أرخبيل سقطرى: الجوهرة الطبيعة وثروة اليمن الخفية

تتميز سقطرى بطبيعتها النادرة وموقعها بين البحر والمحيط

أرخبيل سقطرى: الجوهرة الطبيعة وثروة اليمن الخفية

تتميز سقطرى بطبيعتها النادرة وموقعها بين البحر والمحيط

جزيرة سقطرى اليمنية تعد من أهم الوجهات السياحية والتي تحظى بتنوع طبيعي نادر وتوصف بأنها الجنة المصغرة على الأرض، وهي من أبرز التحف الطبيعة في البحر العربي وتبعد عن أقرب نقطة في الساحل اليمني بنحو 380كم من رأس فرتك بمحافظة المهرة (شرقي اليمن).

يتكوّن أرخبيل سقطرى من مجموعة من الجزر الفريدة التي تبدو وكأنها درر متناثرة بين البحر والمحيط، هذا الأرخبيل الفريد يقع في أقصى شرق خليج عدن، ممتدّاً في قلب البحر العربي على الطريق البحري نحو شمال غرب المحيط الهندي.

تُعد جزيرة سقطرى، وجهة بيئية فريدة من نوعها، ومقصداً سياحياً عالمياً يتصدّر اهتمامات الباحثين عن التجارب الأصيلة والاستثنائية. ونشطت مؤخرا زيارات السُياح الأجانب والعرب إلى الجزيرة المدرجة في قائمة التراث العالمي الطبيعي لليونسكو في العام 2008.


     مواضيع ذات صلة


سقطرى الأرخبيل النادر

جزيرة سقطرى متنوعة سياحياً في سواحلها الجميلة ووديانها وجبالها الفريدة والتي موطناً لأنواع من الطيور والزواحف والنباتات التي لا توجد في أي مكان آخر على وجه الأرض. بالإضافة إلى موقعها الإستراتيجي حيث شكل أرخبيل سقطرى منظومة بحرية مدهشة ومتداخلة مع مياه المحيط.

وتبرز شجرة دم الأخوين كأحد أندر النباتات المستوطنة في جزيرة سقطرى منذ أقدم العصور، وتعد من ضمن 73% من النباتات والحياة البرية الموجودة في الجزيرة ولا توجد في أي منطقة أخرى بالعالم. وتحتاج الجزيرة إلى مشروع إستراتيجي يهدف إلى جعلها من أهم الوجهات السياحية في العالم.

أرخبيل سقطرى
شجرة دم الأخوين الأكثر إنتشاراً في جزيرة سقطرى (نادي السياحة الروسي)

جغرافيا تُعد جزيرة سقطرى الكبرى جوهرة التاج، أكبر جزر الأرخبيل تليها جزيرة عبد الكوري، ومن ثم جُزر: سمحة، درسه، وصيال. إلى جانب سبعة جزر أصغر حجما عبارة نتوئات صخرية صغيرة وهي (صيره، ردد، عدله، كرشح، صيهر، ذاغن ذتل، وجالص) وتقع في الجهة الغربية والجنوبية الغربية من الجزيرة الأم.

تحتاج سقطرى إلى وضع معايير بيئية صارمة تُنظّم عمليات الإدارة السياحية، بما يضمن استدامة الموارد والحفاظ على الهوية الطبيعية والثقافية لهذا الأرخبيل. وتهدد الممارسات الخاطئة تهدد جزيرة سقطرى على المدى المتوسط والبعيد.

فيما يلي، نستعرض أبرز مقوّمات العرض السياحي الفريد للجزيرة وجزر الأرخبيل، مع تسليط الضوء على ضرورة تطوير السياحة البيئية ضمن إطار قانوني وإداري، يضمن الحفاظ على الموارد وحماية الموروث الثقافي والطبيعي من العبث والاستغلال غير المنظّم.

الكهوف والمغارات: كنوز طبيعية منسيّة

تعد سقطرى إحدى أقدم المستوطنات البشرية في اليمن، حيث لجأ الإنسان القديم إلى الكهوف والمغارات كسكن آمن منذ أزمنة سحيقة. وتزخر سقطرى وسائر جزر الأرخبيل بالعديد من الكهوف والمغارات اللافتة للنظر.

وقد تخصصت البعثة العلمية البلجيكية بدراستها، فتمكنّت حتى الآن من توثيق 52 كهفاً في الجزيرة الأم، بينما ما زالت العشرات الأخرى كامنة في سلسلة جبال حجهر بانتظار من يكتشفها.

  • كهف حوق

ومن بين هذه الكهوف المكتشفة يبرز كهف “حوق” كأهم وأضخم وأجمل كهف في سقطرى، ويقع في منطقة “حالة”. يمكن الوصول بالسيارة إلى منطقة قريبة من الكهف، ثم يتطلب الوصول إلى بوابته مسيراً على الأقدام لمدة ساعة وربع تقريباً.

في داخل هذا الكهف، تتجسد عجائب طبيعية فريدة، إذ يبلغ متوسط ارتفاعه نحو 8 أمتار، وعرضه 700 متر، وطوله الإجمالي نحو 13 كيلومتراً، حيث لم تتوغل البعثة العلمية البلجيكية في داخله سوى لمسافة 3 كيلومترات، قبل أن تتراجع.

وفي تلك المسافة القصيرة، وثّقت البعثة تكوينات كلسية ملونة على شكل ستائر متدلية من السقف وصاعدة من الأرض، تشكّل لوحات طبيعية مذهلة تشبه الثريات المعلّقة والأشجار المتشابكة الفروع، وقد تشكلت عبر آلاف السنين.

يضاف إلى ذلك وجود ينابيع مياه داخلية ومجسّمات طبيعية ورسوم وكتابات تاريخية، ما يجعل زيارة الكهف تجربة فريدة من نوعها. يجذب “حوق” السياح رغم شح الخدمات السياحية الأساسية، مما يؤكّد جاذبية هذه الكهوف وقدرتها على استقطاب مزيد من الزوار عند تحسين بنيتها التحتية.

سائح إحدى الكهوف والمغارات في جزيرة سقطرى، 2019 (نادي السياحة الروسي)
  • مغارات وكهوف أخرى

وبالمثل، نجد في منطقة “ديكسم” كهفاً سياحياً متميزاً يبلغ طوله 7 كيلومترات، وعلى الرغم من افتقار الكهف إلى البنية التحتية، فإنه يملك إمكانات سياحية هائلة.

أما كهف “ديجب” في سهل نوجد جنوب الجزيرة، فما زال مأهولاً بالسكان، إذ يضم ست أسر تعيش بداخله مع توفر الينابيع وستائر كلسية بديعة. ورغم استقبال السكان للزوار في بدايات الكهف، إلا أنّ أعماقه ما زالت مجهولة، تحمل أسراراً لم تكشف بعد. وفي جبال حجهر، تنتشر كهوف صغيرة مأهولة أيضاً.

واشتهر مؤخرا “رجل الكهف” في مديرية قلنسية غرب الجزيرة بمبادة ذاتية للترويج لكهفه، مستعيناً بحكايات وأساطير بحيرة “ديطواح” وشاطئها القريب، ليخلق تجربة سياحية بدائية مثيرة.

هذه المغارات والكهوف تعد كنوز طبيعية منسيّة لا تقتصر قيمتها على جاذبية المشهد الطبيعي، بل يمتد إلى آلاف السنين من التشكّل والتاريخ الجيولوجي والإنساني، وهي بالتالي تحتاج إلى خطط تنمية متوازنة تكفل الحفاظ على مكوناتها الفريدة وتحسين جودة الخدمات السياحية المتاحة.

التنوع البيئي الفريد

يعتبر التنوع البيئي الفريد من مقوّمات العرض السياحي الفريدة التي تؤهل أرخبيل سقطرى ليصبح الوجهة المثالية لعشاق الطبيعة والمغامرة على حدّ سواء. بدءاً من شواطئها ناصعة البياض مروراً بالشلالات العذبة والجبال الشامخة وصولاً إلى غطاء نباتي نادر وكائنات حيّة فريدة.

يعكس غنى سقطرى بالمقوّمات الطبيعية التي لا تزال بحاجة إلى إدارة واعية ومقنّنة، قادرة على وضع الجزيرة في طليعة الوجهات السياحية البيئية العالمية. وتبرز شجرة دم الأخوين كأحد أهم الأشجار النادرة في الجزيرة ويوجد 73% من أنواع النباتات، غير موجودة في أي مناطق أخرى من العالم. بحسب اليونسكو.

وعلاوة على جزيرة سقطرى الأم، يبرز الدور الذي يمكن أن تؤديه الجزر التابعة لها، مثل جزيرة عبد الكوري، في إثراء التجربة السياحية وتحويل الأرخبيل إلى مختبر طبيعي ومفتوح لاستكشاف التاريخ والجغرافيا والتنوع الحيوي.

هذه الجزر ليست مجرد امتدادات جغرافية عابرة، بل هي قطع متكاملة من فسيفساء التراث الإنساني والطبيعي الذي لا زال بانتظار اكتشافه وتطويره بما يصون قيمته للأجيال القادمة.

  • شواطئ سقطرى.. لوحات كالقطن الأبيض

تمتد سواحل جزيرة سقطرى طويلاً على امتداد البحر، وتنتشر فيها شواطئ من الرمال البيضاء الناصعة التي صقلتها الرياح الموسمية عبر آلاف السنين. هذه الكثبان الرملية الباهرة تبدو من بعيد وكأنها أكوام من القطن الأبيض النقي، خالية من التلوث.

وفي بعض المواقع تزيّنها أشجار النخيل التي تعانق نسيم البحر لتضيف إلى المشهد بعداً استثنائياً من الجمال، وفي وقت غروب الشمس، تُرسم مناظر بديعة تتفرد بها شواطئ سقطرى، ما يجعل هذه الوجهات محطة مفضّلة لممارسة الاستجمام والتأمل.

أحد سواحل جزيرة سقطرى اليمنية الفريدة

تفتح هذه الشواطئ الباب واسعاً أمام أنشطة السياحة الشاطئية والبحرية، حيث يمكن للسائح الاستمتاع برياضات رملية ومائية متنوّعة، من السباحة ورياضة التجديف وركوب الأمواج، وصولاً إلى الغوص بكل أنواعه.

تحت سطح المياه النقية، يكمن عالم حيوي زاخر بألوان الشعاب المرجانية والمرجان، وكذلك السلاحف البحرية الخضراء والسلحفاة الصقرية صغيرة الحجم. وتتميز الحياة البحرية في سقطرى بتنوع كبير، مع تواجد 352 نوعاً من المرجان الباني للشعب، و730 نوعاً من الأسماك الساحلية، و300 نوع من السراطين والكركند والإربيان.

ومن بين أشهر المواقع السياحية المخصصة لهذا الغرض، تبرز محمية ديحمري التي تمثل نقطة جذب رئيسية لهواة الغوص، إذ تتوفر فيها مقومات فريدة مثل تنوع المرجان والأسماك الملونة، ما يجعل تجربة الغوص أشبه برحلة إلى عالم موازٍ زاخر بالجمال.

  • الشلالات وينابيع المياه العذبة

تشتهر سقطرى أيضاً بشلالات وينابيع مياه عذبة متناثرة في مواقع مختلفة من الجزيرة، وتمثّل عنصراً بالغ الأهمية في تنوعها البيئي. لعلّ أبرزها شلال “دنجهن” الذي ينساب من جبل حجهر المطل على مدينة حديبو، حيث يبعد الشلال عن مركز المدينة ستة كيلومترات، ويشكّل مصدراً للمياه العذبة التي تغذي جزءاً كبيراً من المدينة، فيما تتدفق بقية مياهه إلى وادي حديبو وتصُبّ في البحر عند منطقة حولاف.

وتتنوع الشلالات الأخرى لتشمل “كليسهن” في الشرق بمنطقة مومي، و”بربهر” في منطقة قعرة بجنوب نوجد، حيث ينساب الماء بغزارة إلى أحد الوديان قبل أن يتسرّب إلى تجاويف أرضية ويختفي فجأة في ظاهرة طبيعية نادرة.

أما الينابيع، فأغربها ينبوع “حيباق” بالقرب من حديبو، وهو ينبوع يقع في البحر على مسافة نحو 50 متراً من الشاطئ. في حالة الجزر القوية لمياه البحر، تصعد مياه الينبوع العذب كنافورة طبيعية، في مشهد طبيعي مبهر، يعرفه جيداً الصيادون والغواصون، ويشكّل إضافة فريدة لعناصر الجذب السياحي في الجزيرة.

  • سلاسل جبال سقطرى

تُعد جبال سقطرى مصدراً للحياة والمياه العذبة التي تغذي الشلالات، وموطناً للسكان في بعض مناطقها. على رأس هذه السلاسل الجبلية تأتي جبال حجهر، التي تقسم الجزيرة إلى سهل شمالي تتوسطه حديبو، وسهل جنوبي مركزه نوجد.

يبلغ ارتفاع أعلى قمة في حجهر منطقة ماشينج بنحو 1520 متراً فوق سطح البحر وهذا يمنح الجزيرة بيئة جبلية مميزة. كما توجد جبال قولهل في الجنوب الغربي للجزيرة بارتفاع 978 متراً، وجبال فالج في الشرق بارتفاع يصل إلى 640 متراً.

سقطرى
يوجد في سقطرى حوالي 850 نوعاً من النباتات، منها 270 نوعاً لاتتواجد في أي مكان آخر على وجه الأرض

هذه السلاسل الجبلية تشكّل أماكن مثلى لممارسة العديد من الأنشطة السياحية مثل المشي على الأقدام لمسافات طويلة، ورحلات الطيران الشراعي، وتسلق الجبال بالحبال. ويمكن من خلال بناء مشاريع سياحية تصبح هذه الجبال محطات مهمة على خارطة السياحة البيئية والمغامرات في الجزيرة.

  • النباتات النادرة

تضم سقطرى حوالي 850 نوعاً من النباتات، منها 270 نوعاً مستوطنة في الجزيرة ولا تتواجد في أي مكان آخر على وجه الأرض. من بين هذه النباتات الشهيرة شجرة دم الأخوين الأسطورية، التي تمنح الجزيرة سمة استثنائية وتاريخية.

إلى جانب ذلك، توجد أعشاب ونباتات طبية نادرة، ومنها عشرة أنواع مهددة بالانقراض من أصل 18 نوعاً مهددة عالمياً. كما يتوارث أهالي الجزيرة زراعة النخيل منذ القدم، ويوجد الآن أكثر من مليون نخلة تشكّل لوحات طبيعية لغابات جميلة.

في موسم حصاد التمور بشهر يوليو، يترنّم السكان بأغاني تراثية وأهازيج فلكلورية تعكس عمق ارتباطهم بأرضهم ونخيلهم، يمثل هذا الغطاء النباتي ثروة وطنية وإنسانية متجددة، تحتاج إلى حماية وترشيد للاستفادة منها سياحياً وثقافياً بشكل مستدام.

  • قط الزباد السقطري

يعيش قط الزباد السقطري في براري الجزيرة وبين غابات النخيل، وهو حيوان نادر غير مستأنس، أكبر حجماً من القط المنزلي العادي. يتغذى على تمور النخيل ويمتص دم الدجاج البري دون أن يأكل لحمها.

يقوم السكان باصطياده بوضع أشراك داخل أقفاص تحتوي على التمر، ثم يقومون باستخراج مادة الزباد من غدة تقع بين ساقيه الخلفيتين، إمّا بالضغط الشديد أو باستخدام مشرط لفتح الغدة. بعد الحصول على الزباد، يطلق سراح القط فيفرّ إلى غابات النخيل. و

ما إن تنضج الغدة من جديد حتى يعاد اصطياده لاستخراج الزباد، وهي مادة سوداء اللون ذات رائحة طيبة تشبه المسك، تستخدمها النساء في التعطر وعلاج العقم – وهي ثقافة شائعة – ورغم أن هذه الممارسات قد تبدو بدائية، لكنها تعكس جانباً من التراث المحلي في التعامل مع البيئة الطبيعية.

وبإمكان السياحة المنظمة تسليط الضوء على هذه العلاقة الفريدة بين السكان والبيئة، وذلك من خلال تقديم برامج توعوية تُشجع على استخدام أساليب أكثر إنسانية ورفع الوعي بأهمية الحفاظ على هذا الحيوان النادر.

سقطرى
تهاجر 58 نوعاً من الطيور بانتظام إلى جزيرة سقطرى بينها أنواع مهددة بالانقراض
  • الطيور الفريدة

تُعتبر سقطرى ملاذاً طبيعياً للطيور، إذ تضم 291 نوعاً من الطيور، منها 44 نوعاً تتكاثر في الجزيرة، فيما تهاجر 58 نوعاً آخر بانتظام في مواسم معينة من بينها ستة أنواع مهددة بالانقراض.

وتعد مراقبة الطيور نشاطاً سياحياً بيئياً بالغ الأهمية، ومتنامي الشعبية عالمياً ومع ازدياد عدد هواة مراقبة الطيور، ويمكن لسقطرى أن تبرز كوجهة استثنائية في هذا المجال، حيث يجد السائح هنا عروضاً نوعية لا تتوفر في الكثير من أنحاء العالم.

  • الوديان وسياحة المغامرة

تنتشر في سقطرى مجموعة من الوديان التي تنساب بين تضاريس الجزيرة، ويصبّ كل منها في اتجاه مختلف. من أبرزها وادي دي عزرو، الذي يقسم الهضبة الوسطى – المهيمنة على المساحة الكبيرة من الجزيرة – إلى هضبة شرقية وأخرى غربية.

إضافة إلى وادي دير هور، الذي يعدّ أعمق الوديان في الجزيرة، حيث يمكن إدماج هذه الوديان ضمن برامج سياحية للمغامرين، عبر تنظيم رحلات استكشافية للمشي والتصوير، ما يضيف بُعداً آخر لتنوع المقوّمات الطبيعية في سقطرى.

  •  رؤوس والخلجان البحرية وعروض الدلافين

تتميّز سقطرى بوجود عدد من الرؤوس والخلجان البحرية التي تضفي على الخارطة الجغرافية للجزيرة طابعاً مميزاً، حيث تبرز عروض الدلافين كجزء من الجذب السياحي للكثير من زوار الجزيرة.

أهم هذه الرؤوس في جزيرة سقطرى رأس مومي (شرق)، ورأس شوعب (غرب)، أما الخلجان فهي تُستغل أحياناً كمراسي طبيعية للقوارب التي تنقل السياح، وأهمها خليج بندر قلنسية في الغرب، وخليج إرسال في الجنوب.

ضمن البرامج السياحية الحالية، تُعد زيارة رأس مومي لتصوير مشهد التقاء مياه البحر العربي مع المحيط الهندي ساعة الأصيل من أبرز نقاط الجذب. كما يمكن للزوّار الانتقال إلى رأس شوعب والمرتفعات الغربية لمشاهدة عروض الدلافين اليومية، في مشهد لا يمكن نسيانه، يعكس التناغم بين الطبيعة والحياة البحرية.

الدلافين في “رأس شوعب” بجزيرة سقطرى

جزيرة عبد الكوري

لا تقتصر المقوّمات السياحية على جزيرة سقطرى الأم، فجزيرة عبد الكوري تأتي ثانية في الترتيب من حيث المساحة ضمن محافظة أرخبيل سقطرى. تقع جنوب غرب الجزيرة الأم على بعد 110 كم، وتبلغ مساحتها نحو 133 كم²، بطول يصل إلى 36 كم وعرض يبلغ 6 كم في أوسع نقطة.

وتتكون الجزيرة جغرافياً من منطقة شبه صحراوية وسلسلتين من التلال الصخرية، ترتفع إحداهما إلى قمة جبل صالح بارتفاع 743 متراً. والشمال عبارة عن ساحل رملي يحوي ميناءً بحرياً صغيراً، فيما يتكون الجزء الجنوبي من نتوءات صخرية.

في عام 1985م، وصلت بعثة علمية سوفيتية-يمنية إلى جزيرة عبد الكوري، ونفّذت دراسات أنثروبولوجية وثقافية ولغوية وبيئية، أكدت نتائجها أطر الحقائق العلمية التي توصلوا إليها سابقاً في جزيرة سقطرى.

تتميز جزيرة عبد الكوري بتنوع حيوي بري وبحري. وتشير الدراسات إلى وجود 115 نوعاً نباتياً، منها 38 نوعاً مستوطناً، و15 نوعاً لا توجد سوى في هذه الجزيرة. يكثر الغطاء النباتي في جبل صالح، حيث تنمو نباتات “الفرحل” وأشجار دم الأخوين الشهيرة.

أما التنوع الحيوي فيشمل أنواعاً متعددة من الزواحف والطيور، إضافة إلى الثروة الحيوانية التي تمثلها الماعز والأغنام والحمير، المستخدمة في النقل، ما يعكس أسلوب حياة بدائي يعود إلى قرون مضت.

  • السياحية في جزيرة عبد الكوري

زيارة جزيرة عبد الكوري تُعدّ مغامرة من نوع خاص، حيث تكاد تخلو من أبسط الخدمات السياحية، ما يمنحها طابعاً بدائياً يسمح للزائر بالعودة إلى زمن سحيق. هذه الجزيرة تمتلك مقومات سياحية طبيعية وبحرية متكاملة، بالإضافة إلى كهوف ومغارات يمكن استكشافها، ونباتات وحيوانات فريدة، فضلاً عن نمط حياة اجتماعية تمتدّ بجذورها في أعماق الماضي.

إنّ الوصول إلى عبد الكوري ليس مجرد رحلة جغرافية، بل هو انتقال إلى عالم شبه بدائي لم تمسّه الحداثة بشكل كبير، بما يفتح مجالاً واسعاً لسياحة المغامرات والسياحة البيئية المتخصصة في استكشاف البيئات غير المأهولة أو التي لم تطلها أي تعديلات بشرية ملموسة.

ويمكن لهذه الوجهة، مع الوقت والتخطيط، أن تتحوّل إلى مقصد سياحي نادر لمن يبحث عن تجارب فريدة خارج المألوف.

 

سقطرى
أشجار نادرة في أرخبيل سقطرى

جزيرة صيال

وفي أرخبيل سقطرى توجد أيضاً توجد جزيرة صيال – والتي تسمى أيضا كمال فرعون وتسمى أيضا صيال عبد الكوري أو صيال سقطرى– وتقع إلى الشمال من عبد الكوري على بعد 20 كم تقريباً هذه الجزيرة غير مأهولة ولا تتوافر معلومات كثيرة عنها حتى الآن.

وبسبب أنها غير مأهولة لم يتم اكتشافها إلى الان مما يجعلها لغزاً بحرياً آخر في أرخبيل سقطرى، قد يكشف في المستقبل عن أسرار إضافية تضيف إلى رصيد التنوع الحيوي والبيئي والسياحي في المنطقة.

جزيرة سمحة

جزيرة سمحة هي إحدى الجزر المأهولة التابعة لأرخبيل سقطرى، والذي يقع تحت إدارة محافظة أرخبيل سقطرى. تتميز الجزيرة بمساحتها الصغيرة التي تبلغ حوالي 41 كيلومترًا مربعًا، ما يجعلها واحدة من أصغر الجزر المأهولة في الأرخبيل.

تعد الجزيرة جزءاً من البيئة الطبيعية الفريدة لأرخبيل سقطرى، الذي يشتهر بتنوعه البيئي وثرائه الطبيعي، حيث تحتوي على أنواع نادرة من النباتات والحيوانات النادرة، يعيش سكان الجزيرة حياة بسيطة تعتمد بشكل كبير على الأنشطة التقليدية مثل الصيد والرعي.

جزيرة درسة

جزيرة درسة هي إحدى الجزر غير المأهولة في أرخبيل سقطرى، وتخضع كذلك لإدارة محافظة أرخبيل سقطرى. تبلغ مساحة الجزيرة حوالي 17 كيلومترات مربعة، وتتميز بكونها خالية من السكان.

تعد الجزيرة موطناً لمجموعة من الطيور البحرية والكائنات الفريدة التي تعزز من التنوع البيئي للأرخبيل، وتُعتبر جزيرة درسة وجهة مثالية لاستكشاف الطبيعة البكر، إذ لم تتأثر بالتطور البشري مما يجعلها مكاناً هاماً للحفاظ على البيئة ودراسة الحياة الطبيعية.

بهذا، تتجلى سقطرى وأرخبيلها كمسرح طبيعي يجمع ملامح قلّ نظيرها، ويمزج بين الماضي السحيق وحاضر متأرجح بين التنمية العشوائية والأمل في التخطيط المستدام. إذا نجحت الجهود الحقيقية في صون هذا التراث الطبيعي والإنساني وإدارته بإبداع وحرفيّة، فإن مستقبل السياحة في سقطرى سيكون مشرقاً.

ولن يقتصر الأمر على جذب المزيد من الزوار العالميين فحسب، بل سيمتد ليشمل تحسين مستوى الحياة للسكان المحليين، والحفاظ على الهوية اليمنية الفريدة، وترسيخ مكانة الأرخبيل على خارطة السياحة البيئية الدولية.


المراجع:
– الندوة الدولية العلمية الأولى “سقطرى الحاضر والمستقبل”، جامعة عدن 24-28 مارس 1996م، دار جامعة عدن للطباعة والنشر، طبعة 1999م، ج1 – ج2 – ج3.
– “سقطرى جزيرة الأساطير” فيتالي ناومكين، ترجمة خيري جعفر الضامن، هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، دار الكتب الوطنية، 2015م.
– الهيئة العامة للسياحة – صنعاء، مجلة السياحة، العدد 4، يوليو 1996م.
– مجلة العربي الكويتية، العدد 152، يوليو 1971م.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: