تختزن محافظة حضرموت، كبرى محافظات اليمن من حيث المساحة، موروثا ثقافيا كبيرا، تتوزع بين منطقتي الساحل والوادي، وتتنوع العادات والتقاليد التي تميزها عن نظيراتها من المحافظات اليمنية الأخرى.
وتتميز حضرموت بالفنون الفلكورية والشعبية، والرقصات، والدان الحضرمي الشهير، والمائدة الحضرمية المتنوعة، وكذا الملبس الحضرمي الذي تفرد وأخذ صبغته المتميزة في الموروث الثقافي للمحافظة، واللافت أن التقاليد والعادات والموروث الشعبي مازال راسخ لدى الموطنين.
تقع محافظة حضرموت على ساحل البحر العربي، وتبعد عن العاصمة صنعاء بحدود 794 كيلومتراً، ويشكل سكان المحافظة ما نسبته 5.2% من إجمالي سكان اليمن، وعدد مديرياتها 30 مديرية، وتُعد أكبر محافظات الجمهورية اليمنية مساحة.
يقول رئيس مؤسسة الرناد للتنمية الثقافية أحمد باحمالة: “حضرموت تتميز عن المحافظات الأخرى بموروث عاداتها وتقاليدها، فكل مدينة فيها تختلف عن غيرها، وربما تتشابه المدن إلا مدن حضرموت، فلا تشبه إلا نفسها”.
الرقصات الشعبية في حضرموت
وأضاف لمنصة ريف اليمن: “في حضرموت كثير من العادات والتقاليد يطول سردها، أبرزها الرقصات الشعبية، ومنها الرقصات المرتبطة بالأعراس، وأخرى ترتبط بالمناسبات الدينية، والمناسبات الاجتماعية، وغيرها.
ومن أبرز تلك الرقصات – بحسب باحمالة – العدة، الشبواني، الزربادي، ذال بني مغراة، البرعة، الحفة، الزامل، وبعض هذه الرقصات لا توجد إلا في الوادي، وبعضها لا توجد إلا في الساحل.
وأردف باحمالة: “نلحظ وجود رقصة ذال بني مغراة في الوادي، لكنها غير موجودة في الساحل، في حين لرقصة الزربادي وآل باصالح وجود كبير في مدن الوادي، مع وجود قليل في بعض مناطق الساحل، مثل الشحر، أيضا لعبة الشبواني موجودة في الوادي، مع وجود تلك اللعبة في الساحل باسم لعبة العدة، مع اختلاف قليل في أدائها، أيضا فن الدان في الوادي يختلف عن فن الدان في الساحل”.
أكلات متنوعة
وتشتهر حضرموت بعدد من الأكلات الشعبية، وهناك عادات وتقاليد ترتبط بمناسبات دينية، وهناك عادات وتقاليد مرتبطة بالأشهر مثل شهر رمضان وشهر صفر الهجرية وغيرها، وهناك عادات وتقاليد اندثرت، في حين أن كثيرا ما زال يقام إلى اليوم.
وأوضح باحمالة، أن ساحل حضرموت يشتهر بوجبة الصيادية، بينما الوادي يشتهر بوجبات الكبسة والمعكوس وغيره من الوجبات. أما تريم تتميز بوجبة الصوين والمحموس، وتتميز سيؤون بوجبة الكشري، والمخسخس، كما يعتبر المندي والمظبي واللخم والحنيذ والمقلقل، من أشهر مأكولات المطبخ الحضرمي.
وتتميز مدينة دوعن بالهريس، لكنها انتشرت بعد ذلك في شتى مديريات محافظة حضرموت، وهناك عدد من الوجبات الشعبية التي تتميز بها حضرموت ويختلف انتشارها من منطقة إلى أخرى، بحسب باحمالة، وأبرز الأكلات الحضرمية بشكل عام هي: الصيادية، المحموس، الكشري، المخسخس، المنذق، الصوين، المحشي، الهريسة، العصيد، الكبسة، اللبيس، الباخمري، الغاب.
وتقول الإعلامية والمذيعة بإذاعتي المكلا والمستقبل أروى بايزيد: “المائدة الحضرمية تأثرت بدول المهجر وما أفرزه ذلك الامتزاج من المأكولات التي أخذت صبغتها الحضرمية متأثرة بالوافد إليها، ففي ساحل حضرموت كان تأثير الهند واضحا، بينما تأثير المهجر الإندونيسي كان واضحا في كبريات مدن الوادي كسيؤون وتريم وشبام”.
ومن أشهر المأكولات في ساحل حضرموت، بحسب بايزيد، الرز بكل أشكاله، الصيادية، المكشن، الوقلة، ولكل نوع مذاقه ومحبوه وطريقة إعداده، لكن القاسم المشترك بينها جميعا أنها تؤكل مع السمك الوقلة تحديدا، وهي تحتاج لنوع من السمك سواء أكان السردين أم ما يُعرف بالعيد أو السمك الكبير.
ملابس تقليدية
أما على صعيد الملابس، يقول باحمالة: “هناك كثير من الملابس التقليدية الشعبية التي تشتهر بها حضرموت كالصارون، المعوز، الشميز، الذيل وقدمه، القلنسوة أو الكوفية، الحبوة”، ويلفت النظر إلى أن كثيرا من العادات انتقلت إلى لحضرموت بسبب الهجرات الحضرمية إلى شتى بقاع العالم، فقد أثرت وتأثرت بتلك الهجرات في كثير من العادات والتقاليد.
وبيّن أن حضرموت الوادي تشتهر بلبس الفوط (الصارون)، بينما يشتهر الساحل بلبس المعاوز، موضحا أن حضرموت لا تزال محافظة على العادات والتقاليد، وكل الجوانب الاجتماعية والدينية والثقافية والاقتصادية ترتبط بها عادات وتقاليد.
وأشار إلى أن كل مدينة في حضرموت تختلف عن غيرها، فبعض المدن تأخذ الطابع الديني، وبعض المناطق الطابع الزراعي، وأخرى تأخذ الطابع الاجتماعي وهكذا، ولكن هناك تشابه كثير في العادات والتقاليد في الساحل والوادي، وهناك بعض العادات والتقاليد موجودة في الوادي وغير موجودة، في الساحل والعكس صحيح.
الأعراس والمناسبات
وبالنسبة للمناسبات الموسمية، فكل منطقة حضرمية تختلف عن غيرها، فمثلا تشتهر المكلا باحتفالات البلدة، ولها عاداتها وتقاليدها، أما في الوادي فتشتهر سيؤون بحفل مطلع حولية علي حبشي، وفي تريم توجد مناسبة آخر أربعاء من صفر، وأيضا فعالية زيارة نبي الله هود في السابع من شعبان، وما يرافقه من فعاليات ثقافية ودينية واجتماعية.
وتختلف العادات والتقاليد المرتبطة بالأعراس من منطقة وأخرى، ويقول رئيس مؤسسة الرناد للتنمية الثقافية إنها تختلف في التفاصيل وتتفق في المضمون، لافتا إلى أن العادات والتقاليد في حضرموت جانب واسع وبحاجة إلى أبحاث، فكل عادة لها ميزتها الخاصة، وارتباطها المتميز، وأبعاد دينية، أو اجتماعية، واقتصادية، وغيرها.
الإعلامية والمذيعة بإذاعتي المكلا والمستقبل، أروى بايزيد، قالت: “إن العادات والتقاليد في حضرموت متشعبة، ومن الصعب حصرها في كلمات، لا سيما أن حضرموت تُعد أكبر محافظة يمنية، ولديها من العادات والتقاليد التي تختلف باختلاف تقسيمها الجغرافي كمناطق الساحل ومناطق الوادي، وثمة عادات في المواسم الدينية والاجتماعية وطقوس تميز كل منطقة عن أخرى”.
للمرأة نصيب
في حديثها لمنصة ريف اليمن، تطرقت أروى إلى جوانب عدة من طقوس العادات والتقاليد الحضرمية، منها الرقصات التي تنقسم إلى رقصات نسائية ورجالية، وفي بعض المناطق يكون الرقص مختلطا، خاصة في بعض الوديان والمناطق البدوية. وأشارت إلى أن رقصات الساحل تختلف عن رقصات الوادي.
ففي مناطق الساحل تلبس المرأة الخلخال بخلاف مناطق الوادي، وثمة رقصات أخرى كما في دوعن، حيث توجد رقصة اسمها الدحيفة ترقصها النساء بمفردهن والرجال بمفردهن، ومن أبرز رقصات الرجال في الوادي الزربادي، أما في مناطق الساحل رقصة العدة، وهي أشبه بلعبة الحرب، وتعود جذورها إلى القرن العاشر الهجري.
وتشتهر حضرموت بملابس نسائية تقليدية كالثوب الدوعني الذي تلبسه نساء المناطق الداخلية في المناسبات والأعراس، كذلك الثوب الشحري وتلبسه نساء المدن الساحلية، وهو نسبة إلى مدينة الشحر بحضرموت، وتلبسه نساء المكلا – غيل باوزير- الشحر- الماحي – بروم، وهو قصير من الأمام طويل من الخلف، ومن قماش القطيف المشجر وعليه زخارف وتطريز، والرقبة على شكل العين، ويُلبس أيام الزواج، ومعه مروحة من سعف النخل، ويلبس عليه حزام من الفضة صغير وخفيف.
كذلك تتميز حضرموت بزي الدرع، وهو ثوب مِن القماش الخفيف، ويُلبس في البيت، كذلك هناك زي نسائي يُسمى الثوب المجيب، وتلبسه نساء مدن كنينة – محمدة – حجر بحضرموت، ويتكون من 4 قطع، وهو ثوب مطرز بالخيوط الملونة وبعض الفضة، ويلبس عليه حزام صغير، وهناك الثوب السيؤوني، نسبة إلى مدينة سيؤون، وتلبسه النساء الصغيرات في السن، وعليه حزام كبير من الفضة، وفقا للمعلومات المتوفرة على الإنترنت.
وتُعد السباعيات والصبايغ من الملابس الشهيرة في حضرموت، بحسب المذيعة أروى، حيث تصبغ بمادة النيل، وقد ذكرها الشاعر المحضار في غنائيته “صبيغتي في حبل جروان”، وهناك من الإضافات على ملابس الرجال العمامة والرادي والدسمال، وهناك نوع من العمائم يُسمى الرمان أو الرمال يلبسها شيوخ الحارات والوجاهات الاجتماعية في حضرموت.