آثار تهامة تحت رحمة هواة التنقيب العشوائي

تتعرض الأماكن التاريخية بمدينة حيس غربي اليمن للعبث.

آثار تهامة تحت رحمة هواة التنقيب العشوائي

تتعرض الأماكن التاريخية بمدينة حيس غربي اليمن للعبث.

تتميز اليمن بحضارتها القديمة وآثارها القيمة التي تثبت مشاركة الإنسان اليمني القديم في بناء الحضارات منذ ما يزيد عن أربعة آلاف سنة من خلال الشواهد القائمة كالسدود، والمعابد، والحصون، والتماثيل، والمخطوطات، والأسوار، والطرق، والعملات، والمدن التاريخية التي مازالت ضاربة بجذورها حتى الآن.

مدينة حيس واحدة من أهم الأماكن التاريخية والأثرية في الساحل الغربي وامتداد لمدينة زبيد التاريخية التي تبعد عنها 34 كيلو، ومن أهم معالمها ومبانيها التاريخية الأثرية جامع ومدرسة الإسكندرية، والجامع الكبير الذي يعود تأسيسه لعهد الدولة الرسولية 647 -652 هجرية.

ومؤخرا أصبح أبناء مدينة حيس الذي تبعد عن الساحل 28 كم جنوب محافظة الحديدة (غرب اليمن) يستيقظون على آثار خنادق وحفر في مناطق تاريخية عريقة كموقع السلامة إحدى القرى الاثرية القديمة والتي تحتضن ضريحين يطلق عليهما أبناء المنطقة بضريح السراج والغريب وموقع – كيده – التاريخي الذي يرجع تاريخه إلى عصر ما قبل الإسلام.

آثار تهامة

وقال محمد شوقي (40 عام) أحد أبناء مدينة حيس إن المناطق الأثرية والتاريخية تتعرض للكثير من التحديات ومنها ما يتسبب به الباحثون عن الكنوز والآثار القديمة من حفريات وخنادق تؤدي الى خراب وتغيير المعالم التاريخية والاثرية في المدينة وضواحيها.

وسبق وان تم اكتشاف رسوم خربشات للإنسان الأول (البدائي) يعود لفترة حكم الدولة الحميرية، تمثل شكل الإنسان وحيوانات مثل الوعل، والنسر، وشجرة النخيل، في مناطق جبلية محاذية لمديرية حيس تعود وفقا لبعثة كندية، مابين 6 آلاف و8 آلاف سنة قبل الميلاد.

وتغري تلك الرسوم الى جانب غياب الوعي بأهمية المناطق الأثرية والحفاظ عليها وغياب الجهات المعنية، كثير من الطامعين في الحصول على الكنوز والآثار بهدف بيعها وفقا لشوقي.

وتزخر محافظة الحديدة بالمئات من المعالم الأثرية القديمة كالحصون، والمدبات، والقلاع، والمنازل العريقة، حيث يقدر عدد المساجد التاريخية والاثرية ما يزيد عن 32 جامع أثري و25 قلعة أثرية عتيقة و27 حصنا إضافة إلى المدن التاريخية والمنازل الأثرية المتفرقة على مديرياتها المترامية.

اندثار المناطق التأريخية

وتواجه المناطق الأثرية والآثار اليمنية القديمة العديد من التحديات في ظل الحروب والصراعات المسلحة وتبرز تلك التحديات في بعض مناطق الصراع حيث تحولت كثير من المواقع الأثرية لساحة معركة واستخدمت مبانيها واسوارها العريقة إلى متارس عسكرية مما أدى إلى اندثارها.

وقال أحمد عبدالرحمن أحد المهتمين بالآثار إن عدد من القلاع التاريخية في المحافظة تعرضت للانهيارات نتيجة للحروب الدائرة منذ مطلع 2015، فيما تهدمت أجزاء القلاع في مديريات – الزيدية – باجل – كمران -الضامر – حيس -المنصورية إلى جانب قلاع وحصون ومساجد أخرى في تهامة الممتدة من ميدي التابعة لمحافظة حجة إلى مدينة المخا بتعز (وسط اليمن).

ونتيجة للإهمال اندثرت عدد من المواقع والمنازل الاثرية داخل حارة السور الواقع بباب مشرف وباب البحر و حصن كحلان ومدينة المبهج بمديرية المغلاف وقرية كزابة ومدينة دوغان بالقناوص وغيرها من الأماكن التي تعرضت للاندثار بشكل كلي وفقا لإحصائيات رسمية .

ويظهر تدمير وخراب جامع النور التاريخي الذي يعود تاريخه إلى ما يزيد 500 عام من قبل جنود، بمديرية الخوخة جنوب محافظة الحديدة العام الماضي جانبا مأساويا مما تتعرض له الآثار والمدن في الساحل الغربي واندثار معالمها التاريخية بفعل الأيادي والإهمال من جهة والكوارث الطبيعية من جهة أخرى.

وفي مديرية المخا تعرض جانب من جامع الشاذلي (بٌني في القرن التاسع هجري) أهم وأقدم معلم تاريخي في المدينة القديمة للتشققات نتيجة القصف التي تعرضت لها المدينة، فيما يخشى عبد الرحمن من ان عملية الترميم تتم بالطرق الحديثة مما قد يفقد المعلم الأثري قيمته ومكانته التاريخية .

ويصف عبدالرحمن البالغ من العمر (40 عاما) وضع الأماكن الأثرية والآثار بـ”الكارثة” نتيجة للتوجهات الدينية والسياسية الضيقة والتي تسعى إلى هدم وتغيير المعالم التاريخية العريقة الممتدة لقرون من جهة، وما تتعرض له الآثار من تهريب وعبث من جهة أخرى.

بدوره يقول محمد عبيد أحد أبناء مديرية الضامر ان كثير من المواقع الأثرية في المرتفعات الجبلية – الضامر – جبل راس – جبل برع – حراز- حفاش – ملحان وغيرها تتعرض للاندثار قبل ان تصل اليها فرق الاستكشاف او البعثات المتخصصة بالمواقع الاثرية وأرجع السبب الى عوامل طبيعية كالبرق والهزات الأرضية إضافة الى نزوح بعض الأسر والحفريات العشوائية بحثا عن الكنوز.

تهريب الآثار

وقد لا تخلوا منطقة في ربوع اليمن من الآثار العريقة سواء في المدن أو المناطق الريفية والمرتفعات الجبلية إلا أنها تتعرض نتيجة الإهمال وغياب الوعي والصراعات المسلحة وغياب الدولة للتدمير والنهب والتهريب والعبث حيث شهد العقد الماضي، ووفقا لتصريحات لسلطات لجماعة الحوثي تم تهريب ما يزيد عن 4 الف قطعة أثرية إلى دول عدة وبيعت مئات منها في مزادات عالمية.

ويتساءل الباحث المهتم بتتبع الآثار اليمنية المهربة عبدالله محسن “هل تستطيع وزارة الثقافة وهيئة الآثار والمتاحف والحكومة والدائرة المختصة بمكتب رئاسة الجمهورية، تحديد إجمالي القطع الأثرية، هل تم عمل جرد سنوي موثق وتزويد أجهزة الدولة المعنية به”.

واستنكر محسن من خلال صفحته بالفيس بوك بمناسبة اليوم العالمي للتراث، ما تقوم به الجهات الحكومية من العبث وانعدام المسؤولية واكتفائها بما يشبه بكائيات ناشطي التواصل على آثار اليمن وأطلال مواقعه الأثرية حسب وصفه.

وتكتفي الجهات المعنية في حكومة الشرعية المعترف بها دوليا بالتنديد واستلام الآثار اليمنية المنهوبة المقدمة من قبل دول أجنبية والتي كان آخرها ما أعلنت عنه الولايات المتحدة الأمريكية من تسليم 77 قطعة أثرية يمنية منهوبة مطلع العام الجاري.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مقالات مشابهة :