تشتهر اليمن بزراعة أنواع مختلفة من العنب، وتعد هذه الفاكهة الأجود على مستوى العالم، لتميز مذاقها وألوانها وفائدتها، إلا أن مخاطر عديدة تهدد وجودها وتحد من انتشار زراعتها أبرزها الزحف العمراني والتغير المناخي.
وتسببت الأمطار الغزيرة التي تغيّر مواعيد سقوطها باليمن، نتيجة للتغير المناخي بأضرار بالغة الأثر على زراعة العنب خلال الموسم، تمثلت بانتشار الأمراض والآفات الزراعية المختلفة التي أصابت أشجارها مما أدى إلى إتلاف جزء كبير من المحصول.
وتنتشر زراعة العنب في العديد من المحافظات وتتركز زراعته بالمناطق ذات الطقس البارد المعتدل، وتعد المناطق المحيطة بمدينة صنعاء أشهرها ومنها بني حشيش (30 كيلومتراً شرق صنعاء) وهي من أخصب مناطق زراعة العنب، وبني الحارث، ووادي ظهر (شمال صنعاء)، ومحافظة صعدة (شمال البلاد)، ومنطقة خولان (جنوب شرقي)، بالإضافة إلى بعض مناطق محافظتي الجوف والبيضاء والضالع.
ورغم هذه المخاطر لاتزال زراعة العنب تحتل المركز الأول بين مختلف أصناف الفواكه اليمنية، حيث يبلغ المتوسط الإجمالي للمساحة المزروعة ما يوازي 35 % من إجمالي المساحة المزروعة للفاكهة، وتنتج ما يزيد عن 163 ألف طن سنوياً، بحسب تقارير سابقة صادرة عن وزارة الزراعة.
ويقول المزارع أحمد الحشيشي إن تغير المناخ وارتفاع منسوب الماء جراء استمرار الأمطار أدى إلى هلاك محصول هذا العام وكبد المزارعين خسائر كبيرة، لأن زيادة الماء لشجرة العنب تجعل الثمرة تتقرح وتفسد.
الزحف العُمراني
ويضيف محمد لـ”منصة ريف اليمن”، “ننتظر موسم العنب سنوياً، وعليه نعتمد في إعالة أسرنا، إلا أن هذا الموسم كان محبطا، وتكبدنا فيه خسائر كبيرة، ونفكر بالتوقف عن زراعته والتوجه نحو فواكه أخرى.
المهندس الزراعي أيمن الإرياني قال إن موسم هذا العام كان أقل من المواسم السابقة بسبب الأمطار التي هطلت على فترات متقاطعة.
وأضاف الإرياني في تصريح لـ” منصة ريف اليمن”، أن إنتاج العنب يتأثر بالمياه الكثيرة، وبالرطوبة الزائدة اللي تعمل على انتشار مرض “البياض الزغبي” الذي يؤثر بشكل كبير على غرسات العنب، ويفسد الثمرة.
وحول تصدير العنب إلى الدول المجاورة أجاب الإرياني “أن التصدير متوقف بسبب الإجراءات الدقيقة والمعقدة التي يحتاجها العنب لتصديره”.
ليست الأمطار وحدها التي أثرت على مزارع العنب حول صنعاء بل إن زحف المدينة ساهم كذلك في الحد من انتشار زراعة هذه الفاكهة، ويقول عبدالصمد سعدان (30 عاماً) إنه يخشى أن تتراجع زراعة العنب بمديرية بني الحارث شمال صنعاء، بسبب الزحف العمراني حيث تزداد المباني والأحياء المدنية على حساب مزارع العنب.
زراعة العنب والقات
ويضيف سعدان لـ”ريف اليمن”: خلال الأعوام الماضية جرى اقتلاع مزارع العنب وبيعها كأراضي للبناء عليها، مساحات شاسعة تحولت إلى مباني، أو جرى تحويلها إلى مزارع قات بعد شراء شتلات من مديرية أرحب المجاورة.
ويعود سعدان بذاكرته للخلف، ويقول:عندما كنت طفلاً كان موسم العنب يملأ “بيت سعدان” مئات الهكتارات الزراعية كأنها مزرعة واحدة تجني العنب منذ الصباح الباكر حتى المساء، “كانت حياة رائعة، رائحة الموسم تستمر أسابيع دون أن نتوقف، كان يكفينا للعيش طوال العام”.
ويقول الحشيشي وسعدان إن غلاء “السماد”، وزيادة الجمارك والضرائب أثرت على مدخولنا من مزارع العنب، ونطالب الجهات المعنية تشجيع الزراعة الوطنية ودعمها ووقف الضرائب والرسوم عليها”.
وتساهم زراعة العنب في تحسين وسائل دخل المزارعين بالمناطق الريفية، كما توفّر فرص عمل لكثير من الأيدي العاملة، خصوصاً مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن، بسبب الحرب التي تشهدها البلاد، منذ سنوات.