يعاني سكان قرية طَهْرُر، التابعة لمديرية تبن بمحافظة لحج، من مشكلة بيئية وصحية خطيرة تتمثل في مستنقع صرف صحي يتسبب في انتشار الأمراض على مدار العام، في ظل تجاهل الجهات المعنية، رغم المناشدات المستمرة من السكان.
كارثة صحية خطيرة
وبحسب السكان فإن المستنقع مستمر منذ أكثر من 20 عاما، ويبلغ طوله 25 متراً، ويحيط به حوالي 50 منزلًا من إجمالي منازل القرية، وتتجمع فيه مياه الصرف لأكثر من 100 منزل، الأمر الذي يشكل كارثة صحية خطيرة، ويتسبب في معاناة مستمرة للسكان.
ويشكو المواطن عبدالله اللحجي، من استمرار المستنقع منذ أعوام دون أي حلول، معبرا عن قلقه على صحة أطفاله، مشيراً إلى معاناته بسبب انتشار الأمراض الناتجة عن المستنقع القريب.
ويقول اللحجي لمنصة ريف اليمن: “في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، أصبح من الصعب جدا شراء أدوية بسيطة مثل خافض الحرارة أو التخلص من البعوض”. ويضيف: “نلجأ إلى وسائل بدائية كإحراق الأوراق والكراتين للتخفيف من هجوم البعوض، ونضع ناموسيات على النوافذ، لكن المستنقع يضاعف أعباءنا، ولا نعرف لمن نتوجه بالشكوى”.
مواضيع ذات صلة
• الصرف الصحي في سامع: تلوث للمياه وأوبئة تهدد السكان
• مياه الصرف الصحي والنفايات.. قاتل يتفشى بالأرياف
• مستنقعات الصرف الصحي بريف “عَمران” كارثة بيئية بلا حل
أم لأطفال صغار، فتعيش في خوف دائم على سلامة أطفالها، سواء من الغرق أو الأمراض، قائلة: “ما زلنا نتذكر حادثة غرق أحد أطفال القرية قبل خمسة عشر عاماً. نعيش في قلق مستمر، نحذر أطفالنا دوماً من الاقتراب من المستنقع، ولكن المأساة تظل هاجساً يطاردنا”.
وتخلق المياه الراكدة خصوصا مياه الصرف الصحي بيئة خصبة لتكاثر البعوض، مما يثير الخوف من تفشي الأمراض التي تنتقل عبر الحشرات، مثل الملاريا وحمى الضنك. ويؤكد معتز فيصل “رئيس مجلس أعضاء قرية طهرور” إن المستنقع يتسبب بأمراض في أوساط السكان كل عام، لافتا أن العديد من المنظمات زارت القرية لكنها لم تقم بأي تدخل حقيقي.
المستنقع والتأثير البيئي
ورغم الخطر الذي يهدد السكان، فإن مكتب الصحة بالمديرية اكتفى بنزول ميداني للتوعية حول طرق الحد من انتشار المرض، دون حل المشكلة، وبحسب فيصل،” لا تزال الأمراض الناتجة عن المستنقع تُسجل باستمرار حيث يُصاب السكان بأمراض مختلفة سببها البعوض. قائلا:” نعاني من تدهور الأوضاع الصحية يهدد حياة السكان، مطالبا الجهات المسؤولة بتقديم حل جذري للمستنقع”.
ويحذر الدكتور وليد بادي من خطورة هذه المستنقعات على السكان، لافتا أنها تجلب أوبئة وفيروسات متعددة، تهدد الحياة، تنتقل عادةً عن طريق لدغة البعوض المصاب، وبعضها تحدث عند ابتلاع المياه الملوثة.
وأوضح بادي خلال تصريحه لمنصة ريف اليمن، أن الأمراض الناتجة عن المستنقعات تشمل داء الشيغيلات (Shigellosis) هو مرض بكتيري تسببه بكتيريا الشيغيلة (Shigella) التي تؤثر على الجهاز الهضمي للإنسان وتتلف بطانة الأمعاء وتسبب الإسهال المائي أو الدموي وتشنجات البطن والتقيؤ والغثيان.
كما المستنقعات تسبب أمراض الكوليرا أو ما يعرف بمرض ( حُمى المستنقعات) والتهاب الكبد الفيروسي A ، والتهاب الدماغ، والأميبا، وعدوى الجيارديات، وغيرها من الأوبئة التي تهدد الحياة وقد تكون قاتلة وتؤدي إلى الوفاة، بحسب الطبيب.
لافتا أن طرق تأثير المستنقعات على الموطنين، إما أن تكون مباشرة من خلال شرب المياه غير المعالجة أو الاستحمام في المستنقعات، أو من خلال استهلاك الخضراوات المروية بمياه ملوثة. ورغم أن السلطة المحلية تقول إن مشروع معالجة المجاري في طهرور مدرج ضمن أولويات المشاريع البيئية إلا أن ذلك لم يتم منذ سنوات. ويشير عمر الصماتي، مستشار محافظ لحج لشؤون المنظمات، مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، إلى تأثير المستنقع المباشر على صحة السكان بسبب انتشار الأوبئة والأمراض.
البحث عن تمويل
وقال إن السلطة المحلية خاطبت المنظمات العاملة في لحج، وخاصة الصندوق الاجتماعي للتنمية، الذي يُعطي أولوية لهذه النوعية من المشاريع لخطورتها على المواطن والبيئة، وعمل على تأهيل مجاري مدينة صبر، وحاليا سوف ينفذ مشروع مجاري قرية الحمراء بالمحافظة، وسنعمل دراسة أولية لهذا المشروع والبحث عن تمويل.
ويضيف الصماتي لمنصة ريف اليمن “رغم انخفاض تمويل المنظمات بنسبة كبيرة خلال 2024، إلا أننا نواصل التنسيق لمخاطبة الجهات المانحة لإيجاد حلول لهذه المشكلة التي تهدد بيئة المنطقة وصحة مواطنيها، وندعو أهالي القرية إلى متابعة الأمر مع الجهات المسؤولة لضمان إدراجه ضمن خطط التنمية المستقبلية.”
من جانبه، دعا مدير عام مديرية تبن المهندس هود غازي العزيبي، جميع المنظمات الدولية والمحلية إلى التعاون لإيجاد حلول مستدامة للمشكلة. وأكد العزيبي أن تحسين الوضع البيئي والصحي في القرية يحتاج إلى جهود مشتركة بين السلطات والمنظمات الإنسانية، لإحداث تغيير إيجابي ملموس في حياة أهالي القرية، مشيراً إلى أن العمل الجماعي هو السبيل لتحقيق ذلك.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن هناك حوالي 19 مليون شخص، في اليمن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وأن هناك 14.5 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة وخدمات الإصحاح. في وقت يواجه فيه اليمن فاشيات الكوليرا والحصبة وحمى الضنك.