ضاعفت مشكلة شحّة المياه معاناة سكّان منطقة “الشَّرَفَين” بمحافظة حجّة شمال غرب اليمن، وتسبّبت بشلل في القطاع الزراعي الذي تعتمد عليه أغلب الأسر مصدرَ دخلٍ وحيد لتوفير أسياسيات الحياة.
وتُعاني المنطقة بشدة نتيجة شحة المياه، بالإضافة إلى ضعف الخدمات في جميع القطاعات، لا سيما في المناطق الجبلية التي تعتمد بشكل شبه كامل على مياه الأمطار، وقد أدّى تراجعها إلى مفاقمة المعاناة بشكل كبير.
شحّة المياه في حجة
ويقول المواطن عبد الكريم المكرمي: “إن المنطقة أصبحت تعاني كثيرا من الأزمات والظروف في مختلف مناحي الحياة، لكن أبرزها مشكلة الماء التي أضرّت بالمواطنين وبمزارعهم حتى إنها اضمحلّت وأوشك بعضها على الاندثار بسبب الجفاف”.
وأضاف المكرمي في حديثه مع منصة “ريف اليمن” قائلا: “حياتنا أصبحت في غاية الصعوبة، البحث عن المياه مأساة، نحن هنا نكابد قساوة الأيام، لم نعد ندري هل نبحث عن الماء لحياتنا اليومية، أو لري مزارعنا التي نحصل منها على ما نؤمّن به حياتنا اليومية”.
وذكر أن وجود المضخات في بعض المناطق لم يحل المشكلة، ولم يعد كافيًا لسَدّ الحاجة لري مزروعات المواطنين الذين تُعتَبرُ الزراعة مِهنتهم الأساسية، وذلك بسبب تراجع منتوجها من المياه الجوفية، حتى إن كثيرا منها توقف عن العمل.
ونتيجة لتلك الحال، يضطر المواطنون لقطع عشرات الأميال يوميًا بحثًا عن الماء من المناطق المجاورة، عبر مقطورات وصهاريج الماء، رغم التكاليف الباهظة التي يتجرعونها، خاصة مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وأصبحوا لا يحصلون على أي مردود مالي من مزارعهم، واضطر كثير إلى ترك الزراعة.
صراع من أجل البقاء
ويقول المكرمي: “إن المواطنين حاولوا إيجاد حلول لهذه المعضلة، ولكن المتاحة منها لها تكاليفها الباهظة، ونحن هنا نعيش على أمل أن يفرّج الله عنّا، وأن تنزاح هذه الغمامة السوداء عن بلادنا، لكي تتحسن أوضاعنا، وتنتهي معاناتنا”.
من جهته يقول المزارع محمد عليّ: “كانت بلادنا تنعم بوجود المياه بوفرة الأمطار، وحين تنقطع الأمطار كنا نستخدم المياه الجوفية، التي كانت في أوَج قوتها، وكانت توفر لنا ما نحتاجه للاستخدام المنزلي، وريّ المزارع”.
ويضيف عليّ لمنصة “ريف اليمن” قائلا: “في السنوات الأخيرة بدأت كمية المياه التي تنتجها المضخات بالتراجع تدريجيًا، حتى أصبحت لا تفي بالحاجة لما حولها من منازل ومزارع، وقَلَّ منسوب مياهها، حتى إن كثيرا منها توقف، وأصبح ميؤوسا منها”.
ويتابع: “نفتقر لوجود شبكات مياه، ونعيش معزولين عن المشاريع الخدمية، نحن نصارع ونكافح من أجل البقاء، أزمة المياه أثقلت كاهلنا، أصبحنا نقاسي مرارة تكاليف توفير المياه من مناطق بعيدة عن منازلنا ومزارعنا وكل يوم تشتد الأمور وتتوالى الأزمات”.
مطالبات بحلول
ويطالب المواطنون الجهات المعنية بإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة، وذلك ببناء حواجز مائية، للاستفادة من مياه الامطار، لتغذية المياه الجوفية، كأقل واجب تقوم به تجاه السكان.
وقال عز الدين صلاح وهو أحد أبناء مديرية المحابشة (إحدى مديريات المنطقة): “إن هذه المناطق كانت تعجّ بالنشاط، وكان لها ثقل اقتصادي كبير، حيث إن حركة الزراعة كانت دؤوبة مرنة ومتواصلة، وكانت توفر فرص العمل للآلاف من أبناء المنطقة، الذين يعملون بالزراعة”.
ويضيف لمنصة “ريف اليمن“: “حاليا الوضع تغير كثيرًا، فبعد انحسار مصادر الماء تراجعت حركة الزراعة، خصوصًا مع الحرب، مما فاقم المشكلة، حتى إن المزارعين في هذه المناطق أصبحوا يبحثون عن مصادر أخرى للدخل بدلا عن الزراعة لتأمين الحياة”.
وبحسب المواطنين لا تزال منطقة الشرفين مؤهلة للنهوض الزراعي من جديد، إذا ما التفتت إليها الجهات المعنية، وعملت على تغذية مخزونها من المياه الجوفية، وذلك ببناء الحواجز المائية، وتشجيع المواطنين على بناء خزانات أرضية للاستفادة منها في تلبية المتطلبات الزراعية، وكذلك الاستخدامات المنزلية لمياه الشرب.
وتعاني كثير من القرى ريفية في كافة المحافظات اليمنية من نقص المياه الصالحة للشرب، وهذا من أكبر التحديات التي يواجهها السكان في المناطق الأكثر احتياجا.
واليمن واحداً من أكثر البلدان معاناة من شح المياه في العالم، حيث يعاني 18 مليوناً من السكان من عدم القدرة على الحصول على المياه المأمونة أو الصرف الصحي.
ووفق البنك الدولي “من المرجح أن يكون توفير المياه الصالحة للشرب من أكبر المشاكل التي سيواجهها أبناء اليمن في السنوات القادمة، حيث ترك الصراع آثاراً شديدة على البنية التحتية للمياه”.
ويعد، التفاوت في متوسط تساقط الأمطار السنوية، وتعرض بعض مناطق اليمن لنوبات الجفاف، مشكلتين أدى تغير المناخ إلى تفاقمهما، خلال السنوات الماضية.