مستشفى الكدرة بريف تعز: الإهمال يحرم المرضى من العلاج

تم بناء المستشفى قبل 41 عاماً وكان يقدم خدمات صحية متقدمة للسكان

مستشفى الكدرة بريف تعز: الإهمال يحرم المرضى من العلاج

تم بناء المستشفى قبل 41 عاماً وكان يقدم خدمات صحية متقدمة للسكان

تحول مستشفى الكدرة الريفي بمديرية المواسط جنوب تعز إلى مبنى شبه مهجور بسبب الإهمال، وكان مرفق صحي حيوي يخدم السكان وشُيد في ثمانينيات القرن الماضي بتمويل من دولة الكويت وكان يخدم الآلاف من المرضى في عدد من القرى.

ويواجه المستشفى نقصًا حادًا في الكوادر الطبية وتهالك المعدات، ما أدى إلى توقف خدماته بشكل شبه كامل، وفاقم من معاناة سكان المنطقة، خصوصا النساء الحوامل والأطفال وكبار السن الذين باتوا يقطعون مسافات طويلة للحصول على الرعاية الصحية.

رغم حاجة السكان للخدمات الصحية الا أن المستشفى لا يوجد فيه إلا طبيب واحد فقط، وعدد من العامليين الصحيين الذي يقدمون خدمات الصحة الإنجابية والتحصين والتغذية، ويوفر المبنى مساحة جيدة ليشمل المستشفى كثير من الأقسام التي يمكن ان توفر على المواطنين معاناة التنقل.

معاناة سكان قرى “الكدرة”

ويتكبد المرضى معاناة شديدة نتيجة تدهور مستشفى الكدرة والتوقف الكلي للخدمات الصحية. وقال الطبيب منير خالد “يضطر كثير من المرضى إلى السفر لمسافات طويلة عبر طرق وعرة بحثًا عن العلاج،  ويتوفى البعض قبل وصولهم إلى المستشفيات للحصول على العلاج”.

ويوضح الطبيب في حديثه لمنصة ريف اليمن، أن النساء الحوامل في وضع مأساوي؛ إذ يُجبرن على السفر إلى عاصمة المحافظة أو مستشفى خليفة في التربة قبل موعد الولادة خوفًا من المضاعفات، أما مَن تفاجئها ولادة مبكرة، فتلد في الطريق أو تتعرض لخطر الموت، لافتا إلى “أن آخر ولادة في المستشفى كانت في التسعينات”.


        مواضيع ذات صلة


خدمة الإسعافات الأولية التي تُعدّ ضرورة أساسية، أصبحت غائبة تمامًا عن مستشفى الكدرة الريفي، بسبب نقص الكادر والمواد والمستلزمات الطبية، وخلال حديثه تحسر الطبيب خالد على الوضع الذي وصل له المستشفى، مستذكرا كيف كان شعلة من النشاط، يضم عدة أقسام حيوية، وغرفة عناية مركزة، وأجهزة أشعة (RX)، وجهاز موجات فوق الصوتية، ومختبرا كيميائيا متكاملا.

وإلى جانب الآلام، يتكبّد المرضى خسائر مادية كبيرة؛ إذ تصل تكلفة النقل بالسيارات الخاصة نحو 50 ألف ريال يمني (25 دولار تقريبا)، ناهيك عن إرتفاع تكاليف العلاج، في وقت يعيش فيه ملايين اليمنيين تحت خط الفقر.

ويعمل النظام الصحي في اليمن بنصف طاقته، مع وجود ثلث المرافق الصحية العاملة فقط قادرة على توفير خدمات الصحة الإنجابية بسبب نقص الموظفين والإمدادات، وعدم القدرة على تغطية التكاليف التشغيلية أو الأضرار الناجمة عن الصراع، فيما يقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان بأن 6 ملايين امرأة وفتاة في سن الإنجاب (15 إلى 49 سنة) بحاجة إلى الرعاية. بحسب منظمة الصحة العالمية.

مستشفى الكدرة الريفي في مديرية المواسط بمحافظة تعز بني في ثمانينات القرن الماضي (ريف اليمن)

معدات متهالكة

بفعل الإهمال، تحولت الأجهزة والمستلزمات الطبية في مستشفى الكدرة إلى معدات متهالكة أو غير صالحة للاستخدام، وبعضها بحاجة ماسّة إلى الصيانة أو الاستبدال. وعلى الرغم من توفر خدمات بسيطة، مثل الصحة الإنجابية والتحصين والتغذية التكاملية، لا تفي هذه الخدمات باحتياجات السكان المتزايدة.

وكان مستشفى الكدرة يُعدّ ثاني أهم مرفق صحي بعد مستشفى خليفة في التربة، ويقدّم خدمات صحية متكاملة لسكان المديرية، الذين يبلغ عددهم نحو 6 آلاف نسمة، بالإضافة للسكان القادمين من مديريات ومناطق أخرى، مثل الصلو والأحكوم، لكنه اليوم تراجع بشكل كبير وأصبح لا يقدم سوى خدمات الصحة الإنجابية والتحصين والتغذية التكاملية وعيادة الأسنان.

وعن الأسباب التي أدت إلى كل هذا التدهور، قال الطبيب منير خالد: “أُهمل المستشفى بشكل متعمد، ما أدى إلى هجرة الأطباء والكوادر المتخصصة، ولا ندري ماهو السبب الحقيقي والخفي الذي يقف وراء ذلك”، أما عبد الحكيم القدسي، – أحد سكان المنطقة – فقد أرجع السبب إلى ما وصفها بالمناكفات وتسريح الكادر الطبي.

ويقول يونس حاجب أحد العاملين في المستشفى: “أصبحنا لا نملك سوى تقديم الإرشادات للمرضى، وتحويلهم إلى المدينة”، لافتا إلى أن الحالات المرضية الحرجة، مثل الولادات المعقدة والحوادث ولدغات الثعابين، تضطر إلى البحث عن مستشفيات بديلة تبعد ساعات عن قُراهم، مما يعرض حياتهم للخطر، ناهيك عن تكاليف العلاج.

ويضيف حاجب: “يواجه المستشفى عجزًا حادّا في الكوادر البشرية. لا يوجد سوى طبيب واحد مختص في الأسنان، بينما تُترك باقي الحالات من دون رعاية. الأجهزة تحولت إلى معدات متهالكة نتيجة للإهمال، والبنية التحتية للمستشفى أصبحت بحاجة للترميم”.

دعوات لإنقاذ مستشفى الكدرة

أما الدكتور غزوان طربوش فقال لمنصة ريف اليمن: “في ظل غياب الخطط الاستراتيجية والتوجّه نحو بناء بنية تحتية صحية قوية، تستمرّ شبكات الفساد في استنزاف موارد الدولة، تاركةً المواطنين فريسة للمرض من دون تقديم أدنى الخدمات”.

ويرى الدكتور ياسر القدسي أن الحل يبدأ بإعادة تأهيل المستشفى وتأمين احتياجاته الأساسية، فيقول: “السكان بحاجة ماسة إلى تدخل سريع لإعادة خدمات مستشفى الكدرة إلى الحياة. يتطلب الأمر ترميم المبنى، وتوفير أجهزة طبية حديثة، واستقطاب كوادر مؤهلة”.

وناشد القدسي المنظمات الإنسانية بالتدخل والعمل على تحسين الوضع الصحي وإنهاء معاناة الأهالي بإعادة المستشفى إلى الخدمة، وضمان توفير الرعاية الصحية الأساسية لكل من يحتاج لها.

وخلال نحو 9 سنوات من الصراع، تعرض النظام الصحي في اليمن للتدهور بشكل كبير. ووفقا لمبادرة نظام مراقبة الموارد والخدمات الصحية “هيرامز” HeRAMS، تعمل حالياً فقط 70% من المرافق الصحية بشكل كلي أو جزئي، ولم يتم صرف رواتب الكوادر الصحية بشكل منتظم في العديد من المحافظات منذ العام 2016.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: