مشياً على الأقدام تتنقل القابلة اليمنية خديجة حسن (50 عاما) بين منازل المواطنين في الكثير من قرى ومناطق محافظة إب اليمنية للقيام بواجبها الإنساني، وتقديم الخدمات الصحية للنساء الحوامل خلال فترة الولادة في ظل غياب المرافق والخدمات الصحية وعجز المواطنين عن نقل نسائهم إلى المستشفيات في المدينة .
ويعاني سكان المناطق الريفية النائية في اليمن من غياب المرافق والخدمات الصحية، وصعوبة الوصول الى المستشفيات والمراكز الطبية في المدن بالإضافة إلى تكلفة العلاج الباهظة التي لا يقدر عليها المواطنين، في ظل تدهور أوضاعهم المعيشية وعجزهم عن تأمين الاحتياجات الضرورية، في بلد تعصف بها الحرب منذ أكثر ثماني سنوات.
وساهمت قابلات الريف في إنقاذ حياة مئات الأطفال والنساء في العديد من المناطق الريفية اليمنية، كما خففن من حدة التكاليف على الكثير من الأسر في المناطق الريفية، حيث تحتاج المرأة إلى التنقل من الريف إلى المدينة ما يؤثر سلباً على سلامتها وسلامة طفلها خصوصاً في ظل وعورة الطريق وبعد المسافات بالإضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية للكثير من المواطنين.
حماية النساء والأطفال
وتبذل القابلات في ريف اليمن جهوداً كبيرة في مساعدة الحوامل وأطفالهن، في ظل شحّ الوسائل والأدوات الطبية الضرورية لمساعدة النساء ورعايتهنّ إذ كشف تقرير لصندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن عن وفاة امرأة واحدة كل ساعتين أثناء الولادة، وأن مليون امرأة حامل ومرضع تعاني من سوء التغذية الحاد.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو ستة ملايين من النساء والفتيات في سن الحمل والإنجاب (من 15 إلى 49 سنة) يحتجنّ إلى الدعم، وبسبب النقص المتزايد في المواد الغذائية تعاني أكثر من مليون امرأة حامل من سوء التغذية، وهنّ معرضات لإنجاب أطفال يعانون من التقزم، بالإضافة إلى أن هناك 114,000 امرأة معرضة لخطر أن يصبنّ بمضاعفات أثناء الولادة.
خديجة هي القابلة الوحيدة في قريتها التي تعيش فيها، وفي القرى القريبة منها ، فهي تتنقل من منطقة إلى أخرى وتساهم في تقديم الدعم والحماية للأمهات والأطفال فهي تستطيع تولي الولادة بنفسها، وبإمكانها تشخيص الحالات التي تحتاج إلى التدخل الجراحي وتحويلها إلى أقرب مستشفى.
وتقول خديجة لـ”منصة ريف اليمن”، إنها “تُلبّي دعوات الأهالي والسكان في القرية والقرى الأخرى في كل الأوقات وفي أصعب الظروف، وتقدم خدماتها بشكلٍ مجاني خصوصاً للمواطنين الذين يعيشون ظروفا معيشية قاسية.
تخفيف المعاناة
هند حسن( 40 سنةً) متزوجة منذ 20 عاماً ، وتسكن في منطقة جبلة بمحافظة إب تقول لمنصة ريف اليمن :” الولادة في المنزل على أيدي القابلة كان هو الحل الوحيد، لقد جربت سابقاً الولادة في المستشفيات وكانت متعبة، إذ أن التكاليف الباهظة أثقلت كاهلنا.
وتضيف حسن :” تتطلب الولادة في المستشفيات إلى مبالغ مالية كبيرة وزوجي يعمل بالأجر اليومي وليس بمقدوره الوفاء بذلك فهو بالكاد يتمكن من تأمين متطلبات الحياة اليومية والاحتياجات الضرورية”.
تماماً مثل هند تقول عائشة محمد( 36 سنةً) وهي متزوجة منذ 15 عاماً وتسكن في منطقة السياني جنوب محافظة إب” وفرت علينا القابلات مشقة السفر إلى المستشفيات في المدينة التي تبعد مسافات طويلة عن القرية التي نعيش فيها بريف السياني.
وأضافت لـ” منصة ريف اليمن”، :” الولادة في المستشفيات فيها مشقة في السفر وتحتاج إلى مبالغ مالية باهظة، لقد خففت علينا القابلات الريفية الجهد والتعب، فهن يقدمن خدمات عظيمة بأقل التكاليف وغالباً بشكل مجاني.
الحاجة للتدريب
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها قابلات ريف اليمن، الا أنهن لا يزلن بحاجة إلى الدعم والتدريب خصوصاً وأن غالبيتهن اكتسبن المهنة بالخبرة، لذلك فهن بحاجة إلى التدريب لمواجهة كافة المخاطر التي تواجهها المرأة خلال فترة الولادة.
ويمكن للقابلة “خديجة” القيام بعمل التوسيع، والتعقيم، ومعرفة المشكلات المتوقع حدوثها خلال عملية الولادة، لكنها لا تزال بحاجة إلى تدريب ومعرفة كيفية التعامل مع مختلف المشكلات، مثل ارتفاع ضغط الدم، وغيرها ومعالجة أمراض النساء خلال الحمل والأطفال بعد الولادة حتى الأشهر الستة الأولى بعد الولادة.
كما تحتاج القابلات الريفيات إلى تطوير خبراتهن ومهاراتهن خصوصاً في ظل غياب المرافق الصحية في الريف وصعوبة الوصول إلى المدينة بالإضافة إلى تدهور القطاع الصحي بفعل استمرار الحرب المندلعة في البلاد منذ أكثر من ثماني سنوات.
إقرأ أيضا: غياب الخدمات الصحية وصعوبة التنقل.. ثنائي يضاعف معاناة المرضى
ويقول البنك الدولي إن “قطاع الصحة في اليمن يعاني من عواقب الصراع المسلح، والتدهور الاقتصادي، والانهيار المؤسسي، حيث يواجه نسبة كبيرة من السكان تحديات في الحصول على الرعاية الصحية، إذ لا يعمل سوى 50% من المنشآت الصحية بكامل طاقتها، ويواجه أكثر من 80% من السكان تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء ومياه الشرب وعلى خدمات الرعاية الصحية.
وفقاً للأمم المتحدة فإن أكثر من 20 مليون من السكان في اليمن بحاجة إلى خدمات الرعاية الصحية إذ يتأثر الأطفال بشكل خاص بالمعدلات المتزايدة لسوء التغذية، أما بالنسبة للنساء -لا سيما الحوامل والأمهات الجدد- فخدمات الصحة الإنجابية محدودة وتكاد تكون معدومة”.