في يومهم العالمي.. معلمو الأرياف معاناة لا تنتهي

70% من أطفال الدول الفقيرة يعانون من مشكلة فقر التعلّم منها اليمن

في يومهم العالمي.. معلمو الأرياف معاناة لا تنتهي

70% من أطفال الدول الفقيرة يعانون من مشكلة فقر التعلّم منها اليمن

“حرصًا منا كمعلمين على استمرار التعليم في الريف، أواصل عملي للسنة التاسعة دون راتب حكومي، متنقلاً من مدرسة إلى أخرى حتى لا ينقطع التعليم عن طلابنا”. هكذا يصف المعلم “فواز حسان”، حاله مع العملية التعليمية في الريف، إذ لا يزال يواصل أداء رسالته التربوية التي حملها على عاتقه منذ أكثر من 17 عامًا، متحديًا تدهور الوضع المعيشي الذي يعانيه آلاف المعلمين منذ سنوات.

وتعيش العملية التعليمية في اليمن حالة تدهور غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب قبل عشر سنوات، ومعه أنهى آلاف الطلاب مراحلهم الدراسية من دون امتلاك أبسط مقومات القراءة والكتابة؛ ما جعل التعليم في الريف -على وجه الخصوص- أكثر هشاشة وضعفًا.

بحسب اليونيسيف يواجه اليمن أزمة تعليمية حادة، حيث يمكن أن يرتفع عدد الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في تعلمهم إلى 6 ملايين طفل؛ مما يؤدي إلى عواقب وخيمة طويلة المدى على الأطفال.


  مواضيع مقترحة


يخوض فواز فصلا جديدا من التحديات اليومية مع بداية كل عام دراسي، ويقطع مسافة تقارب كيلومترين سيرًا على الأقدام ذهابًا وإيابًا بين حرّ الشمس وصعوبة الطريق إلى مدرسته الواقعة في منطقة “مناقل” بمديرية جبل حبشي، دون أن يتقاضى راتبًا حكوميًا منذ العام 2017، كونه أحد النازحين الذي لم تصرف لهم رواتب.

تحديات قاهرة

يقول لـ”منصة ريف اليمن”: |في ظل استمرار انقطاع رواتب المعلمين نعمل جاهدين على استمرار التعليم في الريف، أواصل عملي دون راتب حكومي، متنقلاً من مدرسة إلى أخرى حتى لا ينقطع التعليم عن الطلاب”.

ويضيف: “منذ العام 2018 وحتى اليوم عملت في مدرستين حكوميتين ومجمع طلابي في منطقة “الرُبق” بمديرية مقبنة، دون راتب، وما اتقاضاه من مساهمات طلابية – لا يتجاوز سبعين ألف ريال شهريًا – بالكاد يغطي جزءًا من احتياجات أسرتي المكونة من ستة أفراد”.

المعلم فواز حسان أثناء شرح الدرس لطلاب في إحدى مدارس مديرية جبل حبشي غربي تعز

تنقّل فواز بين عدة مدارس ريفية في مديريتي جبل حبشي ومقبنة، حيث درّس ثلاث سنوات في مدرسة التصحيح بقرية الأشروح، ثم عامًا في مجمع طلابي بمنطقة الرُبق، متحديًا قسوة الظروف دون أي مقابل مادي سوى قناعته برسالة التعليم.

يؤكد حسان  أن أبرز التحديات التي واجهته خلال السنوات الماضية هي النزوح وانقطاع راتبه بشكل كامل، حتى أصبح بعمل بلا دخل، ولا تتوفر له أي فرص عمل أخرى. ويشير  إلى أن بعض الإدارات المدرسية لم تبدِ أي اهتمام بالمعلمين النازحين، مستغلّة حاجتهم للعمل في ظروف صعبة ودون أي مقابل.

يختصر فواز حال مئات المعلمين الريفيين الذين أجبرتهم الحرب على النزوح أو العمل دون أجر، ويقول بأسى: “منذ العام 2008 وأنا أعمل في قطاع التعليم، لكننا لم نمر بظروف كهذه من قبل، فاليوم يعيش المعلم أسوأ مراحل حياته المهنية والمعيشية”.

رغم مشقة الطريق ومتاعب الحياة، لا يزال فواز متمسكًا برسالته التربوية، مؤمنًا بأن التعليم هو الأمل الوحيد لأبناء الريف في مستقبل أفضل، حتى وإن ظل يعمل مقابل أجر زهيد من طلابه.

وفي محافظة تعز، شهد العام الدراسي 2024 – 2025 سلسلة احتجاجات وإضرابات متكررة نفذها المعلمون للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية وصرف مرتباتهم المتأخرة، حيث استمر الإضراب الشامل أربعة أشهر متتالية، وفقًا لأمين عام نقابة المعلمين اليمنيين بالمحافظة “عبدالرحمن المقطري”.

فواز يختصر حال مئات المعلمين الريفيين الذين أجبرتهم الحرب على النزوح أو العمل دون أجر

وقال المقطري لـ”منصة ريف اليمن”: “الإضراب جاء للمطالبة بتحسين المستوى المعيشي للمعلمين وحفظ كرامتهم من خلال إصلاح هيكل الأجور وزيادة الحد الأدنى، وصرف الحوافز الشهرية أسوةً ببقية المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، والتأمين الصحي، وتنفيذ قرارات السلطة المحلية الخاصة بإيجار المساكن”.

وأضاف أن المعلمين النازحين يعيشون أوضاعًا مأساوية، مشيرًا إلى أن بعضهم لم يتسلموا رواتبهم منذ نوفمبر الماضي، وآخرين منذ مطلع هذا العام، بينما لا يزال البعض محرومين من رواتبهم منذ عام 2017.

معاناة متفاقمة

بحسب المقطري، فإن رواتب المعلمين كانت تُصرف بانتظام حتى يناير 2018، لكن الوضع تغيّر مؤخرًا، إذ لم تُصرف المرتبات منذ يوليو الماضي وحتى أكتوبر الجاري، متسائلًا: “كيف يمكن للمعلم أن يؤدي رسالته التعليمية في ظل هذه الظروف القاهرة وانهيار الوضع المعيشي؟، مؤكدا أن الحكومة والسلطة المحلية في تعز لم تحقق أيًّا من مطالب المعلمين، ولم تلبِّ حتى أبسط حقوقهم”.

وكان المعلمون قد نفذوا إضرابا شامل شل الحركة التعليمية خلال العام الماضي، وتشهد المدارس الحكومية وخصوصًا في الريف غياباً شبه كلي للكتاب المدرسي، الأمر الذي يزيد من تعقيد العملية التعليمية لدى الطلبة، وتحديات جمة يخوضها الطلبة ويجعل مستقبلهم مهددًا أكثر من أي وقت مضى.

ووفق تقارير للبنك الدولي واليونسكو واليونيسف والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) عام 2022، فإن 70% من أطفال الدول الفقيرة يعانون من مشكلة فقر التعلّم، أي عجز الطفل في سن العاشرة عن قراءة نص بسيط وفهمه، أما في اليمن، فالنسبة مرشحة لأن تكون أعلى بكثير بسبب الحرب والانقطاعات التعليمية المستمرة.

*صورة الغلاف: الجزيرة نت

شارك الموضوع عبر:

الكاتب

    مواضيع مقترحة: