تكبّد مزارعو البطاط بمحافظة مأرب شمال اليمن، خسائر مالية باهظة خلال موسم هذا العام، جراء الكساد الذي ضرب أسواق المحافظة، مصحوبا بعجز المزارعين عن تسويق منتجاتهم إلى الأسواق المحلية.
صالح فهيد أحد المزارعين الذين تكبدوا خسائر مالية فادحة، فقد خسر نحو 25 مليون ريال يمني (الدولار يساوي 1800 ريال) بسبب الكساد والعجز عن تسويق المحاصيل، وهذا شأن كثير من المزارعين الذين تكبدوا خسائر فادحة في هذا العام.
مزارعو البطاط بمأرب
يمتلك فهيد مزرعتين بمساحة 20 فدانا، ويقول لمنصة ريف اليمن إن التكاليف الزراعية هذا الموسم كلفته نحو 60 مليون ريال يمني، لكن مردود المحصول لم يصل سوى 35 مليونا، وذلك ما قد يدفعه إلى ترك الزراعة في العام المقبل والبحث عن مصادر أخرى.
وبحسرة يشرح فهيد عجزه في بيع المحصول قائلاً: “لم أجد مَن يشتري محصولي من البطاط لهذا العام، بسبب الكساد وغياب الأسواق”، ويوضّح أن عدم توفر أسواق تصريف سببٌ أساسي لكساد البطاط وغيره من المحاصيل، ويطالب السلطة المحلية للعمل على إنقاذ المزارعين وتسويق منتجاتهم، كي يتمكنوا من الاستمرار في النشاط الزراعي.
وأكد فهيد أن سعر سلة البطاط عبوة 20 كيلوغراما بلغ 7500 ريال فقط، مقارنة بالعام الماضي؛ إذ بلغ سعرها 21000 ريال، فالخسارة كبيرة، ولا يوجد أي دعم أو تعويض من السلطات المعنية.
التاجر ماجد قادش امتنع عن توريد البطاط من مأرب إلى صنعاء بسبب التكلفة العالية للنقل، وذلك يعود إلى طول المسافة في الطرق البديلة، مما يسبب خسائر كثيرة، وأحيانا تتعرّض للتلف نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، ولهذا يضطر للبيع في مأرب فقط.
وقال قادش لمنصة ريف اليمن: “الأجور الكبيرة لتكلفة النقل إلى صنعاء، وزيارة الإنتاج الذي توفره محافظة الجوف، زاد وضع المزارعين تعقيداً، وليس هناك طرق لتعويض خسارتهم، إلا أن تقوم الحكومة بذلك”.
وتابع ماجد: “انخفض سعر البطاط هذا العام بشكل كبير عن الأعوام السابقة، ولأول مرة يتكدّس محصول البطاط بهذا الشكل”، لافتا إلى أن سبب الكساد في مأرب يرجع الى التوافق الزمني بين موسم بطاط مأرب مع موسم بطاط الجوف وصنعاء.
ونتيجة للكساد، لم يرغب المزارع طارق أنور بإخراج محصوله مِن تحت التراب خوفا من الخسائر التي قد تلحق به، بسبب صعوبة تصريفها، ويرى طارق أن الكساد سببه تكلفة النقل بالإضافة إلى اقتصار بيع المحاصيل في أسواق مأرب.
وفي حديثه لمنصة ريف اليمن، طالب طارق مكتب الزراعة بالمحافظة للبحث عن أسواق جديدة وتعويض خسارتهم حتى يمكنوا من مواصلة نشاطهم الزراعي.
خطط لإنشاء أسواق
مدير إدارة المستهلك في مكتب التجارة والصناعة بمحافظة مأرب سليم العضيلي قال: “إن تكّدس البطاط يعود إلى زيادة الإنتاج”، ويشير إلى أن لديهم خطة مع السلطة المحلية من أجل إنشاء أسواق كبيرة تستوعب كل المحاصيل في مأرب.
وأضاف العضيلي لمنصة ريف اليمن أن تصدير محصول البطاط بحاجة إلى مصانع تعمل على إعادة التغليف والتعبئة بطريقة صحيحة لتُلبي متطلبات الأسواق الخارجية، وتفتقر مأرب حالياً إلى مثل هذه المصانع، مما يُعيق عملية التصدير ويُؤثّر على جودة المنتج.
وفي ظلّ تدهور الأوضاع المعيشية لكثير من المواطنين بمحافظة مأرب تقلّصت القدرة الشرائية، وبات كثير يعجزون عن الشراء، كحال المواطن فؤاد ثابت الذي يعمل بالأجر اليومي.
يقول ثابت لمنصة ريف اليمن: “مع حلول فصل الصيف، تزداد منتجات البطاط، لكننا لا نستطيع شرائها نتيجة الأزمة الاقتصادية، وانعدام فرص العمل، غالبية الأيام نعود بدون عمل، وكل ما نجده من مال نشتري به الدقيق والمتطلبات الأساسية”.
ضعف القدرة الشرائية
يُرجع أحمد العزعزي، وهو موظف بمكتب الزراعة بمحافظة مأرب، السبب وراء الكساد وانخفاض أسعار المنتجات الزراعية إلى عدم قدرة المواطن على الشراء، وعدم وجود أسواق خارجية لتصريف الفائض من الإنتاج.
وبيّن العزعزي لمنصة ريف اليمن أن إنتاج البطاط بلغ هذا الموسم بين 25-30 طنا للهكتار، لافتا إلى أن مأرب تمتاز بمساحات زراعية واسعة بلغت 47 ألف هكتار، إضافة إلى المناخ الزراعي المناسب وتوفّر مياه السد.
وربط ضعف دور مكتب الزراعة إلى نقص الميزانية التشغيلية، مما يُقيّد قدرته على القيام بواجباته، فيكتفي المهندسون بالتوعية والإرشاد بشكل شخصي.
وأفاد العزعزي أن مكتب الزراعة في مأرب تحول إلى مأوى للنازحين منذ عام 2015، مما يُعيق عمل المكتب ويُؤثّر على تقديم الخدمات للمزارعين، مذكّرا أن الحلول تستدعي وجود وزارة الزراعة مع السلطة المحلية وأن لا يقتصر الأمر على مكتب الزراعة فقط.
ووفقا لموقع السلطة المحلية، تأتي مأرب في المراتب الأولى من بين المحافظات في الانتاج الزراعي، ويزرع فيها البرتقال والبطاط والطماطم والبصل وغيرها من الخضروات، الى جانب انتاج محاصيل الحبوب المختلفة ما يجعلها إحدى روافد الاقتصاد الوطني.