الحديدة.. عروس البحر الأحمر الخصبة بالزراعة

الحديدة.. عروس البحر الأحمر الخصبة بالزراعة

تعد محافظة الحديدة الساحلية من أبرز وأوسع المحافظات اليمنية من حيث المساحة وعدد السكان، وهي مدينة تاريخية وعاصمة إقليم تهامة، وتلقب بـ”عروس البحر الأحمر”، و”سلة اليمن الغذائية”، وتقع في الجزء الغربي للبلاد وعلى واحد من أهم الممرات الدولية.

وتحتضن الحُديدة (تنطق بضم الحاء) أهم وأكبر موانئ البلاد، وتتميز بأراضٍ خصبة وموارد طبيعية متنوعة، مما يجعلها مركزاً هاماً للأنشطة الاقتصادية مثل الزراعة، حيث تتصدر المحافظة المركز الأول باليمن في الإنتاج الزرعي، بالإضافة إلى تربية المواشي، والصيد، والصناعة، والتجارة.

موقع محافظة الحديدة

تقع الحديدة على الساحل الغربي للجمهورية اليمنية، حيث تطل على البحر الأحمر بطول يزيد عن 300 كيلومتر يمر عبر 12 مديرية، وتتمتع المحافظة بموقع استراتيجي على طريق التجارة العالمية، وتبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 226 كيلومتراً، وتقع بين خطيْ طول 42 و43 شرق غرينتش، وبين خطيْ عرض 14 و16 شمال خط الاستواء.

تحد محافظة الحديدة من الشرق أجزاء من محافظات إب، وذمار، وصنعاء، وريمة، والمحويت، ومن الغرب البحر الأحمر، ومن الشمال محافظة حجة، ومن الجنوب محافظة تعز.

المساحة

تبلغ مساحة محافظة الحديدة حوالي(117,145) كيلومتر مربعاً موزعة على نحو 26 مديرية، أكبرها مديرية بيت الفقيه بمساحة (1,529كم2)، وأصغرها مديرية الميناء بمساحة (17 كم2)، وتعتبر مدينة الحديدة هي مركز المحافظة.

السكان

يشكل سكان محافظة الحديدة نحو 11% من سكان الجمهورية اليمنية، حيث بلغ عددهم وفقاً لتعداد عام 2004م حوالي 2.16 مليون نسمة، ومع معدل نمو سنوي قدره 3.25%، يُقدّر عدد السكان حالياً بنحو 4.09 مليون نسمة. ويوجد في المحافظة تنوع في السكان ويشكل ذوي البشرة السوداء نسبة كبيرة من سكان المحافظة القريبة من القرن الافريقي من جهة البحر الأحمر.

ويتركز معظم سكان الحديدة في المناطق الريفية، نظراً لاعتمادهم على الزراعة كمصدر رئيسي للعيش، وتعتبر مديريات مثل بيت الفقيه، باجل، الحالي، المراوعة، والحوك من أكثر المناطق كثافة بالسكان في المحافظة، ويتسم سكانها بالبساطة في مساكنهم وحياتهم اليومية.

تعد العُشَّة المبنية من القش مأوى لعدد كبير من سكان الحديدة حيث توفر البرود خلال ارتفاع درجة الحرارة بالمحافظة الساحلية (ريف اليمن)

التضاريس

تنقسم محافظة الحديدة من حيث السطح إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

  1. السهول الساحلية: تمتد من اللحَّية في الشمال إلى الخوخة في الجنوب، ومن أبرز الوديان في هذا السهل: وادي مور، وادي سردد، وادي سهام، بالإضافة إلى وادي رماع ووادي نخلة.
  2. المرتفعات الجبلية: تشمل جبل رأس في مديرية جبل رأس، وجبل بُرَع في مديرية بُرَع، وجبل دُبَاس وجبل مستور في مديرية حيس، كما تضم جبل الركب في زبيد، وجبال وهنه، وجبل الشريف جنوب مدينة باجل، وجبل القمة شرق مدينة الصيف.
  3. الجزر: يحتوي ساحل محافظة الحديدة على نحو 40 جزيرة، أبرزها جزيرة كمران المأهولة بالسكان، وهي ذات أهمية استراتيجية، بالإضافة إلى جزيرة طقفاش (أنتوفيش)، جزيرة حنيش الكبرى، جزيرة حنيش الصغرى، وغيرها من الجزر الصغيرة والكبيرة.

    مواضيع ذات صلة


مناخ الحديدة

يتأثر مناخ محافظة الحديدة بشكل عام بكل العوامل المناخية التي تؤثر على اليمن، ويمتاز بالصيف الطويل الحار والشتاء القصير الدافئ، ومتوسط درجة الحرارة في المحافظة يبلغ حوالي 29 درجة مئوية طوال أيام السنة.

وتختلف كميات الأمطار في المحافظة من منطقة إلى أخرى، حيث تزداد في الأجزاء الشرقية والمرتفعات الجبلية، بينما تقل أو تنعدم في بعض الأحيان على الشريط الساحلي، وعادةً ما يحدث سقوط الأمطار في المحافظة خلال موسم الربيع وأواخر فصلي الصيف والخريف، لكن كميات الأمطار تكون أكبر عادة في فصل الصيف والخريف.

وأما بالنسبة لكميات الأمطار الشهرية (بالملمتر) في محطات الرصد الرئيسية لعام 2004م، فقد بلغت 128,803 ملم في محافظة الحديدة.

النشاط الاقتصادي

تعتبر الحديدة واحدة من أبرز المحافظات اليمنية من حيث النشاط الاقتصادي المتنوع، حيث يشكل القطاع الزراعي النشاط الرئيسي لسكانها، بالإضافة إلى الصيد وتربية المواشي.

الموز من أبرز الفواكه التي تنتجها محافظة الحديدة (إنترنت)

وتحتل الحديدة المركز الأول على مستوى الجمهورية في إنتاج العديد من المحاصيل الزراعية، بما في ذلك الخضروات والفواكه والحبوب والبقوليات والمحاصيل النقدية، مما يشكل نحو 28.6% من إجمالي الإنتاج الزراعي في اليمن.

ويشتهر سكان المحافظة بتربية المواشي، خاصة الماعز (كباش، كسب، غنم) مع العجول، وتعد لحوم مواشي الحديدة هي الأشهر في مختلف أسواق اليمن وذلك لجودة طعمها مثل “المروعي”، ويزاول السكان أنشطة الرعي في المناطق الريفية الواسعة.

بالإضافة إلى الزراعة، يعد الاصطياد السمكي من الأنشطة الاقتصادية الرئيسية، إذ تمتد المحافظة على شريط يبدأ من مديرية الخوخة في جنوب المحافظة حتى مديرية اللحية في الشمال (أكثر من ثلاثمائة كيلو)، ما يجعلها غنية بالأسماك والأحياء البحرية على مدار العام.

يعمل كثير من سكان الحديدة الساحلية في مهنة صيد الأسماك والتي تعد مصدر دخل رئيسي لآلاف الصياديين (الإنترنت)

وتشمل الحديدة العديد من المنشآت الهامة مثل مصنع أسمنت باجل، بالإضافة إلى بعض الصناعات الغذائية مثل المشروبات الغازية والعصائر والبسكويت وكذلك الصناعات البلاستيكية وصناعة السجائر والملح، وحلج القطن ومطاحن البر والأعلاف، كما يوجد فيها مزارع ضخمة لتربية الدواجن والنحل، ويقع فيها أيضاً مقرات ومكاتب رئيسية للشركات والمؤسسات التجارية في البلاد، كما يوجد في مدينة الحديدة مطار يستقبل الطائرات بمختلف أحجامها.

ويعتبر النشاط التجاري في الحديدة متميزاً بفضل موقعها الاستراتيجي قرب ميناء الحديدة، الذي يُعد ثاني أكبر ميناء في اليمن، إلى جانب مينائي الصليف ورأس عيسى، ويعمل في هذه الموانئ الثلاثة عدد كبير من السكان.
وتساهم الحركة التجارية في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال عمليات الاستيراد والتصدير، كما تحتوي المحافظة على معادن متنوعة مثل الجرانيت والرمال السوداء والأصباغ والسيراميك، مما يضيف قيمة اقتصادية أخرى للمنطقة.

وتشتهر المحافظة بالصناعات الحرفية مثل الفخار والعشش والخزف والنسيج، وصناعة الألمنيوم والحصير، فضلاً عن حياكة اللحاف والمقاطع، وصناعة قوارب الاصطياد.

وفي سياق التنمية السياحية، تبرز الحديدة بعدد من المواقع التاريخية والتراثية، فضلاً عن السياحة البحرية التي تشهد إقبالاً كبيراً خلال فصل الشتاء مع درجة الحرارة فيها، ما يعزز من أهمية المحافظة كوجهة سياحية وتجارية في اليمن.

تتصدر محافظة الحديدة في زراعة أنواع المانجو اليمني

السياحة والمعالم الأثرية

في محافظة الحديدة، تتنوع المعالم السياحية والتاريخية التي تجذب الزوار، أبرزها الآثار الإسلامية في مدينة زبيد التاريخية، مثل الجامع الكبير وجامع الأشاعرة في مدينة بيت الفقيه، كما تشتهر الحديدة بمعالم أخرى مثل قلعة الحديدة المطلة على البحر الأحمر وحمام السخنة الطبيعي.

تعد مدينة زبيد من أقدم وأهم المدن التاريخية في المنطقة، حيث تعود نشأتها إلى القرن الثامن الهجري، وتتميز بمبانيها المعمارية التقليدية ذات الأدوار العالية والسقوف الخشبية المنقوشة بتصاميم هندسية فريدة، مما يعكس نمط البناء في الموانئ القديمة على ساحل البحر الأحمر.

إضافة إلى ذلك، تنتشر في الحديدة العديد من الأسواق الشعبية الأسبوعية التي تعد من أبرز عوامل الجذب السياحي، حيث تعكس طبيعة الحياة التقليدية والتسوق لدى السكان المحليين، منهل على سبيل المثال سوق بين الفقيه، سوق مدينة زبيد، أسواق القناوص، وأسواق المراوعة، التي تحظى بإعجاب القادمين الى المحافظة.

التاريخ:

تأسست مدينة الحديدة في القرن الثامن الهجري، وبدأت كمركز للصيد ثم تحولت إلى مرسى للسفن في عام 1455، وتعرضت المدينة للعديد من الحملات الاستعمارية، حيث سعى البرتغاليون والإنجليز للسيطرة عليها، لكن سكانها تصدوا لهذه المحاولات، خصوصًا في عهد السلطان عامر بن عبد الوهاب الطاهري في عام 1514، وفقاً لبعض المصادر.

وفي عام 1848، أصبحت الحديدة قاعدة عثمانية انطلاقًا نحو صنعاء. ثم انتقلت في عام 1923 تحت سيطرة محمد الإدريسي، قبل أن يتمكن الإمام يحيى بن حميد الدين من السيطرة عليها في نفس العام، وفي 26 سبتمبر 1962، كانت الحديدة نقطة انطلاق للقوات المصرية التي قدمت الدعم للثوار في مقاومتهم لحكم الإمامة.

وأُنشئ ميناء الحديدة في عام 1961، وفي عام 1981 تم بناء منار في جزيرة حنيش الكبرى، التي شهدت نزاعًا مع إريتريا في عام 1995، وقضت لجنة تحكيم دولية في عام 1998 بأن الجزر تابعة لليمن.

لمحة عن الوضع الحالي

وتُعد محافظة الحديدة من أبرز المناطق اليمنية التي تأثرت بشكل كبير جراء الصراع المسلح المستمر منذ عام 2014، حيث شهدت العديد من مديرياتها معارك ضارية بين الأطراف المتنازعة.

وأسفرت تلك المواجهات عن مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين، خصوصاً خلال المعارك العنيفة التي شهدتها المحافظة في عام 2018، كما اضطر مئات الآلاف من المواطنين إلى النزوح بسبب الحرب، فيما تضررت البنية التحتية بشكل كبير جراء تدمير الخدمات الأساسية، إضافة إلى الحصار المفروض على السكان نتيجة قطع الطرقات وزرع الألغام، فضلاً عن قرب جبهات القتال من المدينة وما خلفته من دمار واسع في المنازل والأسواق، كما تعرضت المحافظة إلى ضربات جوية وهجمات عشوائية بالصواريخ.

وعلى الرغم من توقيع اتفاق ستوكهولم في ديسمبر 2018 بهدف تخفيف وطأة الصراع على سكان المحافظة، إلا أن تنفيذ الاتفاق كان محدوداً، وتخللته العديد من التحديات والاتهامات المتبادلة بخرقه، مما أدى إلى استمرار النزاع والتحركات الميدانية بين المشاركين.

إضافة إلى ذلك، كانت محافظة الحديدة من أكثر المناطق اليمنية تأثراً بالتغيرات المناخية لهذا العام (2014)، حيث تعرضت ممتلكات المواطنين للدمار جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت عدة مدن في المحافظة، مما أسفر عن سقوط العشرات من الضحايا وتدمير واسع للأراضي الزراعية وشبكات الطرق والمنازل.


المصدر: ريف اليمن + المركز الوطني للمعلومات

الكاتب

مواضيع مقترحة: