في قصة نجاح ملهمة، تمكنت عشرات النساء بمحافظة سقطرى من إنجاز أول مشروع زراعي بكادر نسائي بالمحافظة.
“ريف اليمن” طافت بالمشروع الزراعي والتقت المزارعة ناموس سالم، أثناء عملها في حقل الطماطم، والتي عبرت عن سعادتها بنجاح كفاحها ورفيقاتها بالمشروع.
تقول سالم: “لم نستسلم للظروف التي تمر بها البلاد، بل زادتن إصرارا وتحدي في خلق فرص جديدة، للمساعدة في رفع المستوى الاقتصادي للأسرة، والتحول إلى نساء فاعلات في المجتمع”.
وتضيف: “شكلنا جمعية زراعية نسوية أسميناها “معنوفة”، وهي مكونة من تسعين إمراه، هدفها تنمية الزراعة، والنهوض بها بخطوات ثابتة، نحو تنمية اقتصادية مستدامة”.
العزيمة أولاً
ناموس سالم (في العقد الرابع من عمرها)، درست وترعرعت في مديرية حديبو، حتى أكملت تعليمها، وعٌينت بعد ذلك مٌدرسة أساسية للصفوف الابتدائية، وهي كذلك زوجة وأم لثلاثة أطفال، لم يُعقها عملها في المدرسة الحكومية، كمعلمة في تنفيذ مشروعها الزراعي، لتغدو أول مؤسسة بأيادي نسوية، على مستوى الأرخبيل، وأصبحت قصه نجاحها مثالا يُحتذى به من قريناتها في المنطقة.
لا شيء يقوض عزيمة النساء، لاسيما عقب إدراكهن بشاعة الحرب، وما ينتهي المطاف به، وعزيمتهن القوية هي من تخلق الدافع داخلهن، لإنتاج وبذل أقصى ما يستطعن للمضي نحو أهدافهن برؤيا واضحة، هكذا بدأت “ناموس سالم”، في حديثها، حول مسيرة عطاءها، في عالم زراعة محصول الطماطم.
تقول ناموس لـ” منصة ريف اليمن”، “عندما وجدت العائد المادي لديّ منخفض، مع ارتفاع التكاليف المعيشية، وتدهور القدرة الشرائية، أردت أن أشق طريق نجاحي بشيء نحتاجه كل بيت، وأيضا شيء تتميز به قريتي، وكان محصول الطماطم هو اختياري”.
حصلت ناموس، على دعم مادي لتنمية مشروعه من المنظمات المعنية، والسلطات المحلية في المديرية، وكان للعمل المتفاني من قبل أعضاء الجمعية، والعاملات من النساء، دوراً في ظهور وبناء اسم جمعيتها لتكون الأولى والرائدة، في جانب الزراعة النسوية البحتة.
قيود
لا شك أن عبور طريق النجاح، يبقى محفوفاً بالمخاطر، بيد أن ناموس، كانت تتلقى التشجيع، والدعم من أسرتها، ناهيك عن شمعة الأمل المتوقدة بداخلها، كل هذا جعل الطريق أمامها سالكا، واستطاعت تجاوز كل الصعاب والعراقيل، كما تفيد.
وتضيف ناموس “عمل الجمعية كان محل رفض، من قبل بعض الأهالي، كون النساء لا يجب أن يخرجن للعمل خارج البيت، لكن إصراري على العمل، مكنني من الحصول على الدعم الأسري والمجتمعي”
وأردفت ناموس “تردي الوضع الاقتصادي، شجّع بعض الفتيات للانخراط، في تأسيس أعمال ومشاريع خاصة، من شأنها أن تساهم في رفع المستوى المعيشي ولو قليلا، لافته إلى أن الدعم الذي وجدته في أسرتها قلما وجدنه الفتيات الأخريات”.
خلال عمل الجمعية في إنتاج محصول الطماطم وتصديره إلى بقية مديريات الجزيرة، واجهتهم مشكلة تمثلت في التغيرات المناخية والبيئية، خلال السنوات الأخيرة للأرخبيل، من أعاصير وفيضانات، بالإضافة الى مشكلة الآفات الزراعية من الحشرات الضارة للمحاصيل الزراعية والتربة.
ترزح سقطرى (التي تقع في الأقصى الشرقي لليمن)، على وقع تغيرات مناخية وبيئية، لاسيما خلال السنوات الأخيرة، إذ تتعرض لضربات الأعاصير والفيضانات الجوية، بالإضافة الى موجات الرياح الموسمية، التي تساهم في حدوث أضرار كبيرة في التنوع البيولوجي للجزيرة.
في أكتوبر الماضي 2023م، ضرب إعصار “تيج”، سقطرى مخلفا دمارا كبيرا في الأحياء السكنية، وتسبب في انقطاع التيار الكهربائي، بالإضافة الى تحطم العشرات من قوارب الصيد، وجرف للأراضي الزراعية والثروة الحيوانية.
حصاد المحصول
“تشترك نساء القرية في حصاد محصول الطماطم مع الجمعية، إذ تمتلك قرابة 100 إمراه لمزارع في حدائقها المنزلية، يهتمن بها، ويحصدن المحصول في مده تقدر من شهر الى ثلاثة أشهر، حيث يبلغ الإنتاج 20 كيلو حد أدنى، و35 حداً متوسطاً، و50 كيلو كحد أعلى”، وفق حديث ناموس.
دورة الإنتاج تستمر إلى ثلاثة أشهر، تتشارك النساء مالكات المزارع، مع الجمعية في بيع محصول الطماطم، الذي تشتهر به القرية دون غيرها، بحيث يتم تصدير المحصول إلى سوق حديبو المركزي، والذي يتولى تصديره الى باقي المديريات.
اما بالنسبة للجمعية، فهي تملك مزارع كبيرة تورد محاصيلها إلى السوق المحلي، الذي يُعتبر من أكثر المحاصيل إقبالا، إذ تنتج المزرعة قرابة 100 كيلو في اليوم الواحد، لمده تصل أيضا من شهر إلى ثلاثة أشهر، قد تطول المدة أو تقصر.
تقف اليوم، نساء سقطرى الريفيات، برفقه رئيسة الجمعية “ناموس” على قدم وساق، وسط مزارعهن يحصدن ثمره جهدن، في لوحة فنية، يخيل إلى الناظر إليها، أنها خليه نحل، تعمل من أجل العطاء، دون كلل أو ملل.