يواجه المزارعون في وادي حريب بمحافظة مأرب، صعوبات وتحديات جمة، بدأ بتغير المناخ، وعدم تعدد مصادر المياه، وصعوبات تسويق المنتجات الزراعية، فضلا عن استخدامهم طرقا زراعية تقليدية، في ظل غياب الراعية الحكومية.
وقال المزارع صالح لقور، أحد أبرز المزارعين في الوادي، في مقابلة مع منصة “ريف اليمن”، إن المزارعين يتخوفون من المغامرة في إنشاء مشاريع استراتيجية بسبب الحرب والتغيرات المناخية، لافتا أن حالة عدم الاستقرار تسببت في محدودية الزراعة.
صالح لقور من أبناء وادي حريب جنوب محافظة مأرب (شرقي اليمن)، ويعمل في الزراعة منذ 30 عاماً، يمتلك خبرات زراعية متراكمة اكتسبها من عمله المستمر لعقود في مزرعته التي لا يزال يخوض فيها تحدياً صعباً في بقائها واتساع رقعتها، في ظل الحرب وتطرف المناخ.
نص الحوار
بداية لو تحدثنا عن تجربتك الزراعية في وادي حريب؟
أنا أمارس الزراعة منذ عام 1994م، وكان هذا العام هو أفضل عام زراعي بالنسبة لي، واستفدت منه أكثر من أي عام أو موسم زراعي ماضي، خصوصاً في زراعة السمسم والعنب والبرتقال، حيث اعتمدت على غطاس مائي لجلب المياه من البئر الجوفية واستفدت من الكهرباء وتخلصت من المضخات المكلفة التي تعمل بالوقود ولم يعد بمقدور المزارع الاعتماد عليها، كون الاعتماد عليها لا تعود بفائدة.
في 15 اكتوبر 2023م، زرعت 3 أكياس قمح عبوة 50 كيلو جرام، وحصدت 35 كيس، وكان العدد سيكون أكبر لو كنت استخدمت اسمدة لكن أنا أٌفضل عدم استخدام الاسمدة حفاظاً على سلامة المنتج والتربة.
ماهي أبرز المحاصيل في الوادي؟
من أبرز المحاصيل في وادي حريب بمحافظة مأرب هي الحبوب بمختلف انواعها: الذرة البيضاء والحمراء والشام المسيبلي، وكذلك البرتقال والمانجو، بالإضافة للأعلاف بأنواعها كأعلاف الذرة البيضاء والشام والقضب والخردل.
كيف تأثرت الزراعة في الوادي خلال السنوات الأخيرة ؟
المواسم الزراعية باتت غير مستقرة بسبب التغيرات المناخية، إذ يحدث تغير في الجو سواء حالة جفاف أو أمطار في غير موسمها هذا يلحق أضراراً بالزراعة.
زيادة نسب هطول الامطار مع زيادة درجات الحرارة غير مفيد، إضافة إلى أن الامطار أصبحت حمضية وكبريتية بسبب تلوث الهواء ومياه البحار والمحيطات، وارتفاع درجات الحرارة أصبح عائقاً أمام الاستمرار في زراعة الحمضيات كالطماطم، فلم تعد تقوى على البقاء على نضوج الثمرة دون وجود محميات زراعية مكيفة تحميها من درجات الحرارة المرتفعة.
لقور: المواسم الزراعية باتت غير مستقرة بسبب التغيرات المناخية والمياه الجوفية هي المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه المزارع في وادي حريب.
هذه العوامل أدت إلى تراجع الزراعة في الوادي، إلا أن المنتج المحلي يغطي احتياجه إذ أن سوق المديرية يعتمد على الخضروات والفواكه والحبوب والاعلاف من منتجات المزارعين.
ماهي مصادر المياه التي يعتمد عليها المزارعين؟
المياه الجوفية هي المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه المزارع في وادي حريب، ونتيجة عدم تعدد مصادر المياه والاعتماد فقط على مياه الآبار الجوفية أصبحت الزراعة محدودة في الوادي رغم خصوبة التربة واتساع مساحة الاراضي الخصبة.
والمياه الجوفية في الوادي على بُعد 70 متر، وهي مياه سطحية جارية وليست بحيرات أو مياه مخزونة، فهي تزيد وتنقص بحسب جريان السيول إلى الوادي خلال موسم الامطار، وارتفاع درجة الحرارة وزيادة التصحر ينعكس سلباً على الزراعة إذ تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، والمزارع الذي يمتلك بستان من البرتقال قد يتضرر في حال انخفاض المياه الجوفية وقد تتسبب في قلع اشجار البستان وخسارته كلياً.
هل تستخدمون الأسمدة والمبيدات في الزراعة؟
لا نفضل استخدام الاسمدة كونها مضرة بالتربة، كما أن هناك أسمدة مغشوشة تتسبب بظهور حشرات غريبة تظهر بالزراعة والتربة، لم تعد هناك من مصادر موثوقة للأسمدة، ولا توجد معايير تضمن سلامة المستهلك والمزارع والثمرة والتربة من خطورة تلك الاسمدة مجهولة المصدر أو من مصدر غير موثوق أو غير معروف.
وهناك اسمدة تتسبب بظهور حشرات عندما تكون الزراعة في منتصف عمرها، ومن ابرز تلك الحشرات العنكبوت الصحراوي الذي يقوم بتغطية الشجرة عند ظهورها بغشاء اشبه بالخيمة الرقيقة أو عش الاصطياد ويتسبب في تلفها.
من خلال خبرتك في الزراعة كل هذه السنوات برأيك ماهي أسباب الكساد؟
السبب الرئيس وراء الكساد يعود إلى غياب التنسيق بين المزارعين وعدم اهتمامهم بالتنويع، ومن أسباب كساد المنتج الزراعي المحلي هو أن بعض المزارعين عندما يعلمون بأن المزارع الفلاني باع مثلاً السلة الطماطم، بمبلغ كبير، يهرعون في زراعة الطماطم ويتسببون في كسادها
وبعض المزارعين عندما يجد صنف معين مطلوب في السوق وسعره مرتفع وكميته محدودة ونادرة يقوم بزراعته وبنفس الوقت يزرع الأخرون ذات الصنف ير ويتسببون في زيادة العرض على الطلب وتلحق بهم خسائر فادحة، ولذلك أدعوا جميع المزارعين إلى ضرورة التنسيق والتنويع وعدم زراعة صنف محدد تجنبا للخسائر
لقور: المزارعون في وادي حريب ومأرب بشكل عام يحتاجون إلى دعم ومد يد العون والرعاية من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق مشاريع زراعية استراتيجية.
بماذا تنصح المزارعين في ظل التغيرات المناخية؟
أولا: تجنبت زراعة الطماطم والحمضيات مع ارتفاع درجات الحرارة، والتوجه نحو زراعة الاشجار والنباتات والأعلاف المقاومة للحارة كالسمسم وعنب الفلفل (باباي) والبرتقال والذرة البيضاء والذرة الحمراء والشام، وللمعلومة أصبحت درجة الحرارة المرتفعة خصوصاً صيف هذا العام 2024 تضر حتى بالأشجار الصحراوية المقاومة للحرارة، كالبرتقال والمانجو والأعلاف”.
ماهي احتياجات المزارعين في وادي حريب؟
يواجه المزارعون صعوبات وتحديات جمة فهم يستخدمون طرق تقليدية بسيطة وقديمة ، لا يوجد دعم ولا رعاية من الحكومة ولا شركات مستثمرة ولا منظمات داعمة للمزارع”.
والمزارع في وادي حريب ومأرب يحتاج إلى دعم ومد يد العون والرعاية من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لتحقيق مشاريع زراعية استراتيجية من خلال تزويده بالبذور والاسمدة والمعدات الزراعية وشبكات الري.