قرر “محمد السعيدي” مع أسرته المكونة من زوجته وأبنائه الثلاثة في رابع أيام العيد الذهاب إلى منطقة “بيت الكبش” في الحيمة الداخلية غربي العاصمة صنعاء للاستمتاع بالمناظر الخلابة، والطبيعة التي تتمتع بها المنطقة وبحثاً على متنفس يقضى فيه وقتاً هادئاً.
وتحولت ضواحي العاصمة اليمنية إلى متنفس للسكان في المدينة المكتظة، في ظل عدم وجود متنزهات ومنتجعات كافية، حيث تشهد الحدائق المحدودة خلال أيام الاجازات والاعياد ازدحام خانق، وهو ما جعل الخروج إلى الريف كخيار أفضل لليمنيين.
“كانت الخضرة والشلال وجمال المكان في الصور التي شاهدها محمد على وسائل التواصل الاجتماعي السبب الرئيسي في حماسه لزيارة المنطقة وكانت الحقيقة أجمل حيث الهواء النقي والهدوء وقضاء وقت جيد برفقة العائلة”، بحسب حديث لمنصة “ريف اليمن”.
ضواحي صنعاء
ويزداد إقبال الزوار إلى منطقة “بيت الكبش” بشكل كبير في فصل الصيف تحديداً حيث ذروة اخضرار الطبيعة وجريان المياه في الأودية، خصوصاً من قبل العائلات التي تبحث عن الاستمتاع بالطبيعة والترويح عن نفسها، حيث شلال المياه المرتفع والطبيعة الخلابة والهواء النقي.
لكن السعيدي، الذي يزور “بيت الكبش” لأول مرة، انصدم من رداءة الطريق المؤدي للمنطقة، والذي كان مليئاً بالحفر والشقوق، وقال: “للأسف رغم جمال الطبيعة والتي تجذب أي زائر، الا ان الطريق الواصل لتلك المناطق وعرة جدا وبسبب عدم وجود أي بنية تحتية للسياحة هناك ازدحام وعشوائية”.
وقال، إذ أنه لم يشعر بالخصوصية والراحة مع عائلته؛ بسبب الزحمة الشديدة وافتراش الناس للأودية والجبال بشكل غير منظم، ما اضطره لقطع مسافة طويلة سيراً على الأقدام؛ للبحث عن مكان له ولعائلته”، رغم استمتاعه بالمكان، إلا أن السعيدي كان مستاءً من ضعف البنية التحتية وعدم توفر الخدمات الأساسية في المنطقة، حيث لا يوجد لا مطاعم ولا بقالات ولا أي وسائل للنقل.
وشهدت غالبية المحافظات أمطاراً مستمرة وهو ما زاد من جمال الريف حيث اخضرت الوديان والمزارع وامتلأت العيون والسدود، الأمر الذي كان له الدور الأكبر في زيادة نسبة الزائرين لضواحي صنعاء.
متنزهات واسعة بلا مقومات
لا تقتصر الرحلات في صنعاء على بيت الكبش فقط؛ إنما تختار الأسر أن تستمتع في أماكن عدة؛ أبرزها: الأهجر (على طريق المحويت، غربي صنعاء)، وشلال وسد بني مطر (غربا)، وسد شاحك (شرقا).
“أيمن العريقي”، اختار الذهاب مع عائلته إلى شلال بني مطر لقضاء وقت ممتع بمشاهدة السد والشلال، لكن الخوف ظل ينتابه عند رؤية الناس يقتربون من ضفاف السد دون وجود سياج لحماية الناس من السقوط. وقال: “أن سد وشلال بني مطر بحاجة لبناء حواجز، وتواجد لقوات الدفاع المدني لمنع السباحة، أو حتى إنقاذ الغرقى خصوصاً في فترة العيد”.
وتتزايد حالات الغرق في سدود صنعاء حيث لا يمر عام دون تسجيل عدد من الوفيات بالغرق، في مشكلة بالغة لم تضع السلطات لها حلولاً عدا لوحات إرشادية صغيرة على ضفاف السدود تحذر من السباحة.
وكان الدفاع المدني في صنعاء قد حذر خلال العيد جميع الزائرين والمتنزهين من السباحة في السدود والحواجز المائية كونها غير صالحة للسباحة أو الاقتراب من ضفاف السدود. ووفق منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، فقد توفي 31 شخصا وأصيب 37 آخرين، فيما تم تسجيل ثلاثة آخرين في عداد المفقودين جراء الامطار خلال شهر إبريل الماضي.
وتعد السدود والحواجز المائية إحدى الأماكن التي يذهب إليها المواطنون، في الوقت الذي يطلق فيه الأرصاد اليمني والدفاع المدني تحذيرات متواصلة من السباحة في السدود أو الحواجز المائية، أو التواجد في ممرات السيول، وأخذ الحذر من المنعطفات الجبلية بسبب تزايد حالات الانزلاق.
“محمد قاسم” اختار وجهة أخرى حيث زار مع عائلته وادي “حضور”، والذي يقع شمال غربي العاصمة صنعاء ويبعد عنها بنحو 60 كيلو شمال غربي صنعاء، وقال لـ منصة “ريف اليمن”: “المكان جميل جدا في منطقة ريفية هادئة لكن للأسف لا شيء يدعوك للبقاء بسبب الخوف من هطول الامطار وعدم وجود أي خدمات”.
وأضاف: “لا يوجد للوادي سوى مدخلين الأول ضيق وترابي ولو هطلت الأمطار ممكن السيارة تتوقف عن الحركة في الطين، والثاني عن طريق الجبل ووعر جداً وصعب تنزل منه السيارات الصغيرة وحتى الكبيرة في خطورة شديدة ومغامرة”.
وعن عدم توفر الخدمات، قال قاسم “إذا نسيت بعض الاحتياجات للأكل مثل ما حدث معي، تضطر للعودة عبر الطريق الوعرة وقطع مسافة اثنين كيلو متر في الطريق المعبدة للوصول إلى أقرب سوق لشراء احتياجاتك، في ظل انعدام تام للخدمات”.
سعادة الأهالي بالزوار
من جانب آخر، يشعر أهالي تلك المناطق بالسعادة عند رؤية العائلات تتوافد إلى منطقتهم؛ حيث يتمكنون من تسويق منتجاتهم الزراعية وتحقيق دخل إضافي، بالإضافة إلى أن البائعين في الدكاكين الصغيرة بالقرى الريفية حيث يزدحم الزوار للشراء منهم رغم أنهم لا يوفرون كافة الاحتياجات.
وقال “على الحاج” أحد أبناء منطقة الأهجر (70 كيلو غرب صنعاء) إنهم يستبشرون بقدوم الزائرين خصوصاً في الأعياد، لأن ذلك يمكنهم من تسويق منتجاتهم الزراعية كالفرسك (الخوخ) والبرقوق والتين، بشكل كبير سواء بعرضها في الطرقات أو إرسال أطفالهم بشكل مباشر إلى العائلات المتواجدة في المنطقة.
وأضاف في حديث لـمنصة “ريف اليمن”، “ليست المبيعات فقط هي ما تفرحهم، لكن مشاهدة منطقتهم أصبحت مزاراً ومتنزهاً للناس فذلك يبهجهم أيضاً”. واستدرك بالقول “بالرغم من سعادتهم بقدوم الزائرين إلا أنهم يستاؤون من المخلفات البلاستيكية الذي تتركها العائلات مؤثرة بشكل سلبي على الأراضي الزراعية”.
من جانبه قال مسؤول في وزارة السياحة – طلب عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث للإعلام – “ان الوزارة بلا ميزانية للعمل منذ اندلاع الحرب مما يجعل دورها غائب في تلك المتنزهات التي يكتظ فيها الزوار وخاصة في ضواحي العاصمة صنعاء”، واضاف لمنصة “ريف اليمن”، “نحتاج لتعاون كبير من اجل الاهتمام في هذه الأماكن وحالياً ليست أولوية”.
وفي تلك الشلالات لا تتوفر أدنى مقومات حماية الناس على الأقل في توفير سواتر حديدة كحماية لانزلاق السيارات في المناطق التربية، وفي 27 مايو/ أيار الماضي توفي خمسة أشخاص غرقاً بمياه شلال بني مطر في محافظة صنعاء، إثر سقوط سيارتهم في بحيرة الشلال بعد أن تدرجت من منحدر جبلي.
وأعلنت وزارة السياحة في حكومة صنعاء (غير معترف بها دوليا) أن عدد زائري الحدائق والمقاصد السياحية والأثرية خلال العيد بلغ 9 ملايين و280 ألف زائر، 45% منهم استقبلتهم المقاصد السياحية والأثرية، و30% من إجمالي عدد الزوار شهدتهم أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء.