطين المخلوط بالتبن وهو أسلوب البناء الذي يسود المشرق من اليمن، وفي مدينة بيحان يوجد متحف يضم تشكيلة من اللقى القتبانية وأخرى من مواقع متفرقة من المحافظة.
تمنع: عاصمة مملكة قتبان تقع على الضفة اليسرى لوادي بيحان على مشارف السهل الصحراوي على بعد 30 كيلومترا من بيحان وتسمى حاليا هجر كحلان، وقتبان مملكة ازدهرت في القرن الرابع قبل الميلاد.
وتشير نتائج التنقيب أن تمنع كانت عامرة ذات ذهب وتراب ومعابد كثيرة، كما توجد مسلة عليها قوانين قتبانية، ومن مواقعها الأثرية هجر بن محمد وحيدر بن عقيل.

ومن أهم المواقع بئر علي وميناء قنا، يبعد الموقع القديم للميناء 120 كيلومترا من المكلا و200 كيلومترا من عتق، وقنا الميناء الرئيسي لتجارة اللبان والطيوب الأخرى. ويوجد تل بركاني عرف بحصن الغراب.
حمامات معدنية: كما تزخر المحافظة بإمكانيات سياحية طبيعية أخرى كالسياحة العلاجية في مياه حارة كبريتية والسياحة الشاطئية.
تضم محافظة شبوة العديد من المعالم الأثرية ففي مديرية عتق يوجد متحف عتق، وفي مديرية بيحان مدينة تمنع هجر كحلان وحيد بن عقيل، وفي مديرية مرخة يوجد هجر أمبركة خزينة الدربهجر أمحسينة وهجر يهر.
وفي مديرية جردان يوجد هجر البنا، وفي مديرية نصاب هجر جنادلة، ونقش عبدان الكبير، هجر حويدر هجر وفي مديرية حبان يوجد مصنعة حبان جبل كدور، وفي مديرية رضوم ميناء قنا بير على وميناء بلحاف.
لمحة عن الوضع الحالي
خلال الصراع في اليمن الذي اندلع بعد انهيار الدولة عقب سقوط العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، شهدت محافظة شبوة مواجهات عسكرية بين أطراف النزاع، ومرت بمرحلة استقرار لسنوات خلقت فيها التنمية بشكل لافت.
حيث شهدت توسع عمراني ملحوظ في المباني السكنية وافتتاح العديد من الأسواق التجارية وبناء المدارس الحكومية والجامعات والملاعب الرياضية وغيرها، وعودة خجولة للمنشآت السياحية تحديدا في منتجع قنا السياحي.
المصدر: ريف اليمن + المركز الوطني للمعلومات