يسعى اليمن إلى تقليص اعتماده على واردات الحبوب وتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي، في وقت تواجه فيه البلاد أزمات اقتصادية ومناخية متفاقمة تهدد أمنها الغذائي.
ورغم أن هذا الهدف يبدو طموحاً، إلا أنه ممكن إذا ما بدأ بخطوات واقعية تركز على محاصيل محلية قادرة على مقاومة الجفاف، مثل الذرة الرفيعة، التي تتميز بقدرتها على التكيف مع الظروف القاسية وإمكانية استخدامها بديلاً لدقيق القمح في صناعة الخبز والأطباق التقليدية.

وتُظهر تجارب دول أخرى أن التحول الزراعي ممكن رغم الظروف الصعبة، حيث تجاوزت فيتنام المجاعة في ثمانينات القرن الماضي لتصبح من كبار مصدّري الأرز في العالم بإنتاج يتجاوز سبعة ملايين طن سنوياً، فيما تتصدر البرازيل صادرات فول الصويا، وتحقق ماليزيا أكثر من 18 مليار دولار سنويًا من زيت النخيل.
ونجحت هذه الدول لأنها جعلت من الزراعة مشروع دولة، بينما ما تزال اليمن تتأخر بسبب غياب الاستقرار الأمني وضعف التمويل الزراعي وافتقار الخطط الطويلة الأمد، إضافة إلى غياب الإرادة السياسية التي تضع الزراعة في صدارة الأولويات الوطنية.

ويواجه القطاع الزراعي في البلاد تحديات متشابكة تشمل ندرة المياه واستنزاف المخزون الجوفي وتدهور الأراضي بسبب التصحر والتعرية، إلى جانب نزوح الأيدي العاملة وارتفاع كلفة الإنتاج وضعف الإرشاد الزراعي والدعم الفني، كما تعيق زراعة القات جهود تنمية المحاصيل الاستراتيجية وتستنزف موارد المياه والأراضي الخصبة.

يتطلب تحقيق الأمن الغذائي في اليمن استراتيجية متكاملة تشمل تطوير الأصناف المحلية، وإنشاء بنك وطني للبذور، واستصلاح الأراضي، وتعزيز الإرشاد الزراعي والتعاونيات، كما يتطلب دمج الذرة الرفيعة في برامج الأمن الغذائي وتشجيع بدائل اقتصادية للقات، إلى جانب إقامة شراكات أوسع مع المنظمات الدولية لتوفير التمويل الموجه للبحوث والتطبيقات الميدانية.
وبهذه الخطوات، قد يتمكن اليمن من وضع أسس عملية لأمنه الغذائي، مستفيدًا من موارده المحلية وتجارب الدول التي حولت الزراعة إلى رافعة اقتصادية وطنية.

