يشكو سكّان المناطق الريفية بمديرية المسيلة بمحافظة المهرة منذ سنوات مِن أزمة مياه حادّة، أثقلت كاهل السكان، دون وجود أي حلّ من قبل الجهات الرسمية، وقد أصبحت أغلب الأسر الريفية تعتمد في سدّ احتياجها مِن مياه الشرب على الشراء من أماكن بعيدة.
أزمة مياه حادّة
وتُعدّ منطقة عِيص الهَابِطيّة واحدة مِن تلك المناطق المتضرّرة، ويتجرّع سكانها معاناة كبيرة، تضاعفت مع تنامي عدد السكان، وأصبحت الحاجة ملحّة إلى مشروع حيوي ينهي تلك المعاناة التي تتفاقم يوما بعد آخر.
يقول سعيد علي محامد، عاقل حارة (55 عاما) ، لمنصة ريف اليمن: “إن الأزمة لم تكن وليدة اللحظة، بل هي ممتدّة لسنوات، ويعتمد السكان على شراء الوايتات لتغطية احتياجاتهم من المياه من أجل الاستمرار على البقاء، ويلفت إلى أن هناك أُسَرا كثيرة تعجز عن دفع تكاليف المياه التي تُجلب من مناطق بعيدة بمسافة تتجاوز 15 كيلومترا.
ويشير إلى أن قيمة الوايت تصل إلى 18 ألف ريال يمني، فيما تتفاوت الأسعار من منطقة لأخرى، وهو ما ضاعف من حجم الكارثة التي يواجهها المواطنون.
وناشد محامد قيادة السلطة المحلية والمؤسسة العامة للمياه بالمحافظة بالاهتمام بالمناطق الريفية والحارات التي تعاني من شحّة المياه، وطالب بالاستجابة للنداءات المتكرّرة التي يرفعها الأهالي من وقت لآخر، وبسرعة التدخّل بمشروع مياه يكون كفيلا لإنهاء معاناتهم.
سكان يشكون من أعطال متكررة
وإلى جانب هذه المنطقة، ثمة مناطق أخرى يشكو سكانها من انقطاع المياه، منها وادي المسيلة، ورغم تدخل السلطة المحلية هناك مؤخرا بافتتاح ستة آبار ارتوازية مع ملحقاتها بمنطقة البطاحية تخدم مديريتي المسيلة وسيحوت، واستبشر المواطنين بها، ما تزال الأزمة قائمة، بحسب السكان.
وعلى الرغم من مرور عدة أشهر على ذلك المشروع، عادت شكاوى المواطنين من جديد، نظرا للأعطال المتكررة، إلى جانب عدم ربط جميع مناطق المديرية بهذا المشروع، وهو ما يعجز المواطنون عن تنفيذه، ويحاولون تغطية احتياجاتهم بطرق تقليدية مثل شراء الوايتات وغيرها، مع استمرار مطالباتهم لقيادة السلطة المحلية بالقيام بدورها وسرعة التدخل في المناطق الأكثر احتياجا.
ويُعد اليمن واحداً من أكثر البلدان معاناة من شح المياه في العالم، حيث يعاني 18 مليوناً من السكان من عدم القدرة على الحصول على المياه المأمونة أو الصرف الصحي، ومن المرجح أن يكون توفير المياه الصالحة للشرب من أكبر المشاكل التي سيواجهها أبناء اليمن في السنوات القادمة، بحسب البنك الدولي.
المواطن محمد عوض (25) قال إن” وادي المسيلة ظلّ يعاني مِن أزمة المياه طوال السنوات الماضية، وقد استبشر المواطنون بتنفيذ مشروع المياه الجديد لطيّ معاناتهم، إلا أنهم تفاجؤوا مؤخّرا بالانقطاعات المتكرّرة لعمل المشروع، وهو ما أعاد الأزمة إلى سابق عهدها”.
إلى جانب عوض، يؤكّد المواطن زهير غانم أن انقطاع خطوط المياه شكّل عبئا إضافيا على كاهل السكان الذين كانوا يأملون أن يكون مشروع افتتاح الستة الآبار حلّا جذرياً لمشكلة المياه المتفاقمة بمديريتي المسيلة وسيحوت، ويطالب السلطة المحلية بالمديرية والمحافظة بوضع الحلول العاجلة لهذه الإشكاليات، وبضمان استمرارية عمل المشروع بكفاءة بعيدا عن الأعطال المتكررة.
المهرة.. نمو سكاني بلا خدمات
وبالتوازي مع ذلك التدخل، لا تزال مناطق متفرّقة بالمديرية لم يشملها هذا المشروع، وهناك مطالبات واسعة بربط مناطقهم في الفترة القادمة لمواجهة أزمة المياه، لا سيما في ظل النمو السكاني والازدهار العمراني الذي تشهده المنطقة، وحاجة السكان إلى المشاريع الأساسية وأبرزها المياه.
وتعاني قرى ريفية لا حصر لها من قلة الخدمات الأساسية في شتَّى أنحاء اليمن، لكن نقص المياه الصالحة للشرب هو أكبر التحديات التي يواجهها الكثيرون في هذه المجتمعات المحلية الأكثر احتياجاً. ويُعد الحصول على المياه الصالحة للشرب عملاً روتينياً يومياً، ودائماً ما تقع المسؤولية عن جلبه تقريباً على كاهل النساء والأطفال. وهذه المشكلة تزداد سوءاً مع تغير المناخ الذي يؤدي إلى اشتداد شح سقوط الأمطار وعدم انتظامها.
مدير عام مديرية المسيلة فضل صلاح الدحيمي قال: “إن المديرية تعاني مِن انقطاع المياه منذ فترة طويلة، وهناك الآلاف مِن السكان يعانون مِن تداعيات هذه الأزمة، إلا أن السلطة المحلية كان لها دور في افتتاح عدد من مشاريع المياه ضمن جهودها للتخفيف من معاناة المواطنين، وآخرها افتتاح ست آبار”.
وأضاف الدحيمي لمنصة ريف اليمن أنه ومع ذلك لاتزال هناك مناطق كثيرة بالمديرية تعاني مِن انقطاع المياه، وتحاول السلطة المحلية بذل قصارى جهدها للقضاء على هذه الأزمة، وضخ المياه إلى جميع المناطق.
وتعتبر مديرية المسيلة، التي تقدّر مساحتها بنحو 6806 كيلومترات، غنية بالمياه، إلا أنها بحاجة إلى مشاريع إرتوازية، لا سيما أنّ سكانها يلجؤون لإنشاء تجمّعاتهم في أماكن متباعدة، وهو ما يشكّل صعوبة في وصول المشاريع الحيوية، ويأمل المواطنون أن تضع جهات الاختصاص دراسة لجميع المناطق والتدخل بمشاريع مياه لإنهاء الأزمة.