تشكل التغيرات المناخية تهديداً إضافياً على الوضع الإنساني والبيئي الزراعي باليمن، إلى جانب ما يعانيه ملايين اليمنيين من مأساة إنسانية بسبب الحرب.
وشهد اليمن تغيرات مناخية متطرفة، أثرت على آلاف الأسر والمزارعين جراء الفيضانات تارة، والجفاف الناتج عن الاحتباس الحراري تارة أخرى.
وتقول الأمم المتحدة إنه منذ بداية 2023، أدت تقلبات الطقس باليمن إلى نزوح أكثر من 200,000 شخص، فيما أظهرت بيانات البنك الدولي انخفاض مساحات الأراضي المزروعة عام 2016م بمعدل 38%.
وتتسبب التغيرات المناخية إلى تفاقم النقص الحاد بالغذاء، حيث يعتمد ثلثي اليمنيين على الزراعة لتلبية احتياجات معيشتهم الأساسية معظمهم بالمناطق الريفية، وفقا للبنك الدولي.
ووفق دراسة للحكومة اليمنية أعدها قطاع الدراسات بوزارة التخطيط بدعم من الأمم المتحدة، تناولت تأثير التغيرات المناخية على البلاد خلال العقود القليلة المقبلة، فإن زيادة نسبة التصحر باليمن بلغ نحو 86% من إجمالي مساحة الدولة.
إقرأ أيضاً: مبان اليمنيين القديمة في مرمى تغير المناخ
وأرجعت الدراسة ذلك للتغيرات المناخية، وسوء استخدام المياه الجوفية، وتدهور الموارد الطبيعية والتوسع العمراني.
إرباك للزراعة
الصحفي المختص بمجال البيئة والطاقة المتجددة، عمر الحياني قال: “إن اليمن كغيره من دول العالم يتأثر بالتغيرات المناخية، وقد برزت تهديدات المناخ بشكل واضح من خلال الاضطرابات المناخية وسقوط الأمطار خلافا لموسمها المعتاد ، وعملت على إرباك المزارع والإنتاج الزراعي اليمني بشكل عام”.
واقترح الحياني على مسؤولي وزارة الزراعة والمياه والبيئة ووزارة التخطيط، توعية المزارعين بتغيير المحاصيل الزراعية التي تناسب المناخ، ووضع خطط للتكيف والتأقلم مع هذه التغيرات التي يشهدها العالم واليمن.
وكان المعهد النرويجي قد أوصى السلطات اليمنية ومنظومة الأمم المتحدة بإجراء تقييم شامل لمخاطر السلام والأمن، المتعلقة بالمناخ والبيئة، مع مراعاة المخاطر التي تتعرّض لها الفئات الضعيفة بشكل خاص، مثل النساء والفتيات والشباب والمهاجرين والأقليات.
وقال إنه يمكن أن يسترشد التقييم بأنظمة الإنذار المبكر، والحدّ من مخاطر الكوارث، والاستجابات، للتخفيف من المخاطر المتعلقة بالمناخ والمساعدة بتعزيز النظم والآليات المحلية.
إقرأ أيضاً: تغير المناخ والزحف العمراني.. مخاطر تهدد مزارع العنب اليمني
ويشير تغير المناخ إلى التحولات طويلة المدى بدرجات الحرارة وأنماط الطقس الناتجة عن تغيرات نشاط الشمس، أو الانفجارات البركانية الكبيرة والأنشطة البشرية المتزايدة منذ القرن التاسع عشر.
وتتسبب الغازات المنبعثة الناتجة عن الأعمال البشرية، بزيادة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي بشكل متسارع، مما يؤدي إلى حدوث كوارث طبيعية إضافة إلى تقليل إنتاج بعض المحاصيل الزراعية واتساع دائرة المجاعة بالبلدان الفقيرة.
ويرى علماء المناخ إن الإنسان مسؤول بشكل مباشر عن الاحتباس الحراري العالمي الحاصل حاليا، حيث أثبتت دراسات متخصصة زيادة غازات الدفيئة خلال 200 عام، بوتيرة أسرع من أي وقت في آخر الفي عام على الأقل.
تهديد عالمي
الخبير بشؤون البيئة الدكتور عبدالقادر خليفة، قال: “إن المشكلة هي عدم جدية تطبيق القرارات المقدمة من قبل مجموعة الخبراء، واتجاه تلك القرارات إلى مشاكل سياسية بين الدول العظمى”.
وفيما يخص التغيرات المناخية يقول خليفة “إن الكارثة تهم الدول المتقدمة أكثر من الدول النامية في إشارة الى أن مشكلة ذوبان الجليد الناتج عن التغير المناخي على سبيل المثال سيتسبب برفع منسوب المحيط وإغراق مدن بأكملها”.
وأضاف خليفة خلال مداخلة تلفزيونية لـ”قناة العربي”، أن الأخطار التي تهدد الدول العربية بالدرجة الاولى هي مشكلة تصحر الأراضي الزراعية وإن تجاهلها وعدم الاهتمام بها من قبل الخبراء يمثل كارثة حقيقية على بعض الدول الفقيرة .
إقرأ أيضاً:- التغيرات المناخية تهدد مستقبل النحالين وإنتاج العسل
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن متوسط درجة حرارة سطح الأرض حوالي 1.1 درجة مئوية، اي انها أكثر دفئا مما كانت عليه أواخر القرن التاسع عشر (قبل الثورة الصناعية).
ومثل العقد الماضي (2011-2020م) الأكثر دفئا من اي عقد سابق منذ عام 1850م، ووفقا للمسار الحالي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فمن المتوقع أن ترتفع درجة الحرارة إلى 4.4 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، وفقاً لذات المصدر.