زبيد.. مدينة العلم والعلماء والتاريخ العريق

زبيد.. مدينة العلم والعلماء والتاريخ العريق

زبيد.. مدينة العلم والعلماء والتاريخ العريق

زبيد بلدة يمنية تاريخية وجدت منذ أوائل القرن الثالث سنة 204، أنشت بأمر من الخليفة المأمون، عبدالله بن هارون الرشيد.

وحسب المصادر التاريخية بنى المدينة محمد بن عبد الله بن زياد الأموي والي اليمن زمن الخليفة المأمون سنة 204هـ. وسميت زُبَيد بضم الزاي نسبة إلى اغلب من كان يسكنها في ذلك الوقت من زبيد سعد العشيرة من مذحج. والنسبة لمن ينتسب إلى هذه المدينة سكنا زَبِيد بفتح الزاي وكسر الباء.

وكان تزبيد عاصمة  لدولة بني زياد من سنة 205 هـ إلى سنة 402 هـ (820 – 1011 م)، وعاصمة لدولة بني نجاح من سنة 403هـ إلى سنة 569 هـ (1158- 1173 م)، وعاصمة دولة بني مهدي من سنة 553هـ إلى سنة 569هـ (1158-1173م).

المساحة

تبلغ مساحة مدينة “زبيد” في حدود 245 هكتار منها 92 هكتار مساحة المدينة التاريخية والمحددة داخل السور، وتعتبر المدينة التي اختطها محمد بن زياد مؤسس الدولة الزيادية في العام 204 للهجرة أول مدينة إسلامية في اليمن، وسميت باسم الوادي الذي تقع في منتصفه (زبيد ورماع)، وهي تابعة لمحافظة الحديدة غرب اليمن.

وتعد مدينة زَبِيْد من أبرز مدن منطقة تهامة المطلة على البحر الأحمر بين اليمن والمملكة العربية السعودية. وقد بدأ ازدهارها الديني منذ القرن 3هـ/9م وذاع صيتها في عهد الدولة الرسولية (1229م–1454م).

وخلال تلك الفترة، كان اقتصادها يعتمد على زراعة وادي زَبِيْد، وظهرت في وقت متأخر صناعة النيلة المرتبطة بصناعة الياجور التي استمرت حتى منتصف القرن العشرين.

الحرف اليدوية

وجدت في زبيد بعض الحرف اليدوية مثل صناعة الجلود التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا (قصبات النرجيل الجلدية وأحزمة ومجلدات كتب) وصناعة النسج. وقد شهدت المدينة منذ أواخر القرن 9هـ/15م وبشكل تدريجي انحسار اقتصادياً وسياسياً، إلا أن سمعتها المبنية على التعليم الديني ظلت راسخة على الدوام.

ينتمي الفقهاء إلى المذهب السني. وقد تجاوزت شهرتها المحلية عبر القرون لتمتد من شمال الهند إلى مصر مروراً بالقرن الإفريقي.

ومن بين أشهر النماذج التي أنجبتهم زَبِيْد في عهد الدولة الرسولية يُذكر العلامة الفيروز أبادي، مؤلف القاموس الذي حمل اسمه، والعالم المرتضى الزيدي الذي قدم إليها في القرن الثامن عشر من شمال الهند لغرض الدراسة.

زبيد في قائمة التراث

وعندما قام اليونسكو بأدراج مدينة زَبِيْد في قائمة التراث العالمي في عام 1993م، فلم يكن ذلك مقتصراً على مكانة فنّها المعماري الأكيدة، بل من أجل مخطوطاتها أيضا.

ونظرا لتاريخها الموغل في القدم منذ أن كانت بلدة صغيرة باسم الحصيب قبل الإسلام، ولوجودها في مفترق طرق التجارة البرية والبحرية، وكونها كانت عاصمة لليمن لمئات السنين، فقد احتوت مدينة زبيد على العديد من الآثار سواء كانت في المنشآت والمباني، أو التحف والصناعات الشعبية القديمة، وهذا ما أدى لإدراج المدينة ضمن قائمة التراث العالمي الخاصة باليونسكو.

وتتميز زبيد بطراز معماري فريد وخاص من نوعه، حيث تتواجد المباني التراثية بطول المدينة وعرضها، لكن الإهمال والأحوال الاقتصادية الصعبة وكذلك ظروف الحرب، كلها أدت لتدهور المباني الأثرية وعدم صيانتها وبالتالي فقد العديد منها على مر السنين، حتى أن منظمة اليونسكو تهدد بمحو المدينة من قائمة التراث العالمي، وهي تحتاج لجهود ضخمة للحفاظ عليها من الاندثار.

التدريس والرباط

يرجع التدريس في مدينة زَبِيْد إلى القرن 5هـ/11م والذي كانت تقوم به بيوت الفقهاء والمشايخ العلماء والأئمة، وعلى الرغم من قلة المخطوطات عما كان عليه في السابق إلا أن التدريس لا يزال قائماً حتى يومنا هذا. وقد اعتمد هذا النشاط على الكتابة، الأمر الذي يفسر وجود العديد من المخطوطات.

والرباط في مدينة زَبِيْد، عبارة عن مكان يُستقبل فيه الطلاب الوافدون من خارج زَبِيْد ويكون لديهم فيه غرفة خاصة ومطابخ وأماكن جماعية للعبادة. البعض من هذه الأماكن قامت البيوت الفقهية بتأسيسها وتقع بالقرب من منازلهم. ويتم إحياء هذه الأماكن بفضل الإيرادات التي يتم تحصيلها من أموال الوقف، من أراض زراعية ودكاكين.

ونتيجة لاهتمام أهلها وحكامها بالعلم وانتشار المدارس العلمية والمساجد وما تعرف بأربطة العلم التي تقوم بكفالة الطلاب الذين يقدمون اليها، وأيضا لوجود عدد كبير من العلماء في كافة مجالات العلم الدينية والدنيوية، فقد أضحت مدينة زبيد أكبر وأشهر مدينة في غرب اليمن، ومن عواصم العلم على مستوى اليمن والعالم العربي في ذلك الوقت، حتى أشتهر عنها لقبها بأنها مدينة العلم والعلماء، حيث سكنها العديد من العلماء من ابنائها أو ممن هاجر إليها مثل المرتضى الزبيدي صاحب كتاب تاج العروس في شرح جواهر القاموس، وابن المقرئ وابن الديبع وغيرهم.

وللمدينة أربعة أبواب أثرية قديمة مبنية من الآجر (الطوب) جميلة المنظر تتوزع على السور القديم المندثر للمدينة من جهاتها الأربع وهي ابتداءً من الشمال(الباب الشمالي) باب سهام يتكون من طابقين ويشغله الآن مرافق حكومية (الباب الجنوبي) باب القرتب ، (الباب الشرقي )باب الشباريق ،( الباب الغربي) باب النخل.

أبرز  المعالم

ومن أهم معالمها جامع الأشاعر، وهو أحد المعالم الهامة لمدينة زبيد وأقدم مساجدها التاريخية والأثرية ، تأسس في السنة الثامنة الهجرية بأمر من الرسول الكريم على يد جماعة من قبيلة الأشعريين التي ينتمي لها الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري ، وأحد أربطة العلم في المدينة وملحق به مكتبة جمعت فيها عدد كبير من الكتب والمخطوطات التي أوقفها علماء المدينة لطلاب العلم .

وهناك قلعة زبيد الكبرى التي تعتبر أكبر القلاع الأثرية بمدينة زبيد وهي بناء مهيب يتكون من ترابط عدة أبنية ومرافق متكاملة (مسجد – بئر – مخازن – عنابر – إسطبلات خيول – دار حكم ) ويحيط بها سور واحد وحائط مسجد الميلين – الأسكندرية.

وتحتوي القلعة حالياً بعد إجراء بعض الترميمات بها متحفاً إقليمياً كما تستخدم بعض أقسام القلعة مرافق إدارية حكومية.

وتضم مدينة زبيد القديمة، التي ظلت لقرون درة معمارية ومركزاً للعلوم الاسلامية، حوالي 2400 منزل تقليدي، يتراوح تاريخ بنائها بين 200 إلى 600 سنة، ووصفها المستشرق الفرنسي بول بوننفال بــ”أكسفورد الشرق”.

أما المدارس الإسلامية فيصل عددها إلى أكثر من ثمانين مدرسة كلاً منها تعد تحفة معمارية تجسد مدى ما وصل إليه فن المعمار اليمني القديم من تطور ، وعوضاً عن أهميتها العلمية والتاريخية والأثرية كونها كانت تمثل كافة المدارس العلمية والفكرية والدينية والتي جعلت من زبيد أشهر المراكز العلمية في العالم الإسلامي ، فإنها تعد أيضاً أهم مقومات السياحة الثقافية للمدينة وتلقى إقبالا متزايدا من السياح والباحثين والمهتمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر:

ويكبيديا

المعرفة

الجزيرة نت

القدس العربي

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: