على سفح جبل سمارة بمحافظة إب (وسط اليمن)، تمتد طريق قرية الشُعوب، بطول يبلغ نحو 6 كيلو مترات، وتشكل شريان حياة لسكان 17 قرية، ورغم أهميتها، تبقى مهددة بالسيول، ومياه الأمطار الموسمية.
يبدأ طريق الشُعوب من وسط نقيل سمارة الشهير، وتحديدا من منطقة تسمى “جربة النجد” وهي منطقة تتبع ادارياً مديرية “المخادر” ويمر بجبال متعددة، وبمنحدرات شديدة الخطورة، ويقطع عدد من القرى والأراضي، وينتهي وسط “الشعوب” القرية التي تتميز بالخضرة ووفرة الماء، والزراعة.
يربط الطريق بين 17 قرية ريفية، وتعد قرية الشُعوب هي الأعلى من حيث عدد السكان، إذ يبلغ عدد سكانها نحو الفي نسمة تقريبا، وتتوزع تلك القرى إدارياً على مديريات “المخادر” و “القفر” وهي قرى متداخلة ومتقاربة، وهو ما يعزز أهمية الطريق الذي يعد شريان الحياة للآلاف من المواطنين .
طريق الشُعوب شريان حياة
رغم وعورة الطريق وارتفاعاته الخطرة، الا انه يعتبر ممر استراتيجي، وشريان حياة، يربط القرى مع بعضها، والسبيل الوحيد للوصول إلى مدينة اب، والأسواق الشعبية اليومية، والاسبوعية، وهو الممر الوحيد لدخول الادوية والأغذية للسكان.
يعتمد سكان القرى على سيارات رباعية الدفع القديمة، وهي في الأساس مخصصة لنقل البضائع- والتنقل ومن وإلى الأسواق في المحافظة، والمديرية، وتقتصر الرحلة اليومية على وقت محدد، حيث تغادر السيارات القرية صباحاً باتجاه السوق، ثم تعود وقت الظهيرة، بعدها تتوقف الحركة حتى صباح اليوم التالي.
يقول “عبدالرحمن علي” وهو سائق سيارة نقل في القرية (موديل 84) إن “عملية السفر من القرية والعودة تكلف على الفرد 15 – 20 الف ريال ( الدولار يساوي 530 ريالا)، مضيفا “اذا لم تأتي في ساعات الصباح الأولى لن تجد سيارة تقلّك الى السوق وستضطر الى تأجيل سفرك”.
ويضيف لمنصة “ريف اليمن”، “شهدت الطريق العديد من الحوادث وأدت الى وفاة العديد من أبناء القرى، آخر تلك الحوادث المؤسفة انزلاق سيارة على متنها عدد من النساء مطلع شهر يوليو تموز الجاري، ما ادى الى وفاة مواطنة مسنة واصابة ثلاث اخريات”.
خطر يهدد حياة السكان
بالتوازي مع الأهمية التي تُمثلها الطريق لسكان القرى فإن وعورتها، والارتفاعات التي تمر بها، والحفريات التي تخلفها السيول، وانزلاق اجزاء من الجبال المطلة عليها، تشكل خطراً كبيراً على حياة السكان .
يقول ياسر علي (42 عاما) وهو أحد السكان إن: “عبور الطريق مغامرة، لكننا مجبرون عليها فهي السبيل الوحيد للسكان”، مشيراً أن المعاناة تشتد مع وجود حالة مرضية طارئة خصوصاً خلال موسم هطول الأمطار صيفاً.
يضيف لمنصة ريف اليمن:” إسعاف المرضى كابوساً يُنغص حياة السكان، نضطر إلى استئجار سيارة بأسعار كبيرة، لكن نتيجةً لوعورة الطريق تتفاقم معاناة المريض وبعضهم يتعرض للوفاة قبل وصوله إلى المستشفى”.
من جانبه يرى الدكتور “خليل محمد” أن:” غياب المراكز الصحية في القرية، والقرى المحيطة بها ، يشكل خطراً على حياة السكان خصوصاً النساء الحوامل، فالطريق الوعرة تقطعها السيارة بنحو ساعتين على الاقل حتى تصل إلى أقرب مستشفى وذلك يمثل تهديداً لحياة الأم والجنين ، فقد تتعرض المرأة للوفاة جراء الألآم خلال فترة الإسعاف”.
وقال محمد لمنصة ريف اليمن “شهدت الطريق خلال الأعوام السابقة انزلاق العديد من السيارات راح ضحاياها العديد من أهالي القرية، بفعل السيول المصحوبة بزيوت السيارات القادمة من أعلى جبل سمارة تعمل على قطع الطريق وإفساده بشكل دائم بسبب غياب الممرات الخاصة بتصريف المياه”.
وتحدث أبوبكر ناصر وهو أحد سكان القرية – يعمل في السعودية- عن معاناته الشخصية جراء الطريق لحظة عودته من الغربة، وقال لمنصة ريف اليمن “إنه لم يتمكن من الوصول للقرية بسيارته الصغيرة نتيجة وعورة الطريق، الأمر الذي أجبره على نقل عائلته للسكن في صنعاء، قبل مغادرته رفقة أسرته للعيش معهم في السعودية.
تلك المعاناة دفعت أبوبكر ومعه المئات من السكان، لمحاولة حل المشكلة قبل سنوات، عبر الحكومة ممثلة بالسلطة المحلية للمحافظة، إذ يقول محمد ناصر “تم تقديم مشروع إلى الحكومة عام 2006 شمل إعادة شق الطريق ورصفه، وبناء جوانبه، ورشه بمادة الأسفلت لكن دون جدوى”.
وقال ناصر لمنصة ريف اليمن “نفذ المقاولون جزء من خطة العمل فيما تعثر تنفيذ البقية، إذ جرى إعادة شق وتوسعة أجزاء من الطريق لكن العمل توقف، موضحا أن إيقاف استكمال المشروع أثر بشكل سلبي على الطريق وتركت جوانبها دون تثبيت ما أدى الى انزلاقها بفعل الأمطار والسيول”.
مبادرة مجتمعية
تعثر دور الحكومة ومعاناة الأهالي المستمرة دفعت رجل الأعمال “حميد اليافعي” (ذو الخمسين عام) إلى إطلاق مبادرة لتعبيد الطريق التربية المتهالك، فهو كما المئات، عانى مما يعاني منه سكان قريته خلال زيارته الأخيرة للقرية عام 2016.
اليافعي ومعه مجموعة من الشباب المنحدرون من القرية تمكنوا من تعبيد أخطر المنحدرات الذي يبلغ طوله نحو نصف كيلو متر، ويقع عند مدخل القرية وهي المنطقة الأكثر عرضة للخراب جراء السيول، وتمكنوا من إصلاحها في العام ذاته.
يقول الشاب ضيف الله حمود (37عاما) وهو أحد المساهمين إن: “المبادرة كانت تطوعية، وتفاعل معها معظم شباب القرية ممن يغتربون في السعودية وبعض دول الخليج، الذين بدورهم تكاتفوا وأعلنوا عن تقديم الأموال من أجل إصلاح طريق قريتهم”.
يروي ضيف الله لمنصة ريف اليمن، سير المبادرة والعمل فيقول: “عقب جمع الأموال، تم تشكيل فريق من الشباب وبعض الوجهاء في القرية الذين نفذوا العمل، ونجحوا في اصلاح الطريق بمنطقة تسمى “الشعب” وهي منطقة وعرة ومنحدرة وشديدة الخطورة تمر فيها السيارات بصعوبة نتيجة ارتفاعها الشديد.
وبين “ضيف الله” أنه “تم ترميم الطريق عن طريق الرصف باستخدام الأحجار والاسمنت، وعمل مجرى جانبي لمياه السيول، “مضيفا ” أصبحت الطريق أمنة وتستطيع السيارات العبور دون مخاطر”.
وعلى الرغم من الجهود التي بذلتها المبادرة في تعبيد نحو نصف كيلو متر يؤكد ضيف الله “أن معاناة السكان ماتزال مستمرة فالطريق لا تزال بحاجة إلى اصلاح جذري وحقيقي يضمن بقائها سهلة العبور لكافة المركبات خصوصاً السيارات الصغيرة وضمان سلامة الأهالي، خاصة الأطفال والنساء”.
ويختم بالقول” نتمنى ان يصل صوتنا للمنظمات الدولية الفاعلة لإسناد سكان القرى بسرعة إصلاح الطرق، وعمل مجرى للسيول بمناطق الاحتياج، ووضع حمايات في الأماكن الخطرة”.
وبحسب برنامج الأمم المتحدة الانمائي، أصبحت الحياة أكثر صعوبة في المجتمعات الريفية في اليمن بسبب تقيد الطرق الوعرة الوصول إلى الخدمات الحيوية والموارد والتعليم وفرص العمل والإمدادات الغذائية.