بشغفٍ وحرص عاد وسيم محمد، إلى مدرسته الحكومية التي يتلقى فيها تعليمه، في قرية منازل بردان بمديرية جبلة بمحافظة إب (وسط اليمن)، بغية البحث على تحصيل علمي يلبي طموحاته المستقبلية في ظل تدهور العملية التعليمية.
يدرس وسيم في الصف الثاني الثانوي، وهو من ضمن الطلبة المثابرين والحرصين على مواصلة تعليمهم الدراسي، إذ اشترى مستلزماته الدراسية المتنوعة قبل أسابيع من حلول العام الدراسي الجديد.
وسيم ومعه المئات من طلاب وطالبات المدارس الحكومية في المناطق الريفية بمحافظة إب، عادوا إلى مدارسهم مع انطلاق العام الدراسي قبل اسبوعين مطلع يوليو الجاري، في وقت لم يستطع الآلاف من زملائهم الالتحاق بالمدارس نتيجة الظروف التي يمرون بها.
ووفق بيانات اليونيسف، هناك أكثر من مليوني طفل خارج المدارس، وأكثر من أربعة ملايين طفل يحتاجون إلى الدعم للوصول إلى التعليم، وأكثر من 20 في المائة من جميع المدارس الابتدائية والثانوية مغلقة في اليمن.
مواضيع مقترحة
- التعليم في الريف.. طلاب لا يجيدون القراءة والكتابة
- طلاب الريف.. الكفاح خياراً إجبارياً لمواصلة التعليم
- قرية القفوة بتعز: مبادرة لتعليم 100 طفل تحت سعف النخيل
طلاب الريف والتعليم
رغم كل الصعوبات، يحرص وسيم (17عاماً) على مواصلة تعليمه، إذ قال لمنصة ريف اليمن “أحرص على شراء المستلزمات الدراسية وتوفيرها كي يأتي العام الدراسي وأنا مستعداً له من جميع الجوانب”.
اغتراب والد وسيم في المملكة العربية السعودية ساعده على توفير رسوم وتكاليف التعليم له وبقية اخوانه الذين يواصلون تعليمهم الدراسي، في حين لم يتمكن أولياء أمور أخرين من توفير مجرد قلم، وبات همهم الاول البحث عن لقمة العيش لأطفالهم.
تماما مثل وسيم ابتهج عزالدين أمين (18 عاماً) بعودته إلى المدرسة في السياني جنوب محافظة إب، فهو منذ بدء العام الدراسي، يحرص على الذهاب للمدرسة بشكل يومي عله يحظى بتحصيل علمي يُحقق رغبته وتطلعاته في الدراسة الجامعية”.
يدرس عزالدين، في الصف الثالث الثانوي ويتطلع إلى تحقيق نسبة عالية في امتحان الشهادة الثانوية، ويرغب بدراسة الهندسة الإلكترونية وفق قوله لمنصة ريف اليمن.
وعلى الرغم من أن والده يعمل بالأجر اليومي بمهنة البناء بمدينة إب، لكن حرصه الشديد على تعلميه دفعه إلى التقشف إذ يقول لمنصة ريف اليمن “اضطررت لتخفيض الإنفاق الأسرى من أجل تعليم أبنائي وسوف أبذل الغالي والرخيص حتى يستكملوا تعليمهم”.
ويضيف: “أبذل جهوداً كبيرةً من أجل توفير تكاليف الرسوم الدراسية أنفق شهرياً نحو ألفين ريال رسوم مجتمعية للمدرسة، الكثير من الآباء عاجزين عن إلحاق أطفالهم في المدارس الحكومية بسبب الأوضاع المعيشية”.
أطفال نازحين في مدينة الحديدة
الحنين إلى المدرسة
وعلى الجانب الآخر، لم يتمكن الكثير من طلاب المناطق الريفية من العودة إلى المدارس أو شراء الاحتياجات الدراسية، رغم مرور نحو شهر على انطلاق العام الدراسي، من بينهم الطفل أسامة عصام (16 عاماً) الذي أجبرته ظروف والده على عدم الالتحاق بالمدرسة حتى اللحظة.
يقول أسامة المنحدر من منطقة السبرة شرق محافظة إب أشعر بالحسرة والألم حينما أشاهد زملائي يذهبون إلى المدرسة، وعند كل صباح أسمع أصواتهم واحن إلى الاستماع إلى الإذاعة المدرسية”.
ويعلق الصحافي أبوبكر الفقيه قائلاً لمنصة ريف اليمن: “الأسبوع الثاني من العام الدراسي، وهناك الكثير من الطلاب لا يزالون بعيدون عن المدرسة بسبب عدم قدرة أولياء أمورهم على توفير الاحتياجات المدرسية المختلفة من رسوم وزي مدرسي ومستلزمات وغيرها”.
واعتبر الفقيه أن ما يعاني منه الطلاب في المناطق الريفية أمر محزن للغاية خاصةً حينما يرى الطفل زملائه يذهبون إلى المدرسة وهو لا يستطيع، مشيراً أن بعض الطلاب يضطرون إلى ممارسة الأعمال الشاقة من أجل تأمين رسوم وتكاليف التعليم”.
تسرب الطلاب
وشهد القطاع التعليمي في اليمن تدهورًا كبيرًا حيث ارتفعت نسبة الأمية في الأرياف لتتخطى 70%، وتم تسجيل أكثر من مليوني طالب كمتسربين من المدارس في مختلف مراحل التعليم، وبلغ إجمالي الطلاب المتسربين والمتضررين إلى أكثر من 6 ملايين طالب، وفق مسؤول حكومي في وزارة التربية والتعليم.
ووفق تقريرالبنك الدولي، فإن سنوات الصراع في اليمن أدت إلى تدهور جودة التعليم وتسببت بتسرب الطلاب، وأن الأسر تواجه صعوبات كبيرة في إرسال أطفالها إلى المدرسة.
وأوضح التقرير الذي نشر في 8 أغسطس/ آب 2023 أن جودة التعليم تدهورت بدرجة كبيرة في اليمن، حيث تعمل معظم المدارس وفقاً لجدول زمني طارئ، مما أدى إلى دروس بدوام جزئي ودروس غير مستمرة في كثير من الأحيان.
وأوضح أن المقابلات مع الأسر ومديري المدارس وكبار المسؤولين على مستوى المحافظات توضح صورة التعليم القاتمة، لا سيما فيما يتعلق بجودة التعليم ومعدلات الالتحاق وتسرب الطلاب في المدارس الحكومية في جميع أنحاء اليمن.
وأدت أزمة توقف صرف الرواتب الحكومية إلى تدهور التعليم إذ يعيش أكثر من نصف مليون موظف حكومي في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، من دون رواتب منذ سبتمبر/ أيلول 2016.
وبرغم توقف صرف الرواتب الحكومية والظروف المعيشية التي يعيشها الطلاب والمعلمين على حد سواء، لكن الكثير من المدارس بريف محافظة إب هذا العام مستمرة بتقديم الخدمات التعليمية للطلاب والطالبات بجهود ذاتية من خلال دعم الأهالي والسكان.