ريف إب: برد الشتاء يُضاعف معاناة العُمال والفلاحين

ريف إب: برد الشتاء يُضاعف معاناة العُمال والفلاحين

يرتدي المُسنّ ناجي قاسم ثيابه المصبوغة بلون الاسمنت وترتجف أطراف جسمه النحيل من شدة برد الصباح الباكر وهو بطريقه بحثاً عن عمل لتأمين الغذاء لأفراد عائلته.

يعمل قاسم البالغ من( 58 عاما) بالأجر اليومي بمهنة البناء، ويكابد ويلات البرد القارس خاصةً أثناء ذهابه للعمل باكرا، حيث يسابق شروق الشمس يوميا، كغيره من آلاف العمال والفلاحين الذين يكافحون لتأمين لقمة العيش في بلدٍ تشهد أسوأ أزمة إنسانية بالعالم.

أمراض الشتاء

ويضاعف فصل الشتاء معاناة العمال والفلاحين بريف اليمن، خصوصا المناطق الجبلية، خصوصا مع ارتفاع أسعار الملابس الشتوية التي أصبحت صعبة المنال.

يقول قاسم لـ “منصة ريف اليمن” “ساعات الصباح الأولى تبدوا وكأنها أشبه بثلاجة مركزية لا يوجد أحد بالخارج سوى نحن العمال والفلاحين وبعض النساء اللواتي يذهبن لجلب المياه أو الاحتطاب، لافتاً إلى أن من هم داخل البيوت يعيشون تحت رحمة البرد القارس أيضا مع اختلاف درجاته”.

يضيف: “نقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام وبعدها نواصل على متن سيارة هيلوكس نشعر كما لو كانت اجسادنا قد تجمدت من شدة البرد، نرتدي الملابس الخفيفة لا نمتلك ملابس شتوية ولا نستطيع شرائها “.

وتابع قائلا: “على الرغم من كل ذلك البؤس نعود غالبا دون الحصول على العمل بسبب ركود الأعمال خاصةً بقطاع العقارات والبناء التي شهدت تراجعا ملحوظاً خلال الأشهر القليلة الماضية”.

أمراض لكبار السن

وتشهد المناطق الريفية موجة صقيع غير مسبوقة عصفت بالمواطنين، لكنها أكثر قسوة على العمال والفلاحين الذين يضطرون للخروج مبكراً، والجلوس على أرصفة الشوارع، على أمل أن الحصول على فرصة للعمل.

وحذر المركز الوطني للأرصاد كبار السن والأطفال والمرضى والعاملين أثناء الساعات المتأخرة من الليل والصباح الباكر والمسافرين بالعديد من المحافظات بأخذ الاحتياطات اللازمة من اثار الطقس البارد وشديد البرودة.

بالنسبة لقاسم ومثله مئات الآلاف من عمال اليومية فإن التحذيرات لا تعني لهم شيئاً فهم إن فضلوا الجلوس داخل البيوت فإن أطفالهم سوف يموتون جوعاً إذ أن العمل اليومي هو سبيلهم الوحيد لتأمين الغذاء كما أنهم بالأصل عرضة للبرد حتى داخل منازلهم.

تماماً مثل قاسم يشكو ناجي مثنى ( 50 عاما) من شدة البرد القارس خلال هذا العام فهو تماما مثل قاسم يذهب بالصباح الباكر لحراثة الأرض وتجهيزها ضمن الأعمال الموسمية التي يقوم بها المزارعون بالمناطق الريفية اليمينة.

خلال حديثه مع ” منصة ريف اليمن” قال مثنى: “من شدة البرد القارس أصبحت أفضل المكوث بالمنزل حتى الساعة الثامنة وأحيانا إلى التاسعة والنصف صباحاً ومن ثم أذهب للعمل ومع ذلك لم اسلم من ويلات البرد لقد تعرضت للإصابة بالتهابات شديدة استمرت لنحو أسبوعين نتيجة الذهاب للعمل بالصباح الباكر”.

وتعيش الكثير من الأسر بالمناطق الريفية النائية اليمنية أوضاعاً قاسية، إذ يفتقرون إلى أدنى مقومات الحياة فهم بالكاد يتمكنون من تأمين أبسط الاحتياجات الضرورية، ومع اشتداد حدة البرد تتضاعف معاناتهم اليومية حيث ليس بمقدورهم الحصول على وسائل التدفئة والوقاية من ويلات البرد .

السيدة اسماء محمد (40 سنةً) ام لسبعة أطفال يعمل زوجها بالأجر اليومي بمهنة الكهرباء تشكو هي الأخرى من أوضاع قاسية ضاعفت حدتها موجات البرد القارس حيث تذهب بالصباح الباكر لجلب المياه وتقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام للوصول إلى منبع المياه بقريتها، جنوب محافظة إب، ومن ثم تعود لجلب الحطب وكل ذلك خلال ساعات الصباح الأولى.

وتقول أسماء لـ “منصة ريف اليمن” وكأن ظروفنا المعيشية البائسة وحدها لا تكفي، البرد القارس، أثقل كاهلنا وحول حياتنا إلى جحيم، يا لها من لحظات عصبية وانت تنظر إلى اطفالك وتشاهد أجسامهم ترتجف من شدة البرد ولا تستطيع أن تفعل شيئاً، حتى إشعال النيران أصبحت غير متاحة فنحن نجمع الحطب فقط لصنع الطعام، نعيش اتعس أيام حياتنا”.

أوضاع سيئة

جلال قايد (45 سنةً) هو الآخر يكابد مع أفراد أسرته المكونة من 9 أشخاص ويلات البرد ، فهو يعيش بمرتفع بمنطقة جبلية بالسياني جنوب محافظة إب وهي شديدة البرودة خلال فصل الشتاء الذي يستمر لنحو ستة أشهر.

ويقول جلال لـ “منصة ريف اليمن”،” نعيش أوضاع قاسية أعمل بالأجر اليومي وبالكاد أتمكن من تأمين الغذاء لأفراد العائلة، انا مثل غيري يضاعف البرد القارس معاناتي ولا أستطيع فعل شيء لحماية أسرتي”.

وعلى غرار جلال يكابد معظم السكان بالمناطق الريفية ويلات البرد القارس، وليس بمقدورهم شراء الاغطية مثل الجواكت والبطانيات مناشدين المنظمات الدولية ورجال الأعمال والمغتربين للتخفيف من معاناتهم ومساعدتهم للحصول على وسائل للوقاية من حدة البرد مثل الاغطية والملابس الشتوية.

تجدر الإشارة إلى أن فصل الشتاء هذا العام يتزامن مع تعليق برنامج الأغذية العالمي توزيع المساعدات بالمناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة جماعة الحوثي بسبب نقص التمويل وعدم التواصل إلى اتفاق بشأن تقديم قدر أقل من المساعدات وهو ما قد ينعكس سلباً على حياة مئات الآلاف من الأسر.

شارك الموضوع عبر:
الكاتب

مواضيع مقترحة: