تمكن أحد المواطنين بمحافظة ذمار وسط اليمن من تحقيق نموذج نجاح في زمن الحرب، بعد تحوله من نازح مشرد إلى مزارع متميز حقق نجاحات عديدة وأصبح يمتلك ثروة زراعية وحيوانية.
يقول هائل محمد قائد (55 عاما)، إنه أصبح مستقرا ومكتفيا ذاتيا، ويعيش مع أسرته بسعادة غامرة، بعد أن نجح بعمله بالزراعة وتربية الثروة الحيوانية، متمنيا أن يتحذى به الأخرون ولا يستسلموا للظروف القاسية.
يسرد قصته لـ” ريف اليمن“، قائلا “عشت بمدينة تعز أكثر من 15 سنة معتمدا على سيارة الأجرة كمصدر دخل، وخلال الحرب تم استهدافها وتحولت إلى ركام، أجبرتنا الظروف على النزوح والعودة إلى مسقط الرأس بمديرية عتمة بذمار لأبدأ مشوار جديد من الكفاح.
يواصل ” عندما نزحت لم أكن امتلك قوت يومي، ووصلت إلى مسقط رأسي غريبا لأني غادرت منها قبل أكثر من 15 عاما، ومعظم السكان لا يعرفون عني شيء ولا أعرفهم، سوى عدد محدود من الأقارب”.
وبحسب مركز أنباء الأمم المتحدة وصل عدد النازحين في اليمن إلى أكثر من ثلاثة ملايين ومئة ألف شخص، من بينهم مليونان ومئتا ألف مشردون داخليا، في وقت يعاني فيه أكثر من 17 مليون يمني من الجوع، وفقا للبنك الدولي.
ويقول هائل إنه” احتاج لعدة أشهر للاندماج مع المجتمع، وكان يقضي معظم الوقت منعزلا عن المجتمع، ويؤكد “رفضت الاستسلام للظروف ولم أتقبل أن أكون عالة، وحملت المعول (أداة زراعية للحفر) وخرجت باحثا عن عمل بالأجر اليومي مع المزارعين”.
توقف لبرهة ثم قال وهو يبتسم” بعد عناء حصلت على عمل واستطعت التكيف مع الأعمال الشاقة برغم عدم ممارستها من قبل، وحققت نجاحات في الأعمال اليومية مع المزارعين حتى زادت شهرتي وأصبحت أحد العمال المميزين وازدادت طلبات المزارعين عليّ”.
إنجازات زراعية
يتابع” بعد الانجازات التي حققتها قرر أحد المواطنين منحي قطعه زراعية تابعة له كان قد زرع فيها نبتة القات، على أن استأجرها منه وأعمل فيها ونتقاسم العائدات، فوافقت وكرست اهتمامي على العمل فيها انا وأولادي وانتهت إلى خير”.
حقق هائل المستحيل وكان مثالا للرجل الذي لا يؤمن بالراحة ولا يستسلم للتعب والإرهاق حتى انهالت عليه العروض واستأجر عدد من الأراضي الزراعية ليقم بإصلاحها بشكل أفضل وزرعها بالذرة، وبعضها بالقات ليتفوق على كل من حوله بكمية المحصول الذي يجنيه.
بعد كفاح متواصل تنفس حصل هائل على ثمار جهده وقام بشراء منزل لأسرته، ومع شراء المنزل بدأ مشوارا جديدا في النجاح من خلال تربية الثروة الحيوانية، حيث يقول” بدأت مشوار جديد واشتريت بقرة وأربع دواجن وثلاث أغنام وكان هذا قبل الزواج (سبق ان طلق زوجته الأولى)، وكنت أجمع الأعلاف وأقوم بإطعام الأبقار والأغنام وتفقدهن واولادي يقومون برعيهن”.
كسر هائل العادات والتقاليد في مجتمعه حيث قام بالأعمال التي تعد من مهام بالنساء كجمع الأعلاف وحلب الأبقار والغنم وإطعامهن وتفقدهن وهذه الأعمال تعتبر معيبة اجتماعيا بحق الرجل، لكن هائل كسر تلك الحواجز وقام بها، ليحقق قصة نجاح مكتملة الأركان.
ازدادت ثروة هائل تدريجيا وأصبح يمتلك حاليا أكثر من 50 رأسا من الغنم وعشرة أبقار، وقام بتأجير عدد منهن لدى مزارعين آخرين، وفي المجال الزراعي يجني خلال موسم الحصاد ما لا يقل عن 30 قدحا من الذرة يستطيع بواسطتها تأمين الغذاء لعائلته طوال العام، وما يفيض يقوم ببيعه للآخرين.
إشادة مجتمعية
“كن مثل هائل”، قصة النجاح هذه لفتت انتباه أبناء مجتمعه، ولقت إشادات كبيرة، وأصبح يضرب به المثل بالجد والاجتهاد والعمل وتحدي الواقع، ليثبت أن لا مستحيل لتغير الواقع والعيش بسعادة حتى في زمن الحرب.
الباحث الزراعي بجامعة ذمار هشام السالمي أشاد بنجاح تجربة هائل مع الزراعة والثروة الحيوانية معبرا عن إعجابه بما قدمه من صمود وإصرار وتحدٍ حتى حقق ما يصبو إليه.
وأضاف خلال حديث لـ” منصة ريف اليمن“، “ما حققه هائل وغيره من المزارعين هذه الأيام برغم الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي يثبت وبما لا يدع مجالا للشك بأن المجال الزراعي واعد ويحوي الكثير من الفرص والمكافآت لكل من جد واجتهد”
ودعا هشام الجهات المعنية إلى دعم وتشجيع المزارعين ومعالجة الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي والحيواني، من أجل خلق فرص عمل للمواطنين التي يعانون ظروفا اقتصادية صعبة.
ورغم النجاحات التي يحققها المزارعون، لا تزال الزراعة تعاني من آثار الصراع ولا تلبي حاليا سوى حوالي 20 في المائة من احتياجاته الغذائية بسبب محدودية الأراضي الزراعية وموارد المياه، والممارسات الزراعية السيئة التي تفاقمت بسبب سنوات الحرب، وارتفاع أسعار الوقود وندرة المياه، وفقا للأمم المتحدة .