الجفاف يهدد المحاصيل الزراعية بسبب قلة الأمطار

تفاوت هطول الأمطار أوقف نمو الذرة الرفيعة في المناطق الجبلية

الجفاف يهدد المحاصيل الزراعية بسبب قلة الأمطار

تفاوت هطول الأمطار أوقف نمو الذرة الرفيعة في المناطق الجبلية

“هلكت الثمار، لم نعد نرغب في زيارة الأراضي الزراعية بسبب الجفاف وتوقّف هطول الأمطار منذ أكثر من شهرين”، بهذه الكلمات يصِف المزارع حسن قاسم (60 عاماً) حالة الجفاف الحاصلة في ريف محافظة إب وسط اليمن.

وتشهد المناطق الريفية بمحافظة إب موجة جفاف غير مسبوقة، وصفها المزارعون بأنّها الأقسى منذ سنوات؛ إذ تتعرّض الثمار بمختلف أنواعها للهلاك، خصوصاً الذرة الشامية والبقوليات، وذلك وسط مخاوف من استمرار الجفاف وهلاك ما تبقى من المحاصيل الأخرى.

ويبدأ الموسم الزراعي بريف إب في بداية نيسان/ أبريل، ويشرع المزارعون ببذر الحبوب في مزارعهم، بالتزامن مع هطول الأمطار الغزيرة التي تبدأ من منتصف آذار / مارس، وتستمر حتى نهاية الموسم الزراعي، لكنها في هذا الموسم توقّفت عن السقوط منذ مطلع مايو/ أيار الماضي وحتى لحظة كتابة التقارير في الربع الأول من شهر يوليو الجاري.

موجة جفاف غير مسبوقة

ينحدر المزارع حسن قاسم من قرية السهق بريف السياني جنوب محافظة إب، ويقول لمنصة ريف اليمن: “لم نعهد مثل هذه الشدة من قبل مطلقاً، صحيح يحدث تراجع في هطول الأمطار مع توقف سقوطها أحيانا، لكنها لا تستمر لفترة طويلة”.

المزارع قاسم ومعه غالبية سكان المناطق الريفية بمحافظة إب يعتمدون على الزراعة، لكن تراجع هطول الأمطار وندرتها يهدّد المحاصيل الزراعية التي تعتمد على مياه الأمطار الموسمية بدرجة رئيسية.

يقول الخبير الزراعي محمد الحزمي: “إن اليمن تُعد ضمن حزام المناطق الجافة وشبة الجافة التي تتميز بندرة سقوط الأمطار، ومع اعتماد الزراعة في اليمن بشكل أساس على الأمطار، نلحظ أنه منذ بداية عام 1970 إلى يومنا هذا حصل انخفاض في كمية الأمطار الساقطة بنسبة 30% تقريبا”.

وأضاف الحزمي لمنصة ريف اليمن: “هنالك ارتفاع في كمية المياه الجوفية المستخدمة في عملية الري بما يقارب 15 ضعفا، خصوصا بعد انتشار زراعة شجرة القات، ونتيجة للتغيرات المناخية، فقد حدث تباين في توقيت وكمية الأمطار الساقطة على المحافظة؛ إذ نلاحظ تساقط أمطار غزيرة في فترة قصيرة يتبعها فترة جفاف طويلة”.

طبقا لحديث الحزمي، شهدت المناطق الريفية بمحافظة إب في بداية الموسم الزراعي هطول أمطار غزيرة، لكنّها توقفت في مايو / أيار، وذلك انعكس سلباً على المحاصيل مِن بينها محصول الفاصوليا الذي يُعد أولى المحاصيل التي تُحصد.

الجفاف يهدد المحاصيل الزراعية بسبب قلة الأمطار
وفقا لتقارير البنك الدولي فإن انعدام الأمن الغذائي يمثّل “التحدي الأكبر” الذي يواجه اليمن (ريف اليمن/عبدالله علي)

انخفاض كمية المحاصيل

أدّى توقف هطول الأمطار منذ بداية مايو، أي بعد مرور شهر مِن وضع البذور إلى انخفاض كمية المحاصيل الزراعية بشكلٍ لافت مقارنة بالعام الماضي؛ إذ يشكو المزارعون مِن تراجع محصول البقوليات التي يتزامن موسم حصادها في بداية يوليو / تموز الجاري.

المزارع قاسم شرع قبل أيام في جني ثمار الفاصوليا من الأراضي الزراعية، لكن الكمية التي حصل عليها في هذا العام كانت أقل من نصف المحصول في السنة الماضية التي شهدت هطول أمطار غزيرة طوال الموسم الزراعي.

وبحسب قاسم، الكمية التي حصل عليها في هذا الموسم لا تكفي حتى لنحو ثلاث أشهر، مشيراً إلى أن تراجع هطول الأمطار انعكس سلباً على ثمار البقوليات من بينها الفاصوليا، فهي لم تحصل على المياه الكافية.

المختص الزراعي الحزمي أكّد أن البقوليات تكون احتياجاتها للماء أكثر، وتصل إلى 500 أو 600 مل سنويا، وقال: “إن الاحتياجات المائية لكل من الذرة الرفيعة الدخن والذرة الشامية يعتمد حسب الصنف المزروع وتتراوح بين 100 أو 150 مل إلى 400 مل سنويا حسب الصنف”.

يخشى المزارعون من تداعيات كارثية، فهم يعتمدون على الزراعة في تأمين الغذاء، خاصة مع توقف صرف المساعدات الإنسانية التي كان يحصل عليها بعض المزارعين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية وانعدام فرص العمل.

وتشكو السيدة صفية محمد (50 عاماً)، وهي مزارعة من قرية محطب، من استمرار الجفاف لفترة أطول وهلاك الثمار، وتقول لمنصة ريف اليمن: “الزراعة هي مصدر دخلنا الوحيد لتأمين لقمة العيش”.

تداعيات كارثية

في السنوات التي تشهد هطول أمطار غزيرة، كانت صفية تحقّق الاكتفاء الذاتي من الحبوب، كما حدث في الموسم الماضي، فهي تمتلك مساحات زراعية واسعة وتبذل جهودا كبيرة في إصلاحها وتجهيزها للزراعة من قبل قدوم الموسم وفيه.

وتشتدّ مخاوف السيدة صفية من تأثير الجفاف على المواشي والأغنام، فهي بالإضافة إلى العمل في الزراعة تمارس تربية الأبقار والأغنام، ومع هلاك الثمار ليس بمقدورها شراء الأعلاف نتيجة للظروف المعيشية التي تعيشها على غرار ملايين اليمنيين.

وبحسب البنك الدولي، لا يوفر قطاع الزراعة في اليمن سوى 15-20% من احتياجاته الغذائية الأساسية بالرغم من أن هذا القطاع هو العمود الفقري لسبل كسب العيش في اليمن، لافتا أن انعدام الأمن الغذائي يمثّل “التحدي الأكبر” الذي يواجه البلاد، في ظلّ استمرار الحرب وتصاعد معدلات التضخم والتغيرات المناخية.

وقال البنك إن عدد اليمنيين الذين يعانون مِن الجوع كل يوم “زاد بمقدار 6.4 مليون شخص خلال التسع سنوات الأخيرة من الحرب، وتداعياتها الاقتصادية والإنسانية الكارثية”.

وفي ظل المخاوف من حدوث تداعيات كارثية إثر موجة الجفاف، ينصح الخبير الزراعي محمد الحزمي المزارعين باختيار أصناف تناسب كمية الأمطار، والاهتمام بالعمليات الزراعية من تقليب التربة بشكل مستمر، لكي نحافظ على الرطوبة في التربة، مشدّدا على أهمية الاهتمام بعملية حصاد المياه، والاهتمام بعملية الدورة الزراعية.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :