الإنترنت في الريف: خدمة متقطعة أو خارج التغطية

أظهر استطلاع أجرته منصة ريف اليمن أن 81% من سكان الريف لا يستطيعون استخدام الانترنت

الإنترنت في الريف: خدمة متقطعة أو خارج التغطية

أظهر استطلاع أجرته منصة ريف اليمن أن 81% من سكان الريف لا يستطيعون استخدام الانترنت

يعمل عبد الكريم صالح (28عاما) في مجال الإعلام الإلكتروني والإذاعي، ويتطلب ذلك وجود خدمة إنترنت قوية تساعده في البقاء على اتصال دائم بالشبكة لمتابعة الأخبار، وإنجاز مهامه بسرعة وسهولة.

عبد الكريم يدرس في المستوى الثالث بكلية الإعلام -جامعة إقليم سبأ بمحافظة مأرب، ويعمل في إحدى الإذاعات المحلية، وتقطن عائلته بمنطقة الوادي الريفية شرق المحافظة، وهو يشكو من ضعف الانترنت، الأمر الذي يجبره على البقاء في مركز المحافظة طوال أيام الأسبوع والعودة إلى عائلته بشكل متقطع.

الإنترنت في الريف

تعتمد شركة يمن نت، وهي المزوّد الوحيد للخدمة في اليمن، على شبكة واسعة من الأسلاك النحاسية لمدّ الإنترنت في المدن، وقد تعثرت جهود الشركة خلال العقد الماضي في الوصول إلى الأرياف نتيجة أسباب متعددة أبرزها وعورة التضاريس وتباعد القرى.

ورغم الصعاب عملت شركات الاتصالات المختلفة على تقديم خدمة الإنترنت إلى الأرياف عبر خدمة (3G)، وحاولت مؤسّسة الاتصالات أيضا عبر خدمة (WIFI)، لكن تلك الخدمة كانت ضعيفة وشبه معدومة، ولا ترقى إلى مستوى احتياج السكان وتمكينهم من الدخول إلى الشبكة العنكبوتية.

يقول عبد الكريم في حديثه لـمنصة ريف اليمن إن أغلب الشباب في منطقته يذهبون إلى الأماكن المرتفعة، وفي أوقات محددة حتى يتمكنوا من الاتصال بشبكة (WIFI)، أو التقاط الخدمة من شركة الاتصال يمن موبايل، موضّحا أن الوضع تحسّن في العامين الأخيرين، لكن لا يزال دون المستوى المطلوب.

وأظهر استطلاع أجرته منصة ريف اليمن على فيس بوك، بتاريخ 29 مايو الماضيى لمدة يومين، أن 81% من سكان الريف لا يستطيعون استخدام الانترنت بشكل جيد، وهي عينة عشوائية شارك فيها 157 شخصاً.

وبحسب تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات حمل عنوان “قياس التنمية الرقمية”، هناك فجوات واضحة في توصيل الإنترنت في المناطق الريفية، وخصوصا في أقل البلدان نموا.

معالجات بسيطة

مدير عام فرع المؤسّسة العامة للاتصالات في محافظة مأرب، المهندس مبخوت عقار قال إن المؤسسة سعت في السنوات الأخيرة، وخاصة من بعد عام ٢٠١٥، إلى معالجة معضلة ضعف الإنترنت في المناطق الريفية، خصوصا تلك التي تتميز بكثافة سكانية.

وأضاف في تصريح لـمنصة ريف اليمن أن المؤسسة عملت على توفير محطات الإنترنت في الكباين الريفية التي كانت تستخدم للاتصال فقط، موضحا أنه استهدفت مديرية الوادي ومديرية حريب.

ومثّل إعلان شركة الاتصالات اليمنية يمن موبايل خلال عام 2022 عن تدشين خدمة الإنترنت بتقنية الجيل الرابع 4G بارقة أمل لقاطني الأرياف بتحسن الخدمة، لكن الجيل الجديد من الإنترنت ما يزال محصورا على المدن الحضرية وسكانها.

المهندس مبخوت أوضح أنه نظرا لزيادة السكان والتوسع العمراني في بعض المديريات التي لا تتوفر بها شبكة نحاسية، دُشنت خدمة يمن فورجي، وتتوفر الخدمة في جميع المواقع التي دخلت الخدمة.

وأشار الى أن حجم الطلب مرتفع على أجهزة الـ(4G) في محافظة مأرب، وأنه لم تُدعم المحافظة بالأجهزة الكافية من قبل المؤسسة العامة في صنعاء، لأسباب فضّل عدم ذكرها، موضّحا أن حجم ما بِيع خلال الفترة الماضية من أجهزة الفورجي أكثر من عشرين ألف مودم.

الإنترنت في الريف: خدمة متقطعة أو خارج التغطية
أظهر استطلاع أجرته منصة “ريف اليمن” أن 80% من سكان الريف لا يحصلون على انترنت جيد (تصوير: محمد الوافي/ شينخوا)

وبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في اليمن أكثر من ثمانية ملايين مستخدم، وذلك من ثلاثين مليون هم عدد السكان، وبلغ معدل انتشار الإنترنت في اليمن 26,7% من إجمالي عدد السكان، ويعيش منهم 39% في المناطق الحضرية، و61% في المناطق الريفية.

وخلال السنوات السبع الأخيرة تضاعف عدد سكان محافظة مأرب من 400 ألف نسمة إلى أكثر من اثنين مليون بفعل عملية النزوح، وقد استقرّت معظم الأسر في ريف المحافظة، الأمر الذي ضاعف الطلب على الانترنت وأجهزة الفورجي، بحسب وحدة النازحين.

وكشف المهندس مبخوت في حديثه لمنصة ريف اليمن أن إدارة الفرع لديها مواقع جديدة اعتمدتها مؤخرا في كثير من المناطق الريفية بالمحافظة (الوادي، حريب) والعمل ما زال جاريا، مؤكدا أنه سوف تُغطّى جميع المناطق الريفية بخدمة الإنترنت خلال العام الجاري.

أهمية الإنترنت في اليمن

وعن أهمية الإنترنت في الريف، أكّد المهندس رائد الثابتي أن الإنترنت أصبح من ضروريات الحياة التي لا غنى للناس عنها، لأنّ ذلك سيعزّز من مسالة القضاء على الأمية، والحصول على المعلومة، كما سيعزز التثقيف الصحي والتعليمي في كافة جوانب الحياة.

وأوضح الثابتي لمنصة ريف اليمن أن الاتصال بالعالم الخارجي سيمكّن الأرياف من أن تعيش كالمدنية ولو من جانبها الافتراضي، وهو ما سينعكس على حياة السكان بصورة إيجابية.

وأردف قائلا: “على سبيل المثال في جانب التعليم، سيخلق الانترنت في الأرياف طفرة كبيرة في الوصول إلى المعلومة، وستتعلم الناس حلول كثير من الاشكالات، وسينعكس على حياة الناس وسيغير من قناعتهم وسلوكياتهم وسيتجهون اتجاها مدنيا”.

ويلفت النظر إلى أن الاتصالات والإنترنت أصبحت من ضروريات الحياة، وأصبحت الضرورة الثالثة بعد الماء والكهرباء، مضيفا: “إن كانت هناك سلبيات، فهي تحتاج إلى توعية، لكن بالمجمل فائدة الانترنت وإيجابياته كبيرة جدا”.

ووجود الإنترنت في الأرياف، بحسب الثابتي، سينعكس على الجانب الصحي، خصوصا إذا تمكّن الجانب الحكومي من ربط المستشفيات والوحدات الصحية في الأرياف بالوحدات المركزية في عواصم المحافظات، أو الربط المركزي بوزارة الصحة.

وينوّه إلى أن ذلك سيكون له أثر إيجابي لدى الناس في جانب القطاع الصحي، ومعرفة في حصر الأوبئة والأمراض ومحاصرتها، وسيكون لدى الجهات الرسمية بيانات تكون فيها جانب كبير من الدقة تبنى عليها قرارات في مسألة التدخل في الجانب الصحي.

وأشار المهندس رائد الثابتي إلى أهمية الإنترنت في التسلية والتعليم وصناعة المحتوى وإلى أشياء كثيرة، ومنها تعريف العالم الخارجي بمناطق الريف عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي وصناعة المحتوى.

ثورة الذكاء الاصطناعي

وبيّن أن الشعوب قادمة على ثورة الذكاء الاصطناعي التي سيتمكّن من خلالها سكان الريف من الوصول إلى الإنترنت، وسيخلق ذلك بيئة خصبة للتعليم والتوعية الذي يُعدّ الركيزة الأولى في مسألة تنمية الأمم والشعوب.

وقال: “طرقتم موضوعا مهما، ونحن بحاجة لإيصال الخدمة إلى سكان الريف، وتوعيتهم في مسألة استخدامه في الجوانب الإيجابية، فضلا عن الجوانب الاقتصادية، وإيجاد مشاريع وأنشطة تجارية، وتجارة الكترونية”، وتمنى أن يقوم الجانب الحكومي والنخب وعلى رأسهم الصحفيين بالدفع في هذا الجانب خصوصا مسالة ترخيص شركة ستار لينك كونها القادرة على الوصول إلى أي مكان.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: