شهارة، مدينة يمنية عريقة، تقع شمال العاصمة صنعاء، على ارتفاع يبلغ نحو ثلاثة آلاف متر فوق سطح البحر، وهي إحدى المدن اليمنية المعلقة في سلسلة من الجبال الوعرة.
تتميز شهارة (إحدى مديريات محافظة عمران)، بوجود تصميمات معمارية فريدة، وكانت تعد إحدى أهم وجهات السياح الذين يصلون اليمن، إلا أنها تواجه كغيرها من المناطق الأثرية اليمنية، تحديات جمة، وتتعرض المعالم الأثرية فيها للإهمال الكبير، مع غياب تام لدور السلطات المعنية.
تواجه المدينة التاريخية مخاطر وتحديات جمة بسبب الإهمال، حيث تعرضت بعض المعالم الثقافية والسياحية خصوصاً القصور التراثية للتدمير وأخرى لأضرار كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، دون أي تدخل مما يساهم في توسع دائرة الانهيار لما تبقى من آثار للمدينة.
يقول مدير مكتب الثقافة والسياحة بمديرية شهارة علي هراوة إن “الأماكن والمعالم الأثرية بمدينة شهارة تعاني من الإهمال، ولم تلقَ المعالجة والترميم اللازمين، كما هو حال جسر شهارة وحصن الناصرة ودار سعدان وبواباتها القديمة”.
وأضاف هرواة لـ “منصة ريف اليمن”، :”هناك بيوت معرضه للانهيار في الوقت الحالي مثل: بيت إسماعيل معرض للانهيار التام على الرغم من كونه قصر قديم بالإضافة دار سعدان وذلك ما يجعل صورة المدينة مشوهه وتفقد جمالها”.
وسرد أسماء بعض المباني التراثية المنهارة وهي :”بيت الحاجري، وبيت قسوة وبيت المنصور في الناصرة الداخلية وانهيار بيت حنش الجزء الشمالي منه وبيت المنصور في المزرابة”.
جسر شهارة
خططت مدينة شهارة على شكل حارات، رغم أن مساحتها ضيقة، ويلغ عدد حاراتها نحو 16 حارة تقريباً، وكل حارة بها مسجد، وساحة، وبركة، ومقبرة، ونحو ذلك.
ضمت المدينة عدد من القصور الكبيرة، والمباني العالية، التي تتميز بتصميمات فريدة، ونسبة المباني العالية والقصور العظيمة في المدينة أضعاف المباني العادية.
يعتبر جسر شهارة لوحة فنية رائعة في الإبداع والتصميم، فهو يربط بين شهارة الأمير، وشهارة الفيش، بعد أن انفصلا بهوة طبيعية سحيقة.
قبل الجسر عاشت شهارة مقصية مستبعدة بسبب جبالها العصية، التي كان يصعب على ساكنيها الذهاب والعودة، حيث كانت الطريق تتطلب الكثير من الوقت والجهد، وكان الأهالي يلجأون للنزول إلى أسفل الأخدود الفاصل بين الجبلين ثم الصعود إلى الجبل الآخر.
وفي عام 1905م، تم إقامة الجسر على أخدود شديد الانحدار يفصل بين الجبلين، يبلغ ارتفاعه من أسفله إلى أعلى قمة الجبل حوالي 200 متر. أقيم الجسر على ارتفاع 50 متراً من أسفل الأخدود، في منطقة يبلغ مسافتها 20 متراً، ونتيجة للارتفاع البالغ 50 متراً من قاع الأخدود فقد بنيت في الأسفل عدة جسور ونوبة ـ برج ـ تم الاعتماد عليها في إقامة هذا الجسر.
أبواب وحصون وسدود
للمدينة 6 أبواب منيعة، تم تشييدها لحماية المدينة من أي غزو خارجي، وهي باب النصر، باب النحر، باب السرو، باب الحرم، باب السويد، باب بيت لقمان، كما يوجد فيها حصن الناصرة، الذي شيده العثمانيون أثناء مكوثهم في المدينة نهاية القرن العاشر الهجري كما جاء في كتاب “شهارة في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر” للدكتور الباحث محمد الدبي الشهاري.
استغل سكان المدينة التاريخية مياه الأمطار عبر بناءهم سدودا كبيرة، وبركا واسعة، تستوعب كميات كبيرة من المياه، تكفي سكان المدينة لعدة سنوات، وجعلوا المدينة عبارة عن صبابات وسواقي تصب في تلك البرك، التي معظمها تجاوز عمرها ما يقارب 1000عام.
صممت تلك البرك والسدود بإتقان عجيب، واختيرت ووزعت أمكنتها بعناية، فقد احتوت المدينة مع صغر مساحتها على أكثر من (17) سداً وبركة بين كبيرة ومتوسطة منها: بركة الطوف، والأحسني، والشرقي الأسفل، والأعلى، والعنكبوت، وسد الجامع, والسبع، وسد النحر، وبركة باب النصر، والخارجية، والمحطة، والصلال، وأبو طالب، والشحنة، وبركة الشفاء وغيرها.
وفي ختام تصريحه، دعا مدير مكتب الثقافة والسياحة بمديرية شهارة “الجهات المختصة إلى إصلاح مجاري الصرف الصحي، ورصف الشوارع بالأحجار، وترميم المباني المعرضة للانهيار والحفاظ على الحصون القديمة وإعادة بناء الأسوار المتضررة.
كما دعا إلى ترميم الجامع الكبير وحفظ المخطوطات التاريخية والمصاحف، مناشدا المنظمات الدولية المعنية بحماية التراث للقيام بدورها في حماية المدينة التراثية من الانهيار، مشددا على ضرورة توعية الناس بأهمية الحفاظ على المواقع الأثرية”.