المرأة الريفية باليمن.. كيف خسرت خلال الحرب؟

تحتاج نحو 7.1 مليون من النساء الى وصول عاجل للخدمات التي تقي وتعالج العنف

المرأة الريفية باليمن.. كيف خسرت خلال الحرب؟

تحتاج نحو 7.1 مليون من النساء الى وصول عاجل للخدمات التي تقي وتعالج العنف

يُحيي العالم في 25 نوفمبر من كل عام اليومَ العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، وهي مناسبة تهدف إلى تسليط الضوء على حقوق النساء ودعم جهودهن في مواجهة جميع أشكال العنف، وصولًا إلى حياة كريمة يسودها السلام والعدل.

وكالعادة تأتي هذه المناسبة، والنساء اليمنيات، ولا سيما في المناطق الريفية، يواجهن تحديات قاسية، ويتعرّضن لظروف معيشية مؤلمة فاقمها استمرار النزاع منذ نحو عشرات سنوات، فضلاً عن صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.

المرأة الريفية

إلى جانب معاناتهن الأساسية، يُفاقم الوضع النزوح والتشرّد بسبب الحرب أوضاع النساء؛ إذ يجعلهن أكثر عرضة للاستغلال والانتهاكات بمختلف أشكالها. وتؤكّد المحامية والناشطة الحقوقية إشراق المقطري على ضرورة تسليط الضوء على واقع النساء في اليمن، وخاصة المرأة الريفية.

وأضافت لمنصة ريف اليمن: “تتعرّض المرأة الريفية لأشكال متعددة من التمييز وانتهاكات حقوق الإنسان، مما يؤثر سلبًا على كرامتها وحريتها الشخصية، داعية إلى التصدّي لمظاهر العنف والتمييز ضدّ النساء في اليمن، وتقديم الدعم لهن ليعشن حياة كريمة”.


         مواضيع مقترحة


وتشير المقطري إلى أن أكثر من 75% من النساء اليمنيات يعشن في الأرياف، حيث تظل حقوقهن في التعليم والصحة والتنمية الاقتصادية مهددة بسبب ضعف الالتزام بالاستراتيجيات السابقة، وغياب خطط فاعلة تُمكّن المرأة الريفية وتعزز من دورها الاجتماعي والاقتصادي.

وتعتمد نساء الأرياف بشكل كبير على الزراعة لدعم أسرهن، إلا أن الصراع أدّى إلى فقدانهن مواردهن الاقتصادية وإسهاماتهن في الزراعة وإنتاج الغذاء، وهي أدوار رئيسة لدعم أسرهن، فقد تحولت كثير من المناطق الريفية إلى بؤر للنزاع، وهو ما جعل النساء عرضة لمخاطر إضافية مثل الألغام.

وفي الوقت الذي تصل فيه نسبة الأمية بين النساء الريفيات إلى نحو 70%، مع محدودية فرص التعليم للفتيات، أشارت المحامية المقطري إلى التأثير السلبي للحرب على التعليم وإلى تزايد حالات الزواج المبكر والقسري نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، مما يعيد الفتيات إلى واقع مليء بالمعاناة ويهدّد مستقبلهن.

وأكّدت المحامية والناشطة الحقوقية إشراق المقطري أن هذه التحديات تتطلب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي والمنظمات المحلية لدعم المرأة الريفية وتمكينها من استعادة حقوقها، داعية إلى ضرورة استمرار الحملات التوعوية والمناصرة لحقوق النساء في هذه المناطق، والتركيز على أهمية البرامج الاقتصادية والتنموية.

واختتمت حديثها بالتأكيد على أهمية “تأمين حقوق النساء والحصول على الوثائق والميراث”، معتبرةً أنها من القضايا الملحّة التي تتطلب جهودًا مستمرة في ظلّ الأوضاع الراهنة. كما دعت المجتمعين الدولي والمحلي إلى التكاتف لتعزيز تمكين المرأة الريفية في اليمن ومناهضة جميع أشكال العنف والتمييز التي تواجهها.

المناطق الريفية الأكثر تضررًا

وتحتاج نحو 7.1 مليون من النساء في اليمن الى وصول عاجل الى الخدمات التي تقي من وتعالج العنف القائم على النوع الاجتماعي، إلا ان هذه الخدمات لازالت محدودة للغاية أو غائبة كلياً في بعض المناطق، بحسب الأمم المتحدة.

من جانبه، يرى أستاذ علم الاجتماع أمين دحلان أن النساء في المناطق الريفية هن الأكثر تضررًا في النزاعات؛ إذ تُحرم المرأة من حقوقها الأساسية، مثل التعليم والصحة والحق في الحماية من العنف.

وأشار دحلان إلى تفشي ظواهر الزواج المبكر والعنف الأسري، مما أسفر عن زيادة ظاهرة الطلاق والتفكك، إلى جانب تصاعد حالات التحرش والقتل أحيانا. وأكّد أن النزوح أدى إلى زيادة الضغوط النفسية والاجتماعية على النساء، مع تزايد حالات الاكتئاب وتسجيل حالات انتحار، نتيجة القهر المستمر وانعدام الحماية، لافتا إلى أن انهيار هياكل المجتمع وانتشار العنف المسلح أسهم في تعطيل دور المرأة الاجتماعي والاقتصادي.

وتوقع دحلان أن تستمر المرأة في دائرة التهميش والإقصاء لفترة طويلة، نظرًا لعدم تماسك المجتمع واستمرار القوى المسيطرة في تهميش مؤسّسات المجتمع المدني، كما أشار إلى أن التشريعات والأنشطة التي تدعم الفئات الضعيفة، وخاصة المرأة ما زالت مجمدة.

وفي محاولة إلى ضرورة تعزيز دور المرأة ودعم حصولها على الحماية والحقوق المدنية والسياسية، دعا دحلان إلى مساندة الأنشطة التي تعزز حقوق المرأة وتسلط الضوء على معاناتها، وتشجيع الكتابات والأصوات التي تدافع عن حقوق المرأة وتقليل العنف ضدها تحت مبررات ثقافية أو قبلية.

علاقة العادات والتقاليد 

أما أستاذ علم النفس في جامعة تعز، الدكتور جمهور الحميدي، فأشار إلى أن هناك ممارسات متوارثة تستمر في تهميش المرأة وتعريضها للعنف. وعلى الرغم من دعوات المنظمات الدولية والحقوقية لوقف جميع أشكال العنف ضد النساء والأفراد بشكل عام، لا تزال هذه الممارسات قائمة.

وأشار الحميدي إلى أن المرأة تُعتبر الحلقة الأضعف في مختلف الصناعات، فهي تتحمل أعباء الحرب والرخاء على حد سواء، وهي تعمل في الزراعة بالمناطق الريفية، وهي تقوم بالمهام المنزلية، بالإضافة إلى الأدوار التقليدية أمًّا وزوجةً، ومع التحديات قد يؤدي إلى صدمات نفسية تؤثر على صحتها النفسية والجسدية، مثل الهستيريا والاضطرابات السيكوسوماتية(أعراض تصيب أحد أجهزة الجسم ووظائفه ولا تستجيب للعلاج الطبي).

وأكد أن المجتمع الذكوري يسهم في تفاقم هذه المشكلات، فهو يُمجّد القوة ويبحث عن راحة الأقوياء، مما يزيد من معاناة الفئات الضعيفة، ولا سيما النساء والأطفال، كما أشار إلى التمييز العنصري والعنف الممارس ضد النساء في بعض المناطق، حيث لا تزال بعض العادات والتقاليد تعزّز هذا السلوك.

وأوضح أنه حتى الفئات المتعلمة لم تسع بعد للتخلص من هذا الإرث السلوكي، مما يؤثر سلبًا على الأجيال القادمة؛ إذ يتعلم الأطفال من سلوكيات آبائهم كيفية التعامل مع النساء، مما يؤدي إلى استمرارية هذه الدائرة المفرغة من العنف، داعيا إلى ضرورة وضع استراتيجيات وطنية للحد من العنف ضد النساء، وتشريع قوانين تحظر هذه الممارسات.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: