يواجه سكان منطقة “الأشروح” في مديرية جبل حبشي غربي محافظة تعز، معاناة متزايدة نتيجة انتشار ظاهرة سرقة الأغنام، التي أصبحت تشكل هاجسًا يوميًا لأهالي المنطقة، إذ لم تعد مجرد حوادث نادرة، بل تطورت إلى سلوك ممنهج يهدد الركائز الأساسية للاقتصاد الريفي؛ مما يؤثر سلبًا على الأسر التي تعتمد بشكل كامل على تربية الماشية كمصدر دخل رئيسي.
ضحايا كثر تحدثوا لمنصة ريف اليمن، وكشفوا عن تنامي هذه الظاهرة بشكل مقلق، ما يستوجب سرعة تدخل الجهات المختصة. “محفوظ الفقيه”، أحد المتضررين، قال إنه فقد خلال العام الجاري أكثر من 20 رأسًا من المواشي، وهو رقم ليس سهلا، وكلها فقدت -كما يقول- في جبل يدعى “هوب الركن”، نتيجة حوادث السرقة المتكررة.
وتعد الثروة الحيوانية من أهم ركائز استقرار الأسر اليمنية الريفية؛ إذ يعمل نحو 25% من سكان الأرياف في هذا القطاع، في حين يستوعب القطاع الزراعي الشريحة الأكبر من الأيادي اليمنية العاملة، وفق بيانات حكومية رسمية. كما توفر الثروة الحيوانية الدخل الرئيسي لأكثر من 3.2 مليون شخص، في جميع أنحاء اليمن، بحسب منظمة الفاو.
مواضع ذات صلة
الثروة الحيوانية.. مصدر الأسر الريفية لمواجهة التحديات
الحرب وتغير المناخ يقلّصان الثروة الحيوانية في الضالع
حليب الأبقار.. طوق نجاة الأسر الريفية في الحديدة
نهب أرزاق الفقراء
آثار متعددة خلفتها هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع، ويؤكد الفقيه أن هذه التصرفات (الهمجية) لا تضر فقط بمن يمارسها، بل تترك إرثًا سلبيًا ينعكس على أسرهم، ويظل متوارثًا بين الأجيال القادمة، موضحا أن هذه الاعتداءات أثرت بشكل بالغ على مربي المواشي، الذين يعتمدون بشكل أساسي على تربية الثروة الحيوانية كمصدر وحيد للرزق.
وتساءل: “أي شعور يحمله الشخص الذي يعصف بحياة أسرة كانت تأمل أن تسد بما فقدته من المواشي كثيرًا من متطلبات حياتها اليومية، فأغلب الأسر الريفية لا دخل لها غير الثروة الحيوانية، خاصة مع الانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد، نتيجة تداعيات الحرب التي لاتزال مستمرة منذ عشر سنوات”.

لا يختلف وضع المواطن “محمود علي”، عن الفقيه سوى بعدد المواشي التي فقدها. ويقول لمنصة ريف اليمن: “منذ أكثر من 15 عاما وأنا أعمل في تربية المواشي، ولم يكن عليها خوف، الوضع الآن تغير، خلال 2024 فقدت أكثر من 14 رأسًا من أغنامي، بين ذكور وإناث، بعد أن سرقها لصوص مجهولون من الجبال والوديان أثناء رعيها”.
ويؤكد محمود خلال حديثه لمنصة ريف اليمن، أن حوادث سرقة الأغنام تزايدت بشكل غير مسبوق خلال الأشهر الأخيرة، من المناطق الجبلية والوديان بسبب ارتفاع أسعار المواشي في الأسواق، مؤكدًا أن اللصوص غالبًا ما يبيعونها بثمن بخس، كعادة أي لص.
تقاعس مجتمعي
الناشط “شكري الدخيني” أكد تحوّل بعض القرى الريفية إلى بيئة خصبة للصوص المواشي، لافتا إلى أن عدم قيام المواطنين المتضررين بتقديم بلاغات إلى الجهات الامنية نتيجة غياب الوعي الامني، ساعد اللصوص على الاستمرار في ممارساتهم.
وأوضح أن “التراخي في التعامل مع هذه الظاهرة يشجع على تفاقمها، ويهدد بزيادة انتشار اللصوص، داعيا المواطنين إلى تقديم بلاغات للجهات الأمنية حتى تقوم بواجبها، وتحديد هوية اللصوص، وعمل حد لهذه الظاهرة المقلقة”.
وتساعد الثروة الحيوانية سكان الريف على توفير متطلبات المعيشة اليومية، من ألبان وحقين ولحوم وغيرها، كما تعد الثروة الحيوانية عاملا مساعدا للأسر الريفية؛ حيث تقوم ببيعها وتوفير متطلبات أخرى كالملابس والحبوب والعلاج، وغيرها.
ويعتبر غياب المراعي القريبة في منطقة جبل حبشي، ولجوء مربي المواشي للرعي في الجبال والمناطق البعيدة من أبرز الأسباب وراء تفشي ظاهرة سرقة الأغنام هناك، حيث اعتاد السكان على توجيه أغنامهم للجبال، قبل أن يعودوا مساء لإعادتها، وهو اسلوب معمول به منذ سنوات، غير أن انتشار ظاهرة السرقة بدأت تجبر السكان على تغيير هذا النمط المعتاد.
آثار متعددة خلفها انتشار سرقة الأغنام على المجتمع، وعدم إبلاغ الجهات الأمنية ساعد على انتشارها
مدير مكتب الزراعة بالمديرية المهندس “فهد الواسعي” اقترح تنفيذ عدد من الحلول لدعم الثروة الحيوانية، مثل تأهيل المراعي الطبيعية وحمايتها وزراعة الأشجار الحراجية، مشددًا على الحاجة إلى إجراءات بسيطة متعلقة بملكية الأراضي لتسهيل هذه الجهود، لافتا إلى أن دعم المزارعين يجب أن يشمل توفير الأعلاف المركزة والمكعبات، وتشجيع القطاع الخاص لإنشاء مصانع محلية لإنتاجها.
الأمن: لا توجد بلاغات
منصة ريف اليمن تواصلت مع مدير الأمن في مديرية جبل حبشي العقيد “عبدالله عقلان”، ووجهت له تساؤلات عن دور الأمن في الحد من ظاهرة سرقة مواشي المواطنين، غير أنه أكد أن الأجهزة الأمنية لم تصل لها أي بلاغات رسمية تتعلق بسرقة المواشي منذ بداية العام الجاري.
وأشار عقلان إلى أن “الأمن هدفه حماية المواطنين من أي مخاطر، ونتعامل مع أي بلاغات بجدية تامة، حيث تباشر الفرق الميدانية التحقيقات اللازمة فور ورود أي إبلاغ سواء من المواطنين أو عبر شيوخ وأعيان القرى؛ لضمان ضبط الجناة، وإحالتهم إلى الجهات القضائية المختصة لاستكمال الإجراءات القانونية”.
وأكد أن حفظ الأمن مسؤولية تشاركية تتطلب تعاون المجتمع مع الأجهزة المختصة، لافتا إلى عدم وصول أي بلاغ عن سرقة مواشي، داعيًا جميع المواطنين إلى التفاعل الإيجابي مع أجهزة الأمن والإبلاغ عن أي مظاهر خارجة عن القانون.
وبحسب الفاو، تشكل الثروة الحيوانية نحو 25 بالمئة من القوى العاملة في الأرياف اليمنية، في حين يستوعب القطاع الزراعي الشريحة الأكبر من الأيادي اليمنية العاملة، وفق بيانات حكومية رسمية. كما توفر الثروة الحيوانية الدخل الرئيسي لأكثر من 3.2 مليون شخص، في جميع أنحاء اليمن.