تشهد أسواق محافظة لحج هذه الأيام إقبالا ملحوظا من السكان على فاكهة “السابوتا”، وتُسمّى محليا “فاكهة الملوك” أو “العباسي”، وهي شجرة معمّرة مستديمة الخضرة، تنمو حتى ارتفاع 25 مترا، وموطنها الأصلي في الغابات المطيرة في الأراضي المنخفضة من المكسيك ومنطقة البحر الكاريبي.
وتتميز السابوتا بلونها البرتقالي المحمر، وطعمها الحلو، ورائحتها الزكية المميزة، وقوامها الكريمي، وكل ثمرة من الثمار تحتوي داخلها على بذرة بنية كبيرة ولامعة، وتؤكل السابوتا طازجة، أو تصنع منها العصائر والآيس كريم وغير ذلك.
كيف وصلت إلى لحج؟
يقول المهندس أحمد المعلم مدير مشتل الحوطة بلحج: “عباس كَمَراني هو أول من أدخل شجرة السابوتا إلى لحج، وذلك إلى جانب ما أدخله الأمير أحمد فضل القمندان إلى لحج من فواكه وخضروات أيام السلطنة العبدلية، وأصبحت تُعرف بشجرة العباسي نسبة إلى عبّاس كمراني.
وهو من المقربين الى أسرة العبادل الحاكمة في لحج، وقد جلبها من الهند وزرعها في قصر السلطان في الحوطة، ثم انتقلت إلى بعض الأماكن الخاصة بالسلاطين وأمراء لحج، ومن هنا أخذت تسمية فاكهة السلاطين أو الملوك”.
أما المواطن عبد المجيد كرو (70 عاما)، وهو أحد المزارعين من منطقة الخداد بالمحافظة، فيقول: “شجرة السابوتا من الأشجار النادرة، وتُزرع في بعض مناطق لحج فقط، وبنسب بسيطة، وهي تحمل مسمّى شعبيا في لحج ويُطلق عليها (فاكهة الملوك)، فقد كانت قديما لا يستطيع الحصول عليها غير الملوك”.
وأشار كرو في حديثه لمنصة ريف اليمن إلى أن شجرة العباسي تُعدّ من الأشجار المعمرة، وموسمها شهر واحد في السنة فقط، عقب انتهاء موسم فاكهة المانجو، ويزرعها بعض المزارعين في مناطق ضواحي الحوطة في مساحات بسيطة لضعف وشحة الإمكانات على الرغم من مكانتها وفوائدها الغذائية الكبيرة.
أسعارها ومناطق تواجدها
بحسب كرو يصل سعر السلة الواحدة من هذه الفاكهة إلى 60 ألف ريال يمني (الدولار يساوي 1900 ريال)، ويُرجع سبب الارتفاع إلى ندرة الشجرة وقلة المحصول، ورغم ارتفاع سعرها تشهد نفادا من الأسواق في فترة قصيرة؛ إذ يحرص السكان وزوّار لحج على شرائها لطعمها اللذيذ وقيمتها الغذائية.
وتُزرع شجرة السابوتا في مناطق محدودة بلحج، مثل سفيان والشظيف والخداد والقريشي، وبنسب بسيطة جدا، وتتفاوت المدة الزمنية لنموّها منذ بداية زراعتها حتى بلوغ الشجر مرحلة الثمر، فيستغرق زراعة النوع المقلّم عامين وغير المقلم 4 أعوام، ولا يوجد تقدير إحصائي من الجهات المعنية في لحج عن نسبة زراعتها.
في السياق نفسه، يقول المزارع سالم محمد مليبه (60 عاما) إن غياب التشجيع والاهتمام من الجهات المعنية والمنظمات الدولية لدعم المزارعين هو العامل الأبرز لعدم التوسع في المساحات الزراعية الكافية، سواء لهذه الثمرة أم لغيرها، على الرغم من أن هذه الشجرة تتميز بها لحج، بالإضافة إلى أنها تمثل مصدر عيش لبعض المزارعين.
وأشار مليبه إلى أن الشجرة الواحدة من السابوتا تنتج كثيرا من الثمار في الموسم الواحد، وقد كان يكثر زراعتها في بستان الحسيني، إلا أنها تعرضت للإهمال، وهو ما قلّل وجودها وأصبحت نادرة في المحافظة في فترة من الفترات، لكن جهودا بذلها عدد من المهندسين الزراعيين في السنوات الأخيرة، قد أسهمت في إعادة زراعتها في المحافظة.
وفاكهة العباسي مستديرة بيضاوية مغلّفة بطبقة بنية تحتوي بداخلها على بذرتين سوداوين إلى جانب لبّها اللذيذ السكري، وصارت أغلب المشروبات تصنع من فاكهة العباسي، وهو عصير لذيذ المذاق، يُباع الكوب منه بـ800 ريال، وتُعد الفاكهة من المصادر الغنية بالفيتامينات والمعادن كالكالسيوم والحديد والبوتاسيوم.
طريقة زراعة فاكهة السابوتا
ووفقا للأبحاث، تنمو أشجار السابوتا بالمناطق الجافة، ولها قابلية التكيف مع المناطق الحارة والقاحلة، حيث معدل هطول الأمطار لا يتجاوز الـ 100ملم في السنة.
ويساعد النهار القصير في تشجيع تزهير الأشجار، والري التكميلى مطلوب في المناطق الجافة لإنتاج محصول مرتفع وثمار ذات حجم مناسب، كما أنها تنمو جيّدا في الأراضي الجيدة الرملية أو الطينية الثقيلة، وتتحمل الملوحة نسبيا، وتفضل التربة المتعادلة التي تميل قليلا إلى قلوية خفيفة pH من (6 – 8)، ويمكنها النمو في الأراضي الجيرية المنخفضة القلوية.
أما طريقة زراعتها، فيكون بأخذ البذور من ثمار السابوتا الناضجة، فتُترك لتجف من دون تعرضها لأشعة الشمس قبل البدء بزراعتها. وتجهز البذور لعمليات الإنبات، وذلك بإحدى طريقتين، إما بوضعها على قطعة من القماش المبلل، ثم وضعها داخل كيس محكم الإغلاق لمدة 3 أيام، وإما بخدش البذور ونقعها في ماء دافئ لمدة 24 ساعة، مما يسرع عملية الإنبات التي تحتاج غالبًا إلى ما يقارب 30 يومًا.